وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

خالد علي: الأمل الأخير للثوار المصريين تحت التهديد

Egypt-faces- khaled Ali
خالد علي. Photo AP

في 29 مايو 2017، أجلت محكمة جنح القاهرة، حتى 3 يوليو، الجلسة الأولى لمحاكمة المحامي البارز في حقوق الإنسان خالد علي، الذي يواجه اتهامات بـ”الإساءة إلى الآداب العامة.” وقبل أسبوع، اعتقل علي لاستجوابه، إلا أنه أطلق سراحه بكفالة في اليوم التالي في انتظار التحقيقات. وأوضح الموقع الإلكتروني لصحيفة الأهرام أن التهم تتعلق بمظاهرة أمام مجلس الدولة في القاهرة في يناير 2017، التي زُعم أن علي قام خلالها برفع اصبعه الأوسط بينما كانت الحشود ترفعه.

ويقود علي قضيةً يتحدى فيها اتفاقية عام 2016 بتسليم جزيرتي البحر الأحمر، تيران وصنافير، للسعودية. فقد جرت التظاهرة احتفالاً بقرار المحكمة الإدارية العليا ببطلان عميلة نقل الجزيرتين. وفي مارس الماضي، ألغت محكمة الأمور المستعجلة في القاهرة الحكم. رد علي بتقديم دعوى قضائية للطعن في الحكم. وقال المحامي مالك عدلي، وهو جزءٌ من الفريق القانوني لعلي، لـFanack في ذلك الوقت أن محكمة الأمور المستعجلة لا تملك السلطة لاتخاذ مثل هذا القرار.

ومن خلال دوره في قضية الجزيرتين، أصبح علي وجهاً للثوار العلمانيين المصريين، الذين كانوا القوة الدافعة لاحتجاجات الربيع العربي في عام 2011. ويأتي اعتقاله بعد سلسلةٍ من الاعتقالات التي استهدفت شخصياتٍ إعلامية ومعارضة، فيما وصفتها جماعات حقوق الإنسان بالحملة الأعنف ضد المعارضة في مصر منذ عقود.

ولد علي لعائلة ريفية في محافظة الدقهلية شمال شرق الدلتا بمصر. تخرج في عام 1995 من كلية الحقوق واكتسب شهرة كناشطٍ في مجال مكافحة الفساد في عهد الرئيس السابق حسني مبارك. وهو مؤسس جبهة الدفاع عن متظاهري مصر ومركز هشام مبارك للقانون، والرئيس السابق للمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية. دخل المعترك السياسي لأول مرة كمرشحٍ رئاسي في عام 2012، وحصل على الدعم باعتباره المرشح الأقرب لتمثيل الثورة. وقالت المحللة في مجال البحوث، رنا يحيى، التي صوتت لعلي لـFanack، “كان المرشح الوحيد الذي لا يرتبط بأي علاقاتٍ بالإسلاميين أو النظام القديم.”

يوافقها محمود مصطفى، رئيس فريق حملة علي عام 2012 في أسيوط، وهي مدينة في صعيد مصر، الرأي. فقد تعرف على علي في عام 2008 كمحامٍ يقاتل من أجل حقوق الإنسان والعمال. وقال مصطفى “كنت واثقاً أن السلطة لن تفسده.” وأضاف “كان المرشح الذي يمثل المطالب الثورية- الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية- ومرشح العهد الجديد.”

وعلاوة على ذلك، كان علي أصغر المرشحين، حيث كان آنذاك قد بلغ الحد الأدنى للسن القانوني للترشح، أي 40 عاماً. حصل على المركز السابع، بـ120 ألف صوت فقط. وبحسب مصطفى، في الغالب، كان ذلك لكونه غريباً في الانتخابات، حيث اختار كثيرون التصويت للمرشحين الآخرين الذين حصلوا على فرصةٍ أكبر للفوز، مثل الاشتراكي حمدين صباحي والإسلامي المعتدل عبد المنعم أبو الفتوح.

ومع ذلك، لم يصل أي من هؤلاء المرشحين إلى مرحلة الاعادة، حيث خسروا أمام رجل النظام القديم، أحمد شفيق، ومرشح الإخوان المسلمين محمد مرسي، الذي فاز في نهاية المطاف. وقال مصطفى أن “آراء المصريين تتأرجح بشدة.” وتابع “أيام الثورة، أيدت الأغلبية قيم الثورة، وبعد سنواتٍ قليلة، تراجع هذا الدعم.”

ومع ذلك، بالمقارنة مع مؤيدي الإسلاميين والنظام القديم، فإن الثوار العلمانيين يشكلون أقلية في مصر، كما اعترف مصطفى. وقال “لا يحب المصريون التغيير.” وبعد أن أطاح اللواء عبد الفتاح السيسي بمرسي في انقلابٍ عسكري في عام 2013، واصل علي نشاطه السياسي، وأسس حزب الخبز والحرية الذي لا يزال في طور التشكيل. وفي مقابلةٍ له مع وكالة الاسوشيتد برس في فبراير 2017، ألمح علي إلى أنه سيخوض الانتخابات الرئاسية لعام 2018 ضد السيسي، الذي يُعتقد أنه من المرجح أن يسعى لفترةٍ رئاسيةٍ ثانية.

