وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

القوة العسكرية الإماراتية: أكبر حجماً من مجموع أجزائها

UAE- UAE military
القوات المسلحة الإماراتية تستعرض مهاراتها خلال عرض عسكري في افتتاح معرض ومؤتمر الدفاع الدولي (IDEX) في العاصمة الإماراتية أبوظبي في 19 فبراير 2017. Photo AFP

حلت الإمارات في المرتبة 62 من 137 بين الدول التي شملها تقرير Global Firepower لعام 2019.

وقدر عدد من بلغوا سن الخدمة العسكرية في عام 2019م وفقًا لتقرير غلوبال فاير باور 78,790 فردًا، كما قدر حجم الإنفاق العسكري في العام ذاته بنحو 14.375 مليار دولار. وقد شكل حجم الإنفاق العسكري للبلاد نحو 6.5% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2014م، مقارنة بنحو 6.0% في عام 2013، وفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.

غالباً ما تُشير السلطات في أبوظبي إلى دستور دولة الإمارات العربية المتحدة، الذي ينص على أن الجيش، والوحدات الموازية، موظفة لأغراض أمنية ودفاعية. فعلى سبيل المثال، يجادلون بأن القوة العسكرية ضرورية لحماية عمال الإغاثة في أفغانستان.

بيد أن هذه الحجة غائبة بشكلٍ واضح في المناقشات المتعلقة بالحرب في اليمن، التي باتت تمتاز بإنتشار المجاعة على نطاقٍ واسع، وتفشي الكوليرا، وتزايد أعداد القتلى من المدنيين. وبحسب المراقبين وجماعات حقوق الإنسان، فإن هذه المعاناة ما هي إلا نتاجٌ مباشر للقصف العشوائي والحصار المدمر، الذي يعتبر التحالف بقيادة السعودية، والتي تعدّ الإمارات العربية المتحدة عضواً فعالاً فيه، المسؤول عنه.

المؤشرالعددالمرتبة من 137 دولة
إجمالي عدد الأفراد العسكريين64,000-
عدد العاملين بالجيش 64,000-
عدد قوات الاحتياط 0-
إجمالي قوة الطائرات 54122
الطائرات المقاتلة9824
الطائرات الهجومية12822
طائرات النقل3824
إجمالي قوة طائرات الهليكوبتر22520
عدد مدربي الطيران14621
عدد الدبابات51037
مركبات القتال المدرعة 5,93612
منصات الصواريخ 7239
عدد القطع البحرية75-

ويبدو أن المعاناة غير المسبوقة للمدنيين اليمنيين لا تزعج محمد بن زايد، ولي عهد إمارة أبوظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية. بل إن عملياته لمكافحة التمرد ضد الحوثيين وتنظيم القاعدة أسفر حتى الآن عن تعذيب واختفاء مئات اليمنيين، وذلك وفقاً لتحقيقات وكالة أسوشيتد برس العام الماضي.

ومع ذلك، يبدو أن محمد بن زايد يصر على نشر جيشه أياً كانت التكلفة- المدنية أو المالية. ففي عام 2013، تفوقت الإمارات العربية المتحدة على أكثر 15 دولة في العالم إنفاقاً على التسليح، وذلك وفقاً لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام. وأيضاً، زادت دولة الإمارات العربية المتحدة واردتها من الأسلحة بنسبة 63% بين عامي 2012 و2016. ومن المتوقع استمرار هذا الإتجاه طالما تواصل الإمارات مطاردة عقود الأسلحة والتحالفات العسكرية في جميع أنحاء العالم.

القوات الجوية

تعمل دولة الإمارات العربية المتحدة على بناء واحدٍ من أقوى الجيوش في المنطقة على الرغم من عدد سكانها الصغير البالغ 1,5 مليون نسمة فحسب. وعليه، تبلغ أعداد الأفراد في الخدمة العسكرية حوالي 64 ألف فرد، في حين تتكون القوات الجوية الإماراتية من 4,500 فرد فعال ومُدرب. وتعتبر مقاتلات الـ”أف 16″ السبعين، التي تتمتع بخفة كبيرة في الأجواء، جزءاً أساسياً من ترسانتها العسكرية. وبالرغم من قدمها، لا تزال مقاتلات الإف 16 تشتهر بقدرتها على التحليق وتحديد أهدافها أياً كانت الظروف الجوية.

