يبدو أنّ المصالح السياسيّة الشّخصيّة لنتنياهو مازالت تمثّل العقبة الرئيسة التي تحول دون وقف نهائي لإطلاق النار، على جبهتي غزّة وجنوب لبنان في الوقت عينيه.

علي نور الدين
للمرّة الأولى منذ بدء الحرب الإسرائيليّة على قطاع غزّة، تتقاطع في الوقت عينيه مجموعة من العوامل الضاغطة باتجاه إنهاء تلك الحرب بشكل تام. ومنها إعلان الجيش الإسرائيلي نفسه استحالة تحقيق الأهداف المُعلنة من جانب حكومته، بخصوص القضاء على حركة حماس وإنهاء حكمها لقطاع غزّة.
كما باتت الإدارة الأميركيّة، الداعم الأكبر والأهم لإسرائيل في تلك الحرب، تتوجّسُ أكثر فأكثر من احتمالات توسّع المواجهات على جبهة جنوب لبنان، مع كل ما سيحمله هذا السيناريو من نتائج على المستوى الإقليمي. وهذا ما يفسّر حدّة التناقضات التي اتسع نطاقها، بين إدارة بايدن وحكومة نتنياهو.
غير أنّ جميع هذه العوامل لم تفضِ بعد إلى نهاية هذه الحرب.
إذ يبدو أنّ المصالح السياسيّة الشّخصيّة لرئيس الحكومة الإسرائيليّة بنيامين نتنياهو مازالت تمثّل العقبة الرئيسة التي تحول دون وقف نهائي لإطلاق النار، على جبهتي غزّة وجنوب لبنان في الوقت عينيه.
وهذه المصالح قد تورّط إسرائيل في تصعيدٍ إضافي قد لا تكون مستعدّة له عسكريًا، على جبهتها الشماليّة، كما يحذّر المسؤولون الأميركيون حلفاءهم في تل أبيب.
هكذا، ستكون احتمالات نهاية الحرب، أو تصعيدها، رهن قدرة نتنياهو على تحدّي جميع هذه الضغوط الخارجيّة والداخليّة، بهدف استكمال التصعيد وتأجيل استحقاق الانتخابات المبكرة وإقالته.
صلابة موقف حماس خلال المفاوضات
للوقوف عند العقدة التي تحول دون الوقف النهائي لإطلاق النار في قطاع غزّة، قد يكون من المفيد العودة إلى نقطة توقّف المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة حماس.
أبرز المحطّات في تلك المفاوضات، كانت المبادرة التي أعلنها الرئيس الأميركي جو بايدن، التي قدّمت خارطة طريق كان يفترض أن تؤدّي إلى “وقف إطلاق نار مستدام” مع “الإفراج عن كافّة الرهائن”. وحرص بايدن على الإشارة إلى أنّ عرضه يحظى بالقبول الإسرائيلي، بل ويمثّل “مقترحًا إسرائيليًا” بحد ذاته، وهو ما يضع حركة حماس في موقع المُطالَب بالموافقة أو الرفض.
وتكوّن المقترح المُعلن في الخطاب من ثلاث مراحل، يتم التدرّج خلالها في تبادل إطلاق الرهائن الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين، بالتوازي مع انسحاب القوّات الإسرائيليّة من القطاع.
على أن تتحوّل الهدنة المؤقّتة في المرحلة الأولى تلقائيًا وبشكل مؤكّد إلى وقف نهائي لإطلاق النار في المرحلة الثانية، بمجرّد التزام الطرفان بتعهّداتهما.
وهذه الخطوات، كان يجب أن تمهّد –بحسب بايدن- “لتسوية سياسية تعهد بمستقبلٍ أفضل للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء.”
وسرعان ما رحّبت حركة حماس بالعرض الذي قدّمه بايدن، مشيرةً إلى أنّها تنظر بإيجابيّة للجانب المتعلّق بوقف إطلاق النار في القطاع المُحاصر.
