وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

الإسلام

الإسلام
المصلون المسلمون يؤدون صلاة العشاء في الكعبة، في المسجد الحرام، مكة المكرمة، المملكة العربية السعودية، 25 أغسطس، 2017. Photo BANDAR ALDANDANI / AFP

الإسلام هو الكلمة العربية لـ”الخضوع،” بمعنى الإستسلام لإرادة الله. وهو دين حوالي 1,6 مليار شخص في جميع أنحاء العالم اعتباراً من عام 2010، وفقاً لمركز بيو للأبحاث، الذي يُصنف أيضاً الدين السماوي التوحيدي باعتباره الأسرع نمواً في العالم.

كيف بدأ الإسلام

ظهر الإسلام من مدينة مكة الصحراوية الصغيرة، التي تقع اليوم في المملكة العربية السعودية وكانت تحيط بها الإمبراطوريتان البيزنطية والساسانية، في أوائل القرن السابع عندما نزل الوحي على رسول المسلمين، محمد، عن طريق الملك جبريل.

بدأ نزول الوحي على محمد عام 610 عندما كان يتأمل في غارٍ على قمة جبل حراء، خارج مكة. يؤمن المسلمون أن هذا الوحي هو كلام الله، التي نقلها الملك جبريل، وأنها تشكل القرآن، كتاب المسلمين المقدس. كشف النبي محمد عن نزول الوحي لزوجته وأفراد عائلته وأصدقائه المقربين فحسب، وبعد أكثر من عامين بدأ بنشر الإسلام علناً.

حركة إصلاح اجتماعية- دينية

وفقاً لبعض المؤرخين وعلماء الدين، مثل فيرنون أو إيجر، ظهر الإسلام بشكلٍ أساسي كـ”حركة إصلاحٍ إجتماعية- دينية،” نشأ زعيمها يتيماً فقيراً والذي عاش في كنف جده، لينتقل للعيش في منزل عمه بعد وفاة جده.

في ذلك الوقت، كانت مكة موطناً لمزار الكعبة الوثني وبضع مئاتٍ من الأصنام الوثنية المحيطة بها، فضلاً عن كونها مركزاً تجارياً إقليمياً بتوزيعٍ غير عادل للثروة بين النخبة الغنية والأسر والقبائل الفقيرة والمعدمة. ووفقاً لكارين أرمسترونغ، التي أكدت على رسالة محمد الاجتماعية في كتابها عن تاريخ الاسلام، فإن محمد، دعا شعب الجزيرة العربية إلى “تقاسم الثروة وخلق مجتمع يُعامل فيه الضعفاء والمستضعفين باحترام.” وليس من المستغرب أن أوائل المؤمنين، باستثناء عددٍ قليلٍ من أشراف مكة البارزين مثل عثمان بن عفان، كانوا أساساً من الفقراء، مثل العبيد العتقاء وأولئك الذين ينتمون إلى قبائل أو أسر أقل شأناً.

جاءت أقوى معارضة لرسالة محمد من قبيلته، قريش، التي كانت القبيلة المهيمنة في مكة آنذاك. ينحدر النبي محمد من قبيلة بني هاشم، إحدى القبائل البارزة، ولكن ليست أهم القبائل، المنحدرة من قبيلة قريش. وقد قدّم العلماء والمراقبون تفسيراتٍ مختلفة محتملة لمثل هذه المعارضة. ينسبها إيجر وأرمسترونغ إلى طبيعة تعاليم محمد.

كتب إيجر، “كانت تعاليم محمد… مثيرةً لحنق أرستقراطيّ مكة على وجه الخصوص. فمن ناحية، استخدم المبادىء التقليدية للكرم ضدهم وكشف حقيقة أنهم خانوا تلك المبادىء [القبلية] بأن أصبحوا بخيلين وجشعين؛ ومن ناحيةٍ أخرى، قلب المعيار التقليدي للمكانة، التي كانت منصباً بارزاً في القبيلة القوية. ووفقاً له، فإن الأفراد ذوي الخلفيات غير المعروفة الذين خضعوا لله ورسوله سيتمتعون بمكانة أفضل في الآخرة من زعماء القبيلة الأكثر تبجيلاً، الذين رفضوا التعاليم الجديدة.”

كما ألقى مونتغمري والت الشهير الضوء على التهديد الذي شكله محمد على السلطة السياسية ونفوذ التجار الأغنياء: كانوا يخشون إذا ما نجح في جذب كتلةٍ جماعية من الأتباع، بأن يكتسب سلطة سياسية وربما إدارة شؤون مكة. تحققت مخاوفهم في نهاية المطاف ذلك أن محمد سيطر في وقتٍ لاحق بالفعل على مكة والجزيرة العربية بأكملها. بل أكثر من ذلك، فقد شكل المسلمون بعد وفاته امبراطوريةً امتدت على مدى آلاف الأميال.

