سعاد ماسي مغنية وعازفة غيتار وكاتبة أغاني جزائرية، أمازيغية الأصل من منطقة القبائل ولدت في 23 أغسطس 1972 بحي باب الواد الشعبي في قلب الجزائر العاصمة، وسط عائلة متواضعة تعشق الموسيقى ومحاطة بأنواع كثيرة من الموسيقى مثل الشعبي العاصمي الجزائري والروك والكاونتري الأمريكي والفادو البرتغالي وغيره.
بتشجيعٍ من شقيقها الأكبر، الملحن، بدأت سعاد بالغناء والعزف على الغيتار في سنٍ مبكرة. شقيقها من تولى زمام مبادرة تسجيلها في جمعية مدرسة الفنون الجميلة حيث تابعت هناك دراساتٍ في الموسيقى الكلاسيكية والموسيقى العربية الأندلسية.
أحبت الفلامنكو فانضمت إلى فرقةٍ للفلامنكو عندما كانت بعمر الـ17. كانت انطلاقتها في سنة 1989بأغنية من التراث الجزائري فازت من خلالها بالمرتبة الأولى في إحدى المسابقات الجزائرية.
في بداية التسعينيات، انضمت إلى فرقة الروك الجزائرية ” أتاكور،” واستمرت معها لمدة سبع سنوات، حيث أصدرت ألبوماً ناجحاً. ومع ذلك، فإن كلمات أغاني الفرقة السياسية وسط حملةٍ صارمة على حرية التعبير جعلتها هدفاً لعدة تهديدات بالقتل. غادرت الفرقة وبدأت عملاً بعيداً عن الأنظار في مركزٍ للدراسات.
استمرت في الكتابة والتأليف، لتطرح كلماتٍ حزينة، قصصاً عن الحب، وعن العالم من حولها. وضعت على الورق المشاعر التي تسكن بداخلها وتلك التي تكتشفها يوماً بعد يوم، لتقرر أخيراً السعي وراء هوايتها وحلمها، فتوقفت عن العمل في مكتب الدراسات وتفرغت للحياة الفنية.
أصدرت أول شريط لها في منتصف التسعينيات ولاقى رواجاً كبيراً، حيث تم عرض أول أغنية مصورة لها على التلفزيون الجزائري، وهي من نوع الكونتري غنتها باللغتين العربية والإنجليزية.
بحلول أواخر التسعينات، أجبر تدهور الوضع الأمني في الجزائر مئات الفنانين والمثقفين على مغادرة البلاد. تبعتهم ماسي في عام 1999، وانتقلت إلى باريس، حيث لا تزال تعيش مع ابنتيها.
في نفس العام، تمت دعوتها للمشاركة في الطبعة الأولى من مهرجان “نساء الجزائر” الذي أقيم في باريس وعرف نجاحاً كبيراً بحضور عدد كبير من الفنانين من عدة مناطق من الجزائر يجتمعون في باريس للدفاع عن حقوقهم وقيمهم وليعبروا عن نضالهم ضد الأصوليين والمتطرفين الذين جعلوا الجزائر تعيش سنوات الظلام في تلك الفترة.
سعاد لم تمر مرور الكرام، فما تملكه من موهبة فنية ومن كاريزما جعل الجميع يعجب بها، وسرعان ما بدأ الحديث عنها في مكاتب إيلاند ريكوردس للموسيقى العالمية، التي وقعت معهم عقد عمل.
أصدرت ألبومها الأول “راوي” في عام 2011، حيث بيعت منه أكثر من 80000 نسخة، وفي عام 2002، حصلت على جائزة الأغنية الأجنبية التي تمنحها أكاديمية تشارلز كروس، بالإضافة إلى جائزة المجلس الأعلى للفرانكفونية لألبومها.
في سنة 2003 أصدرت ثاني ألبوم لها بعنوان “ديب،” ثم ألبوم “مسك الليل” سنة 2005، الذي حصل على جائزة انتصار الموسيقى في فئة الموسيقى العالمية.
تلاه ألبوم “اوه حرية” في عام 2010، وفي سنة 2015 أصدرت آخر ألبوم لها بعنوان “المتكلمون،” الذي يعدّ إعادة تفسيرٍ لعشرة نصوصٍ كلاسيكية من العالم العربي، من “معلقة” زهير بن أبي سلمى من القرن السادس إلى شعر أبو القاسم الشابي، الذي اشتهرت قصيدته “إرادة الحياة” على المستوى العالمي خلال الربيع العربي.
ووفقاً لماسي، كان الألبوم وسيلة لاستصلاح العالم العربي بدلاً من أن يبتلعه خطاب الإرهاب. وبحسب ما قالت في إحدى المقابلات، “العالم العربي شاسع، وأنا حزينة لأنه غالباً ما يرتبط بالإرهاب. عشت الحرب الأهلية في الجزائر، فقد عانيت من الإرهاب كما هو حال كثيرٍ من الناس. من الظلم أن نقترن بهذه الصورة، هذا غير عادلٍ لجميع الصحفيين الذين يقفون وراء القضبان. أردت أن أتحدث عن الجانب المظلم للعالم العربي.”
شارك ضمن هذا العمل العديد من الموسيقيين المتميزين في مجال الموسيقى العالمية، على غرار الموسيقي على آلة الكونترباس جوان هيشيبيغ وجوري حميد العازف على آلتي العود و الماندولين، ومختار سامبا ودومينيك بيروس العازفان على آلة البيانو. حالياً، تحضر ماسي لألبومها الجديد.
قدمت سعاد ماسي حفلاتٍ في مختلف أنحاء العالم، وشاركت صيف 2009 بمهرجان تيمقاد بباتنة في الجزائر. كما أنها شاركت في عام 2011 في أغنية “بكرة نهار جديد” مع فنانين من عدة دول عربية. وفي عام 2014، شاركت ماسي في بطولة فيلم “عيون الحرامية” مع الفنان خالد أبو النجا. الفيلم المستوحى من أحداثٍ حقيقية خلال انتفاضة عام 2002، يقدم لمحة نادرة عن المجتمع الفلسطيني من الداخل.
معظم أغاني سعاد ماسي باللهجة العربية الجزائرية بالإضافة إلى الأمازيغية القبائلية والفرنسية والانجليزية في بعض الأحيان، ولها جمهور واسع في شمال افريقيا وفرنسا. تعكس أغانيها قضايا واقعية والتي غالباً ما تكون جزءاً كبيراً من تجارب حياتها المفعمة بالشجن والحنين. وتؤكد دائماً أن لا علاقة لها بالسياسة، ومهمتها أن تؤدّي فنها بطريقة محترفة.
في أغسطس 2017، قدمت سعاد ماسي لأول مرة أغنية باللهجة المصرية، لتزداد شعبيتها في مصر. بدأت شعبيتها في الازدياد في بعض دول المشرق مثل الإمارات العربية المتحدة بعد أن أحيت حفلاً هناك. بيد أن سعاد لا تزال محدودة الانتشار في العالم العربي كونها غائبة عن المشهد السمعي البصري المشرقي.