وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

أزمة التعليم في مصر بين الواقع والمأمول

أزمة التعليم في مصر
صورة تم التقاطها يوم ١٣ أكتوبر ٢٠١٨ لطلاب أثناء مشاركتهم في غناءٍ جماعي بمدرسة المحبة في عزبة النخل، وهي منطقة مبنية من بيوت الطبب شمال العاصمة المصرية القاهرة. أهالي المنطقة التي تعد واحدة من أفقر المناطق الفقيرة في مصر يكافحون لكسب قوت يومهم عبر جمع القمامة ويواجهون صعوبة كبيرة في إبقاء أطفالهم إلى المدرسة وإخراجهم من حالة البؤس التي يعيشون فيها. MOHAMED EL-SHAHED/ AFP.

نجلاء محمد محمد

يواجه قطاع التعليم قبل الجامعي بعض التحديات التي تعوق نموه وتؤثر على أدائه وكفاءته، فتشير مؤشرات التنافسية العالمية الصادرة عن المنتدى الاقتصادي لترتيب مصر بين 137 دولة، وذلك منذ عام 2007 /2008 إلى عام 2019/ 2020، حيث حققت المركز 93 عام 2019، مقارنة بالمركز 94 عام 2018، والمركز 100 عام 2017، والمركز 115 عام 2016، والمركز 116 عام 2015، مما يدل على قصور رهيب يقع عاتقه بنسبة كبيرة على منظومة التعليم قبل الجامعي.(1)

وتتمثل أبرز تلك الإشكاليات فيما يلي:(2)

  • اتجهت الكثافة الطلابية بالفصول نحو الارتفاع خلال السنوات الخمسة الأخيرة بالنسبة لجملة التعليم قبل الجامعي الحكومي، حيث تزايدت بمعدل 5.11% خلال الفترة 2015/2016 -2019/2020، بينما تستقر الزيادة النسبية لها بالتعليم الخاص فتبلغ 3% فقط خلال نفس الفترة.

ويرجع السبب الرئيسي إلى نقص الأبنية التعليمية، وارتفاع مصروفات المدارس الخاصة والتي لا يستطيع المواطن العادي أن يدركها بدخله المحدود، مما يزيد من الضغط على المدارس الحكومية، فيؤدى إلى زيادة الكثافة.

  • ارتفاع نسبة المناطق المحرومة من التعليم بنسبة 6.5% من إجمالي القرى وتوابعها.
  • ارتفاع معدلات التسرب من التعليم، وتفوق نسب التسرب في المرحلة الإعدادية المراحل الأخرى وتزداد حدتها في المحافظات الريفية، كما ترتفع داخل المحافظات لتفوق المتوسط العام في 12 محافظة من محافظات الجمهورية.
  • ضعف المناهج والحاجة لتطوير قدرات المعلمين لتتناسب مع التطورات التقنية في العلوم.
  • ارتفاع معدلات البطالة بين خريجي التعليم الفني، فهم يمثلون ما يقرب من نصف المتعطلين عن العمل، وتزداد نسبة الفقر بينهم عنها بين الحاصلين على التعليم الثانوي العام بنحو 6%، وترتفع بحملة الشهادة الجامعية، حيث يستحوذ التعليم الفني على 40% من طلاب المرحلة الإعدادية، يتشعبون ضمن حوالي 200 تخصص في 2019/2020.

فما هي جهود الدولة المصرية للتغلب على تلك الإشكاليات؟ وما هي الصعوبات التي تحول دون إتمام عملية إصلاح التعليم؟

بالنظر إلى دستور ٢٠١٤ (3)، والذي خصص لقضايا التعليم خمس مواد كاملة، فنصت المادة (١٩) من الدستور على أن “التعليم حق لكل مواطن، هدفه بناء الشخصية المصرية والحفاظ على الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العلمي في التفكير، وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار، وترسيخ القيم الحضارية والروحية، وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز”، كما خصص نسبة من الإنفاق الحكومي للتعليم لا تقل عن ٤% من الناتج الإجمالي للدخل القومي تتصاعد تدريجياً حتى تتفق مع المعدلات العالمية.(4)

وقد اتخـذت وزارة التربيـة والتعليـم والتعليـم الفنـي عدة خطـوات في طريق الإصلاح، ما بين خطط تنموية وسن التشريعات، وقد تمحـورت تلـك الجهـود حـول نطــام التعليــم المصــري الجديــد والــذي يســتهدف إدخــال تعديــلات علــى المناهــج وثقافــة التعليــم المصــري كــي يتحــول مــن كونــه نظاما يؤهــل الطالــب للدخـول إلـى الامتحـان، إلـى أسـلوب حيـاة يتجـاوز الامتحانـات الدوريـة والسـنوية، ويعمـل علـى تنميـة القـدرات الإبداعيـة والتفكيـر الناقـد للطالـب المصـري.