الهجرة: بدء عصر المسلمين

توفي المدافع الرئيسي عن محمد في مكة، عمه علي بن أبي طالب، في عام 619. وبعد وفاته، تضاعف اضطهاد قريش لأتباع محمد (على سبيل المثال، المقاطعة الاقتصادية والتعذيب الجسدي). وفي عام 622، أخذ المجتمع المسلم المبكر خطوةً شكلت نقطة تحولٍ في تاريخ الإسلام: الهجرة، الانتقال إلى يثرب، التي باتت اليوم المدينة المنورة في المملكة العربية السعودية. وتقع المدينة المنورة على بعد حوالي 220 ميلاً شمال مكة.

فقد وصل الإسلام بالفعل إلى المدينة بحلول عام 620، بعد أن وصلت جماعة من شعب المدينة إلى مكة واستمعت إلى تعاليم محمد. وفي وقتٍ لاحق، زار وفد كامل يمثل أعراب المدينة المنورة النبي، حيث أعلنوا إسلامهم ودعوه للانتقال إلى مدينتهم. وبعد أن تعهدوا بطاعته، طلبوا منه تحكيم النزاعات القبلية في المدينة.

شكلت الهجرة بداية “العصر الإسلامي.” في الواقع، سنة الهجرة (622 في التقويم المسيحي الغريغوري) هي السنة الأولى في التقويم الإسلامي، والمعروف أيضاً بالتقويم الهجري. في المدينة المنورة، ازداد أتباع محمد وأصبح معترفاً به كزعيمٍ سياسي للمدينة. ركز على تنظيم شؤون مجتمعٍ جديد، الذي يتألف من المسلمين المهاجرين (المعروفين في الإسلام بالمهاجرين)، ومعتنقي الإسلام في المدنية (الأنصار) والقبائل اليهودية الراسخة بالفعل في المدينة.

تُركز الآيات القرآنية التي نزلت على محمد أثناء وجوده في المدينة على الأحكام والتشريعات ذات الصلة بدوره الجديد في إدارة شؤون مجتمعٍ متنامي. إلا أن القبائل اليهودية لم تكن دائماً مرتاحة لهذا الدور. وربما، وفقاً لبعض المصادر، كانت القبائل اليهودية غير راضية عن توازن القوى الجديد الذي خلقه بعد التوسط بين قبائل المدينة وعشائرها، الذين كانوا منخرطين في صراعٍ طويل قبل وصوله.

ويعزو بعض المؤرخين أيضاً عداء اليهود تجاه محمد إلى الاختلافات الدينية بينهما. فاليهود لم يقبلوا أن النبي الجديد لم يكن يهودياً. ومن جانبه، اتخذ محمد موقفاً أكثر سلبية تجاه “أهل الكتاب” (المسيحيين واليهود ممن لديهم كتب مقدسة) بعد الهجرة.

ووفقاً للعديد من المصادر، خطط أفراد القبائل اليهودية في المدينة المنورة لقتل محمد أكثر من مرة. طرد محمد قبلتين يهوديتين من المدنية. وفي خضم غزوة الخندق بين المسلمين وقريش/ مكة، وبعد أن نكثت قبيلة بني قريظة اليهودية العهد مع المسلمين ووقفت إلى جانب قريش، قتل المسلمون في المدينة المنورة رجال القبيلة وسُبيت النساء والأطفال. وقد اعتبر التاريخ هذا الحدث على وجه الخصوص مثيراً للجدل.

وأثناء تواجده في المدينة، انخرط محمد في صراعٍ مستمر مع قريش/ مكة، الذي تميّز بسلسلةٍ من ثلاث معارك، إلى أن سقط مسقط رأسه أخيراً بيد المسلمين عام 630، بعد أن نكث المكيون المعاهدة الثنائية، صلح الحديبية. وعند وفاة النبي محمد عام 632، كان المسلمون يسيطرون على كامل الحجاز، وهي المنطقة التي تشكل غالبية الجزء الغربي من المملكة العربية السعودية اليوم.

وبعد وفاته، خلفه أربعة من أوائل الصحابة في حكم مجتمع المسلمين، الذي واصل توسعه ليشمل العراق وسوريا ومصر وفلسطين وإيران وأفغانستان وغيرها. مُنح هؤلاء الخلفاء لقب خليفة. وخلال فترة الخلافة الثالثة والرابعة، اندلعت الخلافات بين القادة المسلمين، مما أدى إلى اشتعال حربٍ أهلية وظهور الطائفة الشيعية المختلفة عن الطائفة السنية. وحتى يومنا هذا، يواصل الشيعة لعب أدوارٍ دينية وسياسية رئيسية في العالم الإسلامي، على الرغم من كونهم أقلية.

