وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

المساواة بين الجنسين

نساء عراقيات يحتفلون باليوم العالمي للمرأة
نساء عراقيات يحتفلون باليوم العالمي للمرأة في ميدان التحرير في وسط بغداد في 8 أذار 2019.المصدر: Ahmad AL-RUBAYE / AFP

المقدمة

لكل إنسان حقوق مكتسبة تثبت بمجرد ولادته وقد كفلت القوانين والاتفاقيات الدولية هذا الحق ونص عليها صراحة في الإعلان العالمي لحقوق الانسان بأن ” لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان دون تمييز سواء بسبب العنصر واللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي تفرقة بين الرجال والنساء.

ونظرا للتطور الذي ساد المجتمعات ازداد دور المرأة الفعال في مختلف المجالات الاجتماعية، الاقتصادية والسياسية والثقافية، لذا تحتم وجود نظام قانوني يساوي الرجل مع المرأة ويمنع التعدي عليها تحت طائلة المسائلة القانونية، فأوردت الاتفاقيات الدولية والتشريعات الوطنية مجموعة من الحقوق للمرأة تتشارك مع الرجل في بعضها كالحق في الحياة والحق في التملك، والتنقل والحق في السلامة البدنية، ومنها ما له خصوصية تراعي ظروف المرأة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية بالإضافة إلى ما قامت به مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الدولية من دور في رفع نسبة المساواة بين الجنسين على كافة الأصعدة.

تعرف حقوق المرأة بأنها الاستحقاقات المعترف بها للمرأة والتي تراعي خصوصيتها واختلاف طبيعتها عن الرجل، فكيف نشأت حقوق المرأة قديما وما المراحل التي مرت بها، وما هي الحقوق التي اكتسبتها وهل فعلا حققت القوانين العربية المساواة بين الرجل والمرأة بذات المنهجية أم  هناك اختلاف بين النظم القانونية في تقرير حقوق المرأة هذا ما سيتم بيانه والإجابة عليه في هذه الصفحة.

تطور حقوق المرأة

في السابق عانت المرأة من التعامل غير الإنساني وتجردت من حقوقها على خلاف الرجل، وبالرجوع إلى التاريخ تبين أن المرأة في العصراليوناني والروماني حرمت من حقوقها الإنسانية وكانت خاضعة لسلطة الرجل في إدارة أموالها، وعاشت منعزلة عن المجتمع وكان دورها منحصر بالإنجاب فقد سمحوا للنساء بممارسة جميع النشاطات التي من شأنها زيادة القوة البدنية لتتمكن من بناءرجال أقوياء.

اهتمت الديانات السماوية بحقوق المرأة وأولتها عناية خاصة. فتمسك اليهود بأصل القيم النابعة من التوراة وتكريم المرأة ومكانتها لم يحد من تعرضها للعنف بجميعأشكاله، وقد صححت الديانة المسيحية هذا الفكر ومنحت المرأة الحقوق الاجتماعية والاقتصادية المستمدة من التعاليم إلا القوانين المدنية كانت تنتقص من حقوق المرأة فحرمتها من التعليم وأجازت  ضربها وعقابها.

في الجاهلية تباينت أحوال المرأة فتمتعت بحرية التصرف في مالها ونفسها دون سلطة من الرجل، وبالمقابل تجردت من حقوقها الإنسانية بتعرضها للوأد والحرمان من الميراث، ومع الوقت علا شأنها وارتفعت مكانتها إذ شاركت في الحروب وتمتعت بكامل الأهلية لإجراء المعاملات المالية لعملها في التجارة.

وأظهر الإسلام مفاهيم العدل والمساواة وكان للمرأة الحصة الأكبر منها  حيث أنصفت من جميع أشكال  التعدي وتحققت المساواة بينها وبين الرجل لكونهما يشتركان بالإنسانية ولا فضل لأحدهما على الآخر، ووضعت مبادئ تحترم مكانتها وكرامتها، كما تمتعت بذات الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية الممنوحة للرجل، فكان لها الحق في التعليم والعمل والزواج والنفقة والميراث، وإبداء المشورة.

ثم انتقل الدور الدولي للاعتراف بحقوق المرأة والمساواة بينها وبين الرجل دون تمييز فاتخذت الاتفاقيات الدولية ما يلزم لإقرار قواعد قانونية تحمي المرأة في جميع الجوانب، ونتيجة للمطالبة بالاهتمام بشؤون المرأة تشكلت الثورة الفرنسية الواقعة في الفترة (1789-1799) للقضاء على العنف ضد المرأة وتعد هذه الثورة أهم ما أثر في حقوق الانسان، ومن المبادئ التي تمسكت بها أن المرأة تولد حرة وتتمتع بالمساواة بينها وبين الرجل في جميع النواحي.

