وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

حركة المرأة الاسرائيلية: معركة طويلة تتصاعد

israel- protest agianst gender-based violence in Israel
نساء يتظاهرن ضد العنف القائم على الجنس في القدس الغربية، 13 أيار 2016. Photo Yonatan Sindel

تقول إيلا جيرا، المديرة التنفيذية السابقة لشبكة المرأة الإسرائيلية (IWN)، أن هناك فكرة خاطئة شائعة عن الحركة النسائية في إسرائيل، والتي نشأت من الروح الريادية للمستوطنات أو من الإناث اللواتي يخدمن في الجيش. في الحقيقة، يعود النضال من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين إلى عشرينات القرن الماضي، عندما حاربت النساء من أجل حق التصويت في مستوطنات ما قبل الدولة اليهودية. فقد كانت النساء تعتقدن أنهنّ سيصلن إلى المساواة من خلال الاقتراع.

واليوم، تسعى أكثر من 50 منظمة نسائية في إسرائيل إلى تعزيز وضع المرأة في الأسرة وفي العمل وفي المجتمع. وتتمثل أهدافها المحددة في تشكيل فرق ضغط وتحسين أسباب المساواة في الأجر، وتوفير المزيد من أماكن العمل الصديقة للأسرة، وقضايا تمكين الجنسين. ولكن على الرغم من التقدم المحرز، إلا أن عجلة التغيير بطيئة.

السبب الرئيسي، كما تقول رينا بن تال، التي أكملت مؤخراً 12 عاماً كرئيسة لشبكة المرأة الاسرائيلية، هو أن “إسرائيل مجتمع شوفيني.” ينشأ جزءٌ كبير من هذه الشوفينية في الثقافة داخل الجيش الاسرائيلي. في واقع الأمر، ازدادت التقارير عن الاعتداءات الجنسية في الجيش بنسبة 20% في عام 2016. وقد تأثرت هذه الزيادة أساساً بتزايد إدراك الجنود من الإناث بحقوقهم في تقديم الشكاوى. ومع ذلك، يعترف ضابط كبير بالجيش بأن هذا الاتجاه مثير للقلق. وقد انعكس الوعي المتزايد بالمواقف الجنسانية في شريط فيديو ساخر جديد أعدته ممثلات إسرائيليات شابات. هذا الفيديو، الذي انتشر انتشاراً واسع النطاق، يقلب أدوار الجنسين من خلال تصوير النساء يتحرشنّ بالرجال.

ولا تزال هناك اختلالات عميقة بين الجنسين في إسرائيل. فعلى سبيل المثال، لا تشغل النساء سوى 2% من مناصب البلديات في البلاد. وهذا أحد الأسباب التي تدعو من خلالها بار تال إلى تشجيع المزيد من النساء على الترشح لرئاسة البلديات ومجالس المدن. يتمثل محورٌ آخر للحركة النسائية بقضية المرأة المقيدة، وهو مصطلحٌ يصف المرأة وكأنها مقيدة بالسلاسل لأن زوجها يرفض منحها الطلاق. وبما أن الحاخامية الكبرى المحافظة في إسرائيل تحتكر قضايا الزواج والطلاق، فإنها تميل إلى الانحياز تجاه رواية الزوج. يترك هذا العديد من النساء في مأزق، غير قادرين على الخروج من إطار هذا الزواج أو الحصول على “رخصة” من زوجها لتتمكن من الزواج مرة أخرى. فبعد أربعة عقود من بدايتها، أطلقت الحركة النسوية الإسرائيلية موجة ثانية بعد حرب عام 1973. وقد ساهم استبعاد النساء من ثلاث جبهات رئيسية خلال الحرب – القيادة العسكرية والإدارة المدنية والإنتاج الحربي – على إثارة هذه الموجة.

