بعد ساعات من نشر مناشدةٍ دولية لوقف إعدام رجلين بحرينيين مدانين بتهم تتعلق بالإرهاب، قُتل علي محمد حكيم العرب (25 عاماً) وأحمد عيسى الملالي (24 عاماً) رمياً بالرصاص في 27 يوليو 2019.
جذبت القضايا اهتماماً وإدانةً في جميع أنحاء العالم بسبب التعذيب المزعوم للرجلين وتجاهل إجراءات التقاضي السليمة أثناء تنفيذها وسط حملة قمعٍ أوسع ضد المعارضين، لا سيما المعارضين الشيعة، في الدولة الخليجية. فقد تسارعت الجهود التي تبذلها الحكومة ذات الأغلبية السنية لقمع المعارضة منذ ثورات عام 2011، ويقول النقاد إن الحلفاء الغربيين الأقوياء يعززون الظروف التي تسمح بعمليات الإعدام التعسفي المزعومة.
قُبض على العرب والملالي في 9 فبراير 2017 بزعم مشاركتهم باقتحامٍ لأحد السجون وقتل ضابط شرطة. وتقول جماعات حقوق الإنسان إن الرجلين تعرضا للضرب والتعذيب بالصدمات الكهربائية، كما انتُزعت أظافر محمد العرب وأجبر الرجلان على التوقيع على اعترافاتٍ استخدمت كدليل في المحكمة. وقد أدينوا غيابياً في محاكمةٍ جماعية إلى جانب 58 آخرين بتهم من بينها “تشكيل جماعة إرهابية والانضمام إليها” و”التدرب على استخدام الأسلحة والمتفجرات” و”القتل ومحاولة قتل ضباط الشرطة.”
أيدت محكمة الاستئناف إداناتهم، وكذلك أحكام الإعدام التي رفض الملك تخفيفها، وهي سلطةٌ يتمتع بها بموجب القانون البحريني. كانت عمليات الإعدام هذه الأولى من نوعها التي تمت في البلاد منذ 15 يناير 2017، عندما أوردت تقارير إعلامية أن إعدام ثلاثة رجال كان أول حدثٍ من نوعه منذ عام 2010.
وبموجب القانون الدولي، يتضمن الحق في محاكمة عادلة الحق في عدم الإجبار على الشهادة ضد نفسه أو الاعتراف بالذنب، وهو ما التزمت به البحرين كموقعٍ على الاتفاقيات الناظمة.
دافعت البحرين عن إجراءاتها في بيانٍ صدر عن طريق سفارتها في لندن، مؤكدةً أن المملكة نادراً ما تنفذ عقوبة الإعدام، التي تحتفظ بها في “الحالات الأكثر خطورة،” وأنها فعلت ذلك “وفقاً للقانون الدولي ومعايير حقوق الإنسان.” ومع ذلك، قال مركز الخليج لحقوق الإنسان إن النتيجة تعزز المخاوف من أن عقوبة الإعدام ستصبح ممارسةً عادية وسط تعذيبٍ روتيني ونظام قضائي معيب.
فقد تعرضت البحرين، على الرغم من عدد من المحاولات لتقديم نفسها كدولةٍ تقدمية، مثل استضافة مؤتمراتٍ عالمية لتعزيز التعاون والأمن، للهجوم بسبب تصرفاتها ضد المتظاهرين والمعارضين الحكوميين. ومن الجدير بالذكر أن حكام البلاد هم من السُنة في حين أن غالبية السكان من الشيعة. وفي عام 2011، اندلعت احتجاجاتٌ شعبية في الوقت الذي سعى فيه المواطنون إلى “مشاركةٍ سياسية أكثر جدوى،” وفقاً لجوشوا كولانجيلو برايان، أحد المستشارين في هيومن رايتس ووتش.
في مارس من ذلك العام، تم قمع الاحتجاجات، وأعلنت حالة الطوارىء وجلب الملك قوات درع الجزيرة، الجناح العسكري لمجلس التعاون الخليجي. كما ظهرت مزاعم حديثة بأن البحرين استخدمت متشددي تنظيم القاعدة لاستهداف الشيعة خلال الاضطرابات. اكتسبت الأعمال الانتقامية ضد النقاد زخماً، وتم تصنيف العديد من المحتجين على أنهم إرهابيين.
بعد ثلاثة أشهر، أنشأت الحكومة اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، التي تضمنت لجنةً من خبراء حقوق الإنسان الدوليين لتقييم تصرفات الحكومة خلال الاحتجاجات وخرجت بـ26 توصية. في حين تؤكد الحكومة أنها نفذت هذه التوصيات تنفيذاً كاملاً، تقول جماعات المجتمع المدني إنه تم تنفيذ توصيتين فقط.
