وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

في المغرب، مهنة العدول باتت متاحةً أمام النساء للمرة الأولى

Morocco- Demonstration in Morocco
نساء مغربيات يرددن شعارات أثناء مظاهرة ضد التهميش الاقتصادي في 20 يناير 2018. Photo AFP

وافق الملك محمد السادس، ملك المغرب في يناير 2018، على فتوى قدمها علماء دين عديدون، مما يسمح للمرأة بأن تصبح عدول. وفي القانون الإسلامي، فإن العدول مسؤولون يؤذن لهم بتنفيذ إجراءاتٍ قانونية معينة، لا سيما فيما يتعلق بالزواج والميراث. وتحولت الفتوى إلى المادة رقم 4 من القانون 16-03. وبعد بضعةٍ أيام، أعلن وزير العدل عن إجراء اختبارات في أكتوبر 2018 لتوظيف 800 من العدول، مما يسمح للنساء بالمشاركة فيها للمرة الأولى.

وبما أن المصادقة واجبة تماشياً مع الشرع الإسلامي، كما هو مفهوم في المغرب، سبق ذلك مناقشات عامة حادة ومشاورات بين الملك والعلماء استمرت لأكثر من عام. وقد أشاد الحداثيون، ولا سيما المدافعين عن حقوق المرأة من كلا الجنسين، بالفتوى باعتبارها انتصاراً للعدالة ومواطنة المرأة، فضلاً عن تجسيده مبدأ المساواة وعدم التمييز المنصوص عليه في الدستور المغربي. وحالياً، هناك حوالي 5 آلاف شخص يعملون في مهنة العدول، وفقاً لموقع juristique.com الإلكتروني، إلا أنه في السابق لم يكن بمقدور ولو امرأة واحدة ممارسة هذه المهنة.

ولفت العديد من الحداثيون، مثل الناشطة في مجال حقوق المرأة نزهة قسوس، إلى حقيقة أن أكثر من قاضٍ واحد من بين أربعة قضاة في المحاكم المغربية هم من النساء، إذ تسمح هؤلاء النسوة إما بقبول الزواج أو رفضه، وينطقن بالطلاق، ويحكمنّ بقضايا حضانة الأطفال وما إلى ذلك، وذلك وفقاً لأساسٍ واحد ألا وهو حصولهن على التدريب ومدونة السوك الأخلاقي التي يلتزمن بها. وبالمثل، فإن نصف كتّاب العدل المغاربة هنّ من النساء، إذ يجمعنّ إعلانات التبرعات ويقدمنّ المشورة بشأن قضايا الميراث، ويشرفنّ على المعاملات القضائية بجميع أنواعها، ويسجلنّ الوثائق ويوثقنها دون أي مساعدةٍ من الرجال أو غيرهنّ من النساء ودون أن يطعن أي شخصٍ في قدراتهم المهنية.

غير أن المحافظين أدانوا عموماً الفتوى على أساس أنها “دخيلة” وستؤدي إلى الفتن و”فقدان هويتنا الإسلامية.” وأشار بعض المعارضين أيضاً إلى عجز المرأة الفطري عن الإدلاء بالشهادة.

وفي الوقت نفسه، اتفق العدول أنفسهم على أن المهنة تعاني من الركود وتحتاج إلى إصلاح. ففي السنوات الـ15 الماضية، نظم العدول الذكور إضراباتٍ واعتصاماتٍ احتجاجاً على تقادم المهنة، مما يعرضها للاحتيال والشهادات الزائفة ويجعل من الصعب عليها استيعاب التغيرات المجتمعية. وعندما صدرت الفتوى، طلب هؤلاء العدول التحكيم الملكي.

فالجدل منطقي في ثقافةٍ تمتاز بسلطة الأب وتحرم المرأة من المواطنة الكاملة. وبالنسبة للبعض، مثل رئيس الهيئة الوطنية للعدول، مولاي بوشعيب الفضلاوي، سيبطىء الجدل الحاصل تطبيق الفتوى ذلك أنه يجب إعادة النظر في الإطار القانوني للمهنة. وفي المقابل، بالنسبة لأسماء المرابط، عالمة الأحياء والكاتبة النسوية المغربية المسلمة، فلا شيء يمنع المرأة من ممارسة مهنة العدول بخلاف العقليات البالية التي صوغتها عقودٌ من التقاليد المتصلبة. ووفقاً لها، “ليس هناك نص في القرآن أو في الحديث يحظر على المرأة هذه الوظيفة، بل هو مجرد حظر على أساس التداخل بين التفسير القانوني- الفقه – والعادات الاجتماعية- العادة والعرف- التي انتهى بها الأمر إلى استيعابها على أنها جزء من المقدسات. وفي بداية الإسلام، لم تكن هذه الوظيفة محظورة ذلك أن السيدة عائشة، زوجة النبي، زوّجت بنات أخته.”

وعلى نفس المنوال، عزى العربي الضاوي، رئيس المجلس العلمي المحلي لإقليم النواصر، استبعاد النساء من مهنة العدول إلى “التراث اللاهوتي، حيث أن شهادة المرأة لا تزال غير مكتملة. وعلاوة على ذلك، لا شيء في الدين يحظر على المرأة ممارسة هذه المهنة. وعلى عكس ما يُعتقد، يمكن للمرأة أن تظهر الكثير من الصرامة وشعور كبير بالدقة، الأمران اللذان يعتبران ضروريان لهذه الوظيفة.”

وبشكلٍ عام، وصفت وسائل الإعلام المغربية والدولية، ولا سيما الجزيرة، التصديق على الفتوى بمثابة الثورة القانونية التي من شأنها أن تعزز سمعة المغرب كنصيرٍ للإسلام المعتدل. ومن المرجح أن تنطوي هذه الثورة على قرارات أخرى مثل المساواة في الميراث، الذي يعتبر تقدماً آخر منتظر للغاية.