وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

رئيس الوزراء العراقي يستحدث إصلاحات ردا على الاحتجاجات الشعبية الحاشدة

Protesters gather to demonstrate against government's corruption in Iraq
محتجون يرفعون شعارات مناهضة للحكومة العراقية في ميدان التحرير, بغداد, العراق 7 أغسطس 2015. Photo AP /Karim Kadim

بتاريخ 13 سبتمبر 2015، قامت وحدات شرطة مكافحة الشغب العراقية بتفريق متظاهرين في بابل، وهي محافظة تقع في جنوب العاصمة بغداد، وذلك باستخدام “القوة المفرطة بما في ذلك الهراوات والغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه، وحتى إطلاق الذخيرة الحية في الهواء،” وذلك وفقا لمقال نشر في وكالة المدى برس العراقية. ووفقا للتقرير، طالب المتظاهرون بتنحي محافظ بابل صادق مدلول السلطاني وحل مجلس المحافظة في محاولة للقضاء على الفساد المستشري والمحسوبية التي تعاني منها المحافظة منذ الأيام الأولى للاحتلال الأمريكي (2003-2011). وتعهد المتظاهرون بعدم توقف حركاتهم الاحتجاجية حتى يتم الاستجابة لمطالبهم ويتم استحداث هياكل مدنية حديثة في الدولة.

وبابل ليست استثناءا. فمنذ أواخر شهر تموز الماضي، شهدت عشرة من بين ثمانية عشر محافظة في العراق، بما في ذلك بغداد، سلسلة من الاحتجاجات. وحصل أكبرها في أواخر شهر آب عندما خرج المتظاهرون بتشجيع من أكبر رجال الدين في البلاد، آية الله العظمى علي السيستاني إلى شوارع بغداد والنجف والبصرة وغيرها من المدن في الجنوب الشيعي. وطالب المتظاهرون بوضع حد للفساد الحكومي المستشري، وضمان تقاسم السلطة أكثر إنصافا، وإصلاح القضاء، وتقديم خدمات أفضل مثل خدمات الكهرباء والصرف الصحي والرعاية الصحية.

وكانت موجة الاحتجاجات الحالية قد بدأت قبل شهر من ذلك الوقت. فمع ارتفاع درجات الحرارة إلى ما يزيد عن 50 درجة مئوية، عم الإحباط بين المواطنين بسبب انقطاع الكهرباء والماء بشكل متكرر مما أشعل غضب الشارع.

في المقابل، رد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي على تلك الاحتجاجات بحزمة من الإصلاحات التي تهدف إلى الحد من الفساد وتفعيل دور الحكومة. تدخل السيستاني مرة أخرى، منتقدا حزمة الإصلاحات قائلا بأنها لا تكفي. فوفقا لمساعد السيستاني أحمد الصافي، العبادي بحاجة إلى يكون أكثر جرأة وشجاعة في تطبيق اصلاحاته.

وعلى الرغم من تلك الانتقادات، فإن التقارب غير الاعتيادي فيما بين الأصوات المتنازعة من مختلف الطوائف في البلاد أعطى العراقيين فرصة نادرة للضغط على الحكومة التي يرى كثيرون أنها تعطي الأولوية لمصالح المسؤولين في السلطة بدلا من المواطنين. فالنخبة الحاكمة في العراق تتمتع بحوافز مالية كبيرة وحراسات أمنية مشددة وأساطيل من السيارات والمنازل الفخمة والمرتبات العالية.

ولكن في أعقاب التصويت البرلماني الذي جرى في 11 آب الماضي والذي صادقت فيه أغلبية ساحقة من النواب على خطة العبادي الاصلاحية وحصلت على تأييد وطني من معظم الكتل السياسية والأحزاب الدينية، بدأت تطرح الأسئلة حول مدى قدرة رئيس الوزراء –المعروف بالزعيم الضعيف الذي يتبع أسياده – في إحداث التغييرات المطلوبة.

كما لا يزال العراقيون يشعرورن بمرارة الغزو الأميركي. “فالعراقيون بشكل عام يلومون الحكومة الأمريكية لأنها قررت أن تمول وتدرب وتدعم الحكومة العراقية الفاسدة،” حسبما يقول كمال كابار، الناشط العراقي الأمريكي في مجال حقوق الإنسان والصحفي الذي عاد مؤخرا إلى الولايات المتحدة من بغداد، في حديث له على شبكة يو.أس نيوز الأمريكية.

مكافحة الفساد ليست بالمهمة الوحيدة التي تواجه العبادي في الوقت الحاضر. فهناك أجزاء واسعة من البلاد بما في ذلك الموصل، ثاني أكبر مدينة في العراق، والرمادي في محافظة الانبار السنية، ما زالت تحت سيطرة مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية. كما أن جهود استعادة السيطرة على مدينة الرمادي قد باءت بالفشل حتى الآن.

في هذا السياق، نقلت مقالة نشرت في وقت سابق من هذا الشهر على وكالة فارس للانباء في طهران عن فالح العيساوي، المسؤول البارز في مجلس محافظة الأنبار، قوله أن “عملية تحرير مدينة الرمادي شهدت انتكاسة كبيرة في محاولة الحد من الخسائر في الأرواح والعتاد العسكري والبنية التحتية.”

مع ذلك، فإن هناك دلائل تشير إلى أن المعركة مع تنظيم الدولة الاسلامية قد تكون وشيكة. حيث تفيد وسائل الإعلام العراقية أن أكثر من عشرة آلاف من الشرطة والجيش العراقي قد تم تعبئتهم لتلك المعركة. إضافة إلى ذلك، فقد زادت المقاتلات الأمريكية من نشاطها في الرمادي وأجزاء أخرى من الأنبار. وتذكر صحيفة المدى العراقية في تقرير لها نشر بتاريخ 14 أيلول أن المقاتلات الأمريكية قد قامت للمرة الأولى منذ وصولها إلى المنطقة بغارات وهمية فيما بدا أنه تحضير لضربات جوية مرتقبة.

في هذه الأثناء، لا تزال الاحتجاجات في بغداد وغيرها من المدن الكبرى مستمرة على نفس الوتيرة وليس هناك من نهاية واضحة في الأفق.

user placeholder
written by
veronica
المزيد veronica articles