تعمق الخلاف الطائفي في عام 2016 بعد أن أعدمت المملكة العربية السعودية، الحليف الرئيسي للبحرين، رجل الدين الشيعي نمر النمر، مما دفع البحرين إلى قطع علاقاتها مع إيران. لطالما كان يُنظر إلى إيران على أنها تهديدٌ مشترك بين دول الخليج وغالباً ما تتهم بالتدخل في شؤونها الداخلية.
تسارعت الحملة ضد ما يسمى بالمعارضين، بمن فيهم المدافعون عن حقوق الإنسان والصحفيون وأعضاء المجتمع المدني والسياسيون، في عام 2019، وفقاً للأرقام التي جمعتها جماعات حقوق الإنسان. تم سحب الجنسية من أسماء بارزة من المعارضة، وقالت الحكومة إنه حتى نشر التغريدات الناقدة أو متابعة منتقدي الحكومة على وسائل التواصل الاجتماعي سيشكل عملاً “لإلحاق الضرر بالسلام المدني والنسيج الاجتماعي.” ومنذ عام 2012، تم سحب الجنسية من أكثر من 900 شخص، على الرغم من أن الملك أعاد الجنسية لـ551 منهم في أبريل 2019.
وأشار جواد فيروز، رئيس منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان ومقره لندن، إلى أن توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق تشمل إعادة محاكمة المحتجزين. فقد تمت إعادة محاكمة بعض من تمت محاكمتهم في المحاكم العسكرية – وهي خطوة أدانتها مجموعات حقوق الإنسان – في محاكم مدنية وتم تحويل أحكام الإعدام الصادرة بحقهم إلى عقوبة السجن المؤبد، وتم العفو عن بعض الأحكام المؤبدة. وهذا، كما قال فيروز، يظهر عيوباً لدى النظام.
وقال فيروز لفَنَك: “البرلمان بالكامل في يد الأسرة الحاكمة.” وتابع “تتلاعب الحكومة و[الأسرة الحاكمة] بالتشريعات بطريقةٍ تعزز قوة الأسرة الحاكمة.” وأضاف أن هذا يبعد الحكومة عن أي شكلٍ من أشكال الحقوق المدنية والسياسية، وقيم ومبادىء حقوق الإنسان، المكرسة في كلٍ من الدستور البحريني والاتفاقيات الدولية.
وقال فيروز إن قانون مكافحة الإرهاب يستخدم لاستهداف النشطاء السياسيين وإضفاء الشرعية على إلغاء جنسيتهم، مضيفاً أن هيئات حقوق الإنسان المستقلة والمقررين الخاصين يُمنعون من إجراء تحقيقات لتقصي الحقائق في البلاد.
فقد تم حث المجتمع الدولي على ممارسة الضغط على البحرين لاحترام حرية التعبير. ومع ذلك، يعتقد الكثيرون أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لم تفعل ما يكفي لانتقاد الحكومة البحرينية، التي لا تزال حليفاً رئيسياً، ومواصلة الموافقة على مبيعات الأسلحة إلى البلاد. وفي الوقت نفسه، أشارت السفارة البحرينية في واشنطن إلى استخدام أمريكا لعقوبة الإعدام، ورأى المحللون أن استئناف عمليات الإعدام الفيدرالية من قبل الولايات المتحدة كان بمثابة ضوء أخضر بحكم الواقع بالنسبة للبحرين.
وقال فيروز: “لن تجرؤ الحكومة البحرينية أبداً على المضي قُدماً وتنفيذ مثل هذه الأنواع المروعة من انتهاكات حقوق الإنسان دون التأكد من أنها لن تُدان بشدة من قبل هاتين الإدارتين أو الحكومتين.”
فقد قدمت المملكة المتحدة في السابق 2,1 مليون جنيه إسترليني (2,5 مليون دولار) إلى البحرين كمساعدةٍ لإصلاح قطاع الأمن. وقال فيروز أن من الواضح أن هذا لم ينجح ويسلط الضوء على التوصيات 26 في تقرير لجنة تقصي الحقائق. وبحسب قوله “إذا ما نفذت الحكومة هذه التوصيات الـ26 وأكدت نشرها بشكلٍ مباشر، أعتقد أنه سيكون لدينا ظروف مختلفة عما نواجهه الآن.”
وبالتالي، يمكن اعتبار عمليات الإعدام الأخيرة تتويجاً لانتهاكات حقوق الإنسان المستمرة لمنع انتقاد النظام وسط انعدام الإرادة السياسية الدولية لتنفيذ الإصلاحات.