وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

هل ستحل التعيينات الجديدة المشاكل الأمنية في الأردن؟

الأمنية في الأردن قلعة الكرك
دورية لقوات الأمن الأردنية امام قلعة الكرك حيث قتل عشرة أشخاص في 18 ديسمبر 2016 في وسط مدينة الكرك، الأردن. 19 ديسمبر 2016. Photo Ben Curtis

في 18 ديسمبر 2016، أطلق مسلحون النار في مدينة الكرك الجنوبية، التي تبعد عن العاصمة عمّان 120 كيلومتراً. ووفقاً لما أعلنه مسؤولون أردنيون، قُتل في العملية ما لا يقل عن 10 أشخاص، بما في ذلك أفراد من مرتبات الأمن العام وسائحة كندية وجميع المسلحين، وعددهم 4، إضافة إلى إصابة 34 آخرين.

فقد كانت أحداث الكرك آخر حادثةٍ في سلسلةٍ من الحوادث التي هزّت الأردن خلال العام الماضي. وعلى الرغم من أنه لم يتضح على الفور الجهة وراء عملية إطلاق النار، كشفت هذه العمليات أن المملكة لا تواجه الأخطار الإرهابية الخارجية فقط، وإنما هناك تواجد فعلي للخلايا النائمة في المملكة التي تستطيع الضرب في اي مكانٍ وزمان.

ومن الجدير بالذكر أن الاردن عضوٌ بارزٌ في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الاسلامية “داعش” في العراق وسوريا المجاورتين. كما كُلف الجيش الأردني بحماية المملكة من الهجمات عبر الحدود ومحاولات التسلل.

ولكن على الرغم من إتساع نطاق الحملة على المتعاطفين مع “داعش” في الداخل، إلا أنّ المملكة تكافح من أجل التصدي لهم. ففي 21 يونيو 2016، قُتل ستة جنود أردنيين وأصيب 14 آخرون في انفجار سيارةٍ مفخخة في مخيم الركبان، بالقرب من الحدود مع سوريا.

كما أسفر إطلاقٌ آخر للنار قبل ذلك بعشرة أيام، في أكبر مخيمات اللاجئين في البلاد، عن مقتل خمسة أشخاص. وأصرت السلطات أنّ الهجوم نفذه ذئبٌ منفرد، إلا أنّ هناك أدلة، أن داعش، لعدم قدرتهم على شنّ هجماتٍ مخططٍ لها مركزياً، تعتمد على الأفراد وتدريبهم لتنفيذ هجماتٍ بالنيابة عنها.

وبالنظر إلى الصعوبة الإضافية المتمثلة في تحديد الذئاب المنفردة، التي لا تعتمد على هيكلية معقدة وتمويل، فإن مواجهة الإرهاب يتطلب من الدولة اليقظة الدائمة، وتكثيف الجهود المبذولة وتطوير النهج المتبع لمكافحة التطرف العنيف والإرهاب.

وعليه، طرأت تغييراتٌ في المراكز القيادية للأجهزة الامنية والعسكرية وهو ما ظهر لاحقاً عند تعيين محمود فريحات قائداً للجيش الأردني خلفاً لمشعل الزبن في أكتوبر 2016. وما كان لافتاً وقد يكون سابقة، خروج قائد الجيش، فريحات، في مقابلة على قناة BBC في 30 ديسمبر، حيث تحدث بإسهاب عن استراتيجيات المملكة في محاربة الارهاب والتحديات المستقبلية، وبخاصة داعش. ومع ذلك، تنبأ بأن عام 2017 سيشهد زوال الجماعة المتطرفة، التي قال أنها فقدت 25% من مقاتليها ومساحات شاسعة من أراضيها.

ولاحقاً في يناير 2017، وبقرار من مجلس الوزراء وبمباركة القصر، تم تعيين اللواء أحمد سرحان الفقيه مديراً للأمن العام خلفاً لعاطف السعودي. والملفت للانتباه أن الرسالتين الصادرتين من الملك عبدالله الثاني إليهما اشتركتا بالتشديد على ضمان أعلى مستويات التنسيق والتعاون بين جميع الأجهزة الأمنية  وتحسين الوضع الاقتصادي لمنتسبي الاجهزة المعنية. مما قد يعني أن من أسباب الفشل في استباق منع الاحداث، عدم وجود تنسيقٍ عالٍ بين الأجهزة الأمنية مما أثر على محاربة الارهاب، وكما أن تحسين المستوى المعيشي قد يدل على الإحساس بالأهمية القصوى لدور القوات المسلحة والأجهزة الأمنية في الاستراتيجية المستقبلية.

كما إمتد التعديل الوزاري إلى الحكومة، ليشمل خمس وزراء جدد. فقد جاء التغيير الأبرز بتعيين الضابط السابق في الأمن العام، غالب الزعبي، وزيراً للداخلية، خلفاً لسلامة حماد على خلفية اتهاماتٍ له من مجلس النواب بتقصيره فيما يتعلق بأحداث الكرك.

ورغم كل التعديلات في المراكز الامنية التي حدثت والمتوقع حدوثها، إلا أن العمليات الإرهابية أظهرت جلياً أن التحديات التي تواجهها المملكة ليست أمنيةً صرفة، بل مركبة تجمع العامل الاقتصادي والاجتماعي في الثنايا، وقد يكون لها تبعاتٌ سياسية، على المملكة العمل على تفاديها.

فالمملكة تتعرض لأزمة اقتصادية خانقة، مع عدم رغبة الحكومات المتعاقبة تنفيذ إصلاحاتٍ غاية في الأهمية إلا أنها لا تحظى بشعبية. فالحكومة تُشّغل 42% من القوى العاملة في البلاد، وهو رقمٌ لا يترك مجالاً كافياً للنمو الاقتصادي والابتكار. ووفقاً لإحصاءات البنك الدولي الأخيرة، تبلغ نسبة البطالة بين الشباب 28,8% في بلدٍ يبلغ متوسط العمر فيه 22 عاماً. وعلاوة على ذلك، وصل الدين العام أكثر من 90% من الناتج الإجمالي القومي.

إضافةً إلى ذلك، يستضيف الأردن حوالي 630 ألف لاجئ سوري مسجل منذ عام 2011، وذلك وفقاً للأمم المتحدة، إلا أن السلطات الأردنية تقول أنّ العدد يقارب مليون لاجىء متواجدين على أراضي المملكة، حيث أن تكلفة اللجوء السوري تستهلك ربع الميزانية العامة للدولة.

user placeholder
written by
veronica
المزيد veronica articles