وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

انهيار محادثات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين 2014

أُلقي اللوم في انقطاع مفاوضات السلام الأخيرة بين إسرائيل وفلسطين، وبالإجماع، على الإسرائليين، وذلك حتى من قبل الولايات المتحدة الأميركية التي تعتبر الحليف الأقوى لإسرائيل.

 إسرائيل فلسطين
حاجز إسرائيل في الضفة الغربية

أُلقي اللوم في انقطاع مفاوضات السلام الأخيرة بين إسرائيل وفلسطين، وبالإجماع، على الإسرائليين، وذلك حتى من قبل الولايات المتحدة الأميركية التي تعتبر الحليف الأقوى لإسرائيل. وعلى خلاف المرات السابقة، أتقن الفلسطينيون اللعبة هذه المرة على ما يبدو؛ فعدم التزام إسرائيل الإفراج عن الأسرى الستة والعشرين من أصل الأسرى الفلسطينيين من قدامى الأسرى والبالغ عددهم 104 أسير,–على الرغم من الضمانة التي قدمتها الولايات المتحدة,- أتاح لمحمود عباس التخلّص من القيود التي كان قد فرضها على نفسه. وبعد مرور أيام قليلة على إخلال إسرائيل بالموعد النهائي للإفراج عن الأسرى الذين اعتُقلوا قبل انطلاق عملية السلام في العام 1993، وقّع الفلسطينيون خمس عشرة معاهدة دولية. وكان الوعد بإطلاق سراح هؤلاء قد قُطع في مبادرة لبناء الثقة، في العام 1999 كجزء من اتفاقية شرم الشيخ، ولكن انطلاق الانتفاضة الفلسطينية الثانية شكل عذراً لإسرائيل للامتناع عن الإفراج عنهم في ذلك الحين.

وفي حين كان الإفراج عن الأسرى جزءاً من الاتفاق مع الفلسطينيين (بما في ذلك منظمة التحرير الفلسطينية) ليمتنعوا عن الانضمام إلى أي من وكالات الأمم المتحدة، إلا أن الرئيس الفلسطيني لم يستغل جميع الإمكانيات المتاحة له. وتتمتع فلسطين، وهي دولة غير عضو في الأمم المتحدة، منذ تشرين الثاني/ نوفمبر من العام 2012، بحق الانضمام إلى أكثر من 60 وكالة دولية ومن بينها المحكمة الجنائية الدولية التي عارضت إسرائيل بشدة عضويتها فيها نظراً إلى احتمال مطالبتها بمحاكمة القادة الإسرائليين باعتبارهم مجرمي حرب.

التسوية

فلسطينيون يجتمعون في تأييد المحادثات بين حركتي فتح وحماس, غزة, 22 ابريل/نيسان 2014 / Photo HH
فلسطينيون يجتمعون في تأييد المحادثات بين حركتي فتح وحماس, غزة, 22 ابريل/نيسان 2014 / Photo HH

في تلك الفترة، لم تنضم قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في رام الله إلى المحكمة الجنائية الدولية، بل توصلت إلى اتفاقية تسوية مع حركة المقاومة الإسلامية “حماس” التي كانت خصماً سابقاً لها. فالاتفاقية التي بدت استسلاماً تاماً من حركة حماس لمنظمة التحرير الفلسطينية ولإصرارها على التفاوض لإيجاد حلَ للقضية الفلسطينية، أعطت إسرائيل عذراً للخروج من محادثات السلام التي لا تصب في مصلحتها. فالرد الإسرائيلي الرسمي، كما عبّر عنه رئيس الحكومة نتنياهو، تمثل في تخيير الرئيس الفلسطيني محمود عباس بين الحلف مع حماس أو السلام مع إسرائيل.

وفي جلسة للمجلس المركزي الفلسطيني، ردّ عباس مرحّباً باتفاقية التسوية، ومكرّراً التزامه بمحادثات السلام ومشدداً على أن حكومة الوحدة المنصوص على إنشائها في “خارطة طريق” ستظل تعترف بإسرائيل، وتحترم الاتفاقيات الموقعة وتنبذ الإرهاب. كانت تلك الشروط الثلاثة التي فرضتها الرباعية الدولية التي باتت ميته تقريباً (وهي مؤلفة من الأمم المتحدة، والولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي وروسيا) على الحكومة الجديدة المؤيدة لحركة حماس في العام 2007. وشكلت الموافقة على هذه الشروط إشارة من عباس إلى إسرائيل، والولايات المتحدة، والعالم بأسره إلى وجوب عدم خشية التسوية مع حماس أو معارضتها.

