وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، الأطفال هم الأكثر تأثراً بالصراع والفقر

Yemen- yemeni children
اطفال يمنيون نازحون من الحديدة يقفون لالتقاط صورة لهم بينما يستلم الناس مساعداتٍ غذائية في محافظة الحجة، شمال غرب اليمن، في ٢٠ أكتوبر ٢٠١٨. Photo AFP

أفادت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في يناير 2018 أن استمرار العنف، والتهجير الداخلي والخارجي، والكوارث الطبيعية، وتزايد عدم المساواة الاقتصادية وعدم المساواة بين الجنسين، وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، والفقر في العديد من البلدان، قد ترك 28 مليون طفل في حاجة إلى مساعداتٍ إنسانية – المياه والصرف الصحي والتعليم والرعاية الصحية وخدمات الحماية – في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ومن بين أول التهديدات التي تؤثر على الأطفال الذين يعيشون في مناطق الصراع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي عمالة الأطفال. ووفقاً لمنظمة العمل الدولية، تشير عمالة الأطفال إلى العمل “الخطير جسدياً أو اجتماعياً أو أخلاقياً وضار بالأطفال؛ والذي يُعيق تعليمهم عن طريق: حرمانهم من فرصة الذهاب إلى المدرسة؛ أو إلزامهم بترك المدرسة قبل الأوان؛ أو مطالبتهم بمحاولة الجمع بين الحضور المدرسي والعمل المُنهك والطويل.”

على الصعيد العالمي، يعمل 218 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5 و17 عاماً، بما في ذلك 73 مليون منهم في وظائف خطرة. فقد نتج عن النزاعات التي طال أمدها، لا سيما الحروب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أعداد كبيرة من النازحين، حيث اضطر معظم الأطفال اللاجئين إلى العمل لمساعدة أسرهم للبقاء على قيد الحياة. وغالباً ما تعني عمالة الأطفال عدم القدرة على الذهاب إلى المدرسة، مما يؤدي إلى الأمية. وفي عام 2016، أفادت اليونيسف أن 2,1 مليون طفل في سوريا و700 ألف طفل لاجىء سوري لا يحصلون على التعليم.

وفي اليمن، ووفقاً لمنظمة أنقذوا الأطفال غير الحكومية، “يوجد حالياً أكثر من مليون طفل نازحين داخلياً وضعف هذا الرقم خارج المدارس، وهذا يعني أن ربع الأطفال في سن الدراسة لا يحصلون على التعليم.” كما يعمل أكثر من 1,3 مليون طفل في اليمن. ودون أي شكل من أشكال التعليم، من المرجح أن تواجه هذه البلدان تحدياتٍ كبيرة عندما يصبح هؤلاء الأطفال بالغين.

وفي الأردن، وبحسب اليونيسف فإن 88,3% من الأطفال العاملين هم من الذكور، و80% من الأردنيين و14,6% من السوريين. وحتى إن لم يكونوا لاجئين، فإن عمالة الأطفال الأردنيين حاضرة في البلاد بسبب المصاعب الاقتصادية: فقد ارتفع معدل الفقر في الأردن من 13,3% في عام 2008 إلى 14,4% في عام 2010، وإلى ما يقرب من 20% في عام 2014.

كما يعتبر الفقر أيضاً أحد محركات عمالة الأطفال والأمية في مصر، حيث ذكر برنامج الأغذية العالمي والاتحاد الأوروبي في عام 2014 أن عدد القاصرين العاملين قد قفز إلى ما لا يقل عن 2,7 مليون شخص، منهم 5,6% يعملون في ظل ظروفٍ خطرة. تعدّ هذه أرقاماً مثيرةً للقلق بالنظر إلى أن طفلًا من بين كل أربعة أطفال يتأثر بالفقر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وبحسب المدير الإقليمي لليونيسيف لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خيرت كابالاري، “إن فقر الأطفال يتجاوز قضية دخل الأسرة- يتعلق الأمر بالحصول على تعليمٍ جيد، والرعاية الصحية، ومنزل، ومياه آمنة. عندما يحرم الأطفال من الأساسيات، فإنهم معرضون لخطر الوقوع في حلقة مفرغة من الفقر.”