وجاءت الخطة الاستراتيجية للتعليم قبل الجامعي تهدف إلى بناء مجتمع يقوم على التعلم واقتصاد يقوم على المعرفة من خلال عدد من الأهداف، لعل من أهمها هو التنمية الشاملة للنشء، مع غرس روح المواطنة والتسامح، وحق كل طفل في تلقي فرصة تعليمية بمعايير جودة عالمية من خلال تبني سياسات للإصلاح تتفق وميثاق الأمم المتحدة.(5)

وعلاوة على ذلك فقد استهدفت خطة 19/2020 تطوير برامج أساسية وهي كالتالي فيما يخص مرحلة التعليم قبل الجامعي:(6)

  • برنامج تنمية وتطوير مرحلة رياض الأطفال والذي يهدف إلى تنمية الطاقات الإبداعية والمعرفية والجسمية للأطفال في الشريحة العمرية (4-5 سنوات).
  • برنامج تنمية وتطوير مرحلة التعليم الأساسي والذي يهدف إلى توفير تعليم عالي الجودة لجميع الأطفال من بداية المرحلة الابتدائية حتى انتقالهم للمرحلة الثانوية، ويكون ذلك من خلال التوسع في إنشاء الفصول وحصول كافة الطلاب على وجبات غذائية.
  • برنامج تنمية وتطوير مرحلة التعليم الثانوي (العام والفني) بما يتوافق مع المعايير العالمية وبما يضمن إعداد خريج مؤهل لمرحلة التعليم العالي ماهر وقادر على التعلم والمنافسة في الأسواق العالمية والمحلية.

ولتنفيذ البرامج السابقة تم وضع خطة استراتيجية من خلال أربعة محاور هي: تطوير نظام التعليم، وتعديل نظام الثانوية العامة، وفتح المدارس اليابانية، والمدارس التكنولوجية بالنسبة للتعليم الفني.

أولا: تطوير نظام التعليم

اهتمت الدولة بتطوير النظام التعليمي لمرحلة رياض الأطفال من خلال تطوير المناهج بأسلوب تكاملي مترابط، كما تم إلغاء الامتحانات في الصفين الأول والثاني الابتدائي، واستبدالها بتطبيقات تقيس قدرات الطلاب، أما الصفوف من الرابع حتى السادس الابتدائي، يتم قياس مستوى تحصيل الطالب بتقديرات (ممتاز – جيد جدا – جيد – مقبول – ضعيف)، حيث تم تغيير شكل أسئلة الامتحان بما يكشف استيعاب الطلاب وفهمهم للمناهج التعليمية وليس الحفظ والتلقين، بالإضافة إلى توفير مناهج رقمية للصفوف من الثاني الابتدائي وحتى الثالث الإعدادي.(7)

ثانياً- تعديل نظام الثانوية العامة

أعلنت الدولة عن تعديل نظام الثانوية العامة بحيث يكون التقييم على ثلاث سنوات، فبدأت تدريجياً في خطة رقمنة المناهج التعليمية ابتداءً من العام الدراسي 2018\2019، حيث تم توزيع مليون جهاز تابلت تعليمي مجانا على طلاب الصف الأول الثانوي كخطة تجريبية، لتستمر معه إلى الصف الثالث الجامعي، مع عدم تغيير المناهج.(8)

ثالثا ً: المدارس المصرية اليابانية

بدأ العمل بالمدارس المصرية اليابانية من العام الدراسي 2018/ 2019، حيث كانت البداية بـ 35 مدرسة، بالإضافة إلى 7 مدارس تم افتتاحها في العام الدراسي 2019 – 2020، واقتصر التقديم على مرحلة رياض الأطفال والصف الأول الابتدائي.(7)

