إلكتروسطين هو ألبوم تعاوني تم إصداره في 17 يناير 2019 وهو متاح على موقع سبوتيفاي، ويضم فنانين مشهورين من المشهد الموسيقي الفلسطيني المستقل (الأندرجراوند) بأسلوب حديث يمزج الموسيقى الشعبية الفلسطينية وجذورها والموسيقى التقليدية. يهدف الألبوم الذي تم إنتاجه وتسجيله في فلسطين إلى تعريف الجمهور العالمي بالأصوات الفلسطينية المعاصرة.
كانت نقطة إنطلاق إلكتروسطين من مركز الفن الشعبي في رام الله، الذي يحتوي على أرشيفات الموسيقى والأغاني الشعبية الفلسطينية المسجلة خلال الجنازات وحفلات الزفاف وغيرها من المناسبات الاجتماعية. وعلى عكس العديد من الثقافات الأخرى، ليس للأغاني الفلسطينية التقليدية كلماتٌ محددة بل إيقاعٌ محدد. وعادةً ما يكون المغنون من أفراد الأسرة الواحدة أو الأصدقاء المقربين الذين يخترعون كلمات أغانٍ وليدة اللحظة. لذلك، تختلف كلمات الأغاني من مكانٍ إلى آخر وحتى من أداءٍ إلى آخر. ومع ذلك، لا تزال هذه الأغاني تتمتع بشعبيةٍ كبيرة.
فقد كان رشيد عبد الحميد، المهندس المعماري والمصمم والمنتج الفلسطيني، من قرر أن هذه الأغاني تستحق أن يُبث بها حياةٌ جديدة من خلال مشروعه الإنتاجي “صنع في فلسطين.” تعدّ “صنع في فلسطين،” التي تأسست في عام 2013، مبادرةً مستقلة تهدف إلى خلق والترويج للفنون البصرية الفلسطينية المعاصرة. ولدت فكرة الألبوم التعاوني بعد أن بدأ العمل مع سما عبد الهادي (الاسم الفني سماء)، أول منسقة أغاني فلسطينية (دي جي). بدأت تنسيق الأغاني في رام الله عام 2006، وفي عام 2010، بدأت في إنتاج موسيقاها الخاصة، مع التركيز على موسيقى الإلكترونك والتكنو والهاوس والديب هاوس. بعد ذلك، وضعت قائمةٍ من سبعة فنانين مستقلين يعيشون في حيفا والقدس ورام الله وباريس ولندن ممن كانوا مهتمين بإنشاء ألبوم خلال ورشة عمل استمرت أسبوعين. والفنانون هم: جلمود والناظر ومقاطعة وسارونا م وناصر حلاحلة (زنوبيا) وبرونو كروز وولاء سبيت (47 سول). انضم إليهم فنانان ضيفان: مهدي حداب (سبيد كارافان) وباسل ناعوري.
“كان الأمر ممتعاً،” أوضح عبد الحميد لفَنَك، وأضاف “أنا أحب الموسيقى، وهناك جيل كامل من فناني الموسيقى الإلكترونية الفلسطينيين الناشئين الذين يصنعون موسيقى ليست بالضرورة فلسطينية… اعتقد أنه من الجيد أيضاً أن يكون لديك هوية عندما تكون فلسطينياً.”
وفيما يتعلق بإصدار إلكتروسطين، قال عبد الحميد في بيانٍ صحفي، “يهدف [الألبوم] إلى تقديم صورة مختلفة عن فلسطين، صورة يرسمها أكثر منتجوها الثقافيون المعاصرون بشكلٍ إبداعي. طوال نصف القرن الماضي، اقتصرت نظرة المنطقة والعالم لفلسطين على الحرب والاحتلال والمعاناة الإنسانية. ومن خلال هذا الإنتاج الموسيقي المبتكر، يهدف إلكتروسطين إلى تحدي تلك الصورة المسيسة إلى حدٍ كبير، وإلقاء الضوء على حيوية فلسطين الثقافية وأهميتها في العالم الفني المعاصر.”