وعلى النحو عينيه اعتبرت وزارة الخارجيّة القطريّة، الشريك التقليدي في الوساطة بين إسرائيل وحركة حماس، أنّ عرض بايدن -كما ورد في الخطاب- يؤسّس بالفعل لوقف إطلاق نار دائم، إلا أنّها لمّحت إلى شكوكها بالموقف الإسرائيلي الفعلي.
ثم جاء قرار مجلس الأمن ليزيد من زخم هذا العرض عبر تبنّيه، بموافقة جميع الأعضاء، باستثناء روسيا التي امتنعت عن التصويت ولم تمارس حق الفيتو.
لكن موجة التفاؤل هذه سرعان ما انحسرت لاحقًا، مع إرسال العرض الإسرائيلي المكتوب، الذي اختلف في كثير من جوانبه عن مضمون خطاب بايدن وخارطة الطريق التي قدّمها.
وهنا تبيّن أن شكوك وزارة الخارجيّة القطريّة، العارفة بتفاصيل مسار المفاوضات، كانت في مكانها. وما عبّر عنه بايدن، لم يكن فعلًا الموقف الإسرائيلي، بل كان تصوّره أو فهمه لهذا الموقف.
أما العرض الإسرائيلي المكتوب فقد نصّ على مرحلة أولى من 42 يومًا، تشهدُ هدنة مؤقّتة، يجري خلالها إطلاق سراح 33 رهينة من الإسرائيليين، مع الإفراج عن 50 أسير فلسطيني مقابل كل رهينة.
إلا أنّ المقترح لم يفرض الانتقال التلقائي والمؤكد بعدها إلى المرحلة الثانية، التي ستشهد الوقف النهائي للحرب، بل ترك ذلك متصلًا بالتوصّل إلى اتفاق لاحق أو استكمال للمفاوضات.
كما لم يضمن العرض الانسحاب الإسرائيلي التام من قطاع غزّة، خلال أو بعد المرحلة الأولى. وأعطى العرض إسرائيل حق الامتناع عن إطلاق سراح 100 فلسطيني، من بين قوائم الأسرى الذين ستطالب حركة حماس بتحريرهم.
باختصارٍ، العرض الإسرائيلي كان يضمن لنتنياهو تخفيف الضغط الشّعبي الإسرائيلي، عبر إطلاق سراح جزء من الرهائن الإسرائيليين، دون أن تضمن حركة حماس وقف الحرب على قطاع غزّة.
وكانت حركة حماس مُدركة طبعًا لخطورة هذه المسألة، بعدما جرّبت سابقًا الدخول في عمليّة تبادل للأسرى والرهائن، مقابل هدنة مؤقّتة لم تتحوّل لاحقًا إلى وقف نهائي لإطلاق النار. وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين بشكلٍ متدرّج، دون وقف نهائي لإطلاق النار، سيعني التفريط بالورقة الأخيرة التي يمكن أن تدفع نتنياهو للقبول بإنهاء الحرب، تحت ضغط الشارع الإسرائيلي. وهذا ما قد يطيل أمد الحرب ويفاقم من تداعياتها.
هكذا، عادت حركة حماس لإبداء تحفّظها إزاء الألغام التي انطوى عليها العرض الإسرائيلي المكتوب، والذي “لا يلبّي مطالب الحركة بإنهاء الحرب” كما صرّح القيادي في الحركة أسامة حمدان.
التعديلات الرئيسة التي طالبت بها حماس، تركّزت على ضرورة ضمان وقف إطلاق النار بشكل مستدام، وانسحاب القوّات الإسرائيليّة بشكل كامل من القطاع، ورفع الحصار مع “صفقة عادلة” لتبادل الأسرى والرهائن.
تمسّكت حماس بشكل صارم بسقفها التفاوضي حتّى اللّحظة، وصولًا إلى عدم تقديم أي تنازلات في مسألة صفقة تبادل الرهائن والأسرى، على الرغم من الضغط الإعلامي والسياسي الذي صاحب إعلان بايدن عن “خارطة الطريق”.
مع الإشارة إلى أنّ حكومة نتنياهو راهنت على الزخم الإيجابي الذي أحاط بمبادرة بايدن، ومعاناة أهل قطاع غزّة خلال عمليّة اجتياح مدينة رفح، لمحاولة تمرير الصفقة دون الإلتزام بإنهاء الحرب.
