: الإنعكاسات على كل من سوريا ولبنان. وبخبرتها التي تمتد على مدى 30 عاماً من العمل والعيش في المنطقة، حددت المنسق الخاص كاغ التحديات البارزة التي تواجه المنطقة- بعضها واضح بينما البعض الآخر خارج نطاق الرصد. كما سلطت الضوء على عدة قضايا من بينها بطالة الشباب، وارتفاع معدلات الهجرة، وعجز المجتمع الدولي عن التعامل مع إندلاع أعمال العنف في المنطقة.
Date: Feb 16, 2015
Content:
يعاني الشرق الأوسط من أزمة عميقة، ولا يوجد مخرجٌ سهل، إذ تواجه المنطقة انهيار هياكل السلطة والتصعيد المستمر للعنف. وفي الوقت نفسه، لا يزال المجتمع الدولي منقسماً. أين نتجه من هنا؟ وكيف لنا أن نفهم الوضع الراهن بشكلٍ أفضل؟ كان هذا موضوع لقاء نظمه موقع Fanack المؤرخ لأحداث الشرق الأوسط وشمال افريقيا والذي استضافه معهد لاهاي للعدالة الدولية في 26 مايو 2015.
افتتح اللقاء بخطاب رئيسي ألقته المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان، سيغريد كاغ، بعنوان الأمم المتحدة في الشرق الأوسط: الإنعكاسات على كل من سوريا ولبنان. وبخبرتها التي تمتد على مدى 30 عاماً من العمل والعيش في المنطقة، حددت المنسق الخاص كاغ التحديات البارزة التي تواجه المنطقة- بعضها واضح بينما البعض الآخر خارج نطاق الرصد. كما سلطت الضوء على عدة قضايا من بينها بطالة الشباب، وارتفاع معدلات الهجرة، وعجز المجتمع الدولي عن التعامل مع إندلاع أعمال العنف في المنطقة.
ربما المحت السيدة كاغ أن جزءاً من الإحباط الجماعي نابع من ميلنا توقع الكثير من المجتمع الدولي. هل يتوجب علينا تعديل توقعاتنا وإدراك أن هناك فجوة بين الأدوات الدولية التقليدية ونوع الصراع الذي نتعامل معه في الوقت الراهن؟ ومن الأمثلة التي طرحتها في هذا السياق عدم فعالية القانون الدولي الإنساني. كما أكدت المنسق الخاص أنّ “داعش غير مهتمة باتفاقيات جنيف”.
كما ناقشت المنسق الخاص كاغ أيضاً دور الأمم المتحدة في المنطقة. ومن وجهة نظرها، يبدو أن المنظمة العالمية غير قادرة على القيام بمهام تتخطى تقديم المساعدات الإنسانية المستمرة. ولا تزال الانقسامات في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة جلية كما فاقمت الأزمة في كل من سوريا وأوكرانيا العلاقات بين الأعضاء الدائمين سوءاً. وربطت السيدة كاغ أدوار المبعوث الخاص بحقيقة أنه في كثير من الأحيان لا يوجد سلام للحفاظ عليه. ونظراً للتغييرات في طبيعة الصراع، لم تعد بعثات السلام التقليدية كافية. ومن وجهة نظرها، تبرز الحاجة إلى الشجاعة لتعزيز مبدأ مسؤولية الحماية (R2P) حيثما أمكن تطبيقه. وفي هذا السياق قالت المنسق الخاص كاغ “يتوجب أن يكون سقف وعودنا أقل وأن نبذل المزيد من الجهد. مصداقية المجتمع الدولي باتت على المحك”.
وفي نفس الوقت قالت أنه يتوجب علينا إشراك جميع الأطراف الفاعلة بما في ذلك إيران والمملكة العربية السعودية في جهودنا الرامية إلى إحلال السلام. وعلاوة على ذلك، أكدت المنسق الخاص أنّ دور المجتمع المدني لا يزال حاسماً في عالمٍ يتغير بشكلٍ ملحوظ، وأشارت إلى أنه عادةً ما تتضح صورة الأحداث مسبقاً إلا أنّ الصعوبة تكمن في التنفيذ.