واستمرت الجهود لمحاربة العنف ضد المرأة إلى أن تأسس في باريس مجلس دولي للمرأة عام 1888 حيث شارك في كفالة حقوق المرأة من خلال الاجتماعات الدولية والإقليمية وبالتعاون مع المنظمات، ومع بداية القرن التاسع عشر تم إبرام العديد من الاتفاقيات والمعاهدات للقضاء على ظاهرة إجبار النساء على البغاء، واستمر العمل على تجارة النساء من خلال إصدار معاهدات واتفاقيات تحارب هذه الظاهرة فتم إنشاء مؤسسات تساعد الأشخاص الذي تعرضوا للأذى وتوفر حياة كريمة لهم وتلاحق الجناة وتنزل العقوبات عليهم

الإتفاقيات والمعاهدات الدولية

اهتمت المواثيق الدولية بحقوق الانسان وكان ميثاق الأمم المتحدة عام 1945 أول معاهـدة دولية تؤمن بالحقـوق الأساسية للإنسـان دون تمييز، مع التأكيد على المساواة بين الجنسين في الحقوق والالتزامات، وقد جاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في كانون الأول 1948 والذي يعد من أشهر وثائق الأمم المتحدة وأكثرها تأثيراً كونه مرجعاً يعتمد عليه في التشريع، ومن خلاله تم ترسيخ الحقوق السياسية والمدنية، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولم يرد في الإعلان أي نص يدل على تمييز أحد الجنسين عن الآخر إنما خاطب الإنسان عامة دون أي تمييز.

بيّن الإعلان العالمي لحقوق الانسان الحقوق المدنيـة والسياسيـة الممنوحة للأفراد كان في مقدمتها الحـق في الحيـاة وما ينشأ عنه من حقوق مرتبطة به كالخصوصية وحرية التنقل وتحريم الرق والتعذيب، والحق في الزواج وتكوين أسرة، والحق في تولي المناصب العامة والحق في الجنسية وعدم جواز الحرمان منها، وقد أقر بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية اللازمة لبقاء الإنسان متحرراً ومنها حقه في العمل بأجور متساوية وحرية اختيار العمل، الحق في الحصول على العناية الطبية كما كفلت التعليم المجاني والإلزامي ونشر الثقافة.

نساء إيرانيات يهتفن خلال المباراة التأهيلية لكأس العالم قطر 2022 C بين إيران وكمبوديا في ملعب
في هذه الصورة التي التقطت في 10 تشرين الأول 2019 نساء إيرانيات يهتفن خلال المباراة التأهيلية لكأس العالم قطر 2022 المجموعة C بين إيران وكمبوديا في ملعب أزادي في العاصمة طهران. سيسمح للنساء الإيرانيات بدخول ملعب في طهران لأول مرة منذ عامين لدعم الفريق الوطني في تصفيات كأس العالم 2022 ضد كوريا الجنوبية. المصدر: ATTA KENARE / AFP

انعدام القوة القانونية الملزمة للإعلان العالمي لحقوق الانسان أدى إلى المطالبة بإصدار معاهدة دولية ملزمة تعزز حماية حقوق للمرأة، نتيجة لذلك صدر العهديـن الدوليين الخاصين بحقـوق الإنسـان وفقا لمبادئ ثابتة قائمة على أساس المسـاواة بين الرجـل والمـرأة فـي الحقـوق والواجبـات تؤكد على عدم جواز اختـلاف المراكـز القانونيـة أو الانتقـاص منهـا بسبـب اختـلاف الجنـس، وألزمت الدول الاعتراف بهذه الحقوق بموجب قوانينها الخاصة بالتساوي بين الرجل والمرأة حيث منحت المرأة حق الترشح والانتخاب، وتولي المناصب العامة ومخاطبة السلطات بالتساوي مع الرجل ودون أي تمييز.

كما نص على الحق في العمل و الأجر والمكافأة والإجازة والاستراحة والترقية، وحقهم بتكوين النقابات والحصول على الضمان الاجتماعي وقد خصصت حماية للأمهات بمنحها إجازة أمومةمدفوعة الأجر مع كامل مستحقاتها، وتوفير الرعاية الصحية والحصول على التعليم المجاني بشكل متساوي بين النساء والرجال دون تمييز ومراعاة التباين بين النساء أنفسهم.

ومن الاتفاقيات الخاصة بالمرأة والتي تعنى بحقوقها وطبيعتها الخاصة صدرت اتفاقية الحقوق السياسية للمرأة كأول اتفاقية تعترف بنصوص صريحة بحقوق المرأة السياسية، الصادرة في عام 1952 والتي احتوت على إعمال مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في العملية السياسية فأقرت حق المرأة في التصويت والمشاركة في جميع الانتخابات، كما أكدت على ضمانة حق المرأة في تقلد المناصب العامة وممارسة جميع الوظائف العامة.

كما شكل إعلان القضاء على التمييز ضد المرأة جوهر وأساس القواعد الدولية في إصدار اتفاقية دولية خاصة تهدف إلى القضاء على التمييز ضد المرأة وهو بيان رسمي دولي يقضي على التمييز بين الجنسين الصادر في تشرين الثاني 1967، يهدف إلى مكافحة التمييز والسعي لمساواتها مع الرجل وألزم الدول الأعضاء بإجراء التدابير اللازمة لإلغاء القوانين والممارسات القائمة على التمييز ضد المرأة، وتقرير الحماية القانونية بحيث تساوي في الحقوق المقررة للرجل والمرأة على حد سواء، والتوقف عن السلوكيات التي تنتقص من كرامتها وكيانها.

