وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

مجتمع المثليين في الأردن: غير مجرّم بموجب القانون؛ موصومٌ بالعار

Specials- LGBT jordan
علم المثليين في الأردن. Photo Wikipedia

يعتبر الأردن واحداً من ثلاث دولٍ أخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، إلى جانب البحرين والعراق، التي لا يعدّ فيها النشاط المثلي غير شرعي. هذا هو الحال منذ أن تخلت الدولة عن قانون العقوبات الصادر أيام الإنتداب البريطاني، واعتمدت قانون عقوباتٍ خاص بها في عام 1951. ومع ذلك، لا يزال الشذوذ الجنسي غير مقبول اجتماعياً.

إن حقيقة أن الشذوذ الجنسي غير مجرّم بموجب القانون لا يجعل من الأردن دولةً صديقة للمثليين. وفقًا لإيودالديكس، لا توجد أي حماية قانونية لصون أفراد المجتمع المثلي من التعرض للتمييز فيما يتعلق بالسكن أو العمل أو في مجالاتٍ أخرى، وبالتالي قد يتعرضون للمضايقات دون القدرة على مقاضاة المسيئن لهم. ومع ذلك، يمكنهم الانضمام إلى الجيش ولكن لا يسمح لهم بالزواج.

فقد قالت نائلة غوشال، الباحثة في حقوق المثليين/المثليات، مزدوجي/مزدوجات التوجه الجنسي، ومتغيري/متغيرات النوع الاجتماع في هيومن رايتس ووتش، لنا في فَنَك: “لا يخشى الناس القانون، بل يتعلق الأمر أكثر بالرفض الذي يمكن أن يأتي من الأسرة، والوصمة الاجتماعية.” وأضافت “يصف الأشخاص المثليين جنسياً مجتمعهم بأنه تقليدي جداً ويجدون أن الحصول على قبولٍ من أسرهم وأصدقائهم هو أكبر تحدٍ لهم.”

فقد قال موسى الشديدي، كاتب عربي يعرّف نفسه على أنه “حر الجنس،” وهو مصطلحٌ عام يشير للأقليات الجنسية من غير المغايرين، فضلاً عن كونه من مؤيدي النسوية المتداخلة، “الوضع في الأردن لا يختلف كثيراً عن باقي بلدان المنطقة على ما أعتقد، أو على الأقل حسب خبرتي والمعلومات التي أحصل عليها من الأشخاص الذين ألتقي بهم. يفقد الأشخاص الامتيازات عندما يتم تحديد أنهم مثليين لأنه مجتمع أبوي، ولكنه أيضاً أمر مرتبط بنوع الجنس والطبقة الاجتماعية في الغالب. ليس لدينا منزل آمن في المنطقة. يمكن للأغنياء أن يدبروا أمورهم بدون أسرهم، والبعض الآخر خائفون جداً من الاعتراف بمثليتهم. على الأقل، من ما أعرفه وما أسمعه، لم يقتل أحد لكونه شاذ في الأردن.”

في عام 2018، نشرت هيومن رايتس ووتش تقريراً بعنوان “لست وحدك،” الذي تضمن مجموعة من القصص من مجتمع المثليين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وبحسب نائلة “كان الغرض من هذه الشهادات هو الوصول إلى الأشخاص المثليين، الذين غالباً ما يخشون عدم وجود مجتمعٍ يربطهم، وأيضاً ليظهروا للآخرين أن هذا موجود، وأن هؤلاء الأشخاص شخصيات حساسة يمكن اعتبارهم بشراً ولديهم أشياء مثيرة للتعبير عنها.”

وتابعت القول “آمل أن يساعد هذا الأمر في الأردن. على الأقل هناك مساحة من الحرية للشواذ هناك، وذلك في المشهد الفني بشكل خاص لأن بإمكانهم نشر رسائلهم دون الحاجة لفرضها على الأشخاص، ولديهم مجلة تحمل عنوان My Kali. من الإيجابي وجود مساحة كهذه. بالتأكيد، يمكن استخدام قوانين الأفعال الفاضحة ضد مجتمع المثليين، إلا أن هذا ليس الحال في الأردن.”

ظهر خالد عبد الهادي، رئيس تحرير My.Kali والمدير الإبداعي، في فيديو “لست وحدك.” وهو يعرّف المجلة على أنها منشور لأحرار الجنس والنسوية، تأسست في عام 2007 لخلق مساحة للتعبير، إذ قال لنا في فَنَك “غالباً ما ينظر إلينا على أننا مجلة مثيرة للجدل، ولم نلقى قبولاً لدى الناشطين المثليين حتى عام 2015، عندما بدأنا نتحدث عن أشياء مهمة، مثل النوع الاجتماعي والنسوية، ونطور المحتوى الخاص بنا بدلاً من مجرد مظهره.”

وأضاف “أصبحنا مرجعاً ومحبوبين بسبب محتوى أقوى وأكثر دقة. تحاول العديد من[وسائل الإعلام الأردنية] تشويه صورتنا أو تعميم محتوىنا أكثر من اللازم، أو حتى استخدامه لصرف انتباه الناس عن الأعمال السياسية الهامة. لكننا تعلمنا كيفية الرد دون استهداف وسائل الإعلام من خلال التصريحات. نحن لا نغذي هذه النيران، لأنه إذا ما تم وصفنا بـ”الإباحية،” يمكن للأشخاص التحقق من ذلك ورؤية أنه غير صحيح. الآن، غالباً ما يرسل الأشخاص محتوى مجلتنا إلى أفراد العائلة والأصدقاء من أجل بدء أي حوار أو حتى التحقق من ردود فعلهم تجاه المثلية الجنسية.”

كما يعتقد عبد الهادي أن الوضع قد تطور بشكل إيجابي لمجتمع المثليين الأردني منذ عام 2007، لا سيما فيما يتعلق بالمفردات المستخدمة لوصفه، إذ قال “كانت وسائل الإعلام تصفنا بـ”عبدة الشيطان،” و”المنحرفون،” ولكنهم اليوم باتوا يستخدمون “الشواذ جنسياً” وهي إشارة جيدة.” وتابع القول “هناك أيضاً تمثيل أكثر في وسائل الإعلام، هم أقل خوفاً أو حرجاً للحديث عنه. وأيضاً، هناك موارد متعددة متاحة حول هذا الموضوع، وهو أمرٌ صحي على ما أعتقد، وليس مجلتنا فحسب.”

على سبيل المثال، لا تترد My.Kali في استكشاف تأثير الدين على تصور ما هو “طبيعي،” إلى جانب فضح أسطورة السلطة الأبوية، وصولاً إلى وضع صورة رجلٍ متحول على الغلاف.

يدل هذا على أن مناقشة قضية المثليين يتم في الفضاء العام في الأردن، على الرغم من كونه نقاشاً لا يزال أكثر قبولاً بين طبقات المجتمع العليا. ومع ذلك، ينبغي وضع تدابير حمايتهم من التمييز في إطارها المناسب لينعم مجتمع المثليين/المثليات، مزدوجي/مزدوجات التوجه الجنسي، ومتغيري/متغيرات النوع الاجتماع بالأمان الحقيقي.