المقدمة
لعبت قناة الجزيرة دوراً هاماً في الربيع العربي، وذلك بتغطية الثورات العربية، معطية زعماء الثورة منبراً، مع بث محتوى يقدمه مستخدمو الإنترنت وعكس واقع الشارع العربي في الظاهر. وفي نفس الوقت، يبدو أن الربيع العربي يضع قناة الجزيرة على المحك، حيث تتزايد الشكوك حول استقلالية شبكة الأنباء هذه عن السلطات القطرية.
يتحدث الناقدون عن وجود علاقة تحريرية بين قناة الجزيرة والقيادة القطرية منذ بداياتها. ويشيرون إلى حقيقة أن قناة الجزيرة، التي كانت لفترة طويلة من أكبر الناقدين للسيطرة السعودية في المنطقة، تخلت عن انتقادها للقيادة السعودية بعد التقارب بين البلدين. واليوم، بينما كانت القناة تغطي بشكل مكثف الثورات في ليبيا وسوريا – حيث تقدم قطر الدعم السياسي (والعسكري – في حالة ليبيا)، إلا ان الثورات في عمان والبحرين والسعودية – وجميعها دول حليفة في مجلس التعاون الخليجي – لقيت اهتماماً أقل إلى حد كبير.
إضافة إلى ذلك، كون قطر الدولة الخليجية الوحيدة التي لها علاقات على مستوى منخفض مع إسرائيل، فإن الجزيرة هي أولى القنوات العربية التي تسمح للإسرائيليين بالتحدث دون الخضوع للرقابة، وهو أمر غير معتاد في العالم العربي ويشير أيضاً إلى تأثير حكومي.
ينتقد عدد متزايد من المشاهدين في العالم العربي وفي أماكن أخرى قناة الجزيرة على أنها موجهة بشكل كبير عن طريق برنامج سياسي قطري. كما تسبب هذا بتوترات داخل المؤسسة ذاتها. ففي آذار/مارس 2012، استقال علي هاشم، مراسل قناة الجزيرة في بيروت. وكشفت رسائل البريد الإلكتروني المسربة خيبة أمله حول تغطية قناة الجزيرة للأحداث في سوريا. وكانت شبكة الأنباء قد رفضت بث صور كان قد التقطها لمسلحين يشتبكون مع الجيش السوري في وادي خالد.
وعلاوة على ذلك، تجاهلت القناة الاستفتاء في سوريا على الإصلاح الدستوري الذي شهد 57% من الإقبال و 90% من الأصوات لصالح التغيير. وفي نفس الوقت، بالكاد كانت هناك تغطية للانتفاضة في البحرين. كما استقال رئيس مكتب الجزيرة في بيروت غسان بن جدو، احتجاجاً على عدم حياد القناة في أعقاب الثورات. كما استقال المدون السابق لقناة الجزيرة باللغة الإنكليزية Ted Rall بعد رفض مدونته أعمدته على نحو منتظم، مشيراً إلى أن تغييراً قد طرأ على سياسة القناة في الآونة الأخيرة.
التأثير الخارجي
هناك أمثلة أخرى عن التأثير الخارجي على الموقف التحريري لقناة الجزيرة. فقبل عدة أشهر، نشر موقع ويكيليكس برقية من السفارة الامريكية في قطر تشير إلى أن المدير العام لقناة الجزيرة، وضاح خنفر، اجتمع مع السفير الأمريكي في قطر. وبعد إبداء السفير تذمره حول المحتوى السلبي على موقع قناة الجزيرة حول الحرب في العراق، وعد خنفر بتخفيف اللهجة، وأزال المحتوى. وفي أيلول/سبتمبر 2011، قدّم خنفر استقالته فجأة. وحل محله عضو من العائلة المالكة بخلفية مهنية في إدارة الغاز – وليس الصحافة. في حين لم يذكر خنفر أي سبب لقراره ذاك، قالت مصادر مطلعة إنه طلب منه المغادرة من قبل العائلة المالكة.
جميع هذه الانتقادات موجهة تحديداً إلى قناة الجزيرة باللغة العربية. ولم تتعرض القناة النظيرة الناطقة باللغة الإنجليزية الجزيرة بالإنجليزية التي أنشئت عام 2006، للجدل، وفازت بعدد من الجوائز العالمية للصحافة، بما فيها جوائز لتغطيتها الانتفاضة البحرينية. كما تم تصنيفها قناة العام في “مسابقات الجمعية الملكية للقنوات التلفزيونية لعام 2012” في بريطانيا، وحصلت على نفس اللقب لثلاث سنوات متتالية في “مسابقات Freesat” البريطانية.