في 25 أبريل 2016، أقرّ مجلس الوزراء السعودي برئاسة الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود رؤية 2030، التي تمثّل حالياً الاستراتيجية التنموية الشاملة للمملكة. ومنذ ذلك الوقت، عملت المملكة على تحديث الخطة وأهدافها وفقاً للتطورات الاقتصادية والاجتماعية، كما عملت على نشر ما تحقق من المستهدفات المنصوص عليها. وعلى هذا الأساس، أطلقت المملكة منذ ذلك الوقت مجموعة من المشاريع الكبرى التي تتلاءم مع أهداف الرؤية على مستوى قطاعات السياحة والصناعة والإسكان والدفاع وغيرها.
كتبه: علي نور الدين
حرره: إريك برينس
هذه الصفحة جزء لا يتجزأ من صفحتنا عن اقتصاد المملكة العربية السعودية
محاور لرؤية 2030
وبحسب نص الرؤية، تتوزّع المستهدفات التنموية على ثلاثة محاور رئيسية:
مجتمع حيوي
يشمل هذا المحور مستهدفات ذات طابع اجتماعي ومعيشي مثل متوسط العمر المتوقع، ونسبة التجمعات السكانية المشمولة بالخدمة الصحية، ونسبة الأسر التي تمتلك وحدات سكنية، بالإضافة إلى عدد المواقع التراثية المدرجة على قائمة اليونيسكو للتراث العالمي وغيرها. وتنص الرؤية في هذا المحور على استهداف ” توفير نمط حياة صحي مستدام، وأنظمة رعاية صحية واجتماعية فعّالة، وخيارات ترفيه عالمية المستوى، وروح متسامحة تعكس قيم الإسلام.”
اقتصاد مزدهر
تتركز مستهدفات هذا المحور على المؤشرات الاقتصادية الأساسية، مثل نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل ونسبة الملتحقين بسوق العمل من خريجي الجامعات خلال 6 أشهر من تخرجهم، بالإضافة إلى معدلات البطالة وحصة الصادرات غير النفطية من الناتج المحلي ونسبة توطين الصناعات العسكرية وقيمة الناتج المحلي غير النفطي وغيرها. وتسعى جميع هذه المستهدفات بحسب الرؤية إلى “توفير بيئة عمل داعمة للشركات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، والاستثمار في التعليم استعداداً لوظائف المستقبل، لتوفير مستقبل زاخر للجميع على أرض المملكة.”
وطن طموح
تتناول مستهدفات هذا المحور مؤشرات ذات طابع وطني أو حكومي مثل مؤشر فاعلية الحكومة وعدد المتطوعين في الأنشطة غير الربحية ونسبة الشركات الكبرى التي تقدّم برامج للمسؤولية الاجتماعية ونسبة العاملين في القطاع غير الربحي من إجمالي القوى العاملة وغيرها. تحاول جميع هذه المستهدفات الوصول –بحسب الرؤية- إلى “وطن طموح، يلتزم بالكفاءة والمسؤولية، وتديره حكومة فاعلة عالية الأداء، تتسم بالشفافية، وتخضع للمساءلة على جميع المستويات.”
أبرز مستهدفات ونتائج رؤية 2030
حسب التقرير السنوي الصادر في الموقع الرسمي لرؤية 2030، أحرزت السعودية تقدماً ملحوظاً في مستهدفات الرؤية.
