وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

وتيرة النشاط الدبلوماسي لحل النزاع السوري تزداد بعد اتفاقية إيران النووية

Iran Nuclear Deal effect on the diplomatic effort to end the Syrian conflict
مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا، ستيفان دي ميستورا (C) يتحدث مع بشار الجعفري (R)، الممثل الدائم للجمهورية العربية السورية لدى الأمم المتحدة في اجتماع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (UNSC) حول الصراع السوري, نيو يورك, 29 يوليو 2015. Photo Cem Ozdel / Anadolu Agency

بتاربخ 17 آب من عام 2015، أكد مجلس الأمن الدولي مطالبته بوقف جميع أطراف الصراع في سوريا جميع الهجمات ضد المدنيين ووقف الاستخدام العشوائي للأسلحة في المناطق المأهولة بالسكان. حيث قرأ بيان المجلس جوي أوغو، ممثل نيجيريا الدائم لدى الامم المتحدة ورئيس مجلس الأمن الدولى لشهر آب. وناشد البيان جميع الفصائل المتحاربة على العمل من أجل التوصل إلى حل سياسي لإنهاء الحرب الأهلية المستمرة لأربع سنوات ونصف إلى الآن. كما أكد البيان على أن “الحل الدائم الوحيد للأزمة الحالية في سوريا يكون من خلال عملية سياسية شاملة وبقيادة سورية تلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري، بهدف تطبيق كافة بنود بيان جنيف الموقع في 30 حزيران 2012. وفي هذا الصدد، شدد البيان على الحاجة الملحة لكي تعمل جميع الأطراف بشكل جاد وبناء نحو تحقيق هذا الهدف “.

الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، وخصوصا الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، تشير مرارا وتكرارا إلى بيان جنيف (والمعروف بجنيف 1) على أنه يمثل الحجر الأساس في اتخاذ خطوات رئيسية في سبيل وضع حد للعنف ولتشكيل هيئة حكم انتقالية في سوريا، على أن تكون تلك الهيئة ذات صلاحيات تنفيذية كاملة وتتألف من كل من الحكومة الحالية وجماعات المعارضة المختلفة من أجل التوصل إلى حل سياسي.

وفي شهر تموز الماضي، تحدث المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا أمام مجلس الأمن قائلا أن هناك حاجة إلى تطبيق نهج جديد وعلى وجه السرعة “من أجل البدء بمفاوضات سياسية لضمان التحول السياسي في سوريا على أساس بيان جنيف”. كما اقترح دي ميستورا خمسة محاور رئيسية يجب معالجتها من خلال مشاورات أكثر تركيزا ومناقشات مع مختلف الأطراف السورية. وهذه المحاور هي: ضمان سلامة وأمن جميع الأطراف؛ القضايا السياسية والدستورية؛ القضايا العسكرية والأمنية؛ المؤسسات العامة؛ وإعادة الإعمار والتنمية.

كما حث مجلس الأمن الدولي جميع الأطراف على الانخراط في جهود “حسن النية” التي يظهرها دي ميستورا ومواصلة المشاورات حول المحاور الرئيسية التي طرحها للنقاش، مستندين في ذلك إلى الاجتماعات التي عقدت مؤخرا في موسكو والقاهرة وباريس وأستانا.

وعقب بيان 17 آب لمجلس الأمن، تجددت الآمال في أروقة الأمم المتحدة بأن توقيع الاتفاقية النووية بين ايران ودول الخمسة زائد واحد سيعزز الجهود الدبلوماسية. ففي مقابلة له مع راديو أن.بي.آر في 30 تموز، دي ميستورا نفسه أعرب ​​عن تلك المشاعر علنا. حيث قال بأن المقاتلين تعبوا من إراقة الدماء كما خلق صعود ما يسمى بالدولة الإسلامية عدوا مشتركا لدى الكثير من الأطراف المتنازعة، مما يوفر حافزا لإيجاد حل سياسي للأزمة.

