وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

الحرب في اليمن

رجال يحملون جثمان أحد الضحايا
رجال يحملون جثمان أحد الضحايا بعد انتشاله من تحت أنقاض مبنى دمر اثناء القصف السعودي, 26 مارس 2015 Photo UPIphoto/eyevine

المقدمة

التدخل العسكري الذي تقوده العربية السعودية في اليمن منذ 25 مارس 2015، مع تسعة حلفاء إقليميين ضد جماعة الحوثي في اليمن هو نتاج التطورات السياسية والعسكرية والأمنية التي حدثت في المنطقة العربية بعد “ثورات الربيع العربي” والتي بدأت في تونس في ديسمبر 2010.

وفي قراءة للتطورات الحاصلة في المنطقة العربية منذ ذلك الوقت، فإننا نجد أن حروباً داخلية تدور رحاها في عدد من الدول العربية وأن الأطراف والتدخلات الإقليمية والدولية تلعب دوراً أساسياً في تأجيج هذه الحروب واستمرارها. وأن خارطة تحالفات جديدة مع بعض التعديلات على التحالفات القديمة وخصوصاً الإقليمية فرضت نفسها على سلوك الغالبية العظمى من دول الشرق الأوسط.

فالحرب في سوريا التي بدأت مطلع عام 2011 لعبت دوراً أساسياً في رسم هذه التحالفات، حيث وقفت إيران إلى جانب نظام بشار الأسد داعمةً للنظام على جميع المستويات السياسية والأمنية والعسكرية، حيث تقاتل المنظمات الشيعية من مختلف البلدان إلى جانب الرئيس السوري. في حين قدمت العربية السعودية الدعم السياسي والعسكري والمالي للمعارضة السورية، وكان النظام المصري زمن الرئيس السابق محمد مرسي قد وقف إلى جانب المعارضة السورية بشدة ودعم إسقاط نظام الأسد، بينما دعا النظام المصري الجديد إلى الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية ولكنه لم يخفي دعمه للموقف السعودي حيال نظام الأسد.

وتأتي الأوضاع في العراق أيضا على أهمية كبيرة حيث ترى العربية السعودية وحلفائها في الإقليم أن العراق الجديد الذي وجد بعد الإطاحة بنظام الرئيس السابق صدام حسيني يخضع للنفوذ الإيراني وذلك من خلال القوى السياسية الشيعية التي تهيمن على النظام السياسي الجديد هناك، حيث ترتبط هذه القوى بعلاقات قوية وقديمة مع إيران منذ كانت هذه القوى في المعارضة زمن حكم البعثيين وشكلت طهران ملاذاً أمناً وداعماً لها طوال فترة حكم صدام حسين.

أما في لبنان فإن الترسانة العسكرية لحزب الله اللبناني والتي زودتها إيران له، قد مكنت الحزب من الهيمنة على الأوضاع الأمنية وأعطته قوة ونفوذ سياسي ما يعني توسيع لنفوذ إيران في ذلك البلد الذي يعاني أصلاً من صراع مذهبي وطائفي قديم ومستفحل.

وفي عام 2011، ساعد التدخل العسكري السعودي المباشر في مملكة البحرين السُنيّة في قمع مظاهرات الأغلبية الشيعية المهمشة في البلاد لصالح الإصلاح الديمقراطي. وكحال النظام البحريني، اتهمت السعودية إيران بتخريب بلاد الخليج العربي من خلال دعمها للشيعة. وحتى يومنا هذا، ينفي المحتجون الشيعة في البحرين أي علاقة أو صلة بإيران. وتقع البحرين التي ترتبط بالسعودية بجسر طوله 25 كيلو متر فقط على مقربة من المنطقة الشرقية للسعودية الغنية بالنفط وذات الأغلبية الشيعية السعودية.

الحرب في اليمن

اندلعت الأزمة اليمنية في سبتمبر 2014، حيث سيّطرت جماعة الحوثي الزيدية الشيعية على صنعاء متحالفين مع عدوهم القديم الرئيس السابق على عبد الله صالح بما يمثله من قوة داخل الجيش اليمني حيث أثبت الوقائع على الأرض أن أكثر من 70% من الجيش اليمني موالٍ لصالح. خاضت جماعة الحوثي العديد من الحروب ضد صالح في منطقة صعدة الشمالية (على الحدود اليمنية-السعودية)، عندما كان لا يزال صالح يحظى بالدعم السعودي كرئيسٍ لليمن. لقد مَكَنَ هذا التحالف مع أتباع صالح الحوثيين من السيطرة على أغلبية الأراضي اليمنية من الشمال إلى الجنوب حتى كادوا أن يسيطروا بالكامل على المدينة الإستراتيجية عدن عاصمة الجنوب اليمني.

