وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

الصحراء الغربية: الحفر في المياه المتنازع عليها

Western Sahara drilling
نساء تتظاهرن ضد شركة النفط الأمريكية كزموز للطاقة‏ التي باشرت عمليات التنقيب الاستكشافي في منطقة الصحراء الغربية المحتلة, في 25 فبراير 2015 ‪‬‬‬‪‏‏‪‬‬‬‪‏‪ ‏‪‬‬‬‪‏‪‬

في أواخر عام 2014، بدأت شركات نورديك لمنصات الحفر البترولية وشركة كوزموس للطاقة ومقرها الولايات المتحدة الحفر في منطقة راس بوجادور على سواحل الصحراء الغربية. تعتبر الأراضي الإسبانية السابقة موضع نزاعٍ مستمر منذ عقود بين المغرب وجبهة البوليساريو، وهي حركة من شعوب الصحراء مدعومة من قِبل الجزائر وتسعى إلى الحصول على استقلالها. ويقع نحو ثلاثة أرباع الأراضي تحت السيطرة المغربية منذ أن ضمتها عام 1976، في حين يُسيطر البوليساريو على الجزء الجنوبي. وهذا الحفر له جوانب سلبية وإيجابية بالنسبة للمغرب وخارجها، بالنظر إلى ارتباط الأرض المباشر بالديناميات الجغرافية- السياسية عميقة الجذور.

الجوانب السلبية

يمكن أن تُعزى الجوانب السلبية إلى الجمود السياسي في الصحراء الغربية، أو كما هو معروف في المغرب بالمحافظات الجنوبية. فبعد أربعين عاماً من الانسحاب الإسباني، لا تزال التوترات مشتعلة وإن كانت بوتيرة أقل. وعلى الرغم من وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الأمم المتحدة والمعمول به منذ عام 1991، لم تُحل قط المطالبات المتضاربة للسيادة المغربية، وحق الصحراويين الأصليين في تقرير المصير.

ويعتقد بعض المحللين أن اكتشاف الغاز والنفط الذي تم مؤخراً في هذه المنطقة المتنازع عليها قد يعزز موقف المغرب من خلال تعزيز الأعمال التجارية، وتعزيز التنمية وتسريع الازدهار في المنطقة. ويتوقعون من جهةٍ أخرى أن هذا بدوره سيضعف جبهة البوليساريو وموقف راعيتها الجزائر. وبالفعل، فقد حثت الجزائر الصحراويين الأصليين بعدم دعم عمليات الحفر، قائلين أنها تنتهك القانون الدولي وتمنح المزيد من السلطة للمغرب. ويقول البعض أن الجزائر تعمل على تسيس الصراع، من أجل صرف الانتباه بعيداً عن مشاكلها الداخلية.

الجوانب الإيجابية

ويعتقد آخرون أن اكتشاف النفط على الساحل يمكن أن يضع حداً للنزاع الذي يبلغ عمره أربعين عاماً. وهناك عاملان يدعمان هذا الرأي:

الأول هو الربيع العربي وديناميكيات السلطة الجديدة التي خلقتها في المنطقة. وتشتمل إصلاحات ما بعد الربيع العربي في المغرب على الاعتراف بالهوية الصحراوية فضلاً عن تخفيف القيود على السفر بين الأراضي المحتلة ومخيمات اللاجئين الصحراويين في الجزائر.

والثاني هو تشكيل الطوارق لجمهورية انفصالية شمال مالي بعد سقوط الزعيم الليبي القذافي، والتي اخُتفطت من قِبل جماعات ذات صلة بتنظيم القاعدة وأدى إلى تدخل فرنسا وإنهاء الأزمة في مالي. أما على الصعيد الأمني، قدّم الربيع العربي عام 2011 وأزمة مالي عام 2012 مصداقية لاداعاءات المغرب باعتبارها حصناً للاستقرار في منطقة تعاني حروباً أهلية بشكلٍ عام وتهديد الجماعات الإرهابية على وجه الخصوص.

وفي ظل هذه الظروف بدأت شركات التنقيب عن النفط الحفر في المياه المتنازع عليها. إلا أن الترخيص بالقيام بذلك له تاريخ خاص بحد ذاته: حصلت شركة كوزموس للطاقة على الحق في استكشاف مياه الصحراء الغربية منذ عام 2006، عندما وقعت اتفاقاً مع شركة النفط الحكومية في المغرب، المكتب الوطني للهيدروكاربونات والمعادن (ONHYM). وتم تجديد هذا الاتفاق عام 2011، ووفقاً لذلك أرسلت شركة كوزموس للطاقة سفينة الحفر ” Atwood Achiever” إلى راس بوجادور في نوفمبر 2014 للبدء بأنشطة التنقيب. وبينما يصّر المنتقدون على أنّ الاتفاق غير قانوني، لم يردع ذلك الآخرين بأن يحذوا حذوهم. وفي ديسمبر 2014، وافق الاتحاد الأوروبي على اتفاق لمدة أربع سنوات مع المغرب يسمح للقوارب الأوروبية، ممن غالبيتهم العظمى من الإسبان، الصيد في مياه الصحراء الغربية الوفيرة.

الجدال القائم حول الشرعية يتوقف على الحالة المعقدة للصحراء الغربية، وهي منطقة غير متمتعة بالحكم الذاتي وفقاً للأمم المتحدة. وفي حين لا تعترف أي دولة بادعاءات المغرب بالصحراء الغربية، وبالتالي لا يمتلك المغرب الحق بالموارد الطبيعية في المنطقة بموجب القانون الدولي. وينص قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي عام 2002 أن الحفر في تلك المنطقة يعدّ قانونياً إذا ما تم ذلك من أجل “مصلحة الشعوب” التي تعيش هناك.

وفي مواجهة الانتقادات، لم تفعل شركة كوزموس للطاقة أي شيء للحصول على موافقة سكان الصحراء الغربية، وأصدرت الشركة بياناً صرحت فيه أنها تعتقد أن أنشطتها تنسجم مع رأي الأمم المتحدة. كما قالت أيضاً أنها التقت بعدد من المسؤولين المنتخبين ورجال الأعمال وزعماء القبائل وممثلين عن منظمات المجتمع المدني والقطاع السياحي ومجتمع الصيد، وكذلك السكان الأصليين وذلك بهدف تقديم مشروعها للتنقيب عن النفط في المنطقة.

ومع ذلك، يبدو أن وصول كوزموس للطاقة ليس إلا دليلاً على المكانة المنخفضة لجبهة البوليساريو على جدول الأعمال الدولي.

وإلى جانب حقول النفط المحتملة، تتضمن المنطقة قليلة السكان ودائع ضخمة من الفوسفات. وفي سبتمبر 2011، أتمت شركة الفوسفات المملوكة للدولة المغربية، المكتب الشريف للفوسفات (OCPعقداً طويل الأمد مع شركة أجريوم الكندية الزراعية لاستخراج الفوسفات من الصحراء الغربية. أول شحنة من صخور الفوسفات الذي استخرجته شركة (OCP) في الصحراء الغربية، بلغت قيمتها حوالي 10 مليون دولار، ووصلت إلى فانكوفر في أكتوبر 2013.
هل سيكون النفط الوسلية للخروج من المأزق؟ سيعتمد هذا على رد فعل السكان المحليين ومجلس الأمن الدولي. وقد طالبت جبهة البوليساريو مجلس الأمن التدخل لوقف التنقيب عن النفط قبالة الصحراء الغربية.

user placeholder
written by
veronica
المزيد veronica articles