لكن على العكس تمامًا، تحوّل رد فعل الحركة إلى عامل ضاغط على الحكومة الإسرائيليّة، أمام أُسر الرهائن الإسرائيليين الذين طالبوا بعد إفشال المفاوضات.
تزايد الضغط السياسي الداخلي
إصرار حماس على إنهاء الحرب في المفاوضات، تزامن مع تحديات داخليّة موازية لم تقل أهميّة. في يونيو/حزيران 2024، كان المتحدّث الرسمي بإسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري يعلن للمرّة الأولى أمام البلاد أن الحديث عن تدمير حركة حماس ليس سوى ذر للرماد في عيون الإسرائيليين، طالما أنّ الحركة هي “فكرة لا يمكن القضاء عليها”.
ببساطة، كان الجيش الإسرائيلي يعترف للمرّة الأولى أن استكمال الحرب لغاية القضاء على الحركة ليس سوى هدف مستحيل، وهو ما يناقض الخطاب المُعلن من جانب نتنياهو وحكومته.
أثارت هذه التصريحات غضب نتنياهو، خصوصًا بعد أن تزامنت مع موافقة الجيش الإسرائيلي على هدنة تكتيكيّة في بعض مناطق غزّة، دون العودة إلى المستوى السياسي. وفي نبرة حادّة وغير مسبوقة، ردَّ نتنياهو مصوّبًا نيرانه على “يريد تغيير أهداف الحرب”، مشيرًا إلى أنّ إسرائيل “دولة لديها جيش وليست جيش لديه دولة”.
غير أنّ ردّة فعل نتنياهو لم تُلغ أثر هذه التصريحات القاسية على مستوى الرأي العام الإسرائيلي. فبعد يومين فقط من تصريحات هاغاري، أظهر استطلاع للرأي أجرته القناة الـ 12 الإسرائيليّة أنّ أكثر من نصف الإسرائيليين باتوا على قناعة بعدم إمكانيّة تحقيق انتصار كامل على حركة حماس.
وبهذا الشكل، باتت الحكومة الإسرائيليّة أمام ضغط شعبي متزايد يدفع باتجاه الهدف الأكثر واقعيّة للحرب، أي التوصّل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين. وهذا ما يعيد نتنياهو مجددًا إلى شروط حركة حماس، التي تربط تبادل الأسرى والرهائن بوقف نهائي لإطلاق النار، وانسحاب القوّات الإسرائيليّة من قطاع غزّة.
لم تقتصر الضغوط الداخليّة على خلافات نتنياهو مع الجيش. فقبل أيّام من هذا السجال، أعلن الوزيران في مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس وغادي آيزنكوت انسحابهما من المجلس، احتجاجًا على تمسّك نتنياهو باتباع “سياسات تخدم مصالحه الخاصّة”. وبذلك فقد نتنياهو شراكته مع أحد أبرز أحزاب المعارضة السابقة، أي حزب “المعسكر الرسمي”، الذي انضم إلى مجلس الحرب بعد أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأوّل 2023.
وبمجرّد انسحابه من مجلس الحرب، بادر غانتس للمشاركة في مظاهرات أهالي الرهائن، المُطالبين بعقد صفقة تبادل للأسرى والرهائن بأسرع وقت.
بذلك خسر نتنياهو الحد الأدنى من الغطاء السياسي الذي أمّنه حزب “المعسكر الرسمي”، وبات استمراره في الحكم مربوطًا بالتحالف مع أحزاب اليمين المتطرّف، التي تؤمّن له أغلبيّة محدودة لا تتجاوز الـ 64 مقعدًا من أصل 120 في الكنيست الإسرائيلي.
وهذا المشهد، سيعزّز اعتقاد الرأي العام الإسرائيلي بارتهان قرارات نتنياهو لإرادة شركائه، الذين –وبخلاف غانتس- لا يملكون الخبرة في شؤون الحرب أو الجيش، بل ولا يملكون أساسًا علاقة متوازنة مع المؤسسة العسكريّة.
