“الكتّاب الجيدون لا يعكسون الحقيقة،” تقول الكاتبة والشاعرة الكويتية ندى الفارس، “بل يغيرونها”.
في عام 2003، أي بعمر السابعة عشرة، تملكت الرغبة ندى فارس بأن تصبح كاتبة محترفة، إلا أنها أدركت افتقارها إلى أحد أهم الأدوات؛ المعرفة واللغة. وفي ضوء ذلك، التحقت بكلية الآداب لتستقي من نبع المعلومات، ولتبدأ رحلتها التي امتدت طوال عشر سنوات لشحذ حرفيتها.
بتركيز وتصميم لا نظير لهما، وضعت فارس خطتها في الموضع الملائم بوسائل محددة لبلوغ هدفها: الحصول على درجة البكالوريوس في اللغة الإنجليزية وآدابها من جامعة الكويت لاكتساب المعارف المأمولة، فضلاً عن القراءة بنهم لإثراء مفرداتها، وتجريب الأشكال والأنواع الأدبية لتنمية مقدرتها الكتابية، وشحذ مهاراتها في الخطابة أمام الجمهور من خلال استضافة الفعاليات الثقافية. كما ساهمت أيضاً في تنظيم وإطلاق “يوم اللغة الانجليزية،” وهو حدث سنوي في جامعة الكويت يحتفي بالآداب. استقصت الأفكار والآراء، لتؤلف مئات القصائد والمقالات والقصص القصيرة، التي نُشر العديد منها في الصحافة المطبوعة ووسائل الإعلام على شبكة الانترنت.
أنجلويتي “Anglowaiti”
آنذاك، لم تكن الكتابة عن الكويت باللغة الانجليزية شائعة، إلا أنّ المصطلحات الأدبية الموجودة لم تلائم أفكار وهوية وخبرات فارس، مما دفعها إلى صياغة مصطلح “Anglowaiti” لتعريف نفسها. تُشير كلمة “Anglo” إلى الانجليزية، بينما لاحقة “waiti” تأتي من كلمة كويتي. ينبع اشتقاق هذا المصطلح من الحاجة لجعل المجال الأدبي في البلاد أكثر شمولاً. غالباً ما يشعر كتّاب الانجلويتي بالعزلة بسبب مُفاضلتهم لخيار اللغة، كما أنّ أدب الأنجلويتي يُقدم لهم شعوراً بالإنتماء، ليعمل على تشجيع أولئك- المغتربين بالإضافة إلى الكويتيين الذين يدرسون في المدارس والجامعات الخاصة- الذين لا يستطيعون المشاركة في محادثة ما نظراً لحاجز اللغة الذي تفرضه لغة التواصل المشترك.
اتخذت فارس قراراً متعمداً بالكتابة باللغة الانجليزية للوصول إلى جمهور عالمي، ولتجنب المخاطرة بوجود فروق بسيطة في أعمالها التي قد تفقد معناها في الترجمة.
الكتابة من أجل التغيير
بإدراكها للحاجة المُلحة لمعالجة القضايا الناشئة من مجتمع مجزأ ومتعدد الطبقات، تسعى فارس إلى سد الفجوة التي أنشأتها العنصرية وكراهية الأجانب عن طريق استهداف شريحة مختلفة من الجماهير- المواطنين، والوافدين، وطلاب المدارس الحكومية والخاصة، والأطفال، والبالغين، وما إلى ذلك – من خلال وسائل مختلفة.
تؤمن بقوة أن الفن، وبخاصة الكتابة، أداة يمكن للمرء من خلالها تغيير الواقع ومجرى التاريخ، فقط في حال انتهز المرء الفرص للقيام بذلك.
أؤمن بقوتي
وسأتأكد من أن دوري في القُبة الكونية
سيكون دوراً إيجابياً.
– مُقتبس من “أكبر مني”، التي أدتها في TEDxShuwaikh، الكويت، مارس 2016.
في عام 2010، دُعيت فارس للمشاركة في أول بطولة وطنية لشعر الصلام (الشعر المحكي). وعلى الرغم من أنّ هذا المجال الشعري لم يكن مألوفاً بالنسبة لها، إلا أنها أجرت البحوث اللازمة، وأدت على المسرح والخوف يتملكها من فكرة وقوفها أمام لجنة التحكيم. لم يكن هناك مبرر لقلقها، فقد حصل أداؤها على المركز الأول.
كانت تلك لحظة حاسمة في حياتها، إذ كان هذا دليلاً ملموساً على أن لكتابتها تأثير؛ كان هذا جلياً من هتافات الجماهير، وردود الفعل ذات المشاعر الجياشة، وبالطبع، فوزها. غيّر هذا وجهة نظرها حول الكتابة، فلم تعد تكتب لنفسها فحسب، بل بات وسيلة لتمكين الجمهور بالمعرفة التي قد تدفعهم إلى التفكير، والتساؤل، والمناقشة.
