وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

هل الخطوط الجوية التركية، التي تشهد نمواً سريعاً، المنافس الجديد الذي يتوجب على الشركات الكبرى في الشرق الأوسط، طيران الإمارات، وطيران الإتحاد، والخطوط الجوية القطرية، أن تخشاه؟

Istanbul New Airport
مشروع مطار إسطنبول الجديد المقرر افتتاحه عام 2019. المصدر Architectism.com

كحال شركات النقل الجوي في منطقة الخليج، تتعاقد الخطوط الجوية التركية مع نجوم الرياضة وغيرهم من المشاهير لحملات الرعاية والتسويق. كما تسعى الشركة أيضاً، كحال الشركات الثلاث الأخرى، إلى تعزيز حجم اسطولها واستيعابها للركاب. ولكن طيران الإمارات، التي تعدّ الخطوط الجوية الأكبر قيمة من ناحية العلامة التجارية، والتي تصل قيمتها إلى 6,6 مليار دولار وفقاً لتقرير براند فاينانس جلوبال 500 لعام 2015، ترغب في أن تكون أكبر ناقل جوي بحلول عام 2020 وتخطط لامتلاك 250 طائرة تخدم 70 مليون مسافر عبر ست قارات، وذلك وفقاً لتصريحات تييري أنتينوري، نائب الرئيس التنفيذي ورئيس الشؤون التجارية لطيران الإمارات.

“ومع ذلك، أن نصبح أكبر شركة طيران في العالم ليس هدفنا النهائي. لطالما كان هدفنا إيصال المسافرين من جميع أنحاء العالم إلى دبي وغيرها من الوجهات بمحطة توقف واحدة عبر شركتنا،” وفقاً لما أخبرنا به أنتينوري عبر البريد الالكتروني. وأضاف بأن الشركة، إلى جانب شركائها في دبي، حققت بالفعل تقدماً في طائراتها لضمان أنّ البُنية التحتية في المكان المناسب لدعم والاستفادة من النمو الذي تتوقعه الشركة في السنوات المقبلة.

وفي سؤالنا عما إذا كانت شركة طيران الإمارات قلقة بشأن إمكانية قيام شركات طيران أخرى، وبخاصة الخطوط الجوية التركية، بالإنتقال إلى السوق الرئيسي للشركة التي تتخذ من دبي مقراً لها، أجاب المسؤول أنّ طيران الإمارات تركز فقط على نموها. “لدينا حالياً 234 طائرة ذات هيكل عريض ضمن اسطولنا، وتعتبر من أكبر الطائرات ذات الهيكل العريض في العالم. نحن لسنا قلقون بشأن أنشطة الشركات الأخرى، ونركز على نمونا الأساسي. فمن الضروري وجود منافسة في هذه الصناعة، إذ يساهم هذا في الحفاظ على نشاطنا جميعاً، وهذا بدوره يضمن للعميل التمتع بأفضل خدمة وتجربة ممكنة. نحن نحترم المنافسة، ولكننا لا نقضي الكثير من الوقت يساورنا القلق بهذا الشأن. نحن نركز على جودة منتجنا.” في عام 2014، نشرت طيران الإمارات زيادة بالأرباح بنسبة 40% من أرباح العام بأكمله، إلى 1,3 مليار دولار.

ومن ناحية أخرى، وبتغطيتها وجهات لبلدان أكثر من أي خطوط جوية أخرى في العالم، وفقاً لإدارتها، تصل الخطوط التركية اليوم لـ264 وجهة في 108 بلد.
تشغل الخطوط التركية في الوقت الحالي 263 طائرة، 55 منها ذات الهيكل العريض، و199 ذات الهيكل الضيق، وتسع طائرات شحن وفقاً للبيان المالي للشركة.