كما نص على تمتع المرأة بحقها في التملك وإدارة ممتلكاتها كالرجل ودون تمييز، وكفلت حقوق الأسرة من خلال إقرارحق المرأة في الزواج باختيار الزوج دون قيود وتحديد حد أدنى لسن الزواج، والإصرار على عدم إعطاء أفضلية للرجل في المجالات الاقتصادية والاجتماعية ومنها التوظيف، وبدلات الأجور، والإجازات ومنع فصل المرأة خلال حملها ومنحها إجازة أمومة مدفوعة الأجر حال ولادتها.

وتعد اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة نتيجة للجهود المبذولة في إنصاف المرأة باعتبارها أهم اتفاقية دولية صدرت لحماية حقوق المرأة والسعي للمساواة المطلقة مع الرجل في كانون الأول 1979 ونفذت في أيلول 1981، والمنسجمة لما ورد في الإعلان العالمي لحقوق الانسان بأن جميع الناس يولدون أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق وأن لكل إنسان حق التمتع بها دون تمييز، وما ورد في العهديـن الدوليين الخاصين بحقـوق الإنسان حيث ضمنت المساواة بين الرجل والمرأة في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والمدنية والاجتماعية.

وقامت أكثرمن (189) دولة بالمصادقة عليها ضمت جميع الدول في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا  إلا إيران والسودان تأكيدا منهم على ضرورة الاعتراف بحقوق المرأة ومساواتها مع الرجال، مع ابدائها بعض التحفظات على بنود الاتفاقية المخالفة للشريعة الإسلامية. تمحورت التحفظات حول النصوص المانحة لمساواة مطلقة بين الجنسين وبشكل يخالف الشريعة الإسلامية وتبرز التحفظات:

1. المادة (2) والخاصة بمنع التمييز ضد المرأة والتعهد بتعديل الدساتير الوطنية والتشريعات الوطنية باتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة وقد تحفظ عليها (العراق، الجزائر، ليبيا، مصر، البحرين، سوريا)، حيث استعدوا لتطبيق أحكام هذه المادة بشرط عدم تعارضها مع القوانين الداخلية.

2. المادة (7) المتعلقة بالحياة السياسية ومساواة المرأة مع الرجل في حق التصويت في الانتخابات وشغل الوظائف العامة وتحفظت عليها دولة الكويت.

3. المادة (9/1) منحت المرأة حقا مساويا للرجل في الحفاظ على جنسيتها واكتسابها أو تغييرها بشكل مستقل ومساو للرجل والتي تحفظت عليها دولة العراق والامارات لمخالفتها قوانينها الداخلية.

4. المادة (9/2) والمتعلقة بمنح المرأة حقا مساويا للرجل بخصوص جنسية أطفالها، وقد تحفظ الأردن ولبنان والعراق وعمان وقطر والسعودية والكويت والمغرب العربي.

5. المادة (15/4) تحفظ الأردن والمغرب وعمان وقطر والبحرين وسوريا على التزامها بتطبيق هذه المادة والمتعلقة بتبعية سكن المرأة مع زوجها وحرية التنقل.

6. المادة (16/ج، د، ز) والمتعلقة بالحقوق الأسرية للمرأة والتي تعد أكثرمــادة ورد عليها تحفظـات مـن الـدول الإسلاميـة ومنهـا الأردن ولبنان وعمان وقطر وسوريا وتونس ليبيا، حيث أن منح الـرجـل والـمـرأة الحقـوق ذاتها فـي عقـد الـزواج، وبالولايـة والقوامـة والحريـة فـي اختيـار اسـم الأسـرة والحقـوق المتعلقـة بالتربيـة والحضانـة والميراث ونسبـة الأولاد لأبيهـم يشكل مخالفة جوهرية لمبادئ الشريعة الإسلامية، في حين تحفظت باقي الدول على كامل فقرات هذه المادة كالمغرب والامارات ومصر والبحرين.

المادة (29) وتتعلق بالتحكيم بين الدول فتحفظت عليها أغلب الدول العربية.7.

من هنا وبناءا على تحفظات الدول وامتناعها عن الالتزام بجميع البنود التي تؤيد المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة وبمفهوم المخالفة يثور التساؤل حول مدى تفعيل هذه الدول للبنود التي التزمت بتطبيقها وبتعديل قوانينها بشكل يساهم في زيادة تمكين المرأة ومساواتها مع الرجل والتي تساعد بالنتيجة في نمو المجتمع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.

وبهذا الخصوص يمكن تقييم وضع المرأة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا بأنهاتتمتع بمساواة قانونية كبيرة مقارنة مع الماضي في العديد من الجوانب الحياتية، إلا أنها في الواقع التطبيقي لا ترقى للمساواة المطلقة بين الجنسين حيث أن المرأة في المجتمعات والتشريعات العربية لا زالت تعاني من تميز الرجل عنها في الحقوق فكيف عملت الدول على التخفيف من الفجوة في عدم مساواة المرأة مع الرجل وما هي الجوانب التي حققت فيها مساواة بينها وبين الرجل؟

حقوق المرأة وأنواعها

من حيث العمل

مؤشر الفجوة العالمية بين الجنسين

وتصنف البلدان وفقاً للفجوة المحسوبة بين النساء والرجال في أربعة مجالات رئيسية
وتصنف البلدان وفقاً للفجوة المحسوبة بين النساء والرجال في أربعة مجالات رئيسية: الصحة والتعليم والاقتصاد والسياسة وتقيس هذه النتيجة حرمان المرأة مقارنة بالرجل. المصدر: التقرير العالمي للفجوة بين الجنسين لعام 2020، المنتدى الاقتصادي العالمي