أبرز مستهدفات ونتائج رؤية 2030 | |||
---|---|---|---|
المؤشر | خط الأساس عند إقرار الرؤية (2016) | المحقق (كما في العام 2023) | المستهدف للعام 2030 |
متوسط العمر المتوقع | 77.06 سنة | 78.1 سنة | 80 سنة |
نسبة التجمعات السكنية المغطاة بالخدمة الصحية | 84.13% | 96.41% | 99.5% |
مواقع تراثية مدرجة لدى اليونيسكو | 4 مواقع | 7 مواقع | 8 مواقع |
نسبة الأسر التي تملك وحدة سكنية | 47% | 63.74% | 70% |
نسبة توطين الصناعات العسكرية | 7.7% | 10.4% | 50% |
قيمة الناتج المحلي غير النفطي | 405 مليار دولار | 503 مليار دولار | 1,325 مليار دولار |
حصة المحتوى المحلي من نفقات القطاعات غير النفطية | 52% | 56.8% | 75% |
الأصول المدارة من قبل صندوق الاستثمارات العامة | 192 مليار دولار | 720 مليار دولار | 2,666 مليار دولار |
معدل البطالة | 12.3% | 7.7% | 7% |
الخريجين الملتحقين بسوق العمل بعد 6 أشهر من التخرج | 13.3% | 41.2% | 75% |
نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل | 22.8% | 34% | 40% |
حصة الصادرات غير النفطية من الناتج المحلي | 18% | 24.1% | 50% |
مؤشر فاعلية الحكومة | 63 درجة | 70.8 درجة | 91.5 درجة |
عدد المتطوعين في الأنشطة غير الربحية | 22.9 ألف | 834 ألف | 1 مليون متطوّع |
أبرز المشاريع الاستراتيجية
على أساس رؤية 2030، أطلقت المملكة العربية السعودية مجموعة من المشاريع ذات الطابع الاستراتيجي التي تهدف إلى تحويل الاقتصاد السعودي ونقله بعيداً عن الاعتماد على النفط. وتشمل أبرز هذه المشاريع ما يلي:
مدينة نيوم
تم إطلاق المشروع عام 2017، وهي مدينة “مستقبلية مبتكرة في شمال غرب المملكة، تعمل بنسبة 100% بالطاقة المتجددة، لتكون نموذجاً جديداً للحياة المستدامة والعمل والازدهار.” يتمثّل أبرز أجزاء المشروع في مجمّع “ذا لاين”، وهو سلسلة من التجمعات السكنية والتجارية المترابطة المعززة بالذكاء الاصطناعي، والتي تعمل بالطاقة المستدامة من دون شوارع أو سيارات. صُمم ذا لاين في البداية على شكل خط مستقيم يمتد على مدى أكثر من 170 كيلومتر، وبطاقة استيعابية تناهز 9 مليون نسمة.
غير أن وكالة بلومبيرغ نقلت عن مصادر سعودية في أبريل 2024 اتجاه المملكة إلى تقليص نطاق المشروع ليقتصر على 2.4 كيلومتر فقط، وبطاقة استيعابية لا تتجاوز 300 ألف فرد. وأشارت الوكالة في خبرها إلى أنّ تقليص نطاق المشروع يرتبط بصعوبات مالية يعاني منها المشروع، مع تأخير إقرار الميزانية المخصصة له من قبل صندوق الاستثمارات العامة السعودي.
فضلاً عن “ذا لاين”، يشمل مشروع نيوم مبادرات أخرى مثل “أوكسيجون“، وهي منطقة صناعية داخل مدينة نيوم، تراعي مبادئ الحفاظ على البيئة وتعمل بالطاقة المستدامة. كما يضم مشاريع سياحية مثل “تروجينا” التي ستمثّل وجهة سياحة جبلية، وجزيرة “سندالة” التي تطمح لاستقطاب 2400 زائر سنوياً بحلول العام 2028.
في الوقت الراهن، ما زالت تجري عمليات البناء في المشاريع الأربعة ضمن مدينة نيوم، بوجود قوى عاملة تُقدّر بـ 140 ألف عامل وموظف. لكن من المتوقع ارتفاع عدد العمال في المدينة إلى أكثر من 200 ألف عامل بحلول العام المقبل.
مشروع روشن
تم إطلاق المشروع خلال العام 2022، ويستهدف الامتثال لطموح رؤية 2030 برفع نسبة السعوديين الذين يمتلكون وحدات سكنية إلى 70% بحلول عام 2030. ويتكفل صندوق الاستثمارات العامة السعودي بتمويل المشروع، إلى جانب شركاء محليين، وذلك بهدف بناء أكثر من 400 ألف منزل خلال ثماني سنوات. كما تتجاوز مساحة المجمعات السكنية ضمن هذا المشروع 138 مليون متر مربع، وتضم أكثر من 2400 مدرسة و61 مليون شجرة وشجيرة.
