وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

النساء في المساجد: تركيز انتباهنا على عدد الأئمة النساء يُغفل التقدم الذي تم إحرازه

الأئمة النساء
الإمام الفرنسية كاهينا بهلول أثناء التقاط صورة لها مع صديقتين لها بعدما أمّت صلاة الجمعة في مكان تم استئجاره لهذا الخصوص في الدائرة الحادية عشرة من العاصمة باريس. وتتطلع بهلول لفتح مسجد يصلي فيه الرجال والنساء معاً، بصورةٍ مثالية في باريس، وهو ما دفعها لإطلاق حملة جمع التبرعات لتأمين ذلك. المصدر: LUCAS BARIOULET / AFP.

نشر موقع “The Conversation” مقالة سلطت الضوء على أدوار النساء المسلمات في الحياة الدينية في بريطانيا والدول الغربية الأخرى. وتقوم صاحبة المقالة لين نيهاجين، وهي أخصائية علم الاجتماع لدى جامعة لوبورو، بتناول الجدل الدائر حول أهمية تولي النساء لأدوار قيادية في المساجد.

وتبدأ نيهاجين مقالتها بالإشارة إلى أن الجدل تواصل بعد أجراء برنامج “Woman’s Hour” لحوار مع زارا محمد، أول مديرة عامة للمجلس الإسلامي في بريطانيا، على محطة راديو 4 التابعة لهيئة الإذاعة البريطانية. وتعرضت زارا لضغوطٍ على الهواء للإجابة على سؤال حول عدد الأئمة النساء الموجودات في بريطانيا.

وبعد توجيه اتهامات لمذيعة البرنامج إيما بارنيت بشأن استجوابها العدائي لزارا، فقد تمحور النقاش حول قضيةٍ يُساء فهمها إلى حد كبير في بريطانيا وغيرها من الدول الغربية: وهي دور النساء المسلمات في المساحات الدينية.

ولتبديد بعضٍ من هذه المفاهيم المغلوطة، من المهم فهم التجارب المختلفة للنساء المسلمات في عدد من الأدوار الدينية والمجتمعات حول العالم. فهناك أسباب معقدة وراء نقص تولي النساء لأدوار قيادية، لكن هذا لا يعني عدم إحراز تقدم بخصوص المساواة النوعية في الحياة الدينية الإسلامية.

أصوات النساء في المجتمعات المسلمة

وسواء كان التساؤل حول أدوار النساء في المساجد نابعاً من داخل المجتمع الإسلامي نفسه أو من المجتمع البريطاني الأوسع، فإن آراء النساء المسلمات وممارساتهن تعد عنصراً مهماً للإجابة على هذا التساؤل.

وتطالب النساء المسلمات المزيد من المساجد بتضمينهن. فقد حثّت منظمات مثل شبكة المسلمات في المملكة المتحدة، والإيمان مهم “Faith Matters“، ومواطنو المملكة المتحدة “Citizen UK” المساجد لفتح مساحات للنساء وتضمينهن في قيادة المساجد. وأصدر كل من المجلس الاستشاري الوطني للمساجد والأئمة، والمجلس الإسلامي في بريطانيا، ومبادرة “Vibrant Scottish Mosques” توصيات مماثلة. كما دشن المجلس الإسلامي في بريطانيا برنامجاً لتدريب النساء على الأدوار القيادية. وترتكز هذه المبادرات على تاريخ راسخ للنساء كعالمات مسلمات.

وفي بعض السياقات، كان رد فعل النساء تجاه المساجد، التي يهيمن عليها الرجال، متمثلاً في إنشاء مساجد، تقودها النساء. وقد اُفتتح أول مسجد مخصصٍ للنساء في الولايات المتحدة، ويدعى مسجد النساء في أمريكا، في مدينة لوس أنجلوس عام 2015، محاكياً المساجد المخصصة للنساء التي ظلت تخدم مجتمع الهوي في الصين على مدار مئات السنين. أما في المملكة المتحدة، فقد أطلق مجلس النساء المسلمات “the Muslim Women’s Council” مبادرةً عام 2015 لتأسيس مسجدٍ جديد، تقوده النساء في مدينة برادفورد. وسيكون هذا المسجد مفتوحاً للنساء والرجال. وسيتولى إمامة الصلوات التي تتشارك فيها النساء مع الرجال، إمامٌ من الرجال.

