وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

رؤى من أحد أعضاء الكنيست الإسرائيلي- حوارٌ صريح مع عضو الكنيست كسينيا سفيتلوفا

كسينيا سفيتلوف
كسينيا سفيتلوف. Photo Twitter

“ضلت إسرائيل طريقها.”

“أنا نتاج هذا البلد،” تصرّح عضو الكنيست، كسينيا سفيتلوفا، البالغة من العمر 38 عاماً، بفخر، “فأنا أعيش هنا منذ 25 عاماً.” درست المهاجرة، روسية المولد إلى إسرائيل، تاريخ الشرق الأوسط في الجامعة العبرية في القدس، لتصبح مراسلة محترمة مختصة بالشؤون العربية لعددٍ من وسائل الإعلام الدولية. تتحدث أربع لغاتٍ، وتعكف حالياً على إنهاء درجة الدكتوراة. جاء قرارها بدخول معترك السياسة، بوصفها عضواً في حزب الاتحاد الصهيوني، نتيجة الوضع الدبلوماسي والاجتماعي والاقتصادي الذي “لا يُطاق” في البلاد. “حان الوقت بالنسبة لي لأشمّر عن ساعديّ وأحاول تحسين الوضع من الداخل.” وبإدراجها في المركز 21، وجدت نفسها عضواً في الكنيست بعد فوز حزبها بـ24 مقعداً في الانتخابات التي جرت في مارس 2015.

قصة سفيتلوفا إدماجٌ لأجزاء متعددة من تاريخ هجرة اليهود إلى اسرائيل. فإسرائيل تضم العديد من المجتمعات المهاجرة، إلا أنّ قصتها برزت من بينهم لما حققته من إنجازاتٍ ملحوظة. فقد أوضحت أن والدتها قررت الهجرة إلى إسرائيل عندما كانت في الرابعة عشر من عمرها، لشعورها “بحدوث أمرٍ سيءٍ في روسيا.” وهنا ألمحت لحقيقة كونهم يهود، حيث هاجروا إلى اسرائيل للوصول إلى موطنهم. “تخسر دوماً شيئاً ما عندما تغادر مكاناً ما،” هذا ما قالته في إشارةٍ إلى مسقط رأسها، موسكو.

وباعتبارها يسارية تدعو إلى الإصلاح، تعتبر سفيتلوفا “سلالة نادرة” لسياسيّة في زمنٍ تصعب فيه المعارضة، ومع ذلك، بقيت وفيّةً لفطرتها. فهي تعارض الإكراه الديني وتؤيد الطوائف اليهودية التقدمية. كما لا تؤيد المزاج غير المتساوي لليهودية الأرثودوكسية في اسرائيل، وتؤمن أنه يتوجب أن يتمتع الناس بالقدرة على اختيار النموذج التعددي للدين. نشأت لديها هذه النظرة بعد أن رفضت الحاخامية الكبرى في اسرائيل طلاقها لمدة عامين. ففي الشريعة اليهودية، يتوجب على الزوج منفرداً التوقيع على وثيقة الطلاق ليصبح الطلاق ساري المفعول، الأمر الذي يعتبره البعض محاباةً للرجل وتعبيراً صريحاً عن سوء المعاملة. “أحاول رفع مستوى الوعي حول مدى تعصب الأحزاب الدينية في بعض الأحيان تجاه أولئك الذين يختلفون معهم.”

“لا يمكننا الاستسلام. ليس من السهل أن تكون في شق المعارضة، إلا أنني أميل إلى التفاؤل. اليوم، الكراهية تجاه الآخر تفوق حبنا لأنفسنا،” تقول واصفةً المناخ الحالي من العنصرية والرهاب من الأجانب.

فقد عادت مؤخراً من مؤتمر منظمة “جي ستريت” الذي عُقد في العاصمة واشنطن. وتصف هذا الحدث السنوي الذي تنظمه جماعة الضغط التي تتمركز في الولايات المتحدة الأمريكية وتسعى لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي من خلال القنوات الدبلوماسية، “كان الحدث الأبرز في رحلتي.” وتضيف “على الرغم من الكآبة التي كانت تُخيم على أجواء مؤتمر جي ستريت بعد خسارة الاتحاد الصهيوني، وهو حزب يسار الوسط،، الانتخابات، إلا أن موقفنا لم يتغير.” كما وأكدت على القيم المشتركة بين حزبها وجي ستريت. فضلاً عن ذلك، فقد عبرت صراحةً عن رأيها حول الصراع الدائر قائلةً “أنا لا أملك حلاً سحرياً، ولكن يولد الأمل من رحم اليأس.” فهي تدعم حل الدولتين والحوار الاقليمي للوصول إلى السلام مع جميع جيران اسرائيل العرب.

ينبع قرارها في دراسة اللغة العربية في الجامعة، جزئياً، من حقيقة أنّ والدها كان مؤرخاً فنياً، وانبهارها في شبابها بالعمارة الإسلامية وفنون مصر القديمة. فهي تتساءل، “كيف لنا أن نعيش في المنطقة وألا نفهم اللغة التي يتحدث بها الناس هنا؟” وتضيف، “ينبغي علينا تعلم التاريخ، وألا ننظر إليه فحسب من خلال الصراع.”

ولكونها أم لتوأمين بعمر الست سنوات، تفكر دوماً بنمط البلاد التي ستتركها لابنتيها، إذ تأمل بأنّ يتمكنا من العيش في اسرائيل دون أن “تجبرا بعد 20 عاماً على مغادرتها. علينا ألا نفقد انسانيتنا أو حسنا بمشاعر الآخرين بسبب الصراع. لا ينبغي أن ننسى من نحن.”

وتضيف أيضاً “إسرائيل في مرحلة السقوط الحر. أنظروا إلى حلفائنا اليوم؛ المملكة العربية السعودية وروسيا.” وتعتقد أنه ينبغي على اسرائيل أن تستقي إلهامها من حلفاء أكثر ديمقراطية، إذ أنها تدرك تماماً أنه لا يوجد بلدٌ مثاليٌ قط، إلا أنها تؤمن بضرورة إصلاح الكثير في اسرائيل. شيءٌ واحدٌ مؤكد، هناك من يحاول عرقلة جهودها وزملائها من البرلمانيين الإقليميين.