وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

التحدي الأكبر للأردن: الحفاظ على واحة هدوء في حيٍ مضطرب

Jordan's security problems
مراسم جنازة كمال ملكاوي أحد ضحايا إطلاق النار المأساوي الذي شهد قيام ضابط شرطة أردني إطلاق النار والتسبب بمقتل خمسة أشخاص، في مدينة الزرقاء في الأردن, 10 نوفمبر 2015. Photo imago&people

أحيا الأردنيون في التاسع من نوفمبر 2015 الذكرى العاشرة لتفجيرات عمّان، التي أسفرت عن مقتل نحو 60 شخصاً وإصابة 115. ولكن في نفس اليوم، صُدم الشارع الأردني بحادث مأساوي آخر خلّف ستة قتلى من بينهم مُطلق النار وستة جرحى آخرين.

النقيب أنور أبو زيد، وهو ضابط شرطة، فتح النار متسبباً بوفاة خمسة أشخاص، اثنين من الأردنيين، وأمريكيين، وجنوب افريقي في مركزٍ لتدريب الشرطة في منطقة الموقر، قبل أن يتم إطلاق النار عليه وقتله من قِبل ضابط شرطة آخر، وذلك وفقاً لوزير الداخلية سلامة حماد.

تسببت حادثة إطلاق النار بشعور شعب المملكة الشرق أوسطية بالقلق على أمن واستقرار بلدهم، الذي يعتزون ويشعرون بالفخر به على الرغم من حصاره لسنواتٍ باضطرابات البلدان المجاورة. وغالباً ما وصف الأردن باعتباره واحة هدوءٍ في منطقة مضطربة.

ما هي دوافع إطلاق النار؟ هل كان للقاتل صلات بالجماعات الإرهابية الناشطة في الدول المجاورة؟ هل كان يعاني من مشاكل شخصية أم أنه مختل عقلياً؟ هل صحيح أنه قتل زملائه إثر خلافِ مع إدارة المركز؟

هذه هي الأسئلة التي يطرحها الشارع الأردني، ومع ذلك، يتمنى الأردنيون سماع إجابة تفند أي علاقة لأبو زيد البالغ من العمر 29 عاماً بأي جماعة إرهابية. وكان أحد أقربائه قد أخبر موقعنا أن النقيب، وهو أب لطفلين، كان متديناً ولكن معتدلاً.

ويؤمن فايز الدويري، اللواء السابق والخبير العسكري في شؤون الجيش الأردني والمحلل الاستراتيجي، أن توقيت إطلاق النار، الذي يتزامن مع الذكرى العاشرة لتفجيرات عمّان، يوحي بأن مطلق النار ربما كان له صلات بمجموعات راديكالية وإرهابية، مضيفاً إذا ما كان”مطلق النار” قد تم تجنيده من قِبل القاعدة أو تنظيم الدولة الإسلامية “داعش،” سيكون لذلك عواقب وخيمة.

وقال “هذا يعني أنه تم اختراق النظام الأمني في الأردن من قبل الإرهابيين،” وقال في تصريحات لـFanack، واصفاً الأجهزة الأمنية في الأردن من بين أعلى المنظمات المهنية الإقليمية والدولية. وأضاف، قد يكون القاتل متعاطفاً فقط مع الجماعات المتطرفة، ولكن هذا بحد ذاته اختراق. أعلنت السُلطات في 14 نوفمبر أن التحقيق في حادث إطلاق النار أظهر أن الحادث تصرف فردي وليس له علاقة بأي تنظيم.

وفي مؤتمر صحفي، قال وزير الداخلية سلامة حماد أن الاردن سيبقى بلداً آمناً ومستقراً على الرغم من الاضطرابات في المنطقة، مضيفاً أن أبو زيد ارتكب الهجوم لأنه يعاني من مشاكل نفسية ومالية.

ويؤمن محمد أبو رمان، الخبير في الحركات الإسلامية والجهادية، أن على الأردن القلق بشأن الأمن الداخلي. كما يرى أن احتمالية تبني ضابط الشرطة لفكر “داعش” ينبغي أن يشكل مصدر قلق للأجهزة الأمنية، ولا بد أن يدفع الأردنيين إلى التفكير ما إذا كانت البلاد عُرضة لأيديولوجية التطرف.

