في البداية اتخذت حكومتا الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا موقفاً حذراً – واللتان بدءا العمل بشكل وثيق مع نظام صالح في الحرب ضد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية أو مجموعات سلفية أخرى بعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر. لكن عندما اتضح أن الاحتجاجات تواصلت وأخذت تمتد إلى أماكن أخرى، قامت واشنطن ولندن بتغيير ولائهما السياسي تدريجياً. وبالتالي دعم المستشار الخاص للأمم المتحدة بشأن اليمن، جمال بن عمر، وآخرون وساطة مجلس التعاون الخليجي بين صالح من جهة وأحزاب اللقاء المشترك وآل الأحمر من جهة ثانية.
وأدت الوساطة إلى اتفاق نقل السلطة وترتيب استقالة صالح وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة وإعادة فتح المفاوضات مع المعارضة حول الإصلاحات داخل النظام السياسي. وبالمقابل، يتم منح صالح وحوالي 500 من المسؤولين الكبار، مذكورين بالاسم، الحصانة من الملاحقة القضائية (من بينهم أشخاص ينتمون الآن إلى المعارضة، مثل اللواء علي محسن الأحمر). رفض صالح توقيع الاتفاق في ثلاث مناسبات، وعادة في اللحظة الأخيرة. وقد تعزز اعتقاد خصومه بأن صالح الخبير في التكتيكات، والذي لا يمكن الاستهانة به، كان يسعى ببساطة لكسب الوقت.
في 3 حزيران/يونيو 2011، ومع تزايد المواجهات العنيفة بين قوات موالية لصالحووحدات وقوات الجيش المنشقة لتحالف حاشد القبلي، وبشكل خاص في حي الحصبة في مركز صنعاء، وقع انفجار قوي في المسجد الرئاسي، بجانب القصر الرئاسي، أسفر عن مقتل العديد من المسؤولين الكبار وإصابة صالح بجراح خطيرة (بشظايا وحروق وتلف في جهاز التوازن). تم نقله جواً إلى الرياض، في السعودية، لإجراء عمل جراحي. أصبح نائب الرئيس (والفريق السابق) عبد ربه منصور هادي رئيساً مؤقتاً لفترة 90 يوماً. لكن كي لا يخطئ اليمنيون بشأن من كان المسؤول الفعلي، رفض أحمد ابن صالح – قائد الحرس الجمهوري النخبة – دخول هادي إلى القصر الجمهوري. وفي وقت سابق ثبت أن صيحات النصر التي أطلقها المحتجون بعد مغادرة صالح كانت سابقة لأوانها.
تميز صيف عام 2011 بقتال متواصل وإنما منفصل وأقل كثافة في جميع أنحاء البلاد – بما في ذلك القتال بين قوات صالح وبين الذين اختاروا جانب المعارضة. كانت تعز نقطة ساخنة، كما منطقة أرحب القبلية وشمال شرق صنعاء ومحافظة أبين التي استولت عليها الميليشيات الإسلامية. وأصبح الغذاء والماء والوقود نادراً في كل مكان باستثناء أقصى الشمال. وتواصلت المظاهرات الشعبية في جميع المدن، بينما بدت الفصائل السياسية وكأنها تتفاوض على مستقبل اليمن خلف الكواليس. إلا أن نظام صالح بقي يومياً يعلن عودة صالح من الرياض.
وأقصى زعماء الثورة الشعبية، والذين دعوا أنفسهم بالتحالف المدني للثورة الشبابية، بأنفسهم عن أحزاب اللقاء المشترك بمطالبتهم بفترة أطول بكثير لانتقال السلطة وإبعاد كل من كان مشتركاً في الحكومة السابقة عن المناصب المستقبلية. إضافة إلى معارضتهم للعرض الذي قدمه صالح ومسؤولون آخرون بالحصانة من الملاحقة القضائية (أشارت هيومن رايتس ووتش وغيرها من المنظمات إلى أن الحصانة من الملاحقة القضائية في حالة جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية هي انتهاك للقانون الدولي).
وضع التحالف المدني للثورة الشبابية برنامجه الخاص للإصلاح السياسي. تفتتح الوثيقة (حوالي 1300 كلمة) بالنص التالي: “يهدف هذا التحالف إلى إقامة دولة مدنية حديثة تتفاعل إيجابياً مع الحداثة على أساس المساواة في المواطنة وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية والاستقطاب السياسي وحرية التعبير والرأي والانتقال السلمي للسلطة. (…) لهذا التحالف هدف عام وهو إسقاط النظام بكل عناصر فساده عن طريق جهود مدنية سلمية وبناء دولة ديمقراطية حديثة”. وباختصار، إنه قانون الربيع العربي.