المؤشر الفرعي للفجوة العالمية بين الجنسين: المشاركة الاقتصادية و معدل مشاركة القوى العاملة في فرص العمل

 

وتصنف البلدان وفقا للفجوة المحسوبة بين المرأة والرجل في المجال الاقتصادي
وتصنف البلدان وفقا للفجوة المحسوبة بين المرأة والرجل في المجال الاقتصادي وتقيس هذه النتيجة حرمان المرأة مقارنة بالرجل. المصدر: التقرير العالمي للفجوة بين الجنسين لعام 2020، المنتدى الاقتصادي العالمي

يعد أحد الحقوق الاقتصادية للإنسان ولخصوصية حق المرأة بالعمل ومراعاة للضوابط التي تحكمه كونها تختلف بطبيعتها عن الرجل، فقد صدرت القوانين الناظمة التي تضمن تمتع المرأة به نجد أن  أغلب  التشريعات العربية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التزمت بما تضمنته المعاهدات الدولية في هذا الجانب وفيما يتعلق بما أقرته  منظمة العمل العربية من توجيهات مع وجود بعض الاختلافات في تفصيلات هذه الحقوق ومدة الإجازات الممنوحة والمقابل التي تحصل عليه المرأة في هذه الفترة فقد ألزمت  هذه الدول بنصوصها أصحاب  العمل والجهات المعنية باتخاذ جميع التدابير اللازمة للقضاء على أي تمييز بين المرأة والرجل والاهتمام بالمرأة وتمكينها ومنحها إجازة من العمل للأمومة والرضاعة بكامل الراتب أو بنسب مختلفة ولمدة محددة تختلف من دولة لأخرى.

وتعد الإمارات العربية المتحدة  أول بلد في الشرق الأوسط وشمال افريقيا تطبق نظام عطلة للوالدين مدفوعة الأجر وهذا من باب دعم المرأة العاملة علما  أن معدل مشاركة النساء في القوى العاملة في الإمارات تشكل الأعلى مقارنة بالدول المجاورة بحسب البنك الدولي حيث بلغت في عام 2020  57.5% من إجمالي عدد النساء مقارنة بما نسبته 92% من الرجال،  كما حظر إنهاء خدمة المرأة الحامل ابتداء من الشهر السادس أو خلال إجازة أمومتها، مع عدم انكار حق المرأة في الحصول على الضمان الاجتماعي اللازم في حالات التقاعد وإصابات  العمل.

ونص قانون الضمان الاجتماعي الأردني على تقاعد المرأة في حال بلوغها (55) عام من عمرها، في حين أن  سن تقاعد الرجل عند بلوغه (60) عام. ومن جانب آخر ولتمكين المرأة أعطيت ذات الحقوق الممنوحة للرجل في اختيار المهنة والحق في الأجر وفي الترقية، ووفقا لتقرير للبنك الدولي لعام 2020 فإن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أكثر المناطق التي عملت على تغييرات تشريعية وتنظيمية لتعزيز دور المرأة الاقتصادي فمثلا عملت الإمارات على سد الفجوة بين الرجل والمرأة خاصة فيما يتعلق بالأجور تبعتها بالمرتبة تونس ومصر ثم الأردن.

شهدت الأعوام الأخيرة في النظام القانوني السعودي انعكاس واضح وإصلاحات في حقوق المرأة وتوفير حماية ضد التمييز في الجانب الوظيفي وقد ساهمت هذه الإصلاحات برفع نسبة المساواة بين الرجل والمرأة ومساواتهم في الأجور وسن التقاعد وفي كل ما يترتب على حقوق العامل إضافة إلى  إزالة جميع العوائق التي تواجه المرأة والمتعلقة بصعوبة التنقل بعد إجازة القيادة لها /أو توفير وسائل نقل من وإلى  العمل وتقديم خدمات رعاية الأطفال للأمهات  العاملات وكان من شأن هذه التعديلات زيادة نسبة مشاركة المرأة وتحفيزها على العمل.

وعلى الرغم من الإصلاحات في المملكة العربية السعودية، لا بد من الإشارة إلى أن العشرات من الناشطين في مجال حقوق المرأة الذين طالبوا بحقوقها قد اعتقلوا ووُصفوا فيما بعد بأنهم خونة. وقد أثار ذلك تساؤلات بشأن الأثر الحقيقي لما يسمى بالإصلاحات التي يجري تنفيذها في البلد.

 معدل المشاركة في القوى العاملة

ويبين الرسم البياني نسبة السكان الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و64 عاماً والذين هم نشطاء اقتصادياً: كل الناس الذين يقدمون العمالة لإنتاج السلع والخدمات. المصدر: منظمة العمل الدولية ، قاعدة بيانات ILOSTAT.