تسترشد قضية عمالة الأطفال بثلاث اتفاقيات دولية رئيسية: اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 138 المتعلقة بالحد الأدنى لسن الالتحاق بالعمل، والتوصية رقم 146 (1973)؛ واتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 182 المتعلقة بحظر أسوأ أشكال عمل الأطفال والإجراءات الفورية للقضاء عليها، والتوصية رقم 190 (1999)؛ واتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل.

صادقت جميع دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على اتفاقية الأمم المتحدة، إلا أن وضعها موضع التنفيذ يستغرق وقتاً أطول في حالات النزاع عندما يكون الأطفال في أشد الحاجة إليها. فعلى سبيل المثال، في لبنان يعمل حوالي 180 ألف طفل سوري نزحوا بسبب الحرب، معظمهم في القطاع الزراعي والبغاء. وفي عام 2016، اتخذت الحكومة اللبنانية خطوات متواضعة للقضاء على عمالة الأطفال، مثل إصدار دليل حول كيفية تنفيذ المرسوم رقم 8987 الصادر عن منظمة العمل الدولية بشأن العمل الخطر، ووضع استراتيجية وطنية للتوعية لزيادة الوعي العام بشأن العمل الخطر وإدخال برنامج لزيادة وصول الأطفال إلى التعليم.

وفي سوريا، لا يزال الأطفال يواجهون ويعانون من عواقب الصراع. ففي يوليو 2018، تم تهجير 180 ألف طفل في جنوب سوريا. وقال كابالاري في بيانٍ له، “إن المساعدة الإنسانية والحماية ليست امتيازاً ولا رفاهية؛ بل هي حقوقٌ أساسية لكل طفلٍ أو طفلة في سوريا.” وأضاف “إن تسهيل المساعدة الإنسانية النوعية في الوقت المناسب وعلى نطاقٍ واسع من خلال أي من الوسائل المتاحة عبر خطوط إطلاق النار ومن البلدان المجاورة هو أقل ما ندين به لهؤلاء الأطفال. إذا ما فشلنا بشكلٍ جماعي بهذا الواجب، سيواصل الأطفال دفع أبهظ الأثمان لحربٍ ليس من صنع أيديهم.” كما أشار إلى وفاة 65 طفلاً في أقل من ثلاثة أسابيع.

وفي حرب اليمن المتواصلة منذ ثلاث سنواتٍ ونصف ضد المتمردين الحوثيين، يكون الأطفال بشكلٍ متكرر ضحايا الهجمات التي يشنها التحالف الذي تقوده السعودية، مما دفع بـ24 منظمة دولية لحقوق الأطفال إلى كتابة رسالةٍ مفتوحة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في يونيو 2018. وجاء في نص الرسالة: “كمنظماتٍ تعمل على حماية الأطفال في حالات الحرب، نرحب بصدق بقرارك الصادر في عام 2017 بضم التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية إلى قائمة المخالفين الآخرين في مرفقات تقريركم السنوي للأمين العام حول الأطفال والنزاع المسلح… استناداً إلى أدلةٍ موثوقة تحققت منها الأمم المتحدة عن انتهاكاتٍ ضد الأطفال في النزاع المسلح. وكما أشار تقريركم، كان التحالف مسؤولاً عن قتل وجرح ما لا يقل عن 683 طفلاً خلال عام 2016… في عام 2017، استمر التحالف في انتهاك حقوق الأطفال، بما في ذلك الضربات الجوية التي قتلت وشوهت عشرات الأطفال. نعتقد أن تدابير التحالف لحماية الأطفال لم تكن كافية.”

Specials- Syrian children
صبي سوري يعمل عند حداد في مدينة الباب في محافظة حلب الشمالية. Photo AFP

يتعرض أطفال اليمن على وجه الخصوص للخطر، إذ ذكرت اليونيسف إن خمسة أطفال قد قتلوا أو أصيبوا بجروح يومياً منذ مارس 2015، وأن 400 ألف آخرين يعانون من سوء التغذية الحاد ويصارعون من أجل البقاء على قيد الحياة. وقال بسمارك سوانجين، المتحدث باسم منظمة اليونيسف في اليمن، إن “هذه أزمة أطفال.” وأضاف “عندما تنظر إلى عدد الأطفال الذين يحتضرون بسبب سوء التغذية، وتفاقم الأوضاع اليوم بسبب تفشي وباء الكوليرا، فإن الأطفال لا يقتلون مباشرةً كنتيجةٍ للصراع فحسب، بل يتعرض المزيد من الأطفال للخطر وقد يموتون من العواقب غير المباشرة.”