أقر مجلس الوزراء اللبناني، في 28 مارس 2017، خطةً لإصلاح قطاع الطاقة الوطني، الذي دُمر خلال الحرب الأهلية في الفترة ما بين 1975-1990، والذي يعاني من الفساد منذ ذلك الحين. أحد التدابير التي طلبها سيزار أبي خليل، وزير الطاقة والمياه، هي توليد الطاقة الشمسية عبر إنشاء المرافق على الساحل. ومن المفترض لهذه المرافق أن تعزز الاهتمام والسوق المتناميين في مجال الطاقة الشمسية في لبنان.
بدأت قصة الطاقة الشمسية في لبنان في عام 2010، مع إطلاق خطة العمل الوطنية لكفاءة الطاقة للفترة 2011-2015 (NEEAP). اشتمل هذا على 14 مبادرة، نصفها للطاقة المتجددة بما في ذلك الطاقة الشمسية. وفي عام 2011، أصبح المركز اللبناني لحفظ الطاقة (LCEC)، وهو هيئة استشارية حكومية، الذي بدأ العمل به في عام 2005 كمشروعٍ مشترك بين وزارة الطاقة والمياه وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، مستقلاً. وقد عدّل المركز اللبناني لحفظ الطاقة (LCEC) خطة العمل الوطنية الأصلية لكفاءة الطاقة، وفي عام 2015، أطلقت الحكومة الجديدة، رسمياً في 12 يناير 2017، خطة وطنية جديدة تتألف من خطة العمل الوطنية لكفاءة الطاقة للفترة 2016-2020 وخطة العمل الوطنية للطاقة المتجددة للفترة 2016-2020 (NREAP).
وقال بيار الخوري، مدير عام المركز اللبناني لحفظ الطاقة لـFanack: “يتمثل هدفنا في الوصول إلى 12% من الطاقة المتجددة بحلول عام 2020، وقد حقننا بالفعل ما نسبته 6,7%.” وأضاف “تبلغ ميزانية الخطة الوطنية نحو 1,7 مليار دولار، إذ تستهدف 70-80% منها القطاع الخاص. فالهدف الأول للوزارة هو إشراك القطاع الخاص في جميع الانشطة.”
تستند النقاط الأربع للخطة الوطنية على الطاقة الكهرومائية وتوربينات الرياح وسخانات المياه بالطاقة الشمسية وألواح الطاقة الضوئية الشمسية (الكهروضوئية – الألواح الشمسية والمعدات اللازمة لتوصيلها بشبكة الكهرباء). وفي عام 2010، قدم البنك المركزي اللبناني قروضاً لمدة خمس سنوات دون فوائد لمساعدة الناس على شراء سخانات المياه بالطاقة الشمسية. ولا يزال هذا هو الحال، حيث تساهم الوزارة الآن بمبلغ إضافي قدره 200 دولار لتغطية تكاليف الشراء. وقال الخوري “لدينا هدف بايجاد مليون متر مربع من سخانات المياه التي تعمل بالطاقة الشمسية بحلول عام 2020.” وأضاف “بعد الطلب الهائل، تخطينا بالفعل، وإلى حدٍ كبير، أهدافنا السنوية.”
تولد الطاقة الشمسية الكهروضوئية حالياً أكثر من 40 ميجاواط، وذلك بفضل الحوافز مثل الآلية الوطنية لتمويل مشاريع كفاءة الطاقة والطاقات المتجددة (NEEREA)، وهي آلية تمويل وطنية تسمح للهيئات التابعة للقطاع الخاص تقديم طلبٍ للحصول على قروض مدعومة لمشاريع الطاقة المتجددة. وقال الخوري: “نهدف إلى الوصول إلى 150 ميجاواط بحلول عام 2020 مع هذه المعدات التي يتم تركيبها على الأسطح.” وأضاف “ولكن لتحقيق نتائج أكثر أهمية، نوجه جهودنا نحو محطات الطاقة الشمسية وحقول الطاقة الشمسية. ففي المساحات المفتوحة مثل الجبال ووادي البقاع، يمكننا بناء 12 محطة للطاقة الشمسية التي يمكن وصلها بشبكة الكهرباء الوطنية بقدرة إجمالية قدرها 180 ميجاواط. وقد دعا الوزير بالفعل إلى تقديم عروضٍ من شركات خاصة وتلقى 265 مناقصة. نكتب الآن مواصفات المشروع، الذي سيساعد هذه الشركات على تقديم مقترحات جادة.” كما يأمل أن تكتمل الإنشاءات بحلول نهاية عام 2018.