من حيث الأحوال الشخصية

يعرف قانون الأحوال الشخصية بأنه  مجموعة القواعد التي تختص بتنظيم مسائل الأحوال الشخصية ومنها الزواج وما ينشأ عنه من آثار كالمهر والنفقة والرضاعة والحضانة والطلاق، وفي أحكام  الميراث، وبالرجوع إلى الاتفاقيات الدولية نجد أن القانون الدولي أعطى مساواة مطلقة في الحقوق بين الجنسين دون مراعاة لأحكام الشريعة الإسلامية، في حين أن  الإسلام في بعض الجوانب ساوى بين الرجل والمرأة.

تظهر جوانب عدم المساواة بين الرجل والمرأة في مسائل الأحوال الشخصية أن  المرأة في غالبية الدول العربية مثل الأردن والإمارات  والسعودية وقطر والكويت لا تملك الأهليةالكافية لتزويج نفسها ويتوقف زواجها على موافقة وليها وحضوره وترد عليها استثناءات محدودة حسب ما يحدده قانون كل دولة.

وقد ورد في الأردن استثناءات على هذا المبدأ حيث سمحت للمرأة حق تزويج نفسها عن طريق القاضي إذا لم يكن لدى الولي سبب مشروع لرفض لزواج، كما اكتفت التشريعات بإبلاغ الزوجة في حال رغبة الزوج بإبرام  عقد زواج ثاني دون اشتراط موافقتها، علما بأن  تعدد الأزواج أمر محظور عليها دينيا، وفيما يتعلق بالحضانة أيضا تواجه المرأة تحد حيث أن حقها في حضانة أطفالها حتى بلوغهم خمسة عشر عاما، ولغير الأم  حين بلوغ عشر سنوات علما بأنها تحرم من هذا الحق عند زواجها، في حين أنه  في حال كانت الحضانة لدى الرجل فإنه لا يحرم منها حال زواجه.

وعلى خلاف ذلك نجد اختلاف حال المرأة في المغرب حيث أنه ولضمان المساواة الفعلية بين الجنسين نص المشرع المغربي على المساواة في الأهلية القانونية لإبرام عقد الزواج وتحديدها في ثمانية عشر سنة كما ألغى الولاية في الزواج فأتاح للمرأة البالغة تزويج نفسها كما وضع قيود على تعدد الزوجات تحت الرقابة القضائية.

وبذات الوقت فقد ساوت القوانين العربية في بعض الجوانب بين المرأة والرجل إذ أعطيت المرأة والرجل الحق في إنشاء أسرة من خلال عقد شرعي وقد اختلفت الدول فيما بينها على تحديدالحد الأدنى لسن الزواج كما في المغرب حيث رفع الحد الأدنى للسن القانونية للزواج من 14 إلى 18 سنة ؛ وفي إيران لا يزال الحد الأدنى 13 سنة ولبنان الذي لم يحدد ذلك بعد.، وأوجب  على طرفي عقد الزواج الالتزام بهذه الشروط بالتساوي من خلال حقوق وواجبات كل منهما تجاه الآخر في الرعاية المشتركة للزوجين وفي تحمل مسؤولية المنزل والأطفال واتخاذ القرارات، وفي تماثل المراكز القانونية والخضوع لنفس الإجراءات القانونية في حال اللجوء إلى القضاء.

وتم تعديل قانون الأحوال الشخصية في عدة دول منها الأردن  والإمارات  لإلغاء مادة تتعلق بإلزام النساء بطاعة أزواجهن، وأصبح بإمكان المرأة اختيارها لمكان السكن الخاص بها والسفر مثل الرجل دون قيود.

وقد شملت الإصلاحات  هذه القوانين السعودية التي خففت من هيمنة التيار الديني بأن جعلت من حق الزوجة أن  تستلم نسخة من عقد الزواج بعد إبداء موافقتها اللفظية على الزواج، وتخصيص صندوق نفقة للمطلقات والأبناء، كما عملت على توفير أماكن لتنفيذ أحكام المشاهدة والحضانة، وسمحت للمرأة بممارسة التصرفات القانونية دون ولي، كما ألغت العمل بالأحكام القاضية بإجبار الزوجة على العودة إلى بيت زوجها كما أصبح  بإمكان كل من بلغت 21 سنة من عمرها السفر دون شروط.

إن  أحكام  المواريث وفقا للشريعة الإسلامية أمر محسوم لا جدال فيه، وبموجبه أعطي للذكر مثل حظ الانثيين من التركة العائدة لمورثهم ويعزى ذلك إلى المسؤولية الملقاة على عاتق الرجل في الحياة، وقد صان الإسلام هذا الحق ومنع الاعتداء عليه، إلا أن تونس بعد رفع التحفظات على اتفاقية مكافحة التمييز ضد المرأة انطلقت  مظاهرات في آذار2018 تدعو إلى  إنهاء ما يرونه تمييزا ضد المرأة فيما يخص  الميراث وتطالب بإلغائه وتقرير مساواة في الإرث  بين الرجل والمرأة وقد تم تعديل قانون الأحوال الشخصية ولا يزال مشروع قانون حتى تاريخ  نشر هذا التقرير لم ينفذ لعدم تصديقه من البرلمان.

