وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

النفط الكويتي يُشعل شرارة التوتر مع جيرانه

Kuwait tensed relationships with Saudi Arabia, Iraq and Iran over oil issues
حقول النفط الكويتية تشتعل بالنيران بعد انسحاب القوات العراقية في نهاية حرب الخليج. Photo David Giles

عندما تكون البلاد محاطةً بقوى إقليمية مثل السعودية، والعراق، وإيران، فلا بدّ دوماً من وجود من يسعى خلف الحصول على خيرات البلاد النفطية. وهذا هو لسان حال العديد من الكويتيين، إلا أنّ البعض منهم يستخدمون كلمة “وحوش” بدلاً من “قوى.”

وربما يعتبر هذا شكلٌ من أشكال جنون الإرتياب التالي للغزو العراقي. ففي نهاية المطاف، كان النفط، السبب الرئيسي (من بين أسبابٍ أخرى)، لغزو صدام حسين عام 1990 للبلاد. فقد اتهمت العراق، الكويت بإنتاج النفط بما يفوق حصتها في منظمة أوبك، فضلاً عن عمليات الحفر التي تتخطى الحدود. وبعد هزيمتها على يد قوى التحالف الدولية بقيادة الولايات المتحدة في فبراير 1991، انسحبت القوات العراقية من الكويت، إلا أنها في المقابل أشعلت النيران في أكثر من 600 بئر للنفط.

العراق ليس الجار الوحيد للكويت الذي اختلف معه حول النفط، إذ تعتبر المملكة العربية السعودية وإيران أيضاً مصدر قلق. ففي الأشهر الأخيرة، تدهورت الأوضاع لا سيما في المنطقة المقسومة (المعروفة أيضاً باسم المنطقة المحايدة).

الكويت النفط التوتر
حقول النفط و الغاز في المنطقة المقسمة بين الكويت و المملكة العربية السعودية

وفي عام 1922، تم ترسيم الحدود بين ما يُعرف الآن بالمملكة العربية السعودية والكويت، حيث تم ترك منطقة محايدة بين البلدين. ومع ذلك، لم تشكل تلك المنطقة أي مصلحة لأي منهما. ولم تكن الحدود مهمة، إذ كانت القبائل مواليةً فقط لقادتها التي كانت تجوب الصحاري وفقاً لاحتياجات قطعانها من الأغنام والإبل.

كان هذا إلى أن تم اكتشاف النفط أواخر الثلاثينات. وبدأت المفاوضات، وفي عام 1995 تم التوصل إلى اتفاق بتقسيم المنطقة المحايدة بالتساوي بين البلدين. وتم ترسيم المنطقة البحرية المجاورة عام 2000. وبموجب هذه الاتفاقيات، يتم تقاسم الموارد الطبيعية بالتساوي بحيث يتم تقديم تنازلات من قِبل كلٍ من المملكة العربية السعودية والكويت. لذا، حتى وإن كان الجزء الأكبر من الحقل النفطي في الجانب السعودي، على سبيل المثال، يتم تقاسم الانتاج بنسبة 50/50.

لمَ منطقة محايدة وليس تقسيم بسيط للأرض؟ لأن استخراج النفط لا يمكن أن يتم أو قد لا يتم دوماً مباشرةً من فوق موقع التربة الفرعية. وفي حال تم تقسيم المنطقة من النصف، يمكن للكويت أن تسحب النفط من الجانب السعودي، والعكس صحيح. وبالتالي، تم تقاسم عملية استخراج النفط بشكلٍ مشترك بين شركة شيفرون (على الجانب السعودي) والشركة الكويتية لنفط الخليج.

تبدو المعادلة بسيطة، إلا أن الأمر ليس كذلك، على الأقل من وجهة نظر القانون الدولي ذلك أنّ الوضع القانوني للمنطقة المحايدة غير واضح. ومن ناحية أخرى، تتمتع المنطقة بهوية منفصلة – بصرف النظر عن الموارد الطبيعية- حيث يتمتع كل بلد بسيادته الكاملة على جانبه.

