Chronicle of the Middle East and North Africa

الإمارات العربية المتحدة في إكسبو 2020 وأسبوع دبي للتصميم: البيئة قبل الاقتصاد

الإمارات في إكسبو 2020
الجناح المعماري الفائز في أبواب 2021: “الطبيعة في الحركة” للمهندس المعماري أحمد الشرباسي. تصوير ماغي غالي

ماغي غالي

تستمرّ الإمارات العربية المتحدة بالتوسّع بوتيرة سريعة، الأمر الذي يطرح تساؤلات بشأن الاستدامة في دبي وتأثيرها البيئي على مرّ السنين.

ومع سعي الإمارات التي تستهلك الطاقة بكثافة إلى إيجاد أثرٍ أنظف، فإنّ المشاريع والمقترحات التي تراعي البيئة آخذة في التزايد، حيث تسعى دبي نحو حياة صديقة للبيئة.

ففي أسبوع دبي للتصميم (DDW) الذي نُظِّم في تشرين الثاني من هذا العام، ظهرت التصاميم والعمارة صفرية الطاقة والمواد المُعاد تدويرها بشكل كبير في المعرض السنوي الذي تضمّن مشاريعًا من مختلف أنحاء العالم لعرض أحدث الإبداعات.

وقد عرضت بوهو سوينغ، ضمن تصميم وسط المدينة، سلسلة من قطع الأثاث التي تمّ صنعها عبر إعادة استخدام مواد طبيعية كانت لتنتهي في مدافن النفايات أو يتمّ حرقها للتخلّص منها.

الإمارات في إكسبو 2020
حصان بوهو سوينغ الهزاز مصنوع من الروطان وخشب المانجو المعاد استخدامه لأغراض أخرى. تصوير ماغي غالي

وصرّحت باتريسيا إغناتيك، إحدى المشاركين في تأسيس بوهو سوينغ، “نحن نستخدم في الغالب الروطان وأشجار المانجو وقشر جوز الهند وجوز الهند نفسه، وكلّها مصنوعة يدويًا. لذلك لا يمكنك العثور على قطعتين متطابقتين.” وأضافت “تُثمر أشجار المانجو لمدّة خمس سنوات فقط، وبعد ذلك يجب قطعها وزراعة أشجار جديدة. إذًا كل هذه المواد الخام هي نفايات، لهذا السبب نستخدمها.”

وأضافت قائلةً: “المانجو صناعة كبيرة في الشرق الأوسط، لذلك فقد بقي الكثير من أشجارها ولا فكرة لديهم ماذا يفعلون بها.” وتابعت “إنّه شيء موجود مسبقًا وقابل للاستخدام. وهذا ينطبق على الروطان أيضًا، حيث ينمو بسرعةٍ كبيرةٍ ثمّ يحتاج إلى تقطيع.”

وكجزء من برنامج أسبوع دبي للتصميم (DDW)، تركّز العديد من المنشآت العامة في حي دبي للتصميم (D3) على التصميم البيئي والتخطيط الحضري. ويتناول جناح معرض أبواب لهذا العام الهندسة المعمارية التجديدية والحلول البّناءة، ما يعني استهلاك أقلّ للموارد والطاقة في البناء الحضري.

وأسفرت دعوة مفتوحة عن هيكل كبير من الخيزران أطلَق عليه أحمد الشرباصي اسم “الطبيعة في الحركة”، وأقام معرضًا لشركة بيتس أند أتومز (Bits to Atoms) اللبنانية تحت عنوان “مزيج عجينة الورق” (Pulp Fusion)، الذي يقترح مواد جديدة مصنوعة من الكرتون والمواد العضوية المُعاد تدويرها.

وقال غسان سلامة، القيّم على مبادرة أبواب لفَنَك، “إنّ التجديد يعني أنّ القطعة المعمارية الفعلية يمكن أن تدوم لفترة طويلة باستخدام الموارد الطبيعية لتجديد نفسها، من دون الحاجة إلى استهلاك مصادر الطاقة الخارجية.” وتابع كلامه قائلًا “الفكرة هي أنّه يمكنك تطوير هياكل كبيرة من دون الحاجة إلى اللجوء إلى الإنتاج أو الاستخدام الكثيف للمواد.”

وأضاف “قدّمت شركة Bits to Atoms سلسلة من الأثاث الخارجي الذي حتى لو تمّ التخلّص منه سيعود إلى الأرض. فيوجد بذور بداخلها كي تنمو مرّة أخرى لتصبح نباتات. هذه هي فكرة العمارة التجديدية، إنّها في الواقع ذات أثر إيجابي أو بصمة إيجابية وليست سلبية.”

كما يعمل سلامة كمسؤول على الـ 2040؛ وهو معرض الهندسة المعمارية D3 الذي يطرح مقترحات بشأن خطة دبي الحضرية 2040 للتنمية الحضرية المستدامة. وتشمل مشاريعها بناء مدن تبعد عن بعضها البعض مدّة 15 دقيقة، لخفض الحاجة إلى النقل الخاص أو السفر بعيًدا لتلبية الاحتياجات الأساسية.