نساء فلسطينيات يتظاهرن لدعم حقوق المرأة
نساء فلسطينيات يتظاهرن لدعم حقوق المرأة خارج مكتب رئيس الوزراء في مدينة رام الله بالضفة الغربية في 2 أيلول 2019 وذلك بعد وفاة شابة فلسطينية في قضية أثارت المشاعر. توفيت إسراء غريب الأسبوع الماضي في ظروف مثيرة للجدل – اتهم العديد من الفلسطينيين عائلتها بضربها حتى الموت بعد نشر صورة على الإنترنت مع شاب ولكن العائلة أنكرت هذا الإدعاء. المصدر: ABBAS MOMANI / AFP

من حيث التمكين السياسي

النساء في المناصب الوزارية

وتصنف البلدان حسب النسبة المئوية للنساء في المناصب الوزارية
حسب هيئة الأمم المتحدة للمرأة، فقد ضمت حكومة دولة فلسطين في صفوفها ثلاث نساء من أصل 23 وزيراً في يوم 1 يناير 2020، أي ما يصل إلى 13 بالمئة من إجماليّ عدد الوزراء. ومع ذلك، فإنه لم يتم إدراج فلسطين في التصنيف.

النساء في مجلس النواب أو برلمان أحادي

وتصنف البلدان حسب النسبة المئوية للنساء في البرلمانات أحاديات التمثيل أو مجلس النواب
وتصنف البلدان حسب النسبة المئوية للنساء في البرلمانات أحاديات التمثيل أو مجلس النواب، بحيث تعكس النسبة الانتخابات/التعيينات حتى 1 كانون الثاني 2021. المصدر: هيئة الأمم المتحدة للمرأة

لا يزال تمثيل منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا الأدنى في المناصب الإدارية والقيادية والمجالس التشريعية بالنسبة للعالم ويعود ذلك لمعوقات اجتماعية وثقافية تعرقل هذا التمكين وتمنع التمتع في المساهمة السياسية بالمساواة مع الرجل وعلى الرغم من ذلك شهدت تطورا ملحوظا في الآونة الاخيرة في الحقوق المدنية والسياسية للمرأة.

في مصر تشكل السيدات ما نسبته ،44.5%  من العاملات في المؤسسات الرسمية للدولة، وفي الأردن تم تخصيص كوتانسائية بخمسة عشر مقعد من إجمالي  المقاعد للمرأة لممارسة حقها في الترشح  لمجلس النواب، وتعتبر الأردن من أوائل الدول العربية التي وضعت خطة شاملة لمشاركة النساء في منع الصراعات وإحلال  السلام حيث كان للمرأة الأردنية مشاركة في قوات حفظ السلام في عام 2011، وبحسب آخر إحصائية عام (2019) فقد بلغت مشاركة المرأة في البرلمان ما نسبته 15.4%، وفي مجلس الأعيان شاركت المرأة في 12% من إجمالي  الأعضاء، و41% في المجالس البلدية.

وفي حكومة عام 2020 مثلت المرأة ثلاث وزارات من أصل 27 وزارة وهي وزارة الطاقة والثروة المعدنية ووزارة تطوير الأداء المؤسسي، ووزارة التنمية الاجتماعية بعد أن  كانت الحكومة السابقة تضم 4 وزيرات.

وقد حققت السعودية تقدما ملحوظا في هذا المجال إذ عملت على سد الفجوة بين الجنسين في التمكين السياسي بعد أن  كانت آخر دولة تقر للمرأة الحق بالتصويت والترشح وكانت أول  مشاركة لها في الانتخابات البلدية لعام 2015.

وبحسب احصائيات حول الموارد البشرية مرفق بمشروع موازنة 2021 واقع الحضور النسائي في المناصب العليا في المغرب، وهي المناصب التي يجري التداول بشأنها في المجلس الحكومي.وحسب ذات التقرير فقد بلغ عدد النساء في المناصب العليا 137 تعييناً من أصل ما مجموعه 1160 منصباً.

من حيث منح المرأة جنسيتها لأبنائها

تعتبر الجنسية هي الرابط  الذي  يربطالفردبالدولة، ووفقا لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في استعراضها العام لقوانين المساواة بين الجنسين والجنسية في المنطقة ، فإن قوانين الجنسية في عدة بلدان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا تمنح المرأة المساواة فيما يتعلق بالحق في نقل جنسيتها إلى أطفالها.  بدأت الدول مناقشة قوانين الجنسية  وإجراء تعديلات قانونية للتخفيف من الأثر الناشئ عن حصر الجنسية بالأب فانقسمت الدول في الشرق الأوسط وشمال افريقيا إلى  قسمين الأولى  منها ترفض بشكل قاطع منح الأم  جنسيتها لأبنائها دون أي استثناء أو مع استثناءات محدودة حتى لو أدى ذلك إلى حالات انعدام جنسية وتمثل هذه المجموعة كل من لبنان وقطر والكويت، والمجموعة الثانية شملت كل من (الأردن، سوريا، البحرين، العراق، ليبيا، سلطنة عمان،، السعودية، والامارات) والتي منعت منح الأم  جنسيتها لأبنائها مع وضع استثناءات على هذه القاعدة في حال كان الأب  غير معروف  أو عديم الجنسية والعمل على تقديم تسهيلات لتلك الفئات في الإقامة والتعليم والصحة والوظائف ما أمكن  في حين أن  المغرب تمنح الجنسية المغربية لأبناء المغربية المتزوجة من أجنبي  سواء كانت في المغرب  أو خارجه.

