وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

محاربة الفساد في المغرب: معركة خاسرة؟

morocco-past-to-present-demostrations-in-the-streets-flickr-fanack-1024px
محتجون مناهضون للحكومة يدعون إلى تحقيق المزيد من الديمقراطية في هذه المملكة الواقعة شمال افريقيا. Photo Flickr

يُدان الفساد علناً من قِبل القادة والمدنيين في أنحاء العالم، ومع ذلك، باعتباره كارثةً عالمية، يبدو القضاء عليه أمراً مستحيلاً تقريباً. وفي المغرب، عاد الفساد مرة أخرى إلى جدول الأعمال في الفترة التي تسبق الانتخابات البرلمانية المزمع عقدها في السابع من أكتوبر2016، والتي تعتبر ثالث انتخاباتٍ تجري منذ اعتماد المملكة الاصلاحات الدستورية الرامية إلى تهدئة الاحتجاجات خلال ثورات الربيع العربي.

وتعتبر هذه الانتخابات ذات أهمية خاصة، لأسباب ليس أقلها أن حزب العدالة والتنمية الإسلامي جاء إلى السُلطة في عام 2011، إلى حدٍ كبير، بسبب وضعه الفساد على رأس قائمة أولوياته. فقد صوّت كثيرٌ من الناخبين، بما في ذلك أولئك المعارضين لأيديولوجية الحزب، لصالحه على أسسٍ واقعية وليس دينية، على أمل رؤية حدٍ للفساد.

وخلال الانتخابات، غالباً ما يكون الناخبون الفقراء عرضةً للرشاوى، ذلك أنهم مستعدون عموماً لقبول المال لتغطية نفقاتهم. وغالباً ما يُنظر إلى رشوة الناخبين الفقراء باعتبارها طريقةً سهلة لكسب الأصوات.

ومع ذلك، في غضون عام 2015 أو نحو ذلك، لم يفي الائتلاف الحاكم بقيادة حزب العدالة والتنمية بتعهده بمكافحة الفساد. في الواقع، منذ وصول الإسلاميين إلى الحكومة، لم يحقق المغرب تقدماً يُذكر في هذا المجال. ووفقاً لمؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة العفو الدولية، تراجع الفساد في المغرب إلى نفس المستوى الذي كان عليه في عامي 2009 و2010، أي قبل الربيع العربي الذي أوصل الإسلاميين إلى السلطة. بل في الحقيقة، تراجع المغرب ثمانية مراكز على المؤشر بين عاميّ 2014 و2015، ليحتل المركز 88 من أصل 168 دولة.

وبما أنّ الزراعة تمثل أكثر من 15% من الاقتصاد المغربي، قد تواجه حكومة رئيس الوزراء، بن كيران، المزيد من الضغوط. فالنمو الضعيف متوقع، في أعقاب موسم الحبوب السيء بشكلٍ استثنائي في عام 2015 والجفاف الذي يلوح في الأفق. وعلاوة على ذلك، فإن الناتج المحلي الإجمالي ينمو بنسبة 3% فقط، حيث انخفض مما نسبته 5% في العام 2015، والذي يعدّ أيضاً نتيجةً لانخفاضٍ محتمل في الإنتاج الزراعي. ويتوقع البنك المركزي نمواً اقتصادياً قدره 2,6% فقط في عام 2016.

ينتقد العديد من المغاربة حزب العدالة والتنمية على انجازاته الباهتة، والقوانين التي لا تحظى بالشعبية، وارتفاع معدلات التضخم التي ميزّت سنوات الحزب الخمس في السُلطة.

وخلال خطابه في يوليو 2016، حذر الملك محمد السادس المغاربة من “اختيار ممثليهم بعناية.” فقد كان الخطاب، بالنسبة للبعض، دعوةً لإعادة الانضباط إلى الساحة السياسية. وبالنسبة لآخرين، كان مجرد إجراءٍ شكلي غالباً ما يسبق الحملات الانتخابية. ولهذا السبب بالتحديد، قرر عدد من الأحزاب والجمعيات السياسية مقاطعة لجنة الانتخابات، فلا تعتقد الأغلبية أنّ الدولة تحارب الفساد كما ينبغي، مما يُضعف بشكلٍ كبير ثقة الناس بالانتخابات ويزيد في رغبتهم تجنب المشاركة السياسية كمسارٍ للتغيير.

وبسبب الفساد، فقد الناس الثقة بأكثر من 35 حزباً يمثلون ذات السياسيين، ممن اتهم الكثير منهم بالفعل بقضايا فسادٍ واختلاسٍ أو استخدموا مناصبهم لجمع الثروات وإثراء أسرهم.

وعلى الرغم من هذا، قام المغرب ببعض المحاولات لمحاربة الفساد. فعلى سبيل المثال، يُشرف إدريس جطو، رئيس الوزراء السابق ورجلٌ يعرف عنه الصدق والنزاهة، على لجنة التصدي للفساد في الخدمات العامة منذ العام 2015. كما تم وضع نظام تدقيق وطني صارم والذي تمكن بالفعل من الكشف عن العديد من قضايا الفساد. ونتيجةً لذلك، أدين عدد من كبار المسؤولين وزجوا في السجون، مثل خالد عليوة، الرئيس المدير العام السابق للبنك العقاري والسياحي (CIH)، ورفيق الحداوي، المدير العام السابق للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS). بينما تمت ملاحقة آخرين، مثل كريم زاز، المدير السابق لشركة “وانا” للاتصالات، قانونياً في القطاعين العام والخاص.