تتضمن قصائدها الفائزة “Facebook Intellectuals” التي تنتقد فيها سطحية المثقفين في العصر الحديث الذين ينددون بالوضع الراهن على وسائل التواصل الاجتماعي عوضاً عن مباشرة النشاط الفعلي، و” Stasis is the Mark of the Dead “وهي قصيدة فلسفية عن الهوية.
كجزء من استراتيجيتها بالدرجة الأولى لتعزيز مكانتها بوصفها كاتبة انجليزي- كويتي في الكويت، اختارت نشر Before Young Adult Fiction على نفقتها الخاصة، وهي مجموعة من القصص والقصائد والمقالات التي تعكس مجتمعها وساعدتها في تشكيل أسلوبها الكتابي. ومن خلال نسج الموضوعات الاجتماعية، والأسئلة والرسائل في الكتاب، تستعرض فارس القضايا الاجتماعية- السياسية المتفشية في السرد الوطني. فعلى سبيل المثال، في القصة القصيرة، A Melancholic Superhero تبرز الجروح الواضحة في نسيج المجتمع المحلي بموضوعات تتعلق بالخوف، وجنون الشك والاضطهاد، والتحامل.
كتابها Fame in the Adriatic، والذي تناول قصة رومانسية تاريخية للشباب البالغين تتعارض مع خلفية عصر النهضة الإيطالية، تم نشره على شكل حلقات في مجلة City Pages في عام 2013. اختارت هذا النوع الأدبي والسياق التاريخي لتمويه النقد الاجتماعي في الكويت.
>كان عام 2013 عام الإنجازات بالنسبة لفارس، فمع استكمالها برنامج الكتابة الإبداعية لدار الآثار الإسلامية، تم ترشيحها لتمثيل الكويت في مهرجان شباك في العاصمة البريطانية، لندن. وفي وقتٍ لاحق من ذلك العام، تم اختيارها مرة أخرى لتمثيل الكويت في برنامج الكتابة الدولي في جامعة ايوا (IWP). البرنامج المحترم، المعروف أيضاً باسم الأمم المتحدة للأدباء والكتّاب، هو برنامج إقامة إبداعي مدته عشرة أسابيع للكتّاب المعروفين دولياً والصاعدين، والذي من ضمن خريجيه الكاتب الكويتي طالب الرفاعي.
تواصل فارس مشاركتها في مسابقات الصلام وتُقدم الفعاليات في المناسبات الثقافية. فقد سبق وأدت في ليلة الميكروفون المفتوح لنادي الكتابة الكويتي بمشاركة الفنانة الكويتية شروق أمين، ونادي الرياض للكتابة، ومعرض الكويت الدولي للكتاب، وأمسيات “وورد أوف ماوث الكويت” الشعرية، والأمسية الشعرية في جامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا، ومناظرات ذا ديفان، ونادي الرياض للكتابة، ومعرض الكويت الدولي للكتاب، وأمسيات “وورد أوف ماوث الكويت” الشعرية، والأمسية الشعرية في جامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا، ومناظرات ذا ديفان، بالإضافة إلى العديد الفعاليات التي تحتضنها المدارس والجامعات المحلية.
كتاب فارس Fountain of Youth من الكتب المؤهلة للجولة النهائية لجائزة Vignette Collection Award من مجلة Vine Leaves لعام 2016 وسيتم نشرها في عام 2017. Animal Instinct هو مجموعة من القصائد الأدائية التي سيتم نشرها من قِبل The Operating System في عام 2017.
تحول المناخ الثقافي
عندما قررت فارس أول مرة أخذ الكتابة على محمل الجد، كانت الفعاليات والفرص الثقافية في مجال الفنون قليلة ومتباعدة. ولكن إلى جانب مساهمتها في الساحة الأدبية في الكويت، تطورت حركة متزامنة في الكويت على مدى السنوات القليلة الماضية، كاشفةً عن تعطشها للفنون. فقد برزت المراكز الثقافية في جميع أنحاء البلاد، إلى جانب العديد من المبادرات التي وفرت للأفراد المنصة والبيئة للقراءة، والكتابة، والمنافسة، وعرض أدائهم. ومن التطورات المثيرة، جائزة الملتقى، التي أطلقها الملتقى الثقافي الكويتي في شراكة مع الجامعة الأمريكية في الكويت عام 2015، والتي تعتبر أول جائزة دولية في العالم العربي للقصة القصيرة العربية. ندى فارس أحد أعضاء مجلس الأمناء.
“الفن لا حدود له. ما نفعله به له حدود.”