يرتبط الحوثيون أيضاً بعلاقة تحالف قوية مع إيران حيث اتهمتها من قبل المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى بأنها تمدهم بالسلاح والمال والتدريب والخبرات. إلا أن إيران تنفي ذلك، ويشكك العديد من المحللين وصول الدعم الإيراني إلى هذا الحد. كما تنتشر الأسلحة بالفعل في اليمن، فقد اعترفت الحكومة الأمريكية في مارس 2015 بفقدان أثر أسلحة تصل قيمتها إلى أكثر من 500 مليون دولار كانت متجهةً إلى اليمن.

حينما وصلت قوات الحوثيين إلى عدن، المدينة الإستراتيجية التي تتحكم في مضيق باب المندب، وأوشكت على إحكام سيطرتها العسكرية الكاملة عليها، جاء التدخل العسكري الجوي بقيادة العربية السعودية محاولاً إفشال سيطرة الحوثيين على المدينة. فبإحكام السيطرة الحوثية الكاملة (الحليف القوي لإيران) على عدن تكون اليمن تقريباً قد وقعت في قبضة الحوثيين، وهنا تكون العربية السعودية ودول الخليج العربية قد تم محاصرتها؛ حيث ايران نفسها تجاورهم من الجهة الشرقية للخليج العربي، وبالنفوذ الإيراني القوي في العراق وسوريا ولبنان تكون إيران موجودة على حدودهم الشمالية، ويمتد هذا النفوذ من خلال الحوثيين في اليمن من الجهة الجنوبية الغربية للجزيرة العربية.

ومع ذلك، في النصف الثاني من شهر أبريل، وبعد ثلاثة أسابيع من القصف، لا يزال الحوثيون يسيطرون على أجزاء من عدن. وفي غضون ذلك، عانى المدنيون في اليمن كثيراً بسبب هذه الهجمات. “الوضع الإنساني يتدهور كل ساعة” وفقاً لتصريحات يوهانس فان دير كلاو، منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن لوكالة الصحافة في جينيف في 10 أبريل. كما قال أن الصراع يضع الملايين من اليمنيين في دائرة الخطر.

ترى العربية السعودية وحلفائها أن إيران تعمل على دعم الشيعة العرب لزيادة نفوذها في المنطقة العربية، إلاّ أن إيران تنفي أن تكون سياستها في المنطقة مبنية على أساس طائفي وتؤكد أن أغلب مساعداتها للمسلمين ذهبت إلى السنة وليس إلى الشيعة، ودائما ما يستعين القادة الإيرانيون في نفي دعمهم للدول والحركات السياسية والدينية على أساس طائفي. حيث تؤكد إيران أن ما تقدمه من دعم سياسي ومالي وعسكري وتدريبي إلى حركتي حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين السنيتين على أنه دليل على عدم الدعم على أساس طائفي.

لقد استفادت إيران من سقوط نظام صدام وتواجدت بقوة على الأرض العراقية، وجاءت ثورات الربيع العربي وما أوجدته من فوضى سياسية وأمنية في عدد من دول المنطقة وخصوصاً الحرب في سوريا لتعزز من تدخلها ونفوذها في المنطقة. بحيث لعبت إيران دوراً مهما في حماية نظام بشار الأسد وتمكنت بقوة من التواجد العسكري على الأرض السورية.

وحاولت إيران استثمار الأزمة في البحرين لزيادة نفوذها في منطقة الخليج العربي لولا التدخل الخليجي العسكري المباشر الذي وضع حداً لمساعي طهران.

وعلينا ألا ننسى النفوذ الإيراني في لبنان من خلال حزب الله اللبناني وما يمثله من قوة عسكرية على الأرض اللبنانية، إضافة لدعمها الكبير لحركات المقاومة الفلسطينية.

أحدث المقالات

فيما يلي أحدث المقالات التي كتبها صحفيون وأكاديميون مرموقون بشأن موضوع الحرب في اليمن. تم نشر هذه المقالات في ملف البلد هذا أو في أي مكان آخر على موقعنا على الإنترنت: