وفقاً لتقرير نشرته منصة بوابة الاقتصاد الإسلامي العالمي (بوابة السلام)، أنفق المسلمون 142 مليار دولار على السفر إلى الخارج في عام 2014-2015، ومن المتوقع أن يصل حجم الإنفاق إلى 233 مليار دولار، أو ما نسبته 13% من الإنفاق العالمي، بحلول عام 2020. ولتلبية احتياجات هذا القطاع المتنامي من السوق، يتجه عدد متزايد من وكالات السفر إلى السياحة الحلال، فيما تشجع المزيد من البلدان الصناعات الحلال.
وتعدّ السياحة الحلال فئة فرعية من السياحة التي تتماشى مع قوانين وتقاليد الإسلام. وتشتمل هذه على المطاعم التي لا تقدم لحم الخنزير والكحول وفنادق توفر منتجعات صحية وحمامات سباحة منفصلة للنساء والرجال. وتعتبر المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت وقطر وتركيا الوجهات السياحية المفضلة لدى السياح المسلمين، إلا أن لاعبين جدد انضموا للصناعة في السنوات الخمس الماضية بمن فيهم ماليزيا والفلبين واليابان.
وفي مقالٍ نشره موقع فوكاتيف الإخباري في ديسمبر 2013، وصفت الصحفية أليساندريا ماسي مؤشر السفر العالمي للمسلمين (Crescent Rating)، وهو نظام تصنيف مستقل للرحلات والخدمات الحلال. وكتبت ماسي أنه يتم تحديد الأكثر حلالاً على مؤشر من 1 إلى 7,7 “من حيث توافر الطعام الحلال، وتحديد اتجاه القبلة في الغرفة، وإذا ما كانوا يقدمون الكحول، وإذا ما توفر شطاف صحي أو بيديه في الحمام (للوضوء قبل الصلاة).” وكما ذكر المقال، تعتبر سهولة الوصول إلى الطعام الحلال المتطلب الأكثر أهمية للاستمتاع برحلةٍ حلال، يليها القرب من مكان للصلاة.
وفي عام 2015، تم إطلاق شهادة سلام المعيارية (Salam Standard)، وهي أول أداة مرجعية للفنادق على الإنترنت تستهدف خصيصاً المسافرين المسلمين. وقال فايز فضل الله، مؤسس شهادة سلام المعيارية لفَنَك “تم بالفعل إعتماد أكثر من 55 ألف فندق وعرض مرافقهم وخدماتهم المواتية للمسلمين.” وأضاف “ومؤخراً، عقد مركز السياحة الإسلامي شراكةً مع شهادة سلام المعيارية لإطلاق مشروع تصنيف الفنادق المتميز، حيث تخضع جميع الفنادق إلى فحوص صارمة منتظمة لضمان استيفائها للمعايير المطلوبة.”
وتضم قائمة العلامات التجارية الكبرى للفنادق المصنفة حالياً- الحاصلة على التصنيف البرونزي، أو الفضي، أو الذهبي، أو البلاتيني- ماريوت، ومجموعة فنادق أكور، وموفنبيك، ومجموعة فنادق أركابيليغو. وقال فضل الله، “تم تصميم شهادة سلام المعيارية بعد أن تم استطلاع رأي أكثر من 50 ألف مسافر مسلم لمعرفة ما هي المرافق والخدمات الأكثر أهمية بالنسبة لهم عند السفر.” وأضاف “الآن، يمكن للأشخاص معرفة ما إذا كان الفندق يوفر سجادة للصلاة، وإذا ما كان يقدم الطعام الحلال، وإذا ما كانت ثلاجة الغرفة (الميني بار) تحتوي على مشروبات كحولية، وحول إمكانية إزالتها قبل الوصول.”