وفي عام 2015، تسعى الخطوط الجوية التركية إلى زيادة قدرتها بنسبة 15%. ومن المستهدف أن يصل مجموع عدد المسافرين الذين يتم نقلهم إلى 63,2 مليون مسافر، بما في ذلك 26 مليون على الطرق الداخلية، و36 مليون على الطرق الدولية، والموازنة بين تأجير الطائرات ورحلات الحج. وبحلول نهاية 2015، من المقرر أن يصل الأسطول إلى 293 طائرة، بما في ذلك 214 ذات هيكل ضيق، و68 ذات هيكل عريض، و11 طائرة شحن. وتعتزم شركة الخطوط الجوية التركية إضافة وجهتين محليتين جديدتين و7 وجهات دولية لشبكتها عام 2015، ليصل بذلك إجمالي عدد الوجهات إلى 273. ضاعفت الخطوط الجوية التركية حصتها في الأسواق العالمية ثلاث مرات خلال السنوات العشر الماضية، ومنحت لقب “أفضل طيران في أوروبا” خلال السنوات الأربع الماضية.

كما تمتلك شركة طيران الإتحاد، ومقرها أبو ظبي، خطط توسع طموحة لتصبح لاعباً عالمياً رئيسياً في سوق الطيران. حققت الناقل الوطني للإمارات العربية المتحدة أقوى نتائجها المالية حتى الآن عام 2014، حيث بلغت أرباحها الصافية 73 مليون دولار بإجمالي إيرادات بلغ 7,5 مليار دولار، بزيادة 52,2% و26,7% على التوالي مقارنة بالعام السابق. الاتحاد للطيران، التي حملت ما مجموعه 14,8 مليون مسافر عام 2014، ترغب في مواصلة الاستثمار في الطرق ، والطائرات، والمنتجات، والبنية التحتية الجديدة اللازمة للمنافسة بفعالية.
ووفقاً لإدارتها، تمتلك الاتحاد للطيران أكبر شبكة خطوط من أي ناقل في الشرق الأوسط، تصل إلى أكثر من 500 وجهة. وسوف تستمر في زيادة المبيعات وفرص التسويق في الأسواق الرئيسية.

تمتلك الخطوط الجوية القطرية، ومقرها الدوحة، في الوقت الراهن أكثر من 340 طائرة تحت الطلب، والتي تبلغ قيمتها أكثر من 70 مليار دولار، بما في ذلك طائرات بوينغ 777 و787، وطائرات إيرباص A380و A350. وتعتبر شركة الخطوط الجوية القطرية واحدة من أكثر شركات الطيران نمواً وتدير واحد من أجدد الأساطيل في العالم. في عام 2014، حلقت الشركة إلى 146 وجهة وتخطط لإضافة عدة طرق في أوروبا وأفريقيا وآسيا.

أخبرنا ويل هورتون، أحد كبار المحللين في مركز الطيران (CAPA) أنّ الخطوط الجوية التركية مشابهة في بعض النواحي ولكن أيضاً مختلفة لشبكات الطيران في الخليج. لدى تركيا سوق محلي وحركة من نقطة إلى نقطة من وإلى أوروبا. حركة المرور الدولية لشركات الطيران الخليجية قد تصل إلى نحو 80% إلا أن نسبتها هي 28% للخطوط التركية.

لدى تركيا ميزة جغرافية كونها أقرب إلى أوروبا، مما يسمح لها تقديم خدمات بسهولة لأي وجهة باستخدام الطائرات ذات الهيكل الضيق، وهذا أحد أسباب كون الخطوط الجوية التركية تخدم المزيد من الوجهات في أوروبا أكثر من شركات الطيران الخليجية. “أن تكون أقرب إلى أوروبا يعني أيضاً أن تكون أبعد عن آسيا. على سبيل المثال، لا يمكن الوصول إلى أستراليا على نحوٍ مستدام دون توقف من اسطنبول ولكن يمكن ذلك من المحاور الخليجية.” قال هورتون. الخطوط الجوية التركية مهتمة بالرحلات الجوية لمسافات طويلة، لكن حقوق النقل التركية ليست بقوة شركات الطيران الخليجية. تحتاج الخطوط التركية إلى المزيد من الطائرات ذات الهيكل العريض. كما تمتلك احتياطي ضئيل من طائرات الهيكل العريض لاستخدام العديد منها كبديل عوضاً عن النمو، أضاف هورتون.