رابعاً- المدارس التكنولوجية

يحتل التعليم الفني والتدريب المهني في الاستراتيجية المستقبلية “رؤية مصر 2030″(9)، مساحة كبيرة ضمن محور الأهداف الاجتماعية، وتم تغيير اسم مدارس التعليم الفني الجديدة (نظام التعليم المزدوج) لتصبح مدارس التكنولوجيا التطبيقية يحصل فيها الطالب على شهادة التكنولوجيا التطبيقية نظام الثلاث سنوات، حيث يوجد 55% من خريجي الشهادة الإعدادية في مدارس التعليم الفني، البالغ عددها 1300 مدرسة على مستوى الجمهورية.(7)

وبرغم خطط التطوير، استمرت إشكاليات التعليم قبل الجامعي لوقتنا الراهن، ربما يكون من أهم الأسباب هو عدم تأهيل عناصر منظومة التعليم والمتمثلة في الطالب، والمعلم، والمدرسة، والإداري والمنهج، وطريقة المتابعة، والتقييم، وأيضا التقويم، لتتناسب مع الأوضاع الجديدة.

الصعوبات التي تحول إتمام عملية إصلاح التعليم

أزمة التعليم في مصر
صورة تم التقاطها يوم ٢٣ أكتوبر ٢٠١٣ لطلاب مصريين أثناء حضورهم لحصة “تكنولوجيا المستقبل” في إحدى المدارس الثانوية. وتعاني الصفوف المدرسية في مصر من حالات الاكتظاظ، ناهيك عن قدم المناهج الدراسية وتداعي المرافق التعليمية. ومنذ عقود، يعتمد الآباء المحبطون من المنظومة التعليمية في مصر على المدرسين الخاصين. المصدر: KHALED DESOUKI / AFP.

المنظومة التعليمية ليس لديها رؤية متكاملة مرنة، وتتضح في التذبذب الواضح للسياسة التعليمية فالواقع التعليمي الحالي هو نتاج سياسات قامت على الترقيع المستمر، لذا فهي منظومة غير مستقرة لا تستوعب المستجدات العالمية، وثقافة الشعب ومطالبه وطموحاته.

ربما تكشف الأزمات الواقع الفعلي لمدى قوة أو ضعف النظام التعليمي فقد أظهرت أزمة كورونا أوجه الضعف المؤسسي المسيطر على أداء منظومة التعليم قبل الجامعي، لعل من أهمها:(10)

  • انخفاض الموازنة المخصصة للتعليم، وبالتالي لن يكون هناك أى تطوير فعلي لمنظومة التعليم فبرغم زيادة مخصصاته بنحو 15 مليار جنيه، إلا أنها لم تصل إلى نصف الحد الأدنى الذي نصَّ عليه الدستور.

حيث يبلغ معدل الإنفاق العام على التعليم نحو 132 مليار جنيه في مشروع موازنة 2019/2020، أي ما يمثل 6.10% من جملة الإنفاق العام، ويبلغ نصيب أجور وتعويضات العاملين بالتعليم من إجمالي الإنفاق على التعليم نحو 74%.

  • -عدم تنفيذ آلية التعلم عن بعد بالشكل السليم.
  • التكدس الطلابي الزائد وضعف القدرة الاستيعابية للمدارس وغياب رؤية التعامل معه.
  • اتساع الفجوة بين التعليم الحكومي والخاص.
  • ضعف رواتب العاملين في المنظومة وبالأخص المعلمين والذي يعد أحد الأسباب الرئيسية في ضعفها.
  • ضعف منظومة التعليم الفني والتدريب المهني بما يؤثر سلباً على الصناعة.
  • ضعف الاستعدادات الصحية بالمدارس وتراجع دور هيئة ضمان الجودة بالرغم من أهميتها.