فعلى سبيل المثال لا تسمح قطر للأمهات القطريات بنقل جنسيتهن إلى أطفالهن دون استثناء حتى وإن كان ذلك سيؤدي إلى انعدام جنسية الطفل. عندما يكون للأم الكويتية طفل من أب غير معروف أو في حالة عدم ثبوت الأبوة يجوز للفرد المعني أن يتقدم/تتقدم بطلب للحصول على الجنسية الكويتية عندما يبلغ/تبلغ سن الرشد.وفي لبنان، لا يمكن للمرأة اللبنانية أن تمنح طفلها الجنسية إلا في حال تم إنجاب هذا الطفل في إطار الحياة الزوجية وقامت الأم اللبنانية بإثبات نسب الطفل وهو قاصر.وتواجه بلدان أخرى في المنطقة قيودا مماثلة فيما يتعلق بنقل الأمهات لجنسيتهن إلى أطفالهن.

مؤسسات المرأة

وقد أولت  جامعة الدول العربية اهتماما بشؤون المرأة فأنشأت  لجنة المرأة العربية منذ عام 1971 الهادفة لتمكين المرأة، إضافة  إلى منظمة المرأة العربية التي تأسست عام 2000 للمساهمة في تطوير وضع المرأة وتدعيم دورها في المجتمع واللجان الخاصة بها ويعد البروتوكـول الثاني للميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب أهم ما صدر عنها والخـاص بحقـوق المـرأة فـي إفريقيا، حيث اعتمد عام 2003 كخطو ة مميزة في إثبات الجهود التي تهدف إلى  احترام حقوق المرأة.اعتمدت الجامعة العربية في شباط 2018 الإعلان العربي حول الانتماء والهوية القانونية ، الذي يدعو إلى تشريع المساواة بين الجنسين في الجنسية في جميع الدول الأعضاء في الجامعة العربية.

كما يعتبر الميثاق العربي لحقوق الإنسان الصادر عن الجامعة العربية أول اتفاقية عربية شاملة لحقوق الإنسان تتناول نصوص خاصة للمرأة، والتي دخلت حيز التنفيذ عام 2008 والمصادق عليها من قبل 7 دول عربية، وتواصل جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي جهودها لتمكين المرأة العربية والنهوض بدورها ومشاركتها في المجتمع من خلال المنظمات الوطنية والإقليمية والدولية ذات العلاقة ومنها منظمة المرأة العربية وهيئة الأمم المتحدة للمرأة والجمعيات المدنية المنشأة لغايات سد الفجوة الجندريةودمج المرأة في المجتمع ومساواتها مع الرجل ولتمكين المرأة والالتزام بتطبيق النصوص الضامنة لتحقيق المساواة بين الجنسين وعدم مخالفتها فقد تابعت الدول اقليمياً وضع تدابير لحسن تنفيذها من خلال تشكيل لجان وهيئات مدربة ومجهزة تقوم بتطبيق البنود على أرض  الواقع وتتخذ ما يلزمها لذلك من إجراءات، والسماح للأفراد بتقديم الشكاوى بحق كل من يتخلف عن الالتزام بنصوص الاتفاقيات.

ولا يخفى دور منظمات المجتمع المدني والجمعيات النسائية في التمسك باستدامة المرأة وتمكينها بمساواتها مع الرجل في الحقوق والواجبات والتي بالنتيجة أحرزت تقدما ملحوظا في مشاركة المراة في مختلف جوانب الحياة إلى جانب الرجل ومعالجة الفجوات التشريعية بتعديل القوانين المجحفة بحق المرأة، ويمكن الإشارة إلى  أهم  الآليات الوطنية للنهوض بالمرأة وإدماجها بالمجتمع ومنها المجلس الأعلى  للمرأة في اليمن، والهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، والمجلس القومي للمرأة في مصر، واللجنة الوطنية الأردنيةللمرأة، ومديرية خاصة لتنمية المرأة في سوريا، وفي تونس دعـا المجتمـع المدني و المنظمـات النسـوية إلـى إدراج المسـاواة الكاملـة بيـن المـرأة والرجـل في التعديلات الدستورية وفقا لما تم الإشارة إليه  أعلاه.

حقوق المرأة في الواقع التطبيقي

تجلس العنود حسين شريان وهي فتاة في الـ19 من عمرها في مستشفى تخضع فيه للعلاج في العاصمة اليمنية صنعاء
تجلس العنود حسين شريان وهي فتاة في الـ19 من عمرها في مستشفى تخضع فيه للعلاج في العاصمة اليمنية صنعاء في 28 كانون الثاني عام 2021 بعد تشوههانتيجة لتعرّضها لهجوم بالحمض من قبل زوجها المعتدي. إن مصير شريان التي تزوجت في سن الـ12 ورفضت في سن الـ16 ثم تشوهت في اعتداء رش الحمض هو مثال صادم على سوء المعاملة في مجتمع منكوب بالحرب والفقر. وافقت الآن الشابة اليمنية في الـ19 من عمرها على مشاركة محنتها التي تعرضت لها على يد زوجها المعتدي — شهادة نادرة في بلد يتم إخفاء العنف المنزلي فيه إلى حد كبير. المصدر: Mohammed HUWAIS / AFP

وعلى الرغم من المعاهدات الدولية والإصلاحات التي أدخلت على بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، لا تزال حقوق المرأة تتعرض لضغوط في المنطقة.