وفي تعبير منه على دعمه لدي ميستورا، أعرب مجلس الأمن عن قلقه “الشديد” من أن أجزاء من سوريا قد أصبحت الآن تحت سيطرة الدولة الإسلامية أو جبهة النصرة، كما أكد المجلس على تصميمه على معالجة جميع جوانب الخطر القائم في سوريا، داعيا جميع الأطراف “إلى الالتزام بوضع حد للأعمال الإرهابية التي ترتكبها تلك المجموعات”.

ومع ذلك، فإن هناك شكوك لدى المعارضين للاتفاقية النووية في الكونغرس الأميركي، بما في ذلك لجنة الشؤون العامة الامريكية الاسرائيلية (ايباك) ومراكز البحث والدراسات في واشنطن، بأن الاتفاقية ستساعد في إيجاد حل للحرب الأهلية الدامية في سوريا، بل ويعتقدون بأن هذه الاتفاقية تزيد في الواقع من قوة إيران وهيمنتها في المنطقة، مما سيؤدي إلى زيادة الانقسامات الطائفية العميقة أصلا.

ومع ذلك، تشير تقارير واردة من منطقة الشرق الأوسط ومن واشنطن أنه في أعقاب الاتفاق النووي الذي وقع في فيينا في شهر تموز من عام 2015، سعى عدد من الدول المعنية بشكل مباشر أو غير مباشر بالحرب الأهلية في سوريا إلى تقديم ودعم مبادرات لإنهاء الصراع هناك. ووفقا لتلك التقارير، فقد جرت مفاوضات خلف الكواليس تضم الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وتركيا وإيران ودول مجلس التعاون الخليجي، وأن هذه المفاوضات مستمرة منذ أشهر. إلا أن الرغبة الشديدة لكل من موسكو وطهران، الداعمتان الرئيسيتان للرئيس السوري بشار الأسد في هذه الحرب، للانخراط في هذه المسألة جعلت حليفهما في دمشق بشار الأسد أكثر انتباها للمقترحات الموضوعة على طاولة المفاوضات.

ففي الأسابيع الأخيرة، قام علي مملوك مستشار الأمن القومي للرئيس بشار الأسد بعدد من الزيارات السرية إلى كل من مدينة جدة السعودية ومسقط في سلطنة عمان، حيث التقى مسؤولين رفيعي المستوى هناك. هذا بالطبع وفقا لكل من المصادر السعودية ومصادر مقربة من نظام الأسد.

وعقب زيارة مملوك، قام وزير الخارجية السوري وليد المعلم بزيارة رسمية في أوائل شهر آب إلى مسقط للقاء وزير الخارجية العماني هناك، حيث ناقش الطرفان، وفقا لوسائل الاعلام الرسمية السورية، “الجهود المبذولة لوضع حد للأزمة… وحفظ سيادة سوريا ووحدته وسلامة أراضيه.”

مملوك كان قد جرب خيارات متعددة في أوائل عام 2012 لإنهاء الحرب الأهلية في سوريا. وتراوحت خياراته بين وقف لإطلاق النار واجتماعات هادئة مع عدد محدود من أعضاء المعارضة، وتقديم مبادرات دبلوماسية مع جيران سوريا ودول مجلس التعاون الخليجي، مما وضعه في مأزق مع النظام، حسب بعض التكهنات.

وعلى الرغم من موجة النشاط الدبلوماسي الأخيرة، إلا أن الرياض لا تزال تظهر حذرا شديدا في التعاطي مع المسألة كما لا يصدر المراقبون سوا توقعات حذرة حول الأثر الذي سيتركه النشاط الدبلوماسي على الصراع في سوريا. وإلى الآن يبدو أن الدول الداعمة للأطراف المتحاربة في سوريا تملك ما يكفي من الأسلحة والقوة البشرية والطاقة للاستمرار في القتال هناك.

user placeholder
written by
veronica
المزيد veronica articles