وقال أبو رمان في مقالة صحفية نشرت في صحيفة الغد اليومية في 11 نوفمبر “هل بتنا مجتمعاً هشاً للاختراق الأيديولوجي وتلقائياً يمكن اختراقنا من ناحية أمنية؟” هذا هو السؤال الذي يجب طرحه.

وقال المحلل أن السلفيين الجهاديين نجحوا في السنوات الأخيرة في التأثير على الطبقة الوسطى في المجتمع الأردني، إذ أن هناك تزايداً في أعداد المتعاطفين معهم، محذراً أن المتطرفين أيضاً كانوا قادرين على التأثير على الفئة المتعلمة، وبخاصة طلاب الجامعات. وأشار إلى قصة طالب الطب الذي ينحدر من مدينة الكرك جنوب البلاد وانضمامه لصفوف “داعش” كانتحاري، وهو نجل نائب أردني كان يدرس الطب في أوكرانيا، والذي كان قد فجر نفسه في العراق أواخر سبتمبر المنصرم.

وأشار أيضاً إلى الفتاة، خريجة علم النفس، من الكرك أيضاً، التي حاولت الانضمام لـ”داعش” في سورية، على الرغم من أن السلطات نجحت في إعادتها من تركيا قبل دخولها سورية.

هذا وأحبط الجيش الأردني عدة محاولاتٍ للتسلل عبر حدوده على مدى العامين الماضيين من قِبل متطرفين ومهربي أسلحة حاولوا عبور الحدود السورية إلى المملكة. ولكن، قال أبو رمان أن الأردن يشبه الدول الغربية المتقدمة التي تعاني من هذه الظاهرة، مع تزايد أعداد المتعاطفين مع الجماعات الإرهابية في المنطقة.

ومع ذلك، دعا إلى اتخاذ المزيد من تدابير الحماية، وليس فقط التدابير الأمنية، لإبعاد الشباب عن الأيديولوجيات المتطرفة. وصرّح “إنها مهمة صعبة، ولكن يجب أن تتم محاربة الإرهاب من خلال المزيد من الجهود في مجالات الثقافة والدين والسياسات والإقتصاد بالإضافة إلى التعليم.” وحثّت السلطات الأردنية الخطباء في المساجد على معالجة قضية الإرهاب في خطبة الجمعة، كما استضاف الأردن ندوات ومؤتمرات محلية وإقليمية بشأن كيفية محاربة الإرهاب والتطرف من خلال تشجيع الاعتدال.

وأكدّ المتحدث باسم الحكومة، محمد المومني، في مقابلة أنّ الأردن سيبقى واحةً للاستقرار على الرغم من الحادث الأخير. وقال أن النظام الأمني في الأردن قوي وسيزداد قوة.

وقدّر مسؤول حكومي أن حوالي 2,000 أردني انضموا إلى جماعاتٍ إرهابية مثل “داعش” و”جبهة النصرة،” في كلٍ من سورية والعراق، مضيفاً أن حوالي 600 منهم قضوا نحبهم هناك. وأخبرنا المسؤول الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، أن ما يقارب 500 منهم عادوا إلى الأردن ويقبعون حالياً في السجن.

وقال المسؤول أن الأجهزة الأمنية في الأردن تراقب عن كثب الجهاديين، إذ أنهم يعتبرون أعضاء محتملين للخلايا النائمة. ويؤمن طه أبو ريدة، مدير التحرير في صحيفة الرأي الأردنية اليومية، أن حادثة إطلاق النار، حتى وإن كانت ترتبط بالإرهابيين، لا يجب اعتبارها إشارة إلى أن الأمن في الأردن بات هشاً.

وقال، أن حوادث إطلاق النار تحدث في كل مكان، مشيراً إلى أن الأردنيين لديهم ثقة كبيرة بالأجهزة الأمنية في المملكة، والتي قال، أنها معروفة من بين معظم المنظمات المهنية والمؤهلة في العالم.

user placeholder
written by
veronica
المزيد veronica articles