العقيدة الإسلامية

يتفق العلماء على عددٍ من الأسس الرئيسية التي تُميّز الإسلام، والتي تشتمل، ولكن لا تقتصر على، ما يلي:

الديانات الإبراهيمية

يؤمن المسلمون بأن محمد رسول الله، وآخر أنبياء الله المرسلين لـ”ختم” رسالة الله. كما يؤمنون بالرسل الذين سبقوه، مثل إبراهيم وموسى وداود وعيسى. ويتفق معظم العلماء على أن الإسلام ينتمي إلى، أو ينسجم بشكلٍ عام مع، التراث اليهودي المسيحي، الديانات الإبراهيمية.

ومع ذلك، يدعيّ المسلمون أنّ أي نبذٍ لنبوة محمد وتعاليمه من جانب اليهود والمسيحيين يرجع إلى “تحريفاتٍ” تراكمت في الديانتين المسيحية واليهودية مع مرور الوقت. تمتلك الديانات الثلاث مفاهيم رئيسية مشتركة عديدة، مثل التوحيد، وأهمية التصدق على الفقراء، وإحياء الجسد بعد الموت (البعث)، ويوم القيامة، والجنة، والنار، والشيطان.

التوحيد: الله واحد لا شريك له

حدد العديد من العلماء التوحيد باعتباره أهم مفهوم لدى المسلمين. فالمسلمون مطالبون بالاعتراف بوحدانية الله وحده لا شريك له (الله في العربية، ولهذا السبب يسمي المسيحيون الناطقون باللغة العربية الرب، الله، كذلك). الله أكبر، الذي تُنسب إليه جميع الصفات الفاضلة بشكلها المطلق: فهو الرحمن، الكريم، العدل.

الله لا زوجة له أو ذرية، ولا يُعبد سواه. ويرفض الإسلام بصرامة جميع أشكال الشرك والوثنية. وهذا على وجه الخصوص ما يميز رسالة محمد عندما بدأ الوعظ في مكة ذلك أن قبيلة قريش كانت تؤمن بالفعل بالله، إلا أنهم كانوا يعبدونه من خلال الأصنام. وبالتالي، يؤمن المسلمون أنه لا يوجد سلطة دينية (مثل رجال الكهنوت) بين العبد وربه.

القرآن

بلغةٍ شعرية وأسلوبٍ أدبي، يروي القرآن قصصاً من الماضي ويُقدم نبوءات حول المستقبل، مخاطباً محمد والمسلمين في بعض الأحيان، والبشرية جمعاء في أحيانٍ أخرى. كما ينص على عددٍ من الأحكام حول كيفية عيش المسلمين لحياتهم وتنظيم مجتمعهم، كما يصف صفات الله، مثل الرحمة والعدالة والقدرة.

هناك شبه إجماعٍ بين المسلمين أن القرآن هو كلام الله، الذي نقله الوحي جبريل إلى محمد. وقد لاحظ العديد من المراقبين أنّ جميع المسلمين في جميع أنحاء العالم تقريباً يتفقون على صحة القرآن، على الرغم من اختلافاتهم وخلافاتهم حول مجموعة من القضايا، تلك الصغيرة والكبيرة على حد سواء، وعلى الرغم من انقسامهم إلى طوائف وجماعات.

كما اتفق العديد من المؤرخين أيضاً على صحة القرآن كمصدرٍ تاريخي لحياة محمد، على الرغم من أنهم يجدونه مصدراً غير مُرضٍ لوحده ويحتاج إلى مصادر داعمة. ويصف مونتغمري وات القرآن بأنه “معاصر وموثوق به” باعتباره “مصدراً رئيسياً لحياة محمد،” حتى وإن كان “مجزئاً” و”يصعب تفسيره.”

ويمكن فهم تجزؤ القرآن في سياق تقسيمه إلى 114 سورة التي تم جمعها وتنظيمها وفقاً لتعليمات محمد، أي ليست بنفس الترتيب الذي نزلت عليه عند نزول الوحي. كما كتب مؤرخٌ آخر، أف أي بيترز، “هناك إجماعٌ عالمي تقريباً على أن القرآن صحيح، وأن النص المعروض علينا هو نتاج رجلٍ واحد.”

ومن الواضح أن المؤرخين العلمانيين وغير المسلمين الذين يعتبرون القرآن صحيحاً لا يرون فيه كلام الله، كما يفعل المسلمون؛ بل يعتبرونه مصدراً موثوقاً لما قاله محمد خلال حياته.

Advertisement
Fanack Water Palestine