وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

إسرائيل: حرب أكتوبر 1973

حرب أكتوبر 1973
حرب تشرين 1973

تشابك الصراع العربي الإسرائيلي أكثر فأكثر مع الحرب الباردة. عزز الاتحاد السوفييتي علاقاته مع مصر وسوريا. وفي تشرين الثاني/نوفمبر عام 1971، وافقت واشنطن على مذكرة تفاهم مع إسرائيل بشأن المساعدات العسكرية وتنسيق السياسات. وأمدت كلا القوتين الكبيرتين المنطقة بالسلاح.

حث المأزق السياسي رئيس مصر أنور السادات، والذي خلف جمال عبد الناصر بعد وفاته عام 1970، على البحث عن حلول أخرى. فقد حاول إقامة علاقات أوثق مع الولايات المتحدة، وكإشارة لاستقلال مصر، طرد السادات، في صيف عام 1972، الآلاف من المستشارين العسكريين السوفييت (على الرغم من أن البلاد كانت لا تزال تعتمد على الاتحاد السوفييتي كمورد للسلاح لبضع سنوات). إلا أن واشنطن لم تستجب لهذه الإشارة (كان الأمريكان متورطين بشدة في حرب فيتنام، كما كان الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون يعاني من وضع سياسي صعب في الداخل). وبالتالي، اعتقد السادات أنه لإحضار الولايات المتحدة دبلوماسياً إلى اللعبة، من الضروري تحدي إسرائيل عسكرياً. ومن أجل تشتيت القوات الإسرائيلية خلال الحرب، توجه الرئيس المصري إلى نظيره السوري حافظ الأسد. سيضطر هذا التحالف إسرائيل إلى الحرب على جبهتين، في سيناء التي تحتلها إسرائيل في جنوب غرب البلاد وفي مرتفعات الجولان شمال شرق البلاد.

كيف تمكنت القوات العربية من خداع إسرائيل وإيهامها بأن القوات قد غادرت قواعدها فقط للقيام بمناورات عسكرية كبيرة، لا يزال موضوعاً للنقاش الأكاديمي. ربما كان يطغى على إسرائيل ما سماه لاحقاً محلل عسكري أمريكي بـ “الشعور المفرط بعدم إمكانية الانهزام”.
حرب أكتوبر 1973
بدأت حرب تشرين الأول/أكتوبر في عيد يوم الغفران اليهودي، في شهر رمضان الإسلامي (ولهذا سميت بحرب يوم الغفران أو حرب رمضان). كانت المفاجأة كاملة. عبرت عشرات الآلاف من القوات المصرية قناة السويس بمركبات برمائية ومعدات مد الجسور. وفي المواجهة، لم يكن يوجد سوى مئات من القوات الإسرائيلية المتمركزة في الملاجئ، وسرعان ما تم السيطرة عليها.

دائماً ما كانت إسرائيل تضع ثقتها في القوة الجوية للقضاء السريع على أي هجوم عربي قد يتهددها. وفي هذا الصدد، كانت فلسطين والجولان وسيناء تمثل عمقاً استراتيجياً بالنسبة لإسرائيل. ولكن المصريين كانوا يتوقعون التفوق الكمي والنوعي الذي كان يتمتع به سلاح الجو الإسرائيلي مقارنة بنظيره العربي. وكانت القوات المصرية محمية بأحدث معدات الدفاع الجوي السوفيتي، ومن ذلك صواريخ أرض جو SAM المتنقلة، والمدافع المضادة للطائرات بتحكم راداري، وصواريخ أرض جو SAM المحمولة على الكتف. وقبل مساء يوم الأحد، كانت هذه المظلة متعددة الطبقات قد نجحت في تدمير 30 طائرة إسرائيلية استخدِمت في الهجوم المضاد. وبهذا المعدل، لم يكن باستطاعة سلاح الجو الإسرائيلي أن يواصل لمدة أسبوعين من العمليات.

على جبهة الجولان، لم تكن المفاجأة بأقل من تلك التي في سيناء. وقد صمدت القوات الإسرائيلية في المرتفعات، ولكن الجيوش العربية كانت تفوقها بعشرة أضعاف: بالجنود والدبابات والمدفعية. ومن خلال هجوم جريء بطائرة هليكوبتر على موقع الاستخبارات الكائن على قمة جبل حرمون، تمكنت الوحدات الخاصة السورية من الفوز على القوات الإسرائيلية في مباراة عسكرية كان الإسرائيليون يعتقدون تفوقهم فيها. وتمكن السوريون من الاستيلاء على بعض المعدات الاستخباراتية الأميركية ذات التكنولوجيا الفائقة، ولكن هدفهم كان أكثر طموحاً: طرد اللواءين المدرعين المكونين من 180 دبابة من مرتفعات الجولان، وتمركزت نحو 1300 دبابة سورية، وخلقت “الأمر الواقع”. وكانت هذه أحلك ساعات الحرب بالنسبة لإسرائيل. ومن وجهة نظر الجنرالات، بدت الدبابات السورية على وشك الدخول إلى إسرائيل فعلياً.

لم تنجح الدبابات السورية. واستفاد اللواءان المدرعان الإسرائيليان من المواقع المجهزة، والمهارة في الرماية، والأراضي المرتفعة في تحقيق هزيمة صعبة على الهجوم السوري. بعد بضعة أيام، استقرت الجبهتان السورية والمصرية. ووضعت الحرب إسرائيل على شفا الهزيمة، ولكن بفضل شحنات الأسلحة الضخمة من الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى، تمكنت إسرائيل من استعادة زمام المبادرة في ساحة المعركة، وهزيمة كل من القوات المسلحة السورية والمصرية في نهاية المطاف. وفي نهاية الحرب، قتل 2200 جندي إسرائيلي، وهو أربعة أضعاف العدد في حرب حزيران/يونيو. وجرح 5600 آخرين. ومن العرب قتل 8500 – أكثرهم من السوريين – ولكن أقل بكثير من 16 ألف الذين فقدوا خلال حرب حزيران/يونيو. (للمزيد من المعلومات، انظر حرب تشرين الأول/أكتوبر في الحروب العربية الإسرائيلية)

Advertisement
Fanack Water Palestine