لا تزال النساء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تواجهن تمييزاً كبيراً وعنفاً راسخاً، وسط فشل الحكومات في القضاء على الاعتقالات التعسفية والاختطاف والاغتيالات وما يسمى بجرائم “الشرف” وغيرها، وفقاً لتقارير منظمة العفو الدولية.

ويعتبر العنف الجسدي جزءاً من الحياة اليومية في بلدان مثل اليمن والمغرب ومصر، حيث تقول ربع النساء المتزوجات على الأقل إن أزواجهن اعتدوا عليهن جسدياً. ومع تفشي جائحة كورونا عام 2020 وفرض حظر التجول في بعض البلدان، ارتفع عدد حالات العنف الأسري، وقد بلغت خمسة أضعاف في بلدان مثل تونس.

وكما رصدت منظمة العفو الدولية، فقد طغى على هذه المكاسب استمرار العنف والتمييز المجحف الذي تواجهه النساء، لا سيما في مسائل الزواج، والميراث، وحضانة الأطفال. وقد قوضها ضعف تنفيذ الإصلاحات، واستمرار حرمان النساء من دورهن الفاعل وقدرتهن على تمثيل أنفسهن.

وفيما يشكل العنف المبني على نوع الجنس أو العنف ضد النساء والفتيات وباءً عالميا يطال امرأة واحدة من كل ثلاث نساء خلال حياتهن؛ ففي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، غالباً ما يمضي هذا السرطان الصامت دون أن يلاحظه أحد، غير أن يترك بصمته على الضحايا لسنوات إن لم يكن مدى الحياة.

استمر تسجيل ما يسمى بجرائم “الشرف” في العراق وإيران والأردن والكويت والمجتمعات الفلسطينية في إسرائيل وفلسطين، حيث تقاعست السلطات عن اتخاذ إجراءات لمقاضاة الجناة أو معالجة القوانين التمييزية الأساسية أو الأعراف الجنسانية التي تسمح بذلك العنف، لتزدهر في العديد من البلدان.

وقد واجهت المدافعات عن حقوق الإنسان تهديدات – بما في ذلك التهديدات بالاغتصاب- والترهيب وحظر السفر أو حتى الهجمات العنيفة والقتل، من قبل جهات حكومية وغير حكومية تسعى إلى إسكاتهن.

وفي تقرير إقليمي صادر عن الأمم المتحدة نوفمبر عام 2019، بشأن العدالة والمساواة بين الجنسين في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كشف التقرير عن وجود فجوة في النوع الاجتماعي بين النساء والرجال فيما يتعلق بمؤشر التنمية الإنسانية تبلغ 14.4%، حيث صنفت من أكبر فجوات النوع الاجتماعي على مستوى العالم.

كما كشف التقرير عن اللا مساواة الحادة بين الجنسين فيما يتعلق بالدخل، حيث يقل نصيب النساء من الدخل وسطياً بمعدل 78.9% عن نصيب الرجل، مشيراً إلى أن قطر هي الدولة الوحيدة التي أظهر فيها مؤشر التنمية الإنسانية ميلاً لصالح النساء، بينما كان في اليمن أقل من مثليه عند النساء.

ولكن أكد التقرير الأممي على أن قفزة كبيرة في مستوى التحصيل العلمي للنساء شهدتها دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بين عامي 2008 و2018، فضلاً عن التحسن النسبي في المشاركة في قوة العمل.

تفوقت الفتيات على الأولاد في الالتحاق بالجامعة في المنطقة، وإذا نظرنا إلى ما هو أبعد من المتوسطات الإقليمية، فإن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تضم العديد من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل ذات المعدلات المنخفضة من محو الأمية بين الإناث: 47% في السودان، و55% في اليمن، و58% في المغرب. ولذلك تمثل الأمية عائقاً في الوصول إلى العمل والوصول إلى العدالة والتعامل مع المؤسسات الحكومية.

ومع ارتفاع معدلات مشاركة المرأة في القوى العاملة في العديد من دول الخليج، فإن الدول العربية في المتوسط لديها أدنى المعدلات في جميع أنحاء العالم 18.3% في عام 2019 مقارنة بالمعدل العالمي البالغ 48% من القوى العاملة غير مدفوعة الأجر وغير النظامية وبدوام جزئي. حيث تقضي النساء ساعات أكثر من الرجال في الأعمال المنزلية ورعاية الأطفال وكبار السن.

توفر معظم دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الوصول إلى التعليم المدرسي المجاني، والتحصيل التعليمي بين النساء والفتيات آخذ في التوسع منذ السبعينيات. في حين أن هناك اختلافات كبيرة بين البلدان، على المستوى الإقليمي.

حيث أن هناك تفاوتات كبيرة بين البلدان الأغنى والأفقر في المنطقة وكذلك داخل البلدان ذاتها، حيث تتجلى الفجوة بين المناطق الحضرية والريفية في مستويات مختلفة من التنمية وكذلك من هم في حالة نزاع طويل الأمد مثل سوريا والعراق واليمن وليبيا والاحتلال الإسرائيلي لفلسطين. ومن أكبر المعوقات التي تحول دون المساواة بين الجنسين هو تأثير النزاعات.