وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

الأزمة السورية (2011-)

الأزمة السورية
فلٌ سوريٌّ يبكي وهو يجلس على أنقاض المنزل الذي كان يسكن فيه مع أسرته النازحة، في قرية كفر تعال في ريف حلب الغربي، بعد قصفٍ موالٍ للنظام، في 20 يناير 2020. عارف وتد / وكالة الأنباء الفرنسية

 لم تكُنْ سوريا محصّنة ضدّ موجةِ الاضطراباتِ المؤيّدة للديمقراطية التي اجتاحت العالم العربي منذ نهاية عام 2010. بإلهامٍ من الاحتجاجات الجماهيرية التي اندلعت في تونس وليبيا ومصر، خرجت مظاهرات احتجاجية كبيرة في جميع أنحاء سوريا بدءًا من يناير عام 2011. وفي منتصف شهر مارس اكتسبت تلك المظاهرات زخمًا، لتواجه قمعًا وحشيًا من قِبل السلطات.

لقد تجرّأ السوريون، بعد أن عاشوا تحت حكم حافظ الأسد القمعي، على النزول إلى الشوارع للاحتجاج ضد نظام بشار الأسد، الذي تولى السلطة في عام 2000 بعد والده، واعدًا بإجراء إصلاحات وفتح الأجواء السياسية.

وعلى الرغم من “ربيع دمشق”، وهو الاسم الذي أُطلِق على الأشهر الستة الأولى لحكم الأسد، أغلقت السلطات السورية جماعات المجتمع المدني المُنشأة حديثًا، واعتقلت النشطاء السياسيين. بالإضافة إلى ذلك، لم يُجرَ أي تعديل على دور الأجهزة الأمنية سيئة السمعة. فعلى نقيض ما توقّعه الكثير من السوريين من الأسد الشاب، لقد واجهوا هيكل السلطة نفسه الذي استخدمه والده لقمع السكان.

وبينما حرّر بشار الأسد الاقتصاد إلى حدٍ ما، استمرّت هيمنة الدولة على الاقتصاد. واعتمد رواد الأعمال من القطاع الخاص في نجاحهم على علاقات وثيقة – وغالبًا ما كانت فاسدة ماليًا – مع شخصيات رئيسية في النظام أو في عائلة الأسد. وازدهرت فقط الطبقة المتوسّطة الصغيرة، وإن كانت متنامية.

وبالنسبة لمعظم السكان، ظلّ الوضع صعبًا كما كان دائمًا. فقد قُدِّرت البطالة بنسبة 30%، وكان انخفاض الرواتب يعني تفشي الفساد. وأدى هذا، إلى جانب خيبة الأمل من عدم وجود إصلاحات فعلية، إلى نزول السوريّين إلى الشوارع.

وتعرّضت التظاهرات، التي انتشرت في جميع أنحاء البلاد، لقمعٍ وحشيٍّ من قِبَل قوات الأمن السورية، حيث سرعان ما أطلق النظام على المتظاهرين اسم “الإرهابيين”. ونتيجةً للرد العنيف على الاحتجاجات السلمية، تشدّد المتظاهرون في معارضتهم للنظام وبدأوا يطالبون بإسقاطه.

وبمجرّد انشقاق الضباط عن الجيش السوري، ورفضهم القتال ضد شعبهم، وتشكيل العديد من فصائل المعارضة لمحاربة النظام، اُعتُبِر الصراع حربًا أهلية.

حربٌ أهليةٌ أدّت في نهاية المطاف إلى نزوح ملايين السوريين، وفرار ملايين آخرين خارج بلادهم.

حربٌ أهليةٌ تطوّرت إلى أزمةٍ كُبرى شاركَ فيها لاعبون خارجيون، إما لدعم المعارضة (بما في ذلك السعودية وقطر) أو لدعم النظام (بما في ذلك إيران وحزب الله وروسيا). ونشأت “حرب بالوكالة”، حيث حاولت جميع تلك القوى الخارجية الدفاع عن مصالحها الخاصة. وفي غضون ذلك، استغلّت الجماعات الإسلامية المتطرّفة، بما في ذلك تنظيم الدولة الإسلامية، الفوضى في سوريا لتعزيز قبضتها على أجزاءٍ من البلاد.

كما وجد كلّ من الاتحاد الأوروبي – الذي أصبح ملاذًا لمعظم السوريين – والولايات المتحدة، بمصالحها الخاصة، نفسَيْهِما متورّطَيْن في الأزمة. ومن ناحيةٍ أخرى، دأبت الصين على دعم نظام الأسد منذ البداية.

وأخيرًا، على الرغم من المحاولات العديدة لوقف العنف والتوصّل إلى حلٍّ دبلوماسيٍّ، سبّبت الحرب الأهلية معاناة هائلة بين السكان السوريين ودمّرت البلاد.

——

يقدّم موقع فَنَك هذا الملف الخاص بالأزمة السورية، واصفًا الأزمة ومراحلها المتعدّدة على أجزاء.

في الجزء الأول، وصف بداية الثورة السورية والتصعيد نحو الصراع.

في الجزء الثاني إقراء عن أسلمة الثورة السورية وكيف استفادت نظام الأسد من الخلافات والمعارك بين الفصائل المسلحة المتعددة.

يحلّل الجزء الثالث كيفية تعامل النظام السوري مع كلٍّ من مؤيديه ومعارضيه خلال الأزمة السورية وكيف مالت الكفة لصالح النظام.

في الجزء الرابع يمكنك أن تقرأ كيف تطورت علاقة النظام السوري بالقوى الخارجية خلال الأزمة السورية، وكيف تعامل النظام مع هذه القوى من أجل البقاء في السلطة. على سبيل المثال، حاول النظام تقديم نفسه كحالة ضرورية لا غنى عنها لمستقبل سوريا، بينما اتهم باستخدام تهديد الإرهاب واللاجئين السوريين ضد الغرب.
ترقبوا المزيد…

يتناول الجزء الخامس تغيّر علاقة نظام الأسد بالأنظمة العربية بعد اندلاع الثورة في سوريا. فهذه العلاقة لم تتأثر بالعزلة العربية والدعم الخليجي للمعارضة السورية فحسب، بل بالوجود الإيراني والروسي في سوريا كذلك. فقد كان لروسيا وإيران دور كبير في تشكيل العلاقات السورية العربية. وقد استفاد النظام السوري من ذلك بعدة طرق أدّت في النهاية إلى عودة سوريا إلى البيت العربي، مما ساعدها على النجاة.

مع مرور الوقت على الثورة السورية، اضطُر نشطاء المعارضة السلميين إلى العمل تحت ضغط كبير، ما عرّض حياتهم للخطر. وفي نهاية المطاف، استُبعد النشطاء، من بقوا في البلاد ومن غادروها، من أي دور في حل الأزمة السورية. في الجزء السادس، يستعرض فنك لمحات عن بعض هذه الشخصيات والمصير الذي لاقوه.

 

Advertisement
Fanack Water Palestine