وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

نبيل رجب: حقوقي يُثير المشاكل للحكومة

Nabeel Rajab, one of Bahrain's best-known human rights activists, walks toward the courthouse to attend his appeal hearing in Manama, Bahrain, Wednesday, Feb. 11, 2015,. Rajab was sentenced to six months in jail last month for insulting government ministries on Twitter, but has been free on bail pending his appeal. (AP Photo/Hasan Jamali)
نبيل رجب. Photo Hasan Jamali

عد أقل من سنة من إطلاق سراحه من السجن، وجد نبيل رجب نفسه خلف القضبان مجدداً في يناير 2015. يعتبر رجب، رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان وأحد المدافعين البارزين عن حقوق الإنسان في منطقة الخليج، قائداً روحياً للشعب، ومصدر إلهامٍ لنشطاء حقوق الإنسان، ومصدر مشاكل للحكومة.

بنى رجب، الذي ولد عام 1964، إرثاً من النشاط في مجال حقوق الإنسان بوصفه عضواً في اللجنة الاستشارية لقسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، ونائب الامين العام للاتحاد الدولي لحقوق الإنسان، ورئيس مركز الخليج لحقوق الإنسان. فقد بدأ نشاطه في مجال حقوق الإنسان خلال انتفاضة التسعينيات، وآنذاك، تماماً كما هو الحال الآن- انتفاضة الشيعة ضد الحكومة ذات الأغلبية السُنية. قاد في البداية حملةً بالنيابة عن العمّال الوافدين في دول مجلس التعاون الخليجي، ومن ثم أصبح قائداً ضد الانتهاكات المدنية وانتهاكات حقوق الإنسان في البحرين. ومن ثم أصبح رجب في طليعة الانتفاضة البحرينية من أجل التغيير الديمقراطي عام 2011.

وخلال حملة القمع التي شنتها السلطات على الانتفاضة المؤيدة للديمقراطية عام 2011، ألقي القبض على زعماء المعارضة وتم إبعاد النُشطاء، ولكن بقي رجب في الساحة لقيادة العديد من الاحتجاجات وتوثيق وانتقاد الانتهاكات المدنية وانتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية، والتعذيب، وحالات الوفاة في السجون الرسمية. وفي المقابل، استهدفت قوات الأمن رجب. فقد تعرض منزله في قرية بني جمرة، للهجوم بالغاز المسيل للدموع أكثر من مرة، كما زعم تعرضه للضرب والتهديد، فضلاً عن دخوله وخروجه من السجن عدة مرات.

وبالإضافة إلى أنشطة رجب البارزة في الاحتجاجات والمظاهرات، يُعرف أيضاً، بشكلٍ جيد، لريادته في استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، التي اعتاد استخدامها كعنصر أساسي في حملاته المؤيدة لحقوق الإنسان لإيصال كلمته إلى المجتمع الدولي حول الإنتهاكات التي يعاني منها شعبه. تسببت هذه المعركة في العالم الافتراضي في دخوله السجن عدة مرات. وفي مايو 2012، اعتقل رجب قبل يوم واحد من جلسة المحكمة المقررة للاستماع إلى أقواله بشأن مسيرة حضرها في مارس من ذات العام. وقال الصحفي والناشط الأسترالي جوليان أسانج انه يعتقد ان اعتقال رجب جاء بسبب ظهوره في برنامج “عالم الغد” الحواري الذي يقدمه أسانج.

أطلق سراح رجب بكفلة بعد أن قضى 24 يوماً في الحجز، إلا أنه أعيد اعتقاله بعد بضع أشهر بسبب تغريداته على شبكة التواصل الاجتماعي انتقد فيها رئيس الوزراء. وجد مذنباً بإهانته البحرينيين في تغريداته، “الجميع يعلم أنه لا شعبية لك [رئيس الوزراء] ، ولولا الحاجة للربية [المال] لما خرج [أهل المحرق] لك مستقبلين”.

وجهت إليه تهمة “تشويه صورة أهالي المحرق علناً والتشكيك في وطنيتهم بتعابير مُشينة نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.” وفي ديسمبر 2012، حكم على رجب بالسجن عامين بست تهم، بعد أن بريء من تهم إهانة قوات الشرطة، وأطلق سراحه في مايو 2014.

ولم يتطلب الأمر الكثير من الوقت ليعود رجب إلى السجن مجدداً، بسبب تغريدة أخرى. ففي أكتوبر 2014، اعتقل رجب في مطار البحرين الدولي، ووجهت إليه تهمة “إهانة كيان قانوني،” وذلك بعد أن عاد لتوه من جولة استمرت لشهرين والتي شملت مشاركته في الدورة الـ27 لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في جنيف والبرلمان الأوروبي في بروكسل وكذلك لقائه مع وزارات الخارجية في جميع أنحاء أوروبا. واتهم رجب بـ”إهانة مؤسسات رسمية علناً،” بعد انتقاده وزارة الداخلية ووزارة الدفاع على تويتر بزعم كونها الحاضنة الأيديولوجية للبحرينيين الذين انضموا لصفوف الدولة الإسلامية.

ومرةً أخرى، لم يكن بمقدور رجب الخروج من السجن، حيث حُكم عليه في 20 يناير بالسجن لمدة ستة أشهر بعد إدانته بسبب تغريدة نشرها في سبتمبر 2014. أدان المجتمع الدولي اعتقال رجب، حيث دعا 103 عضواً من أعضاء البرلمان الأوروبي، و21 عضواً من البرلمان البريطاني، و59 من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني، إلى اسقاط التهم عن رجب. وصرحت كل من الولايات المتحدة والنرويج وفرنسا والأمم المتحدة عن دعمها العلني لرجب ودعت إلى احترام حرية التعبير والحوار العلني في البحرين. وصرح روبرت كولفيل، المتحدث باسم المفوضة السامية لحقوق الإنسان، قائلاً “نشعر بالقلق بشكل خاصٍ حول شخصين محتجزين حالياً في البحرين، وهما الشيخ علي سلمان، الأمين العام لحزب الوفاق السياسي، ونبيل رجب.”