كما كشفت الأزمة عن افتقـــار المؤسسات التعليمية إلـــى مقومـــات البنيـــة الأساســـية التكنولوجيـــة للتحـــول الرقمـــي وأهمهـــا الافتقـــار إلـــى نظـــم إلكترونيـــة لإدارة العمليـة التعليميـة ككل، والافتقـــار إلـــى مســـتودعات رقمية مؤسسية Repository Digital Institutional تتيــح توفيــر المعــارف والمــوارد التعليميــة بطريقــة رقمية وسهلة.(11)

ايضاً من أهم الصعوبات والتي تقف حائلاً أمام سير خطوات الإصلاح هي الاتجاه إلى تسيس التعليم وهي سياسة تم اتباعها منذ ثورة يوليو 1952 واستمرت حتى الآن، مع العلم بأن نظام التعليم الصحيح يجب أن يعنى ببناء الشخصية الوطنية القادرة على التفكير والنقد أياً كان النظام الحاكم وتوجهه.(12)

أثر أزمة التعليم المصري على المواطن والمجتمع

بطبيعة الحال فقد أثرت أزمة التعليم مباشرة على حياة المواطن وعلى المجتمع ككل، فقد أصبح التعليم مصدراً للاحتقان وتكاليف فوق طاقة الأسر، فالتعليم بسياسته الحالية وإجراءاته لم يستطع أن يبنى قدرات التفكير العلمي والابتكاري، ولم يستطع القضاء على الفقر.

وقد أشار جهاز الإحصاء، إلى أن مستوى التعليم هو أكثر العوامل ارتباطًا بمخاطر الفقر، حيث تتناقص مؤشرات الفقر كلما ارتفع مستوى التعليم، فبلغت نسبة الفقراء بين الأميين 35.6% مقابل 9.4% لمن حصل على شهادة جامعية في 2019/2020، وبلغت نسبة الفقراء بين حاملي الشهادات فوق المتوسط 15.2%، وبين من حصلوا على شهادة ثانوية 17.4%، وبلغت بين الحاصلين على شهاد تعليم أساسي 33.1% (13)

وأظهرت مؤشرات بحث الدخل والإنفاق لعام 2019/2020 والذي أجراه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن متوسط إنفاق الأسرة المصرية (25.1 مليون أسرة) على الدروس الخصوصية بلغ 28.3% من إجمالي حجم إنفاق قدره 18549 جنيهاً المخصص للإنفاق على التعليم سنوياً.(14)

بالتالي لم تستطع خطط الإصلاح فعلياً في القضاء على مشكلة الدروس الخصوصية، ومازالت إشكاليات النظام التعليمي ينعكس آثارها على المجتمع المصري ككل وعلى الأسر التي تعاني من المصاريف الباهظة للتعليم اذ أصبح التعليم الجيد فقط للصفوة، والمقتدرين.

التعليم من المجانية إلى التسليع

في هذا الشق لابد أن نتطرق إلى السبب الجوهري في استمرار أزمة التعليم وأصولها:(15)

ارتبــط مبــدأ مجانيــة التعليــم ارتباطًا وثيقًــا بالفتــرة الناصريــة بعــد ثــورة 1952 في مصــر، وكان مــن أوائــل وأهــم تلــك الاتفاقيــات في تلك الفترة اتفاقية “العهــد الــدولي للحقــوق الاقتصاديــة والاجتماعيــة والثقافيـة” (16) الـتي وقعـت عليـها جمهوريـة مصـر العربيـة عـام 1967، وصدقـت عليـه عـام 1982، لكــن اختلفــت الصــورة بعــد حــرب 1967، فانحـدرت مخصصـات التعليـم في ميزانيـة الدولـة بالتزامـن مــع ارتفــاع الكثافــة الســكانية والتضخــم، لتوضــع مـصـر علــى أول طريــق تفكيــك نظــام الرعايـة التعليميـة الـذي أقامتـه الدولـة.

ومـع التغـيرات السياسـية وبدايـة حكـم السـادات، تغيرت النظرة إلى منظومة التعليم حيث بـدأت الدولة في تبنـي سياسـة دفـع التكلفـة مقابـل الخدمـة، وهـي سياسـة تـرى أن التعليم سـلعة تُعـرض في السـوق، وليسـت حقـا ًمكفـولاً للجميـع.

ثم يأتي عهــد مبــارك في بداية التسعينات حيث كانـت إجـراءات الإصـلاح الاقتصــادي والتــي بــدأ تطبيقهــا عــام 1991 بدعــم مــن صنــدوق النقــد الــدولي، والمعروفــة باســم “برنامــج التكييــف الهيــكلي (Structural Adjustment Program -SAP (، مدخــلاً رئيســياً للسياســات النيوليبراليــة التــي اتبعتهــا الحكومــة في رســم سياســتها الاقتصاديــة آنــذاك، حيث تقليل المخصصات المالية للخدمــات العامــة، وعـلـى رأســها الصحــة والتعليــم.