جبهة جنوب لبنان والضغط الأميركي
على جبهة جنوب لبنان، كانت المواجهات تتصاعد بشكلٍ ملحوظٍ خلال شهر يونيو/حزيران 2024، وخصوصًا بعد إقدام إسرائيل على اغتيال القيادي في الحزب طالب عبد الله، وهو المسؤول الأعلى في الحزب الذي يُقتل منذ بداية الحرب.
بعد يوم من الاغتيال، وفي إطار رد الحزب، تمَّ استهداف 15 موقعًا إسرائيليًا حسّاسًا في دقيقة واحدة، على امتداد منطقتي الجولان والجليل، باستخدام 150 صاروخًا و30 مسيّرة انقضاضيّة. وكان من اللافت أنّ الرد طال مواقع ذات رمزيّة خاصّة، مثل مقر قيادة المنطقة الشماليّة ومقر الاستخبارات الإسرائيليّة بالمنطقة الشماليّة ومقر قيادة اللّواء المدرّع النظامي.
الإدارة الأميركيّة، بدت طوال المرحلة الماضية معنيّة بضبط هذا التصعيد، والحد من حجم المناوشات بين الطرفين، بانتظار إتمام صفقة وقف إطلاق النار في غزّة، التي يمكن أن تحقّق الهدوء على جبهة جنوب لبنان.
هواجس الإدارة الأميركيّة تنطلق من شكّها بقدرة الدفاعات الجويّة الإسرائيليّة على صد هجمات واسعة من جانب حزب الله في المستقبل، وهو ما يمكن أن يفرض زيادة الدعم الذي تقدّمه الولايات المتحدة الأميركيّة لإسرائيل، أو ربما التدخّل لحمايتها كما حصل عندما ردّت إيران على استهداف قنصليّتها في دمشق.
أمام هذه الاحتمالات، تفضّل الإدارة الأميركيّة تفادي تصعيد من هذا النوع. كما تتوجّس من التداعيات الإقليميّة التي يمكن أن تنتج عن صراع مفتوح، بين حزب الله والجيش الإسرائيلي.
وبطبيعة الحال، تُدرك الإدارة الأميركيّة أن الجماعات المسلّحة الشيعيّة المتحالفة مع حزب الله وإيران، في سوريا والعراق، ستملك القدرة والدافع القويّ للتدخّل المباشر في هذا النزاع المُسلّح، وهو ما سيزيد من الأضرار المحتملة على المصالح الأميركيّة في منطقة الشرق الأوسط.
من هذه الزاوية يمكن قراءة الضغط الذي مارسته إدارة بايدن على نتنياهو، عبر تقنين شحنات الأسلحة الموجهة إلى تل أبيب، أو الحد من تدفّق بعض أنواع القذائف. وهذا ما استدعى ردّة فعل علنيّة وحادّة من جانب نتنياهو، قابلها إلغاء الإدارة الأميركيّة لإحدى اجتماعات التنسيق الأمني مع تل أبيب.
هكذا كانت واشنطن تحاول ضبط أداء الحكومة الإسرائيليّة قدر الإمكان، للحؤول دون تصعيد خطير قد لا يصب في مصلحة إسرائيل ولا الولايات المتحدة، بقدر ما يصب في خدمة أهداف نتنياهو بإطالة أمد الحرب.
في هذه السياق، يبرز أيضًا دور دولة قطر، التي تمكنت خلال الأشهر الماضية من تعميق شراكتها مع الولايات المتحدة، عبر التوسّط إلى جانبها في ملف الحرب الدائرة على القطاع غزّة، في مقابل تعزيز دورها المتصل بالملفّات اللبنانيّة. ومن الواضح أنّ اهتمام قطر بلعب أدوار استثماريّة واقتصاديّة على المستوى اللبناني، بات يدفعها إلى تفعيل تواصلها مع جميع الأطراف السياسيّة المحليّة، بما فيها حزب الله وحلفائه.