ويبدو أن هذه المبادرات والحوافز المختلفة تؤتي ثمارها. فوفقاً لتقرير حالة الطاقة الشمسية الكهروضوئية لعام 2016 في لبنان والذي أعده برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بلغت الطاقة الكهربائية المولدة من الألواح الشمسية الكهروضوئية في عام 2015 ما نسبته 0,47% من إجمالي الطاقة الكهربائية لشركة كهرباء لبنان، وهي شركة الكهرباء المملوكة للدولة، و0,11% من إجمالي توليد الكهرباء السنوي لشركة كهرباء لبنان. كما أشار التقرير إلى أنه “من عام 2010 وحتى نهاية عام 2015، نمت القدرة الكهربائية للطاقة الكهروضوئية الشمسية المركبة التراكمية بمعدل متوسط قدره 101% سنويا،” وأن “عدد مشاريع الطاقة الشمسية الكهروضوئية الجديدة ارتفع من 18 في عام 2011 إلى 94 في عام 2013 وإلى 259 في عام 2015.”
تبرز الحاجة لمثل هذه المشاريع في بلدٍ ترتفع فيه أسعار الكهرباء فضلاً عن نقص العرض. ويتراوح انقطاع التيار الكهربائي اليومي من ثلاث ساعات في بيروت إلى 18 ساعة في الجبال، مما يجبر أولئك المقتدرين على شراء مولداتٍ شخصية. وذكر مقالٌ نشر في مجلة Energy Procedia في عام 2011 “من الواضح أن مؤسسة كهرباء لبنان تعاني من نقصٍ كبير في قدرتها الإنتاجية ومواردها البشرية، ولن تكون فعالة دون وضع استراتيجية وطنية تتضمن حلولاً جذرية.” ونتيجةً لذلك، فإن المزيد والمزيد من الشركات، والأفراد والمؤسسات الصحية، تتحول إلى الطاقة الشمسية كبديلٍ أرخص وأكثر موثوقية.
وقال مارون شرباتي، رئيس جمعية بيئتنا، المتخصصة في مجال الطاقة المتجددة، لـFanack: “كانت هناك زيادة كبيرة في الطلب على الطاقة المتجددة منذ عام 2010، وخاصة بالنسبة للمستشفيات والمصانع والشركات. وبفضل الحوافز التي يقدمها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والحكومة من خلال القروض المدعومة، فإن المزيد من الناس قادرين على التحول إلى تكنولوجيا الطاقة الشمسية الكهروضوئية.”
وأضاف: “أصبح الناس يعون مخاطر التلوث وأهمية البيئة ويحرصون على عدم تلويثها بالكربون. ولا تزال الوفورات التي يمكن تحقيقها على المدى الطويل (من حيث تكاليف الكهرباء) غير مجدية بما فيه الكفاية لأن التكنولوجيا مكلفة للغاية، ولكنها ستنخفض مع مرور الوقت إذا ما استخدمها المزيد من الناس.”
ووافقه الخوري قائلاً “إنها تجارة مزدهرة.” وأضاف “لبنان من بين أفضل عشر دولٍ في مجال استخدام سخانات المياه بالطاقة الشمسية، ونمونا السنوي للطاقة الشمسية الكهروضوئية من بين أعلى المعدلات في العالم. أنا حقاً فخورٌ بما يجري.”
شعورٌ بالفخر يشاركه به شرباتي، الذي أكد على حقيقة أنّ “إنفاق المال على الطاقة المتجددة بدلاً من الوقود الثقيل جيدٌ للبيئة تماماً كما هو لصحة الإنسان؛” منفعة كبيرة في بلد يحتل المركز الثالث عشر على مؤشر التلوث البيئي لعام 2017.