وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

البرلمان العراقي يصوت على إجراء الانتخابات في مايو وسط عدم مبالاة الناخبين

Iraq- Iraqi police
رجال شرطة عراقيون يشاركون في موكبٍ للاحتفال بعيد الشرطة في 9 يناير 2018 في النجف. Photo AFP

بدايةً، كان من المقرر عقد الإنتخابات البرلمانية في سبتمبر 2017، إلا أنه تم تأجيلها بسبب الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش،” لتأجل مجدداً للسماح للنازحين داخلياً بالعودة إلى ديارهم، حيث بات من المقرر عقد انتخابات مجالس المحافظات في مايو 2018 إلى جانب الإنتخابات البرلمانية المزمع عقدها في 12 مايو 2018. وفي ظل إعادة الإعمار التي تبرز الحاجة إليها بشدة وفي أعقاب استفتاء الاستقلال الفاشل للأكراد العراقيين، تواجه هذه الانتخابات تحدياتٍ متعددة.

فقد صوّت البرلمان في 22 يناير على إجراء انتخاباتٍ تشريعية ومحلية في 12 مايو، بيد أن أكبر تحالفٍ سُني في العراق احتج على القرار. وقال رعد الدهلكي، وهو عضوٌ بارزٌ في تحالف القوى العراقية، “إن إجراء الانتخابات في ظل الظروف الراهنة سيمثل انقلاباً عسكرياً ضد العملية السياسية من خلال السماح بارتقاء القادة العسكريين لتولي القيادة السياسية للحكومة.” وتقدر الأمم المتحدة أن العدد الإجمالي للنازحين داخلياً، ومعظمهم من العرب السُنة من المناطق التي كان يُسيطر عليها في السابق تنظيم الدولة الإسلامية “داعش،” يبلغ 3 ملايين شخص. غير أن المحكمة العليا حكمت بأن الدستور هو “القانون الأعلى في العراق وملزم في جميع مناطقه، دون أي استثناءات،” وبالتالي ينبغي إجراء الانتخابات وفقاً للمواعيد التي يحددها الدستور، وعليه شارك السُنة في الإنتخابات وأوقفوا الاحتجاجات.

ومن المقرر أن تسيطر الائتلافات السياسية، التي يبلغ مجموعها 27، على الاقتراع، وأهمها ائتلاف نصر العراق الشيعي برئاسة رئيس الوزراء حيدر العبادي، ائتلاف الفتح الشيعي برئاسة النائب هادي العامري، والتحالف الوطني السني برئاسة نائب الرئيس إياد علاوي، وسليم الجبوري كمتحدثٍ رسمي للتحالف، ونائب رئيس الوزراء السابق صالح المطلق كأحد حلفائه السُنة الرئيسيين. في حين تتمثل المجموعات الشيعية الأقل أهمية الأخرى بائتلاف دولة القانون بقيادة نوري المالكي، وسائرون بقيادة مقتدى الصدر.

ولا يزال الأكراد يتعافون من استفتاء الاستقلال الفاشل الذي أجري في 25 سبتمبر 2017. ومع عدم توافقهم مع أي من الائتلافات، يبدو أن موقفهم السياسي بعيداً كل البعد في الوقت الراهن. ففي عام 2014، شكل العبادي حكومةً بدون الأكراد، ووافق بدلاً من ذلك على تقاسم الثروة النفطية والموارد العسكرية في البلاد، الأمر الذي قد يحدث مجدداً هذه المرة.

وقال كيرك سويل، محرر وناشر كتاب داخل السياسة العراقية، “يعبر اسم كتلة رئيس الوزراء حيدر العبادي، أي النصر، عن موضوعه الرئيسي، [مما يوحي] بأن البلاد في ظل قيادته عادت قويةً وانتصرت على الإرهاب.” وأضاف “كما يستند أيضاً ائتلاف العامري على موضوع النصر، إلا أن هناك اختلاف كبير في الشخصية بينهما، بالرغم من عدم وجود أي فرق تقريباً بين خطابهما في هذه المرحلة. أعتقد أن المنافسة ستنحصر بين ائتلاف العبادي وائتلاف العامري.”

ومن المشكوك فيه ما إذا كان أي منهما سيحقق أي تغييراتٍ كبيرة في المشهد السياسي في العراق. فالغموض سيد الموقف فيما يتعلق ببرامجهما الانتخابية، فعلى سبيل المثال وعد العبادي بمحاربة الفساد، الأمر الذي استخدمه بالفعل في انتخابات عام 2005، الأمر الذي يبدو مهمةً جسيمة في برلمانٍ غالبية أعضائة من الفاسدين. وقال سويل، “لا يُقدم أحدٌ برامج تفصيلية.” وأضاف “لم يتقدم أحد ببرنامجٍ يشرح كيفية تنشيط الاقتصاد، على سبيل المثال. يتحدث العبادي عن الحاجة إلى تنمية الاقتصاد، كما هو حال الآخرين، ولكن بشكلٍ عام جداً، مثل تعزيز القطاع الخاص أو الاستثمار الأجنبي.” ومن بين القضايا الأكثر أهمية بالنسبة للشعب العراقي – إعادة الإعمار والتوظيف والبيئة – التي لم تتم عنونة أي منها بشكلٍ مباشر ودقيق.

كما يواجه المرشحون تحدياً آخر أيضاً: فمن المتوقع أن تنخفض أعداد المشاركين في التصويت. وهناك عدة أسباب لذلك، أولها عمليٌ جداً، حيث أنه من المشكوك فيه أن يعود جميع النازحون داخلياً إلى ديارهم للتصويت بحلول مايو. والثاني هو خيبة الأمل واسعة النطاق والاستياء تجاه الحكومة الحالية. وقال سويل في هذا الصدد “إن السؤال الرئيسي هنا هو: هل سيصوت الناس؟” وأضاف “نحن نفترض أن المشاركة الكردية والسنية ستكون مخيبة للآمال؛ فالأكراد واهنوا العزيمة، في حين لا يزال الكثير من السنة نازحين. ولكن في المناطق الشيعية، يشعر الناس بخيبةٍ أملٍ أيضاً، ذلك أنهم لا يشعرون بحصولهم على أي شيء. فالانتخابات ستعيد ببساطة نفس الأشخاص إلى مناصبهم، لذا قد يتساءل الناس لمَ يصوتون. وعليه، يُشكل هذا تحدياً كبيراً بالنسبة للعبادي لإقناع الناس بالتصويت له.”

ومع هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش،” يجب اتخاذ خطواتٍ لإعادة بناء أمةٍ شُتت مرةً أخرى، على الصعيدين المادي والأخلاقي. ويمكن أن تكون هذه الانتخابات خطوةً أخرى من تلك الخطوات، إلا أن جميع الدلائل تُشير إلى أنها لن تؤدي سوى إلى الحفاظ على الوضع الراهن، ومرةً أخرى، دون معالجةٍ للقضايا الحقيقية التي تواجه العراقيين.