ومــن ثــم انخفضــت رواتــب المعلميـن، وضعفـت البنيـة التحتيـة التعليميـة بالتزامـن مـع ارتفـاع كثافـات الفصـول، مـا أدى إلى تــردي نوعيــة التعليــم الحكومــي الرســمي، في الوقــت نفســه انفتــح مجــال الاسـتثمار في التعليـم مـن قبـل القطـاع الخـاص ليعـوض غيـاب الجـودة والمهـارات في جـدران القطـاع الحكومـي، لكـن مقابـل رسـوم ومصروفـات، والتي أصبحت فيما بعد تقتصر على الطبقة المقتدرة من الأُسر.

وبرغم نص دستور 2014 (3) والذى سبق الإشارة إليه لرفع معدلات الإنفاق على التعليم، وعندما عجزت الحكومة المصرية على تحقيق ذلك، ولتحقيق الالتزام السابق صورياً فقد قام مجلس النواب ومع إقرار الموازنة المعتمدة للعام المالي 2016/2017 في دمج مخصصات قطاع الشئون الثقافية فى الأزهر ودعم اشتراكات الطلبة والمنح الدراسية من وزارة التضامن الاجتماعي ومخصصات الهيئة القومية لضمان جودة التعليم ونصيب القطاع من فوائد خدمة الدين لموازنة قطاع التعليم، لتدخل كل هذه المخصصات فى ميزانية واحدة ودون زيادة حقيقية في الاستثمار في التعليم!!

وبذلك دخلت منظومة التعليم في دوامة لا تنتهي من إشكاليات وأزمات يعيشها المجتمع المصري منذ حرب 67 إلى الآن، ولكن هل هناك بارقة أمل في الخروج من تلك المشكلة؟ وما هي آراء علماء وخبراء التربية في مصر؟

آراء علماء التربية

يرى الدكتور طلعت عبد الحميد أستاذ أصول التربية بكلية التربية بجامعة عين شمس أن التذبذب الواضح للسياسة التعليمية من الأسباب الرئيسية لفشل منظومة التعليم في مصر، والتي ترتبط بوجود وزير وتنتهى مع وزير آخر لتبدأ خطط جديدة بفكر مخالف عمن سبقه، ولابد من أن تكون هناك خطوات حقيقية لحل إشكالية التعليم أهمها تشكيل مفوضية كهيئة مستقلة غير مدفوعة الأجر، ولا تتأثر بأي تعديل وزاري وتكون مسئولة عن وضع الخطط والاستراتيجيات والسياسات هدفها النفع العام للطلاب، فالعالم يتغير سريعاً والبقاء للأسرع والأكثر إبداعاً ولابد أن نعرف لماذا نعلم؟ وما الهدف من التعليم؟

كما أكد عبد الحميد على أهمية المنهج التكاملي من منطلق أن العلم قائم على وحدة وتكامل المعرفة، فلا بد من تدريب الطالب على ربط المعرفة وعمل استنتاجات كلية من المعرفة الجزئية، مع الحذر من الهرولة الإلكترونية وخطورة هذا العالم الافتراضي، فالهدف الرئيسي للتعليم هو بناء شخصية الطالب عن طريق عالم حقيقي معاش يتمثل في أنشطة وقدوة ومعلومات وكتب، ولا بد ألا ننساق إلى كل ما هو رقمي، وكل ما هو غربي، وأشار الى وجوب أن تولى الوجوه شرقاً تجاه الصين واليابان.

كما أشارت دراسة دكتور محمد غنيم، إلى أن مهام قطاع التعليم قبل الجامعي لا يستطيع أن يقوم بها فرد واحد (وزير) مهما بلغت قدرته وخبراته، والذي أكد على ضرورة إنشاء مفوضية للتعليم الأساسي لتكون هيئة مستقلة ذات شخصية اعتبارية تتبع رئيس الجمهورية، وتعني بتطوير التعليم من وضعه الراهن إلى وضع يجعله أكثر جودة وفعالية.

