Chronicle of the Middle East and North Africa

الانتخابات المبكرة في الكويت تؤكد على تصاعد التوترات السياسية

kuwait-governance-oil-workers-strike-fanack-hh-1024px
اضراب عمال النفط احتجاجاً على تدابير التقشف التي اتخذتها السُلطات الحكومية. فقد عزز قرار المسؤولين الحكوميين خفض الدعم عن الوقود من الأزمة السياسية التي انتهت بحل البرلمان والدعوة إلى إجراء انتخاباتٍ مبكرة من قِبل أمير الكويت، الشيخ صباح الاحمد الصباح. 17 أبريل 2016، مدينة الكويت، الكويت. Photo Noufal Ibrahim Xinhua / eyevine

أصدر أمير الكويت، الشيخ صباح الاحمد الصباح، في السادس عشر من أكتوبر 2016 مرسوماً أميرياً بحل برلمان البلاد، ممهداً الطريق أمام إجراء انتخاباتٍ برلمانيةٍ مبكرة. وبعد هذا الإعلان بوقتٍ قصير، امتلأت شوارع المناطق السكنية في الكويت بالملصقات الإعلانية الانتخابية، فلا وقت أمام المرشحين لإضاعته، إذ من المقرر إجراء الانتخابات في 26 نوفمبر2016.

أجرت الكويت آخر انتخاباتٍ برلمانية في عام 2013، وهي الرابعة منذ عام 2009. ومرة أخرى، لم تكمل الهيئة التشريعية، المكونة من 50 عضواً، الأربع سنوات من ولايتها. السبب، وفقاً لوكالة الأنباء الكويتية الرسمية (كونا)، “تنامي التحديات الأمنية، فضلاً عن التطورات الاقليمية المضطربة.” لمَ وكيف من شأن تقلب الوضع الأمني أن يتحسن بإقالة كلٍ من المجلس التشريعي والمجلس التنفيذي، أمرٌ ترك لمخيلة القرّاء.

انتشرت التكهنات حول السبب الحقيقي وراء الحل. إحدى هذه التكهنات الساذجة كان أنّ الانتخابات المقبلة، التي كان من المزمع عقدها في يوليو 2017، تُصادف في توقيتها شهر رمضان المبارك، وبالتالي سيكون الاقبال ضعيفاً. وهكذا، قرر الأمير، وفقاً للمادة 107 من الدستور، إجراء انتخاباتٍ مبكرة. ومع ذلك، كان يمكن تجنب مشكلة الجدولة هذه بحل البرلمان قبل أسابيع فحسب من نهاية ولايته، وليس قبل تسعة أشهر.

وعزت وسائل إعلامٍ دولية الأزمة السياسة الأخيرة بالخلاف حول الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود. فقد تسبب انخفاض أسعار النفط بالتضييق مالياً على الكويت، حيث نفذت الحكومة عدداً من تدابير التقشف التي لم تحظى بشعبية، بما في ذلك خفض الدعم على الوقود، من دون موافقة البرلمان – أو هكذا يدعي البرلمان.

في واقع الأمر، كان النواب يخططون لشن هجومٍ على المسؤولين الحكوميين في الأشهر المقبلة حول هذه التدابير التقشفية، مما أثار التكهنات أن القصد من توقيت المرسوم هو إحباط هذه الإجراءات. وبالإضافة إلى ذلك، يُعتبر البرلمان الحالي، إلى حدٍ كبير، موالٍ للحكومة، وذلك نتيجة مقاطعة المعارضة الغاضبة من نظام تصويتٍ جديد أدرج في الانتخابات الأخيرة. ويُنظر إلى الانتخابات المبكرة باعتبارها أفضل وسيلة للحفاظ على الوضع الراهن.