الإمارات في إكسبو 2020
2040: معرض D3 للهندسة المعمارية خلال أسبوع دبي للتصميم 2021. تصوير ماغي غالي

وصرّح سلامة “لدى قادة دبي الوسائل المناسبة للقيام بالأشياء بشكل مختلف إذا أرادوا ذلك. لهذا السبب من المهمّ عرض طُرُق أخرى لتنفيذ الأشياء.” والنقطة هنا هي طرح مقترحات في الاتجاه الصحيح وأن يتم بالفعل مناقشة هذه الأمور.

وأضاف قائلًا “خطة دبي الحضرية 2040 تتعلّق بتحسين نوعية الحياة، وتسعى إلى العمل على وضع خطّة تمسّ مختلف المجالات والأماكن العامة. لذلك دَعَوْنا خمسة مهندسين معماريين، كل واحد منهم قيّم على قسم من المعرض ويفسّر موضوعًا فرعيًا للخطة العامة – البنية التحتية، النقل، التنقّل، الأماكن التعليمية العامة، والسياحة البيئية”.

كما أنّ إكسبو 2020، الذي يمكن القول إنّه الحدث الأبرز في المنطقة، يحتلّ الصدارة في مجال الاستدامة. وباعتبارها واحدة من المواضيع الفرعية الرئيسية الثلاثة للمعرض، فإنّ الاستدامة مُدرجة في العديد من الأجنحة عبر المدينة العملاقة التي بُنِيَتْ خصّيصًا للحدث الذي يستغرق ستة أشهر.

ويعرض تيرا؛ جناح الاستدامة، السُبُل الجديدة التي تستكشفها دبي من أجل مستقبلٍ صديقٍ للبيئة أكثر. والجناح مكتفي ذاتيًا حيث يولّد 4 غيغاواط من الطاقة سنويًا عن طريق 4,912 قطعة من الألواح الشمسية. ويؤدّي نظام إعادة تدوير المياه الرمادية إلى تقليص استهلاك المياه في المساحات الخضراء بنسبة 75 في المائة، وهي غالبًا ما تلبّي حاجة النباتات المحلية التي كثيرًا ما يتغاضى عنها المطوّرون.

وقالت مها القرقاوي، نائب رئيس أوّل الشؤون السياسية في إكسبو لفَنَك، “وإذ يسعى إلى أن يكون واحد من أكثر المعارض العالمية استدامةً في التاريخ، فإنّ إكسبو دبي 2020 يجسّد مبادئ التنمية المستدامة، حيث يحترم الحدود البيئية والقيود المفروضة على الموارد الطبيعية، ويشجّع الازدهار والرفاه، كما أنّه يهيّئ الظروف الملائمة لتحسين نوعية الحياة للجميع في كل أنحاء الكوكب. ونتيجةً لذلك، وبمجرّد إغلاق الأبواب في 31 آذار 2022، سيتحوّل الموقع إلى منطقة جديدة تحت مُسمّى District 2020 والتي ستعيد تشغيل أكثر من 80٪ من البيئة المبنية في الموقع إلى مدينة ذكية محورها الإنسان.”

وتابعت مها كلامها قائلةً “ستعزّز District 2020 نموّ الصناعة والتكنولوجيا في المنطقة كأولوية لدعم رحلة الإمارات العربية المتحدة نحو اقتصاد قائم على الابتكار.” وأضافت “مع الحفاظ على بعض الأبنية الجمالية لإكسبو 2020، بما في ذلك ساحة الوصل وجناح الاستدامة ومركز دبي للمعارض، وبالطبع، مناطق المحاور الثلاثة، بالإضافة إلى أحدث المباني الأساسية الرقمية والمادية.”

وكلّ هذه المشاريع هي بمثابة أمثلة على دفعة أقوى من الإمارات العربية المتحدة لأن تكون أكثر استدامة وأقل ضررًا بالبيئة. وقد وقّعت الإمارات العربية المتحدة هذا الشهر عدّة اتفاقيات تستهدف سياسات أفضل لتجنُّب تغيّر المناخ والمبادرات ذات التأثير البيئي الإيجابي، وذلك ضمن حضورها قمّة تغيّر المناخ  في غلاسكو COP26.

وبحلول عام 2030، تعهّدت الإمارات العربية المتحدة بزراعة 100 مليون شجرة من أشجار المانغروف؛ نبات يتحمّل الملوحة ويقلّل من انبعاثات الكربون ويوفّر الموائل الطبيعية لصغار الأسماك، وغيرها من المخلوقات البحرية. كما تحمي الأشجار سواحل الإمارات العربية المتحدة من ارتفاع منسوب مياه البحر والتعرية من العواصف.

وبما أنّها ستستضيف قمّة تغيُّر المناخ COP28 لعام 2023، تتّجه كل الأنظار نحو دبي لإثبات التزامها بأن تكون مدينة صديقة للبيئة أكثر.

وغرّد حاكم دبي ورئيس وزراء الإمارات العربية المتحدة، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، “سنضع كل قدراتنا لإنجاح المؤتمر، وسوف تظلّ الإمارات العربية المتحدة ملتزمة بالعمل المناخي العالمي لحماية كوكب الأرض.”

كما طرحت مشاريع أخرى، مثل البحوث التي أجرتها الإمارات العربية المتحدة في مجال تكنولوجيا تلقيح السحب، وهي تقنية تعمل على تحسين هطول الأمطار من خلال إطلاق نيران الملح على السُحُب، بالإضافة إلى مشروع زيادة وقود الهيدروجين الأخضر للمركبات.

user placeholder
written by
Dima
All Dima articles