وقال علي “بالطبع أنا مرشحٌ محتمل لكني لم أصدر قراراً نهائياً بعد،” مضيفاً أن “القوى الديموقراطية والاجتماعية” تجري محادثاتٍ حول استراتيجيةٍ مشتركة لانتخابات عام 2018. ومع ذلك، فإن التهم الموجهة إليه يمكن أن تبقيه بعيداً عن السباق الرئاسي. وإذا ما تمت إدانته، لن يُسمح له بالترشح.

وقالت منظمة العفو الدولية في بيانٍ أن “اعتقال خالد علي ومحاكمته له دوافع سياسية واضحة.” وأضاف البيان أن “من المزمع إجراء الانتخابات الرئاسية في عام 2018، بيد أن السلطات المصرية تبدو عازمةً على سحق أي منافسين محتملين للحفاظ على قبضتهم على السُلطة.”

ويبدو أن هذا التأكيد مدعومٌ بالأحداث الأخيرة. فمنذ منتصف مايو2017، ألقيّ القبض على عشرات الناشطين وأعضاء أحزاب المعارضة، وفي معظم الحالات بسبب مشاركاتهم الإنتقادية على الفيسبوك. وتشمل الأطراف والجماعات المستهدفة حزب الخبز والحرية، وحزب الدستور، والحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، وحزب التحالف الشعبي الاشتراكي، فضلاً عن الاشتراكيين الثوريين وحركة شباب 6 أبريل 2017. كما وقع العديد من الأفراد والأحزاب والجماعات الحقوقية بياناً يُدين “الحملة الأمنية العنيفة التي تشكل جزءاً من رغبة السلطة الحاكمة في فرض هيمنتها الكاملة على جميع القوى القائمة في المجتمع وإسكات أي أصوات مختلفة أو مخالفة.”

وقبل اعتقاله، كتب علي على موقع فيسبوك، “بالطبع هذه الحملة هى لاستهداف الأحزاب التى نشطت فى هذا العام، وملاحقة أعضائها، ومرتكزاتها فى المحافظات لنشر الرعب والخوف، وقتل كل محاولات إحياء الفعل السياسي أو استعادة المجال العام.”

وفي أعقاب موجة الاعتقالات، تم حجب 23 موقعاً إخبارياً في مصر. ومن بين هذه المواقع مواقع تابعة لجماعة الإخوان المسلمين وقطر، التي يُعتقد في مصر أنها تدعم الإسلاميين، مثل موقعي إخوان أون لاين وقناة الجزيرة. كما تم استهداف بعض المواقع الإلكترونية غير الإسلامية، بما في ذلك مدى مصر وديلي نيوز مصر.

ووفقاً لمسؤولين حكوميين، تم حظر المواقع لنشرها أخباراً كاذبة ودعمها الإرهاب. وقال المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، الذي شكل حديثاً، أن حجب المواقع “اجراء اعتيادي” عندما يتعرض الأمن الوطني للخطر. ويتعرض موقع ديلي نيوز مصر للهجوم من الحكومة منذ ديسمبر 2106، عندما وضع رئيسه، مصطفى صقر، على قائمة الإرهابيين المشتبه بهم لعلاقاتهم المزعومة مع جماعة الإخوان المسلمين، وتم تجميد أصوله. وفي وقتٍ سابق من شهر مايو 2017، اقتحمت الشرطة مكاتب ديلي نيوز مصر وجريدة البورصة التابعة له، والتي تم حظرها أيضاَ، وصادرت العديد من أجهزة الحاسوب بسبب اتهاماتٍ مزعومة تتعلق “بحقوق النشر.” وبالتزامن مع الحملة الأمنية، أصدر السيسي قانوناً جديداً مثيراً للجدل يُقيّد نشاط المنظمات غير الحكومية في التنمية والعمل الاجتماعي، ويفرض عقوبة السجن لمدة تصل إلى خمس سنوات في حال عدم الامتثال.

ويجادل البعض بأن توقيت الحملة ليس من قبيل الصدفة، فخلال زيارته للسعودية، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسيسي أن الولايات المتحدة لم تعد توبخ مصر بشأن حقوق الإنسان، الأمر الذي يمكن تفسيره بمنح السلطات المصرية الحرية المطلقة للمزيد من القمع. ويعتقد مصطفى أيضاً أن القضية ضد علي ذات دوافع سياسية، مضيفاً أن الضغط الدولي فحسب يمكن أن يمنع صدور حكمٍ بحقه. وأضاف “علي قادر على إحياء الحركة السياسية، ولا يستطيع النظام تحمّل مثل حركة التعبئة هذه مرةً أخرى.”