ألقت السلطات السعودية القبض على رجل الدين البارز سفر الحوالي وثلاثة من أبنائه، وفقاً لما تداوله ناشطون في 12 يوليو 2018، فيما يبدو أنه امتدادٌ لحملة القمع ضد الزعماء الدينيين والمثقفين والناشطين الحقوقيين.
جاء هذا الإعتقال بعد أن نشر الحوالي كتاباً ينتقد فيه الأسرة المالكة السعودية، كما يُدين الكتاب الذي حمل عنوان “المسلمون والحضارة الغربية،” الغرب إلى حدٍ كبير. ومع ذلك، يضم الكتاب أيضاً فصلاً يُشير إلى أن ولي العهد محمد بن سلمان يتجه نحو الهاوية، كما ينتقد الأسرة الحاكمة “لإهدارها الأموال في مشاريع وهمية،” ويصف العلاقة الحميمية لمحمد بن سلمان مع إسرائيل بـ”الخيانة،” ويُدين تقاربه مع الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة ومصر.
فقد بدأت شهرة الحوالي منذ ما يقرب من ثلاثة عقودٍ كزعيمٍ لحركة الصحوة الإسلامية التي تدعو إلى الديمقراطية في المملكة العربية السعودية وتعارض وجود القوات الغربية في شبه الجزيرة العربية. بلغت الحركة ذروتها في التسعينيات قبل أن تضطهدها المؤسسة السعودية. كما كان الحوالي أيضاً شخصيةً مهمة في لجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية، وهي منظمة مستقلة لحقوق الإنسان تأسست عام 1993 بسبب القلق من تراجع المعايير الإسلامية بعد حرب الخليج في عام 1990-1991.
ويعاني الحوالي، البالغ من العمر 68 عاماً والذي سبق وسجن من عام 1994 إلى عام 1999 لتوزيعه عظاتٍ على أشرطة الكاسيت والتي كانت تُشجع المسلحين على الإطاحة بالنظام، من وضعٍ صحي سيء بسبب تعرضه لسكتةٍ دماغية أصيب بها عام 2005 وإهمالٍ طبي مزعوم منذ اعتقاله الأخير. وتبرز مخاوف من موته خلف القضبان في حال لم يتم الإفراج عنه قريباً. ومع ذلك، لم يتم حتى الآن الإفصاح عن أي معلوماتٍ حول حالته.
فبعد الفترة الأولى التي قضاها في السجن، ابتعد الحوالي عن السياسة، وركز بدلاً من ذلك على القضايا الاجتماعية والفكرية مثل القضية الفلسطينية، إلا أن أحداث الربيع العربي عام 2011 غيّرت ذلك، بحسب ما قاله الدكتور عزام التميمي، وهو ناشطٌ بريطاني فلسطيني، لنا في فَنَك، إذ قال “رحبت بعض شخصيات المعارضة، ومن ضمنهم الحوالي، [بالانتفاضات] في حين رأت الملكية أنها تشكل تهديداً لها. بدأت الهجمات عليهم بشكلٍ غير مباشر، حيث منحت السلطات الإذن لشخصياتٍ مشهورة لمهاجمتهم في وسائل الإعلام لتدمير صورتهم. ولكن عندما وصل محمد بن سلمان إلى السلطة [في يونيو 2017]، قرر أن الأمر لم يكن كافياً وبدأ في اعتقالهم. استغرق الأمر وقتاً أطول بالنسبة للحوالي، على الأرجح بسبب صحته المتردية، إلا أنّ نشر كتابه أثار جنون السلطات. والآن، سمعنا أن صحته تتدهور بسرعة.”
في حين قالت هبة زيادين، وهي باحثة في هيومن رايتس ووتش: “حتى لو لم تكن ناشطاً، فأنت في خطر.” وتابعت القول “تشبه هذه موجةً من الاعتقالات [تستهدف] معارف الحوالي، ونشطاء حقوق المرأة… إلخ. تنفذ المملكة العربية السعودية الحد الأدنى من الإصلاحات، إلا أن أي شخصٍ يتفوه بأدنى انتقاد يتعرض للخطر. يقول لنا ناشطون سعوديون [إن اعتقال الحوالي] هو شكلٌ من أشكال العقاب الجماعي، ذلك أنه شخصية مؤثرة جداً في الجيل الشاب من الإسلاميين الذين لا يعتبرون المؤسسة الدينية التقليدية مرجعاً لهم”.
ففي مايو الماضي، تم إلقاء القبض على ما لا يقل عن 17 ناشطاً في مجال حقوق المرأة بزعم “تجاوزهم الثوابت الدينية والوطنية، والتواصل المشبوه مع جهات خارجية فيما يدعم أنشطتهم، وتجنيد أشخاص يعملون بمواقع حكومية حساسة وتقديم الدعم المالي للعناصر المعادية في الخارج بهدف النيل من أمن واستقرار المملكة.” وقد تم إطلاق سراح ثمانية منهم في يونيو الماضي، ومن المفارقات أنه تم في الشهر نفسه رفع الحظر المفروض على قيادة المرأة للسيارات.
وأضافت زيادين “لا يُسمح لك بالتكلم، حتى وإن كنت تدعم إجراءات محمد بن سلمان.” وتابعت القول “فقد طُلِب من إمرأة أعربت علناً عن سعادتها بما يحصل أن تتوقف عن ذلك.”
وبحسب زيادين بات الناس يشعرون بالخوف، إذ قالت “من الصعب جداً أن تجعل الناس [من داخل المملكة العربية السعودية] يعبرون عن آرائهم، إلا أن الأمر ينطبق أيضاً على الأشخاص خارج المملكة ذلك أن النشطاء خائفون على أفراد أسرهم الذين لا يزالون داخل البلاد. ولسببٍ ما، لا يُحرك المجتمع الدولي ساكناً.”
فقد تم ربط حملة القمع باستراتيجية محمد بن سلمان لجذب الاستثمار الأجنبي من خلال صياغة نفسه والمملكة في قالب الحداثة والتقدمية. ومع ذلك، فإن البلد الذي لا يستطيع فيه أي شخصٍ التعبير عن رأيه بحرية، بعيدٌ كل البعد عن التغيير الاجتماعي أو السياسي الرئيسي.