وهناك حراك بالفعل لإنشاء مفوضية للتعليم قبل الجامعي، تتألف من رئيس من خارج الجهاز التنفيذي يعينه رئيس الجمهورية؛ وعلماء من المشهود لهم في المعارف الإنسانية والعلوم الوضعية؛ وشخصيات عامة لها اهتمام بالشأن العام؛ ورئيس لجنة التعليم بمجلس الشعب؛ وممثلين لوزارة التعليم ما قبل الجامعي؛ وممثلين من التعليم الخاص؛ وممثلين عن التعليم الجامعي؛ ومتخصصين في المعارف التربوية، على أن تكون قرارات المفوضية واجبة التنفيذ وتتفق مع الدستور، وأن يقوم الوزراء بتنفيذ قرارتها ومبادئها، وهو ما سيكون بمثابة إصلاح جوهري للمنظومة التعليمية في مصر.(16)

ولكن هل تلك الآراء ستوضع بعين الاعتبار؟ وهل الجهود التي تقوم بها الدولة ستفضي إلى حل؟ أم أنه يتوجب على المصريين الانتظار لفترة طويلة (بأمل أو بدون أمل) حتى يتوفر حل لهذه الإشكالية؟

 

المراجع

(1) تقرير التنافسية العالمية 2020 دول عربية فى ميزان التنافسية فى زمن الكورونا.. وما بعد الكورونا الرابط: http://alamarabi.com/2021/01

(2) خبراء ومسئولون يشرّْحون أسباب أزمة التعليم فى مصر، الرابط https://gate.ahram.org.eg/daily/News/1101/114/261868

(3) دستور 2014 https://www.constituteproject.org/constitution/Egypt_2019?lang=ar

(4) المركز المصرى للدراسات الاقتصادية ECES (2019): “بعض المقترحات الخاصة لتطوير الشكل المؤسسي لمنظومة التعليم في مصر” الأزمات الاقتصادية في مصر: المخرج والحلول المتاحة

(5)  الخطة الاستراتيجية للتعليم قبل الجامعي2030-2014:” التعليم المشروع القومى لمصر”، وزارة التربية والتعليم، الرابط: https://manshurat.org/node/2813

(6)  برامج وخطط – وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، خطة التنمية الـمُستدامة للعام المالى2020/2019

الرابط: https://mped.gov.eg/DynamicPage?id=76

(7) الهيئة العامة للاستعلامات: تطوير التعليم مشروع مصر القومى،2019، الرابط:

https://www.sis.gov.eg/Story/190871/%D9%81%D9%89-2019

(8) حافظ، أحمد: “شرح نظام التعليم الجديد في كل الصفوف وموعد إلغاء اللغات وشكل المناهج” ، بوابة الأهرام ،2/5/2018، الرابط   http://gate.ahram.org.eg/index.aspx

(9) رئاسة الجمهورية: رؤية مصر2030، الرابط: https://www.presidency.eg/ar/

(10) المركز المصري للدراسات الاقتصادية: رأى في خبر، ” رأى في أزمة منظومة التعليم قبل الجامعي”، العدد الخامس.

(11) مرزوق، فاروق جعفر عبد الحكيم:” ثورة 25 يناير ومستقبل التعليم في مصر تحديات الواقع وآليات المستقبل”، معهد الدراسات التربوية – جامعة القاهرة

(12) خبراء ومسئولون يشرّْحون أسباب أزمة التعليم في مصر، الرابط https://gate.ahram.org.eg/daily/News/1101/114/261868

(13) الإحصاء يكشف أسباب انخفاض معدلات الفقر فى مصر لأول مرة منذ20 عاما: الرابط https://www.youm7.com/story/2021/10/17/ 5499122

(14) «الإحصاء»:18549 جنيهًا متوسط الإنفاق السنوي للأسرة على التعليم، الرابط: https://m.akhbarelyom.com/news/newdetails

(15) توفيق، غصون:” المدارس والتفاوت الطبقي من ينفق على التعليم في مصر؟”، منصة العدالة الاجتماعية، الاصدار 4، ص 4-5

(16)  الأمم المتحدة، حقوق الانسان، مكتب المفوض السامي: https://www.ohchr.org/ar/professionalinterest/pages/cescr.aspx

(17)  غنيم، محمد وآخرون:” بعض المقترحات الخاصة لتطوير الشكل المؤسسي لمنظومة التعليم في مصر” العدد رقم “3”، من إصدارات المركز المصري للدراسات الاقتصادية.