وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

قبل نهائيات كأس العالم 2022، قطر تتخذ خطواتٍ جريئة في كرة القدم النسائية

Specials- Qatar women football team
صورة لمنتخب قطر لكرة القدم للسيدات في عام 2012. Photo Wikipedia

تم إنشاء دوري كرة القدم القطري للسيدات في عام 2012، الذي بات يضم بالفعل سبعة أندية بحلول عام 2014. وعلى الرغم من أن كرة القدم لا تزال تعتبر خياراً نادراً للفتيات والنساء، إلا أن قطر ملتزمة بإظهار صورةٍ أكثر تقدماً للبلاد فيما يتعلق بالنساء والرياضة.

فقد نظمت لجنة رياضة المرأة القطرية دورة تدريبية مدتها أربعة أيام لمدربات كرة القدم في مارس 2019. وبالتعاون مع السفارة الهولندية والاتحاد الملكي الهولندي لكرة القدم، جمعت الدورة بين النظرية والتطبيق بهدف “تأهيل المدربات القطريات في مختلف الألعاب الرياضية ورفع مستوى التدريب لتلبية تطلعات اللجنة في تطوير الرياضة النسائية.” تظهر المبادرة أن النساء لا يلعبن كرة القدم بالفعل في قطر فحسب، بل أيضاً بات المزيد منهن يضطلعن بأدوارٍ أخرى مثل التدريب والتحكيم.

وقال سايمون تشادويك، الأستاذ المختص بالشؤون الرياضية بجامعة سالفورد في المملكة المتحدة، لنا في فَنَك، “يبدو أن قطر تتبنى موقفاً أكثر جرأة إلى حدٍ ما بشأن القضايا الجنسانية من العديد من جيرانها، بما في ذلك الطريقة التي تشجع بها كرة القدم النسائية.” وأضاف “بينما لا تزال هناك بعض الاختلافات غير المهمة بين قطر ودولٍ أخرى في العالم، إلا أن هناك علامات مشجعة على أن البلاد تسعى إلى توفير مساواةٍ في عالم كرة القدم النسائية مع الرجال.”

فعلى سبيل المثال، أصبحت حارسة المرمى شيماء عبدالله حاملة راية كرة القدم النسائية في قطر. فبالإضافة إلى حراستها شباك المنتخب الوطني، هي أيضاً عضو في برنامج الجيل المبهر، وهو برنامج للتنمية الاجتماعية لمساعدة الشباب من خلال كرة القدم. وبحسب ما قالته شيماء، البالغة اليوم 26 عاماً، لصحيفة أس الرياضية الإسبانية، “بدأت لعب كرة القدم في المدرسة، وفي وقتٍ لاحق قررت الاستمرار بلعب كرة القدم. تم اختياري للمشاركة في فريق المدرسة لينتهي بي المطاف بتمثيل قطر على المستوى الدولي كحارسة مرمى المنتخب.”

تعتبر كرة القدم النسائية رياضةً ناشئة في قطر فضلاً عن كونها تزخر بالتحديات، وفقاً لما قالته العديد من اللاعبات المشاركات في مهرجان رمضان لكرة القدم في الصالات عام 2015 الذي أقامته اللجنة العليا للمشاريع والإرث. وبحسب ما قالته شيخة بورشيد، خريجة جامعة قطر، “بدأت ممارسة كرة القدم في المدرسة عام 2003،” وتابعت القول “كما لعبت أيضاً لصالح فريق جامعتي وفي المنافسات الإقليمية قبل المشاركة على المستوى الوطني. لم يكن الطريق سهلاً لأن مجتمعنا يعتقد أن كرة القدم حكرٌ على الرجال.”

بينما أضافت نصرة عبد الله السيابي، طالبة في كلية المجتمع، “كثيراً ما يرفض الآباء السماح لبناتهم بالتدريب والسفر بانتظام. قد يكون لمغادرة اللاعبات المفاجىء تأثيرٌ سلبي حقيقي على وحدة الفريق.”