ووجدت الأبحاث التي أجرتها شهادة سلام المعيارية أن 95% من المستطلعين يعتبرون الفندق المعتمد المواتي للمسلمين خياراً أفضل من غير المعتمد، كما أن 91% من المستطلعين يرجحون دفع قيمة أعلى مقابل الإقامة في فندقٍ مواتٍ للمسلمين. وقال فضل الله في هذا الشأن “ستزداد أهمية السياحة الحلال المواتية للمسلمين بشكلٍ كبير خلال العقد القادم،” وتابع قوله “باتت السياحة الإسلامية اليوم واحدةً من أسرع قطاعات السياحة نمواً في العالم، ولها تأثير اقتصادي كبير على العديد من الوجهات السياحية. ونحن نعتقد أن السياحة المواتية للمسلمين جزءٌ لا يتجزأ من مفهوم السياحة الشامل الجديد، الذي يتجه نحو تقديم عروضٍ لمختلف شرائح العملاء والسفر ذو الطابع الشخصي.”
كما اعترف آخرون أيضاً بالإمكانيات الاقتصادية لهذا الاتجاه. ففي أبريل 2017، عُقد المؤتمر الدولي الأول للسياحة الحلال في تركيا. واستضاف المؤتمر، الذي نظمته كلية السياحة في جامعة كاستامونو التركية، عشرات الأكاديميين من 13 بلداً مختلفاً لحضور 26 محاضرة علمية منفصلة تغطي جميع إمكانات السياحة الحلال وتوحيد معايير السياحة الحلال للتمويل والتسويق وإدارة الفنادق.
وفي لقاءٍ لنا مع حسين باموكجو، أمين سر مؤتمر السياحة الحلال، قال “نريد أن نتمكن من الوصول إلى المستوى الذي تستحقه بلادنا في قطاع السياحة الحلال، وأن نظفر بالحصة المناسبة من هذا القطاع سريع النمو.” وأضاف “في عالمٍ يتم فيه دعم السياحة الحلال حتى من قِبل الدول غير الإسلامية، فمن الضروري أن يكون بلدنا مثالاً للدول الإسلامية.” وأضاف باموكجو أنه بعد يومين المحاضرات وحلقات النقاش “تمكن المؤتمر الدولي الأول للسياحة الحلال من إقامة علاقات وثيقة مع الخبراء والقادة حول اتجاهات السوق المتغيرة والفرص في مجال السياحة الحلال.”
وهناك بعض الأدوات الأكثر عملية، مثل HalalTrip.com، وهو موقعٌ الكتروني للعرض وتقديم المشورة يسمح للمسلمين اتخاذ قراراتٍ مدروسة قبل سفرهم. وقال فضل بهاردين، مؤسس الموقع لفَنَك “يعدّ سوق السفر الإسلامي واحداً من أسرع قطاعات [السفر] نمواً.”
وفي محاولةٍ لتغطية مجموعة متنوعة من المتطلبات، يركز الموقع على الجولات الترفيهية التي تحمل مواضيع مثل المغامرة، وشهر العسل، وتنمية الشخصية والطعام. وقال بهاردين “بدأ المسافرون المسلمون يميلون إلى السفر إلى وجهاتٍ لم يسبق أن زاروها بسبب مخاوف بشأن الطعام على سبيل المثال.” وأضاف “اليوم، تستهدفهم العديد من الوجهات وتلبي احتياجاتهم. فعلى سبيل المثال، نشهد نمواً في وجهاتٍ مثل اليابان وكوريا وتايوان. وعموماً، السياح المسلمون حالهم كحال أي سياح آخرين يبحثون عن تجربة أشياء جديدة، والتعرف على ثقافات وأطعمة، أو حتى التسوق. الفرق الرئيسي هو أن المسافرين المسلمين لا يزالون يرغبون في الحفاظ على مبادئهم الدينية الرئيسية خارج ديارهم. وهذا يعني، من بين أمورٍ أخرى، الأطعمة الحلال وأماكن للصلاة.”
ومع تنامي الاستثمار والتركيز على السياحة الحلال في الشرق الأوسط وآسيا، قد يحصل السياح المسلمون، قريباً، على عددٍ أكبر بكثير من الوجهات السياحية للاختيار فيما بينها. ومع ذلك، ينبغي على أوروبا، حيث لا يزال القطاع غير مستثمر نسبياً، اللحاق بالركب.