كما أن الصواريخ التكتيكية من نوع سايدوايندر ومافريك جزءٌ من ترسانة الإمارات العربية المتحدة. فالأول صاروخ جو- جو مصمم للدفاع الجوي القريب صنعه الأمريكيون لأول مرة في الخمسينيات؛ والثاني مصممٌ لشن هجماتٍ برية من السماء.

فقد تم شراء جميع الطائرات الـ138 المقاتلة في الإمارات العربية المتحدة من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا. ولكن هذا ليس كل ما تملكه، إذ تعزز 60 مروحية هجومية من طراز أباتشي نظامها الدفاعي والأمني. وتمتاز مروحيات الأباتشي بإمكانية تركيب خزان وقود خارجي إضافي، مما يسمح لها بزيادة مدى عملياتها لعدم فقدانها للوقود. ويمكن لبعض النماذج تحديد أكثر من 100 هدف في الدقيقة، مما يجعلها سلاحاً إلزامياً في أي حرب.

ومع ذلك، بالكاد تتمتع القوات الجوية الإماراتية بأي تأثيرٍ مُهلك دون دعمٍ أمريكي، إذ تشترك الولايات المتحدة الأمريكية بإدارة قاعدة الظفرة الجوية الإماراتية، حيث تتمركز مقاتلات إف-35 المتطورة والتي تمتاز بقدرتها على التخفي. ومن الجدير بالذكر أن طائرات إف-35 لا تتواجد في أي قاعدة أمريكية أخرى في العالم العربي.

فقد ضغطت الإمارات العربية المتحدة للحصول على طائرات إف-35، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية قطعت وعداً لإسرائيل بعدم بيعها لأي من جيرانها العرب. ومن غير المؤكد بعد ما إذا كان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب سيحترم هذا الوعد أم لا، إلا أن الأمر قد لا يكون بهذه الأهمية، لا سيما أن الإمارات العربية المتحدة قد أقامت بالفعل علاقاتٍ تجارية وعسكرية أوثق مع روسيا. ففي فبراير 2017، توصل الطرفان إلى اتفاقٍ يمنح الإمارات العربية المتحدة شحنة طائرات من طراز سوخوي سو- 35 (فلانكر- أي). وتعتبر هذه المقاتلات الأكثر تطوراً وتدميراً لدى روسيا، بالرغم من أنها لا تزال أقل شأناً من مقاتلات إف-35 الأمريكية الصنع.

وفي خضم مساعيه لتطوير القوات الجوية، أجرى محمد بن زايد محادثاتٍ مباشرة مع شركة توريد المعدات العسكرية Rosonboronexport، المملوكة للشركة الروسية الحكومية روستيك، على أمل التعاون في تصميم طائراتٍ مقاتلة خفيفة. وبالتالي، فإن صناعة مثل هذه الطائرات المقاتلة سيعزز القوة العسكرية لموسكو وأبوظبي على حد سواء.

وقال سيرجي تشيميزوف، الرئيس التنفيذي لشركة روستيك للصحفيين “من أهم النتائج التي توصلنا إليها خلال الأيام القليلة الماضية توقيع اتفاقية مع الإمارات في مجال التعاون العسكري والصناعي.”

جيش الإمارات
المصدر: globalfirepower.com. @Fanack
uae defence
Source: SIPRI. Click to enlarge. @Fanack ©Fanack CC BY 4.0

كما تساعد روسيا الإمارات العربية المتحدة في تعزيز قواتها البرية، إذ زودت أبوظبي بـ5000 صاروخ مضاد للدروع بالإضافة إلى التدريب والدعم اللوجستي. وستنضم هذه المعدات إلى الترسانة الحالية لدولة الإمارات العربية المتحدة المكونة من أكثر من 60 من الصواريخ المدفعية وأكثر من 50 من الصواريخ المضادة للطائرات.

القوات المسلحة

تتألف القوات المسلحة الإماراتية من كتيبة واحدة من الحرس الأميري، وإثنان من الألوية المدرعة، وثلاثة ألوية مشاة ميكانيكية، وفرقتيّ مشاة وكتيبة مدفعية (من ثلاثة أفواج). كما تفتخر دبي أيضاً بوجود إثنان من ألوية المشاة الميكانيكية التي تعمل بشكل منفصل عن القوات المشتركة لدولة الإمارات العربية المتحدة.

وتوجد أيضاً، بالتوازي مع القوات المسلحة، قيادة الحرس الرئاسي، التي غالباً ما تقوم بمهام معقدة وسرية. ويعتبر الحرس الرئاسي أفضل وحدة قتال مدربة، وذلك بفضل التدريب والمساعدة من مشاة البحرية الأمريكية.

