وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

الشيخ علي سلمان: المُعارض البحريني البارز

الشيخ علي سلمان:n
الشيخ علي سلمان:. Photo AM-Bahrain/Demotix/Corbis

” لا أعرف كم ستمضي علي من السنوات في السجن قبل أن أخرج وأعانقك في الضوء مجدداً. لكن ما أريدك أن تعرفيه الآن أني في السجن لأني أحب رؤية الشمس وهي تشرق على بلدي وتنير ظلامها، أحب أن تكون بلدي مشرقة ومزدهرة.”

كانت تلك كلمات الشيخ علي سلمان من السجن في رسالةٍ لابنته نبأ، التي احتفلت بعيد ميلادها السابع قبل يومين فقط من اعتقاله في 28 ديسمبر 2014. هي وشقيقتها سارة، التي كانت تبلغ من العمر شهراً واحداً آنذاك، ستكبران دون جنسية أو بطاقة هوية تسمحان لهما بارتياد المدرسة في غضون السنوات الأربع المقبلة، وكل ذلك لأنّ والدهما سجين سياسي.

اعتقل علي سلمان (مواليد عام 1965)، وهو معارض بارز ورجل دين شيعي، يشغل منصب الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية، التي تعدّ جماعة المعارضة الرئيسية في البحرين، بعد القائه سلسلة من الخطب التي تدعو إلى الإصلاح السياسي والمساءلة. وبعد محاكمة استغرقت أكثر من 300 يوم، والتي لم تكن، وفقاً لمنظمات حقوق الإنسان، تُلبي المعايير والإجراءات الدولية للمحاكمات العادلة، حُكم على سلمان في 16 يونيو 2015 بالسجن لمدة أربع سنوات. “مُنِع الشيخ علي سلمان ومحاميه لعدة مرات من تقديم مرافعات شفهية، وعدم توفير فرصة حقيقية لهم لفحص أدلّة النيابة،” صرّح المتحدّث باسم المفوض السامي لحقوق الإنسان، روبرت كولفيل، واصفاً في الدورة 29 لمجلس حقوق الإنسان، محاكمة سلمان.

فقد فشلت تحركات الشيخ سلمان السلمية ودعواته للاحتجاج السلمي في انقاذه من السجن، حيث أدانته محكمة بحرينية بالتحريض على العصيان والكراهية وإهانة هيئة رسمية، إلا أنها برأته من السعي للإطاحة بالنظام، والتي كان من الممكن أن تؤدي به إلى السجن مدى الحياة أو حتى الإعدام.

ولم تكن تلك، بأي حالٍ من الأحوال، المرة الأولى التي يُسجن فيها الشيخ سلمان. فبعد حياة مهنية طويلة من المطالبة بالإصلاح السياسي وحقوق الإنسان للشعب البحريني، تم سجن سلمان بين عامي 1993 و1994، كما نُفيّ من البلاد في أوائل عام 1995. بدأ النشاط السياسي لسلمان في وقتٍ مبكر من التسعينيات، بعد أن أنهى دراسة العلوم الإسلامية بالحوزة العلمية في قم في إيران، وعاد إلى دياره عام 1993، حيث قاد انتفاضة في عام 1994، التي طالبت بعودة البرلمان ودستور العقد الاجتماعي لعام 1973. تم ترحيله إلى دبي عام 1995، خلال حملة القمع التي شنتها الحكومة على الانتفاضة. ولكن، لم يوقف المنفى سلمان من مواصلة نشاطه السياسي بعد أن انتقل للعيش في لندن. وفي عام 2001، عاد سلمان إلى البحرين، في الوقت الذي قام به الملك، الذي كان آنذاك يحمل لقب الأمير، بإطلاق ميثاق العمل الوطني كحل للأزمة التي تواجهها البلاد منذ التسعينيات. تعهّد بالموافقة على العقد الاجتماعي في مقابل تلبية طلبات الشعب بتحول البحرين إلى ملكية دستورية، إلا أنه لم يتم الالتزام بالعهد.

تأسست جمعية الوفاق في نفس العام الذي عاد فيه سلمان إلى البلاد، وأصبح أكبر حزب سياسي في البحرين، حيث ترأس علي سلمان منصب الأمين العام منذ تأسيس الجمعية، وذلك بعد أن أعيد انتخابه أربع مرات.

وأيضاً، احتل الشيخ سلمان مناصب سياسية أخرى. فقد ترشح للانتخابات في عام 2006، عندما قرر حزبه المشاركة من أجل تحقيق التغيير داخل النظام السياسي. أصبح سلمان عضواً في البرلمان لمدة أربع سنوات، بعد أن فاز بما نسبته 83% من الأصوات عن دائرته الإنتخابية. وفي عام 2011، انسحبت جمعية الوفاق من البرلمان، بعد الحملة الوحشية على الانتفاضة الشيعية المؤيدة للديمقراطية ضد الحكام السُنة. قاد سلمان حملة لمقاطعة الانتخابات في نوفمبر 2014 في ظل عدم وجود نظام انتخابي عادل، واستدعيّ من قبل مكتب النيابة العامة في البحرين يوم 28 ديسمبر عام 2014، وذلك بعد إعادة انتخابه الأمين العام للوفاق بيومين فقط.

تمكن سلمان طوال مسيرته السياسية من جعل اللاعنف مبدأً ثابتاً وسلوكاً راسخاً في شوارع البحرين للمطالبة بالإصلاح الديمقراطي. وبالتالي، لم تعتبر جمعية الوفاق فقط اتهامات المحكمة بالتحريض على العصيان والعنف أمراً مريباً وغير واقعياً، بل أثار ذلك أيضاً استنكار نشطاء حقوق الإنسان الدوليين، أمثال منظمة العفو الدولية، التي رأت أن إدانة سلمان “مثال واضح آخر على التجاهل الصارخ للبحرين لإلتزاماتها الدولية،” وطالبت بالإفراج الفوري عنه. كما دعا أيضاً مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بالإفراج الفوري عنه. كما أثارت محاكمته قلق الولايات المتحدة الذي عبر عنه مدير المكتب الصحفي بوزارة الخارجية الأمريكية جيف راتكة قائلاً “نحن قلقون من أنّ هذا الإجراء ضد قيادي بارز في المعارضة سيعمل فقط على تأجيج التوترات.” وفي ضوء ذلك، أجلت محكمة الاستئناف البحرينية محاكمة الشيخ علي سلمان حتى 14 يناير 2016 لمرافعة الدفاع.

“اعتقلوني طوال حياتي، اعتقلوا زوجتي، اعتقلوا ابني مجتبى، واعتقلوا بعده ابنتي نبأ. اعتقلونا جميعا.ليس لكم شرعيةٌ شعبية.” اعتقل سلمان بعد وقتٍ قصير من خطبته هذه. وفي النهاية، لا تزال البحرين بين قطبيّ قمع الحكومة وإصرار المعارضة، وليس هناك أي مؤشرٍ واضح حول من سيفوز بهذه الجولة. ومع ذلك، وبما أن زعيم المعارضة خلف القضبان، لا دليل على وجود حل سياسي وشيك.

user placeholder
written by
veronica
المزيد veronica articles