وفي يوليو 2015، خرج رجب بموجب عفوٍ ملكي بعد أن قضى في السجن ثلاثة أشهر من أصل حكم بالسجن لمدة ستة أشهر. وجاء العفو الملكي بسبب مخاوف حول صحة رجب. ورأى البعض العفو باعتباره رضخواً غير مباشر من الحكومة لضغوطٍ دولية تتعرض لها بسبب قمعها لحقوق الإنسان. هذا ويعتبر نبيل رجب واحداً من بين العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان الذين يقبعون حالياً خلف القضبان بسبب أنشطتهم في مجال حقوق الإنسان، ومن بين هؤلاء المدافعين البارزين عبد الهادي الخواجة، وعبد الجليل السنكيس، وناجي فتيل، وغيرهم من المدافعين البارزين عن حقوق الإنسان.

ولم يتسبب موقع “توتير” فقط في زج نبيل رجب عدة مرات في السجن، بل أدخله أيضاً إلى قلوب الناس. فعلى الرغم من أن الحكومة كانت تحاول جاهدةً إبعاد رجب عن المشهد العام كلما سنحت لها الفرصة لذلك، إلا أن هذا في الواقع زاد من شعبية رجب وقضيته.

وبعد إطلاق سراحه، صرّح المدافع عن حقوق الإنسان “سأواصل التغريد، وسأواصل الانتقاد.” كما قال رجب أيضاً أنه مُستهدف بسبب دفاعه السلمي عن حقوق الإنسان والديمقراطية، وبأنه لا يندم على أنشطته هذه. تُلخص هذه التصريحات عزم رجب على تمهيد الطريق للديمقراطية، بغض النظر عن الصعوبات التي سيواجهها. “سأبذل قصارى جهدي عدم تخطي تلك القوانين، حتى تلك القوانين التي لا تتطابق المعايير الدولية.” وقال رجب في مقابلة له على موقع تلفزيون RT الالكتروني “بخروجي من السجن أعتقد أن بإمكاني العمل بشكلٍ أفضل من العمل خلف القضبان.” وفي ديسمبر 2015، لا يزال رجب ممنوعاً من السفر، حيث حثّ البرلمان الأوروبي منذ نوفمبر 2015 الحكومة البحرينية رفع الحظر عنه.

ومع ذلك، لم تدم حرية نبيل رجب طويلاً. ففي 13 يونيو 2016، ألقت السُلطات البحرينية القبض عليه، متهمةً إياه رسمياً بـ”بث وإذاعة أخبار وبيانات وإشاعات كاذبة ومغرضة حول الأوضاع الداخلية للمملكة من شأنها النيل من هيبتها واعتبارها.” وعلى ذمة التحقيق، أوقف بدايةً لمدة أسبوع ليتم بعد ذلك تمديد احتجازه ثمانية أيامٍ إضافية. وفي 26 يونيو 2016، ظهر في الجلسة الأولى للمحكمة في تهمتين منفصلتين: “نشر معلومات من شأنها تحريض الآخرين وتعطيل السلم الأهلي،” و”إهانة هيئة نظامية.” وتعود هذه الاتهامات إلى رسائل قام الناشط بنشرها في عام 2015 على موقع تويتر، منتقداً فيها الحرب التي تشنها السعودية على اليمن ومندداً بتعذيب المعتقلين في سجن جو، هذا وتعتبر المملكة العربية السعودية حليفاً مقرباً من البحرين. يواجه رجب عقوبة قد تصل إلى السجن لمدة 15-13 عاماً.

وقد تم تأجيل محاكمة رجب مرتين، ومن المقرر عقد الجلسة المُقبلة في 6 أكتوبر 2016. وفي غضون ذلك، يتم احتجازه في الحبس الإنفرادي، كما صرّح بنفسه في خطابٍ مفتوح لصحيفة نيويورك تايمز، وفي ظروفٍ سيئة منذ اعتقاله. ونتيجةً لذلك، تدهورت حالته الصحية بشكلٍ سريع وتم نقله إلى المستشفى مرتين.

وفي سبتمبر، طالبت وزارة الخارجية الأمريكية بإطلاق سراحه فوراً، كما ذُكر أن السُلطات البريطانية أيضاً تمارس ضغوطاً على الحكومة البحرينية لوقف القمع المتواصل لحرية التعبير. ومع ذلك، أعلن المدعي العام البحريني إضافة تهمٍ جديدة في ضوء رسالة رجب لصحيفة نيويورك تايمز، متهماً إياه بـ”نشر أخبار كاذبة وشائعات، بشكلٍ متعمد، حول الوضع الداخلي في محاولة لتشويه سمعة البحرين.” قد تُضيف هذه الإتهامات سنة إضافية للحكم عليه بالسجن.

وقد ناصرت منظمات غير حكومية دولية مختلفة، بما في ذلك هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية ومركز البحرين لحقوق الإنسان، قضية رجب. وفي رسالة تم إرسالها إلى 50 دولة مختلفة، حثت المنظمات غير الحكومية الحكومات للمطالبة بالإفراج عن رجب، و”الاعتراض” على سوء استخدام السُلطات البحرينية، المتكرر، للنظام القضائي من أجل إسكات المدافعين عن حقوق الإنسان.

user placeholder
written by
veronica
المزيد veronica articles