ومع ذلك، فإن حكومات تركيا، وأبو ظبي، ودبي، وقطر تنفق مئات الملايين سنوياً على شركات الطيران والطيران للتربع على قمة الأسواق العالمية. تعمل كل من دبي وأبو ظبي على توسيع مطاراتها الحديثة، في حين افتتحت قطر مطار ضخم جديد في عام 2014 حيث تسعى لتحويل البلاد الغنية بالغاز إلى مركز رئيسي للطيران، بينما تستعد لاستضافة كأس العالم لعام 2022. يمكن لمطار حمد الدولي الآن استيعاب 30 مليون مسافر سنوياً، مع وجود خطط للتوسع خلال السنوات القليلة المقبلة.

ومع ذلك، وفقاً لرويترز وغيرها من وكالات الأنباء العالمية نقلاً عن وزير النقل التركي السابق بينالي يلديريم، تهدف تركيا، بحلول نهاية عام 2018 أو أوائل 2019، لإفتتاح أكبر مطار في العالم في اسطنبول، والذي يتوقع أن يصل إلى كامل طاقته بحلول نهاية عام 2024. ولطالما أُتهمت شركات الطيران الخليجية الكبرى الثلاث من قِبل منافسيها في أوروبا وأمريكا بتلقي دعم حكومي، إلا أنّ عملاقة الطيران لطالما نفت هذه الإدعاءات.

وتزعم شركات الطيران في دول الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أن طيران الإمارات والإتحاد وقطر تستفيد من انخفاض أسعار النفط. وعندما دخلت شركات طيران الإمارات والاتحاد وقطر الأسواق الأمريكية، قبل عقدٍ من الزمان، بموجب اتفاقيات “الأجواء المفتوحة” التي تم توقيعها مع الولايات المتحدة الأمريكية، خشيت شركات الطيران الأمريكية، مثل دلتا ويونايتد ايرلاينز، أن المنافسة لن تكون عادلة بسبب الإعانات المقدمة لشركات الطيران الخليجية.

“بينما يتوفر النفط في كل مكان حولنا في الشرق الأوسط، وجد منتقدونا الذريعة المناسبة لإتهامنا بالحصول على الوقود بأسعار رخيصة. ولكن طالما كانت الحقائق غير ملحوظة، إذ تمتلك دبي احتياطيات نفط محدودة للغاية، ومصفاة واحدة- على نطاق ضيق- لوقود الطائرات. وبسبب هذا فإن مزودي وقود الطائرات (الكيروسين) الأساسيين هم من شركات الطاقة الغربية، التي تفرض أسعاراً تجارية،” ذكرت شركة طيران الإمارات في تقريرٍ لها نشرته على موقعها الالكتروني يهدف إلى تبديد الاتهامات المحيطة بشركة طيران الإمارات والإعانات.

وقال تيم كلارك، رئيس شركة طيران الإمارات، في التقرير أنّ طيران الإمارات ترى أمامها العديد من الفرص المشجعة، إذ تدرك المزيد والمزيد من الدول أنّ دخول شركات الطيران الحرة أجوائها له تأثير مضاعف على اقتصاداتها ويخدم بشكل أفضل مصالحها الوطنية. ومع ذلك، قال بأن هناك بعض شركات الطيران الكبرى وحلفائها من الوكالات تمنع بنجاح المنافسة الجديدة من خلال خلق تأكيدات كاذبة متكررة عن منافسيها. وأضاف “نحن ندرك أن نجاحنا جعلنا هدفاً، كما أنّ بعض شركات الطيران تسعى لتحريف الحقائق بشكلٍ جسيم حول طيران الإمارات ودبي لخدمة مصالحها. ليس لدينا ما نخفيه ونرحب بأي نقاش يتعلق بأنشطتنا.”

user placeholder
written by
veronica
المزيد veronica articles