ولتحقيق ذلك، اختار المنتجون والفنانون أصواتاً تردد صداها لديهم وطوروا 18 عمل عليهما الفريق بأكمله خلال ورشة العمل. اختار حلاحلة، وهو منتج موسيقي ومسؤول مشاريع تجريبية للكلمات المنطوقة من شفا عمرو، بالقرب من حيفا، العمل على أغنية من أغاني الزفاف باستخدام فن الأكابيلا، إذ قال لنا في فَنَك: “إن صوت النساء في التسجيلات، والنص والحيوية التي ترافقه، وتوثيق حفلات الزفاف الفلسطينية القديمة، لامست روحي بطريقة ما وقررت العمل عليه.” وأضاف “قضيت عدة ساعات في الاستماع إلى الملفات [الصوتية]، إلى أن خطرت لي فكرة. فكرت في السعادة الحقيقية والشعور الخالص في مثل هذا الموقف، ورأيته بسيطًا وغير تقليدي، وهذا ما قررت فعله. تغني المرأة أنها تضع العقال [ قطعة سوداء يرتديها الرجال حول الرأس لتثبيت الكوفية] فوق الجرة [وعاء لمياه الشرب]. أعتقد أن هذه كلمات رمزية لإظهار مدى اهتمام العريس.” وقال أنه اشترك مع إلكتروسطين لـ”يكون أحد الأشخاص الذين يحافظون على بقاء هذه التسجيلات والأغاني على قيد الحياة.”
ومن الفنانين المشاركين أيضاً، سارونا البالغة من العمر 24 عاماً. ولدت في القدس، وبدأت العزف الموسيقى في السابعة من عمرها في معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى، وهي متخصصة في آلة تقليدية تسمى القانون. درست لاحقاً الموسيقى والهندسة الموسيقية في كلية بيركلي للموسيقى في بوسطن بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث حضرت دروساً مع الفنان الفلسطيني الشهير سيمون شاهين، لتقوم بتطوير قدراتها في الموسيقى الكلاسيكية في الشرق الأوسط بالإضافة إلى موسيقى الجاز، رغم أنها تأثرت أيضاً بموسيقى الهيب هوب والفانك. أصبحت مهتمة بالموسيقى الإلكترونية قبل حوالي أربع سنوات، وتستمتع بتجربة مختلف الأنواع والتقنيات.
وبحسب قولها، “شعرت بالسعادة والحماس الشديدين عندما طلبوا مني أن أكون جزءاً من [إلكتروسطين]، خاصة بعد أن عرفت أسماء المشاركين، وهم أشخاصٌ أتطلع إليهم ومن أشد المعجبين بموسيقاهم.” فقد استغرقها الأمر الكثير من الوقت لاستعراض جميع الأصوات المقترحة والتعبير عن مشاعرها اتجاههم، لكنها في النهاية اختارت أغنية زفاف تقليدية وشائعة للغاية. “عندما سمعت ذلك، كنت أعلم أنها العينة التي أردت استخدامها؛ فقد كانت مترابطة جداً وأحببت إيقاعها. بالنسبة للأغنية الثانية، تقصدت اختيار عينة تعرض امرأةً لا تتحدث عن حفلات الزفاف بسبب وجود الكثير منها في التسجيلات. أردت شيئاً بطابع سياسي نوعاً ما، ويضم شابات أيضاً، وذلك لأتناول أيضاً فكرة النساء الشابات وليس فحسب النساء المُسنات في القرى.”
من خلال هذا الألبوم، يأمل الفنانون المشاركون تحديث صوت وصورة الموسيقى الفلسطينية التقليدية. كما يرون في الألبوم – الذي يذكر على غلافه على أنه “احتفالٌ إلكتروني بالتراث الفلسطيني” – كوسيلةٍ للوصول إلى جماهير جديدة ممن لربما لم يروا فلسطين حتى الآن إلا من خلال عدسة الحرب.