ومع ذلك، تدفع قطر نحو تنفيذ خطةٍ أكبر لتقديم صورةٍ أكثر تقدماً فيما يتعلق بحقوق المرأة بشكلٍ عام والمرأة في الألعاب الرياضية بشكلٍ خاص. وفي هذا الصدد، قال تشادويك “على الرغم من بعض الانتقادات الموجهة إلى قطر، لا سيما فيما يتعلق بعلاقات الدولة مع جماعاتٍ تُعرف بمواقفها الأقل تقدمية تجاه المرأة، يشعر المرء أن قطر تسعى لتنصيب نفسها كإحدى رواد الشرق الأوسط في مجال حقوق المرأة.” وأضاف “قد تكون هذه فكرة استفزازية بالنسبة للبعض، إلا أن هناك أدلة واضحة من المنظمات الرياضية في قطر على أن النساء يصعدن إلى مناصب في السلطة ويتم دعم مشاركتهن الرياضية. فيما يتعلق بـ “علامة قطر،” فإن هذا أمر مهم ويبرز البلد حقاً باعتباره مختلفاً عن جيرانه القريبين.”

فقد ذكر على سبيل المثال عفراء النعيمي، المدير التنفيذي للجنة العليا للمشاريع والإرث، ونورة المناعي، التي ترأست ملف قطر لدورة الألعاب الأولمبية الصيفية 2020.

ويرى تشادويك أن هذه التطورات هي إحدى وسائل دولة قطر لممارسة القوة الناعمة في المنطقة. وقال “من جهة، تعتبر هذه استراتيجية لإبراز إسم البلاد خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع دولٍ أكثر تحرراً في جميع أنحاء العالم،” وتابع “هذه هي المراوغة القطرية وتنفيذ القوة الناعمة الكلاسيكية؛ إنها وسيلة للبلاد لمناشدة الدول التي تحتاجها من أجل ضمان الشرعية والأمن. وعلى مستوى آخر، يشعر المرء أن جيلاً أصغر سناً من صانعي القرار القطريين، الذين حظي العديد منهم بالتعليم في الخارج، بدأوا الآن في تحدي المواقف القديمة والمحافظة تجاه قضايا مثل الجنسانية.”

تستخدم قطر كرة القدم وغيرها من الألعاب الرياضية كوسيلةٍ لرفع مكانتها على المستوى الدولي، وخاصة في ظل العزلة الإقليمية الحالية، إذ تحاصر المملكة العربية السعودية وحلفاؤها في اللجنة الرباعية لمكافحة الإرهاب قطر منذ يونيو 2017. ويتهمون قطر بدعم الإرهاب وطالبوا الدوحة بقطع علاقاتها مع إيران والإخوان المسلمين وكذلك إغلاق القنوات الإعلامية التي تمولها، ولا سيما الجزيرة. يمكن أن تكون الرياضة، كحال القضايا الجنسانية، أدواتٍ سياسية على المسرح العالمي.

كما توقع تشادويك أن تواصل قطر هذا الاتجاه، خاصة مع اقتراب نهائيات كأس العالم في عام 2022، على الرغم من أن المعتقدات المحافظة يمكن أن تحدّ من مشاركة المرأة كمشجعة. وعلى موقع سوكر بولتكس، كتبت سامانثا شابيرو، “يحذر سكان الدوحة منذ الآن، حيث ستقام نهائيات كأس العالم، من أن البطولة المقبلة في مدينتهم ستكون مختلفة عن كأس العالم في السنوات الماضية. فقد قال أحد المواطنين: ‘يحب مشجعو كرة القدم احتساء المشروبات الكحولية وإثارة الشغب والاحتفال في الشوارع وهم يخلعون ملابسهم وما إلى ذلك. لا يمكنهم فعل هذا هنا.‘ بالمثل، لا ينبغي أن تتوقع المشجعات أن يعاملن بطريقة مختلفة عن المعتاد في قطر لمجرد وجود كأس العالم. وبعبارةٍ أخرى، عدم المساواة بين الجنسين ستدخل حيز التنفيذ الكامل في عام 2022.”

ربما سيأتي التغيير من الداخل، من خلال مشاركة المزيد من النساء في الرياضة، وليس من التوقعات الدولية حول كيفية تعامل قطر مع النساء.

وقال تشادويك: “قبل كأس العالم في عام 2022، أتوقع أن يستمر المسار الحالي.” وأضاف “يتساءل المرء أيضاً عما إذا كانت قطر ستستضيف نسخةً مستقبلية من كأس العالم للسيدات. هذا من شأنه أن يلعب دوراً في سرد إبراز الدولة، ولكنه يُمكّن أيضاً من الاستفادة من المنشآت الرياضية التي شيدتها قطر بشكلٍ كبير بعد إنتهاء البطولة العالمية. ومع استمرار وجود أعدادٍ متزايدة من القطريين الشباب المتأثرين بالخارج، يعتقد المرء في أن الرغبة في التغيير الاجتماعي ستستمر.”