فعلى سبيل المثال، يتوجب على الأشخاص الذين يعملون على الجانب الكويتي الحصول على تأشيرة دخول وتصاريح عمل من الكويت، بغض النظر عما إذا كانوا يعملون لصالح شركة شيفرون أو الشركة الكويتية لنفط الخليج. ويمكن للكويت وقف إصدار هذه التصاريح، كما يمكن أن تطلب من شيفرون نقل مكاتبها من ميناء الزور، وهو الميناء الذي يتم من خلاله تصدير النفط الخام. ومؤخراً، فعلت الكويت كلا الأمرين، مما أدى إلى توقف الإنتاج في حقول الوفرة.

ولا تزال أسباب عرقلة الكويت للإنتاج غير واضحة، على الرغم من أنّ مصادر مطلعة في هذا المجال صرّحت أنّ السلطات الكويتية مستاءة من تجديد المملكة العربية السعودية عقدها مع شيفرون لمدة 30 سنة إضافية عام 2009 دون التشاور معهم. وتمتلك شركة شيفرون عقد تأجيرعلى قطعة من الأرض تخطط الكويت لبناء مصفاة جديدة عليها، وهي قضية تعود جذورها إلى عام 2007.

ولم يكن هذا الخلاف الوحيد حول حقول النفط المشتركة. ففي عام 2013، وضعت خطط تطوير حقل غاز الدرة على الرف بسبب عدم اتفاق البلدين على كيفية تقاسم الغاز على الأرض.

ولطالما شّكل حقل الدرة موضع خلافٍ بين الكويت وإيران، إذ يقع جزءٌ من الحقل في منطقة متنازع عليها في الجرف القاري، والذي يتم مشاركته من قِبل الكويت والسعودية وإيران. وعندما أعلنت إيران خطة استثمارية لما تعتبره جانبها من الحقل، استدعت الكويت على الفور السفير الايراني وسلمته احتجاجاً رسمياً.

وبشكلٍ عام، ربما أنّ الأمر لا يتعلق برمته بقضية حقل الدرة، حيث تشهد العلاقات الإيرانية الكويتية تدهوراً ويعود ذلك إلى اتهام الكويت لإيران بدعم خلايا حزب الله النائمة في الكويت.

وفي الوقت نفسه، ذكرت قناة الأمام حسين، وهي قناة تلفزيونية شيعية تتخذ من العراق مقراً لها، أن وزير الدفاع السعودي وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان هدد بخوض حربٍ إلى جانب الكويت حول النزاعات النفطية، مدعياً أن المملكة العربية السعودية تمتلك حقوقاً تاريخية على الحقول. وهو خطاب مألوف لدى الكويتيين، إذ سبق وسمعوا صدام حسين يدلي ببيانات ممثالة قبل أكثر من 25 عاماً.

ومع ذلك، فمن غير المعروف حقاً إذا ما قام بن سلمان بإطلاق مثل هذه التهديدات. وتبقى مصادر هذه التصريحات غامضة، كما قد يكون التقرير محاولةً إيرانية للإيقاع بين عدوها اللدود، المملكة العربية السعودية، والكويت. ومن ناحية أخرى، تُشير التكتيكات العسكرية العدائية لبن سلمان في اليمن إلى أنه يريد تخويف الكويت بما يكفي لإبقائها تحت السيطرة، دون المخاطرة بالضرورة بإشعال فتيل الصراع في هذه المرحلة.

ففي نهاية المطاف، يحتاج السعوديون إلى حلفائهم في مجلس التعاون الخليجي في الحرب ضد اليمن، التي سرعان ما أصبحت مشروعاً كارثياً. ويبدو أيضاً من غير المحتمل أن الرياض ستشعل بأيديها غضب حليفها الأكثر أهمية، الولايات المتحدة الأمريكية، التي تدعم السعوديين في حربهم على اليمن إلا أنها بالتأكيد لن تدعم الحرب ضد الكويت.

وعلى أية حال، تمتلك الكويت سبباً وجيهاً في خوفها من جيرانها، على الرغم من أنه يتوجب توخي الحذر فيما يتعلق بالتقارير الإخبارية حول جيرانها الجشعة للنفط. ولا يعود هذا لأن أحد الجيران قد يحاول تشويه سمعة الآخر فقط، بل لأنّ الكويت قد يكون لها مصلحة في إخافة شعبها.

إنّ التركيز على الخلافات النفطية على الحدود له ميزة صرف انتباه السكان المتعطشين للنفط بعيداً عن المشكلة الأكبر في قطاع النفط الكويتي: شل السياسة الداخلية.

user placeholder
written by
veronica
المزيد veronica articles