ولهذا السبب، تراهن الكثير من التحليلات اليوم على الدور القطري لتقليص احتمالات أي تصعيد إضافي في جنوب لبنان، ومن ثم المساهمة في جهود إعادة الأعمار هناك في المستقبل.
حزب الله يلعب أوراق مؤثّرة
في سياق الضغط الإعلامي لمنع حكومة نتنياهو من الذهاب إلى حرب شاملة على جبهة جنوب لبنان، لعب حزب الله عدّة أوراق مؤثّرة خلال شهر حزيران/يونيو 2024.
أبرز هذه الأوراق، كانت نشره لفيديو مسجّل مدّته 9 دقائق و31 ثانية، تضمّن مسحًا واضحًا ودقيقًا لمناطق واسعة في شمال إسرائيل، وخصوصًا في مدينة حيفا. وشمل المسح، الذي قامت به طائرة مسيّرة سمّاها الحزب “الهدهد”، بعض القواعد العسكريّة الحسّاسة والموانئ البحريّة ومخازن الأسلحة بالإضافة إلى مطارات مدنيّة وعسكريّة.
وكان من الواضح أنّ هدف الفيديو إرساء معادلة ردع تمنع الحكومة الإسرائيليّة من توسيع نطاق الحرب، على اعتبار أن وصول مسيّرات حزب الله إلى تلك المناطق يعني عمليًا قدرته على قصفها.
وفي السياق عينيه، جاء خطاب الأمين العام للحزب حسن نصر الله، الذي هدّد قبرص بمعاملاتها كجزء من الحرب، إذا قامت بإتاحة بنيتها التحتيّة –وخصوصًا المطارات- للجيش الإسرائيلي، خلال أي مواجهة واسعة قد تُستهدف فيها المطارات الإسرائيليّة.
وبهذا الشكل، حاول الحزب تضييق الخيارات المتاحة أمام نتنياهو، عبر قطع الطريق أمام الاستعانة بالمطارات القبرصيّة، في حال أراد توسيع نطاق الحرب القائمة.
وفي الواقع، أشارت العديد من التحليلات إلى أنّ التهديد جاء بمثابة رسالة مباشرة إلى بريطانيا، التي تمتلك قاعدتين عسكريتين في قبرص، بالإضافة إلى 13 موقع عسكري آخر، فيما جرى استخدام هذه القواعد بالفعل لمساعدة إسرائيل بصد هجوم المسيّرات والصواريخ الإيراني في نيسان/أبريل 2024.
وبهذا يكون نصر الله قد استبق إمكانيّة استعمال هذه القواعد بالشكل ذاته، إذا احتاجت إسرائيل ذلك في المستقبل. وعلى أي حال، يبقى من المؤكد أنّ الاتحاد الأوروبي، الذي تنتمي له قبرص نفسها، مازال يتحسّب لتلويح نصر الله الصريح مؤخرًا بفتح البحر أمام تدفّق اللاجئين السوريين الموجودين في لبنان، كورقة ضغط في وجه الاتحاد وقبرص معًا.
في النتيجة، باتت الحكومة الإسرائيليّة تواجه تَشدّد حماس في مطلب إنهاء الحرب، مقابل إنجاز صفقة إطلاق الرهائن. وهو ما يتوازى مع ضغط محلّي من جانب الجيش والمعارضة وأهالي الرهائن، باتجاه إنجاز هذه الصفقة، مع الاعتراف بعدم واقعيّة هدف القضاء على حماس.
وفي جبهة جنوب لبنان، تتصاعد المواجهات التي يربط حزب الله استمرارها باستمرار الحرب على قطاع غزّة. أمّا الولايات المتحدة، فتبحث عن مخرج مشرّف لإسرائيل من الحرب، دون التفريط بالمصالح الأميركيّة بنزاع واسع النطاق.
أمام هذا المشهد، سيكون نتنياهو أمام خيارين: إمّا الاستجابة لهذا الواقع وإنهاء الحرب وإنجاز تبادل الأسرى والرهائن، أو الهرب إلى الأمام والمغامرة بمواجهة خطرة وواسعة وغير محسبوبة النتائج مع حزب الله.