وفي حين شعرت الولايات المتحدة بأن التسوية هي “غير ذي فائدة”، بحسب الرئيس أوباما، رحّب كل من الاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة وروسيا بهذه التسوية، وبإصرار عباس، الذي خرج فائزاً، على استمرارية المحادثات وعلى عدم إلغاء اعتراف فلسطين بإسرائيل.

وقد رحّب الفلسطينيون المتواجدون داخل الأراضي المحتلّة وخارجها بعضوية فلسطين في المنظمات الدولية وبالمصالحة بين حركة حماس ومنظمة التحرير الفلسطينية. وفي 15 أيار/مايو من العام 2014، تم إحياء الذكرى السنوية للنكبة الفلسطينية لعام 1948 بطريقة أكثر اتحاداً وصخباً من السنوات الماضية.

في المقابل، وعلى الرغم من النجاح البارز الذي حققه محمود عبّاس في التصدي لأي صعوبات كبرى اعترضت مسار المفاوضات وجهود المصالحة، ما زالت فلسطين تحت الاحتلال كما أنه لم يتم وضع حد للاستيطان الإسرائيلي. وقد بيّن وزير الإسكان الإسرائيلي اليميني هذه المسألة بشكل واضح عندما أعلن عن تسريع عملية الاستيطان اليهودي مضيفاً بأنه يتوقع زيادة عدد المستوطنات بنسبة 50% في الأراضي المحتلّة في خلال السنوات الخمس القادمة.

هذا ولا يبدو الاتجاه الذي ستتخذه الجهود الفلسطينية بعد توقف المحادثات واضحاً. ففي حين أنه ما من شك في أن الفلسطينيين لن يقبلوا بموقف إسرائيل من دون الرد، وأن الوحدة الفلسطينية تأتي على رأس الأولويات، إلا أنه ما من استراتيجية واضحة للأيام المقبلة. كيف سيتمكّن الزعماء الفلسطينيون من تحقيق رغبة شعبهم في الحصول على الحرية والاستقلال؟ وعلى الرغم من العوائق الكثيرة، تلتزم واشنطن بشكل واضح بتحقيق السلام في الشرق الأوسط على الرغم من أنها لا ترغب في مواجهة إسرائيل. هل بإمكان الزعماء الفلسطينيين وضع استراتيجية تسفر عن نتائج حقيقية في المستقبل؟ هل ستكون الاتصالات الأوروبية ضرورية أكثر في المرحلة المقبلة؟ هل سيسرّع الفلسطينيون عملية المقاومة السلمية وغير العنيفة داخل الأراضي المحتلة؟ هل سيتبع عباس أسلوب المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات أم أنه سيحاول البقاء محايداً على أمل توصل الولايات المتحدة الأميركية مجدداً إلى عملية سلام مع الحكومة الإسرائيلية الراهنة المشجعة على الاستيطان؟

في حال تمت عملية المصالحة بالطريقة المخطط لها –, وهو أمر غير مؤكد على الإطلاق-, من المقرر إجراء انتخابات الرئاسة الفلسطينية في نهاية العام 2014. وفي هذا السياق، صرّح محمود عباس مراراً بأنه لن يترشح مجدّداً إلى الانتخابات الرئاسية. ونظراً إلى أن المفاوضات تجري بصفته رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، لا شكّ في أن الانتخابات ستأتي بأشخاص جدد وأفكار حديثة. وقد تكون الأشهر المتبقية من العام 2014  فرصةً أخيرةً لعبّاس حتى يتمكن من إحداث تأثير إيجابي من أجل السلام في المنطقة؛ إشارةً إلى أنه لم يتبق لأوباما سوى سنة ونصف من ولايته كرئيس للولايات المتحدّة. لذا من غير الواضح ما إذا كان علينا توقع أي أفكار جديدة من قبل عباس أو انتظار قادةٍ جدد أصغر سناً لحمل الشعلة.

user placeholder
written by
telesto
المزيد telesto articles