وتعتبر وحدة العمليات الخاصة التابعة للحرس الرئاسي وحدةً صغيرة نسبياً إلا أن تأثيرها قاتل في مكافحة الإرهاب. فقد نشرت وحدة العمليات الخاصة، الممولة والمدربة على نحوٍ كبير، رجالها في أفغانستان، حيث شاركوا بعمليات مكافحة التمرد في البلد الذي مزقته الحرب. وتحظى قواتها البرية بمآزرة وحدة الطيران، المألفة بشكلٍ أساسي من 18 مروحية من طراز بلاك هوك الموجودة في معسكر ساس النخل.

فقائد حرس الرئاسة الوطني، مايك هيندمارش، ليس مواطناً إماراتياً بل استرالي، إذ لا يشكل هذا مفاجأةً ذلك أن الجيش الإماراتي يعتمد بشكلٍ كبير على المقاتلين الأجانب. ومن بين صفوف جيش الإمارات العربية المتحدة أعضاء من الجنجويد السودانيين، التي كانت ميليشيا ترعاها الدولة والتي قادت حملة التطهير العرقي في إقليم دارفور بغرب السودان. وإلى جانب ذلك، يوجد أيضاً رجالٌ من كولومبيا، الذين قاتلوا قوات كولومبيا المسلحة الثورية (فارك)، وهو تنظيم مسلح في كولومبيا يعتمد على حرب العصابات ولد عام 1964، منذ عقود. وقد تم نشر كل من الجنجويد السابقين والمقاتلين الكولومبيين في اليمن.

كما يبدو أن محمد بن زايد مهتمٌ بشكلٍ متزايد باختبار أسلحةٍ جديدة في اليمن. فقد كتب زوي ستانلي لوكمان، مساعد في أبحاث البيانات في معهد الاتحاد الأوروبي للدراسات الأمنية، أن الإمارات العربية المتحدة جعلت من اليمن حقل تجاربٍ للمركبات البرية الإماراتية ومنها “نمر 2 عجبان 440 أ” الرباعية الدفع، والمركبة القتالية “إنيغما 8 × 8” الخاصة بسلاح المشاة والتي طورتها الإمارات. كما نشرت أيضاً ناقلة الجنود المدرعة من طراز “نمر إن 35.” وتعتبر الأولى من مركبات البرية ويمكنها أن تستوعب ما يصل إلى 11 جندياً، بينما الأخيرة مركبة مضادة للقذائف والإنفجارات.

القوات البحرية

تعتبر القوات البحرية الإماراتية متواضعة من حيث الحجم إلا أنها متطورة تكنولوجياً ومن ناحية التدريب. تضم حوالي 2,500 فرد، وهي مسؤولة في المقام الأول عن حماية الساحل بزوراق الدوريات وزوارق الصواريخ. وتضم الترسانة أيضاً السفن الحربية وغواصات الديزل الكهربائية وغواصات تعمل بالطاقة النووية.

وبالرغم من افتقارها إلى القوة البشرية، حاولت الإمارات العربية المتحدة لما يقرب من الـ10 سنوات بناء “سلاح بحرية المياه الزرقاء،” القادر على القيام بعملياتٍ عسكرية مستدامة في المحيطات.

ويبدو أنها تقترب أكثر فأكثر من تحقيق هذا الهدف. وبالرغم من أن قدرتها البحرية لا تضاهي تلك التي تملكها كل من إيران والمملكة العربية السعودية، إلا أن طموحات الإمارات كبيرة، إذ شرعت ببناء قاعدة بحرية في جمهورية أرض الصومال الإنفصالية، في نوفمبر 2017، بعد الإعتراف بها كدولة. وتقع القاعدة في مدينة بربرة، التي تديرها شركة موانىء دبي العالمية ومقرها دبي.

الغرض المعلن للتوسع البحري هو تعويض التأثير الإيراني في خليج عدن. وهذا هو السبب أيضاً في قيام البلاد في البداية بإنشاء قاعدة بحرية وجوية في إريتريا، مما سمح لها بشن العديد من الهجمات في اليمن، التي تقع على بعد 60 كم إلى الشرق.

وتتساءل مجلة الإيكونوميست عما كان سيفكر به مؤسس دولة الإمارات الشيخ زايد آل نهيان في النفوذ العسكري الجديد للإمارات، فلطالما كان يخاطب نظرائه من القادة العرب الذي يلجأون إلى الحرب بقوله “كن مطيعاً لله واستخدم ذكائك بدلاً من اللجوء إلى السلاح.”