وعلاوة على ذلك، ذكرت السيدة كاغ أننا نادراً ما نركز على الأسباب الجذرية التي أدت إلى اندلاع أعمال العنف في الشرق الأوسط. وقالت المنسق الخاص أنّ هناك أعداد قليلة من الإرهابيين الذي يتقدمون طوعاً، إذ أنّ نحو 90% من هؤلاء الإرهابيين يدفعهم اليأس التام. وأشارت في معرض ذلك إلى البطالة بين الشباب وعدم وجود آفاق مستقبلية إلى جانب الإساءة واسعة النطاق لحقوق الإنسان. بالإضافة إلى ذلك، تجد المنسق الخاص أن ارتفاع معدلات الهجرة أمر مفهوم للغاية “كيف لنا أن نلوم رغبة الأفراد بالإنتقال إلى أوروبا في حال فهمنا البيئة التي يفرون منها؟”
وأشار رئيس الجلسة روبرت فان دي روير إلى خطاب المنسق الخاص حيث اعتبره رواية لحقائق صعبة لا يمكن إنكارها. وتحت إشرافه، واصلت لجنة مكونة من أربعة خبراء مناقشة قضية الشرق الأوسط وركز المتحدثون على مسألة ما إذا كانت الحرب المعيار الجديد في الشرق الأوسط.
هل الحرب هي المعيار الجديد في الشرق الأوسط؟
تم تناول هذه القضية من قِبل المتحدثين بطرق مختلفة. وبشكلٍ عام، اعترف المتحدثون أن الشرق الأوسط يخوض مرحلة هي الأعنف في تاريخه. كما سرد الصحفي بول بريل تاريخ الصراعات العنيفة في الشرق الأوسط. وبناءً على هذه القائمة، طرح قضية كون الحرب قاعدة قديمة في المنطقة إلا أن الجديد في الوقت الحالي هو أنّ الحرب تعمل على تآكل النظام الإقليمي بشكلٍ أوسع.
واتفق المتحدثون أنّ الحل السريع غير ممكن. وأكد المبعوث الخاص الهولندي السابق إلى سوريا، مارسيل كوربيرشيك، على أهمية إشراك كل من القادة العرب وغير العرب في التعامل مع الأزمة الأمنية في الشرق الأوسط. ويرى أن الأزمة في الشرق الأوسط لن يتم حلها دون إيران وتركيا.
أما بالنسبة للأسباب الجذرية للصراع، أشار غالبية المتحدثون، بالإضافة إلى السيدة كاغ، إلى الاساءة المستمرة لحقوق الإنسان في المنطقة، والتي لطالما تم تجاهلها.
فيما ركز الحوار مع الجمهور بشكلٍ جزئي على الموقف الجدليّ للدول الأوروبية في التعامل مع منطقة الشرق الأوسط. واتفق المتحدثون إلى حدٍ ما مع النقد الذي يطال سياسة الدول الأوروبية التي تكيل بمكيالين. ومع ذلك، حذر الصحفي بول بريل من أنّ القيادات العربية والاعتراف بالوكالة مفقود في بعض الأحيان في منطقة الشرق الأوسط. كما قال أنه يتوجب على الأفراد في المنطقة أن يسألوا أنفسهم “كيف يمكننا التأثير على مستقبلنا في المنطقة؟”
وقال البروفيسور يوريس فورهوف أنه لا ينبغي علينا التفكير فيما إذا كانت الحرب هي المعيار الجديد، بدلاً من ذلك علينا أن نسأل عما يمكننا القيام به في هذا الشأن لنتجنب المعاناة الإنسانية الهائلة. ومن وجهة نظره، يُمكن هذا فقط في حال ركزنا على خلق أسس للنظام أولاً. “في الوقت الراهن، القضية عسكرية. عند وضع أسس للنظام سيتبع ذلك العدالة وحقوق الإنسان”.
وفيما يتعلق بموقف الولايات المتحدة، قال الدبلوماسي الهولندي روبرت سيري، الذي شارك في مفاوضات عملية السلام في الشرق الأوسط، أن موقف الرئيس أوباما موقفٌ صعب منذ البداية. ومع ذلك، فقد استثمرت الولايات المتحدة الأمريكية الوقت والجهد لتحقيق السلام في المنطقة. وفي هذا السياق، خلص المبعوث الخاص السابق إلى سوريا بأن مستقبل المنطقة مرتبط بنتائج المفاوضات النووية مع إيران. في 30 يونيو 2015، سيكون لدينا فكرة أفضل عن الإتجاه الذي ستسلكه المنطقة.
[new_royalslider id=”3″]