لغاية بداية الربع الأخير من العام 2023، كانت الشركة قد جمعت 2.9 مليار دولار من مبيعات العقارات منذ إطلاقها. مع الإشارة إلى أنّ الشركة بدأت ببيع الوحدات السكنية في أواخر عام 2022، أي خلال نفس سنة إطلاقها.
مشروع مدينة القدية
تم تدشين المشروع عام 2018، ليكون مدينة متكاملة للترفيه والرياضة والثقافة على بُعد 40 دقيقة من وسط مدينة الرياض. تستهدف المدينة استيعاب 600 ألف ساكن، وتتضمن 25 مخططاً رئيسياً لمناطق متنوعة تدمج الترفيه والرياضة والثقافة ضمن مرافق متعددة الاستخدامات، بالإضافة إلى المجمعات السكنية والطبيعة.
خلال فترة الإنشاء الراهنة، يستوعب المشروع أكثر من مئة ألف فرصة عمل، ومن المتوقع أن توفّر أنشطة المدينة بعد افتتاحها 325 ألف فرصة عمل متوقعة. مع الإشارة إلى أنّ مساحة المدينة الإجمالية ستمتد إلى نحو 360 كيلو متر مربع وستشمل 400 وجهة سياحية وترفيهية.
تعتزم المدينة افتتاح أولى مرافقها العام المقبل، على أن تتوالى عمليات الافتتاح فيها، وصولاً إلى افتتاح كامل مشاريعها عام 2030. ومن المتوقع أن تستضيف المدينة جزءاً من دورة الألعاب الآسيوية وكأس العالم خلال العام 2034.
مدينة الملك سلمان للطاقة (سبارك)
مدينة صناعية تقع على مساحة 50 كيلومتر مربع في المنطقة الشرقية، وتنقسم إلى خمسة مناطق: منطقة صناعية، ميناء جاف، منطقة أعمال، منطقة تدريب، ومنطقة سكنية وتجارية. تم تدشين المشروع سنة 2018، ومن المتوقع بدء تشغيل بعض أقسام المدينة خلال العام 2024. يعد المسؤولون السعوديون باستحداث 100 ألف فرصة وظيفية مباشرة وغير مباشرة من خلال هذا المشروع.
مشروع تطوير وسط جدة
يهدف مشروع تطوير وسط جدة إلى إحياء مدينة جدة القديمة لتصبح “وجهة عالمية” تلبي احتياجات أهلها وزوّارها. وتم إطلاق المشروع خلال العام 2021، ويجري تنفيذه حالياً على ثلاث مراحل. من المقرر الانتهاء من المرحلة الأولى بحلول نهاية عام 2027، وهو ما يمثّل 45% من كامل المشروع، على أن يتم الانتهاء من المرحلة الثانية -والتي تمثل 36% من أعمال البناء- مع نهاية العام 2030. أمّا المرحلة الثالثة والأخيرة، فسيتم إنجازها بعد ذلك التاريخ.
مشاريع البحر الأحمر
تستهدف المملكة إنشاء وجهة سياحية على امتداد 28 ألف كيلومتر مربع عند الشواطئ الغربية للمملكة في منطقة البحر الأحمر. وعند إنجاز جميع مراحلها عام 2030، ستضم الوجهة 50 منتجعاً، ونحو 8000 غرفة فندقية، بالإضافة إلى أكثر من 1000 عقار سكني، و60 جزيرة سياحية.
ومن المفترض أن تسهم هذه الوجهة باستحداث 70 ألف وظيفة مع انتهاء المشروع. خلال العام 2023، فتحت شركة “البحر الأحمر الدولية” المطورة للمشروع بعض الأجزاء المنجزة من هذه الوجهة السياحية، بينما تراهن على إنجاز 11 فندقاً سياحياً فاخراً في جزيرة شورى بحلول العام 2025.