وفي هذا العقد، ينحدر قادة المنظمات النسائية في الغالب من الأوساط الأكاديمية والقانونية. فقد أنشئت شبكة المرأة الإسرائيلية في عام 1984، وأصبحت المجموعة الرئيسية للدفاع عن حقوق المرأة في البلاد. كما أرست شبكة المرأة الاسرائيلية تعاوناً وثيقاً مع أعضاء الكنيست، مما أدى إلى اعتمادٍ غير مسبوق لتشريعاتٍ من قبيل قانون منع التحرش الجنسي وقانون منع العنف الأسري. كما نجحت شبكة المرأة الاسرائيلية في إنشاء لجنة للنهوض بالمرأة بوصفها لجنة رسمية في الكنيست. تعمل شبكة المرأة الاسرائيلية اليوم على ثلاث قضايا رئيسية:

المساواة في الأجر

تكسب النساء في إسرائيل أموالاً أقل من الرجال بنسبة 30%. وكما هو حال النساء في جميع أنحاء العالم، فإن العديد من النساء الإسرائيليات هنّ المعيلات الرئيسيات لأسرهنّ أو للأطفال أو الآباء المسنين. وبالتالي، يعملنّ لعدد أقل من الساعات.
كما أنهنّ أقل طلباً للمنافع في العمل من الرجال، مثل نفقات السيارات أو الهواتف المحمولة. تقبل النساء الإسرائیلیات ھذه المنافع، لكنھن لن یستجدن في طلبها. يتمثل الحل، كما تقول بار تال، بتنظيم شبكة المرأة الاسرائيلية فعالياتٍ تضم شخصياتٍ تجارية وصناعية للمساعدة في زيادة الوعي بقضايا المرأة.

أماكن العمل الصديقة للأسرة

أظهرت العديد من الدراسات أن الشابات العاملات في قطاعات التكنولوجيا تقدمن بوتيرة متساوية مع أقرانهن من الذكور. ولكن يتباطأ هذا التقدم عند إنجاب المرأة. غير أن الأمهات الإسرائيليات غير القادرات أو غير الراغبات في العمل لمدة 12 ساعة أو ما يزيد عن ذلك، يضطررن إلى مواجهة إما الاستقالة من عملهن أو تقسيم ساعات العمل بين المكتب والمنزل. ويتمثل الاتجاه بين العديد من العمال الإسرائيليين – النساء والرجال – في دعم ترتيبات أكثر استيعاباً للآباء والأمهات.

قضايا التمكين الجنساني

في عام 1999، أصبحت إسرائيل أول بلد يشرع في تخصيص حصص جنسانية (كوتا) في الشركات التي تطرح أسهمها للتداول العام. وفي عام 2007، دعا قرار حكومي بأن تضم جميع الشركات المملوكة للدولة عدداً متساوٍ من الرجال والنساء في مجالس إدارتها في غضون عامين. ووصلت إسرائيل إلى هذه الكوتا في عام 2010. وتحاول الجماعات النسائية الاستفادة من هذه المكاسب. وتقول بار تال: “لقد كان ذلك أكثر صعوبة في المناخ السياسي الحالي مع وجود حكومة محافظة.”

على سبيل المثال، في الجيش الاسرائيلي، ينبغي أن تمتلك المرأة القدرة على التقدم للجيش بأي وظيفة. ومن المفارقات، أنه نظراً لتخفيض أعداد المجندين هذه الأيام، يحتاج الجيش إلى عددٍ أكبر من النساء من ذي قبل. ومع ذلك، فإن النقطة التي نؤكد عليها على مدى السنوات العشرين الماضية، هي أنه يمكن للمرأة أن تخدم في أي وظيفة. كما يوجد في الكنيست، البرلمان الإسرائيلي، 33 نائبة، إذ يشكلون ربع الكنيست تقريباً، الأمر الذي يعتبر علامة مشجعة.

فما هو مستقبل حقوق المرأة في إسرائيل؟ هل ستعرّض الاضطرابات في الدول المجاورة الحركة في إسرائيل للخطر؟ هل ستتدخل الحكومة المحافظة في الإنجازات العديدة التي حققتها المجموعات النسائية تجاه الحقوق المتساوية؟ إن تمكين المرأة ليس قضية نسوية، بل قضية مجتمعية. إن الإجابة على هذه الأسئلة تضع الكثير من الأمور على المحك.