وهناك ابتكارات أكثر جرأة مثل مبادرة المسجد الجامع The Inclusive Mosque Initiative، التي تأسست في لندن عام 2012، وتوفر مساحة للعبادة دون الفصل بين الجنسين وتعمل مع أئمة نساء مثل نعيمة خان. وأمَّت أمينة ودود، وهي إمامة أمريكية، صلواتٍ شارك فيها الرجال والنساء في أوكسفورد، ولندن، ومدن أخرى. وظهرت تطورات أخرى لتضمين “مجتمعات الميم“، وهي المجتمعات التي تشمل المثليين جنسياً ومزدوجي الهوية الجنسية، والمتحولين جنسياً في كندا، والولايات المتحدة، وفرنسا، وألمانيا، والدنمارك.

لكن لا تزال الآراء منقسمة حول دور النساء في المساجد. ووجدت دراسة، أجرتها صاحبة المقالة عبر محاورة المسلمات في المملكة المتحدة والنرويج، أنهن يقدرن للغاية المساحات المخصصة للنساء في المساجد. وتريد بعضهن أيضاً دوراً أكبر للنساء في قيادة المساجد. وبينما لجأت بعضهن للحصول على نصيحة الأئمة، الذين يعدون داعمين للنساء، فقد عبّرت أخريات عن انتقادهن للأئمة، الذين يتبنون آراء محافظة بشأن أدوار النساء.

بيد أن المشاركات اتفقن على أن الصلوات، التي يشارك فيها الرجال والنساء، يجب أن يئمها رجالٌ فقط. ورأت النساء أن هذا الدور راسخٌ في التعاليم الدينية، لذا فهو غير خاضع للنقاش. وأشارت النساء أيضاً إلى أن الإسلام الحقيقي يدعم حقوق النساء ويمنحهن قيمة متساوية مع الرجال بينما تنكر الأشكال التقليدية للإسلام هذه الحقوق.

أدوار النساء في المساجد

تعد المساجد بيوتاً للعبادات الدينية، وهي أيضاً مراكز مجتمعية للفعاليات الاجتماعية، وخدمات الرعاية الاجتماعية، والأنشطة الخيرية، والمشاركة السياسية، وحتى لممارسة الرياضة. ويدير هذه المساجد، عادةً، مجلس إدارة يهيمن عليه الرجال، ويتولى إمام دور القيادة الدينية الرئيسية في المسجد.

وفي الوقت الذي تفرض فيه التعاليم الدينية على الرجال فقط الصلاة في المسجد، فإن النساء يشاركن إلى حد كبير في المساجد في عموم المملكة المتحدة وأوروبا وأمريكا الشمالية.

وترحب بعض المساجد بالنساء وتسهّل مشاركتهن في الصلاة عبر توفير مداخل منفصلة وغرف خاصة للصلاة. وتسمح هذه المساحات للنساء بممارسة أدوار قيادية دينية في سياق نسائي فقط، بما في ذلك إمامة صلاة النساء. لكن هناك مساجد أخرى تتبنى آراء أقل تقليدية.

وبشكل عام، تُظهر الطبيعة المعقدة لمشاركة المسلمات في المساجد إذعاناً لسلطة الرجال وتحدياً لها في الوقت ذاته. ومن الواضح أن الجدل المثار حول قيادة النساء وسلطتهن ومشاركتهن في المساجد سيظل قائماً.

وتختتم نيهاجين مقالتها بالتالي: “في الوقت الذي قد تميل فيه بعض هذه النقاشات إلى الاستقطاب، فإنها تُثير تساؤلات أساسية بشأن الحوكمة الديمقراطية، والمساواة النوعية، والحرية الدينية، وحق تقرير المصير. وبغض النظر عن آراء الأشخاص، ينبغي أن يكون واضحاً أن المناهج القائمة على الأدلة هي أفضل وسيلة للتعامل مع قضايا معقدة مثل قضية أدوار النساء في المساجد”.

ملاحظة

الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر عن آراء الكاتب (الكتّاب)، وليس المقصود منها التعبير عن آراء أو وجهات نظر فَنَك أو مجلس تحريرها.

* تم نشر هذه المقالة في الأصل على موقع https://theconversation.com في 04 مارس 2021.