لماذا؟ لأن المعارض الأكثر أهمية، مسلم البراك، الذي سُجن في أعقاب الربيع العربي، لا يزال خلف القضبان. ومن المقرر إطلاق سراحه الربيع المقبل، أي قبل موعد الانتخابات المقبلة، بل إن إجراء انتخاباتٍ مبكرة من شأنه أن يمنعه من الترشح للبرلمان أو حشد الدعم الكافي.

الأمر نفسه ينطبق على المرشحين الجدد. فعلى الرغم من أن الدستور ينص على أن الانتخابات يجب أن تجرى في غضون شهرين بعد حل البرلمان، إلا أنه أقر إجراؤها في غضون أقل من ستة أسابيع بعد حل البرلمان. وبالتالي، سيكون من الصعب بالنسبة للقادمين الجدد القيام بحملات ناجحة في هذه المهلة القصيرة.

أحد هؤلاء القادمين الجدد هي غدير عسيري، واحدة من عدد قليل من النساء اللواتي أعلنّ ترشحهنّ. وعند سؤالها ما إذا كان الترشح في الوقت الحالي عملي، أجابت “عليّ القيام بذلك، حتى وإن كانت الفترة الزمنية قصيرة، فهذا هدفهم، عدم السماح للوجوه الجديدة بدخول البرلمان.”

كما رفعت المعارضة من مستوى التحدي، معلنةً إنهاء المقاطعة التي استمرت أربعة أعوامٍ، ودعت إلى المشاركة الفاعلة في الانتخابات. وحتى الآن، تقدم نحو 200 مرشح بأوراق الترشيح، إذ يمتلك المرشحون حتى 28 أكتوبر 2016 للتسجيل.

وفي ضوء ذلك، قد يلعب عاملٌ آخر دوراً في هذا؛ عاملٌ لا يمكن التغاضي عنه- على الرغم من عدم مناقشته علناً قط- فالأمير الحالي، الذي يبلغ من العمر اليوم 87 عاماً، سيتم استبداله خلال الدورة البرلمانية المقبلة.

ووفقاً للدستور، سيخلفه ولي العهد، الذي يبلغ بدوره 79 عاماً، وسيعيّن ولي عهد جديد. ولا بد من موافقة البرلمان على هذا التعيين، وهي ميزة فريدة من نوعها في المنطقة. وفي حال لم يوافق البرلمان على المرشح المقترح، ينبغي على الأمير اقتراح ثلاثة بدلاء، وعلى البرلمان اختيار أحدهم.

وليس من الواضح بعد من سيكون ولي العهد القادم، فهناك صراعٌ ضارٍ على السُلطة يدور حالياً داخل العائلة المالكة، وسيستغل مختلف أعضاء العائلة المالكة الانتخابات المقبلة لحشد الدعم البرلماني لصالح خيارهم المفضل، مما أدى إلى دعم بعض فروع العائلة المالكة للمعارضة.

ويبقى أن نرى كيف ستجري الأمور. ولكن، هناك أمرٌ واحدٌ أكيد: يوماً بعد يوم، ستغص منازل المرشحين بالرجال الذين يرتدون “الدشاشة” البيضاء، وستُقدم القهوة وتفوح رائحة الدخان أثناء جلسات النقاش التي ستخوض بكيفية قيام مُضيفهم بخدمة البلاد. ففي هذه الديوانيات، وفي هذه الحسينيات- بالنسبة للأقلية الشيعية في البلاد- تُدار الحملات الانتخابية في الكويت.

وأياً كانت نتائج الانتخابات، ومع تنامي التوترات السياسية، فمن المرجح أن يكون البرلمان المُقبل غير مستقر، مما قد يؤدي إلى حلٍ آخر وانتخاباتٍ أخرى. قد تكون هذه الطريقة الوحيدة لإطاحة المعارضة بالحرس القديم، الذين يعتبرون ممن يعيثون فساداً في البلاد. وإذا ما نجحت في ذلك، ستلحقها فيما بعد، وبكل تأكيد، اتهاماتٌ بالتزوير الانتخابي.

Advertisement
Fanack Water Palestine