حسين الزعبي
لا ينفصل الوجود الاقتصادي الإيراني في سوريا عن نفوذ طهران السياسي ومن ثم العسكري الذي أسهمت في ترسيخه عوامل ذاتية لها علاقة بالنظامين الحاكمين، وأخرى موضوعية تتعلق بتطورات المنطقة بعد الغزو الأمريكي للعراق في العام 2003، ومن ثم اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في شباط 2005، وحرب تموز بين حزب الله وإسرائيل 2006 وصولا إلى ثورات الربيع العربي نهاية العام 2010 وبدايات العام 2011.
بالنسبة للنظام السوري، تمكن حافظ الأسد من إدارة علاقات متوازنة مع إيران بما يخدم مصلحة النظام ويوطد أركانه ويحافظ على التوازن في المجتمع السوري، ففي الوقت الذي كان يخوض فيه العراق بقيادة صدام حسين وحزب البعث “العراقي” حرباً مع إيران، (الحرب العراقية – الإيرانية 1980-1988) كان حافظ الأسد وحزب البعث “السوري” يقف إلى جانب إيران. وربما للأسد أسبابه في ذلك منها ما يتعلق بدعم نظام صدام لمعارضيه ومن بينهم “الإخوان المسلمين” وكذلك “البعث اليميني”، لكن دون أن يسمح للأخيرة بالتواجد في سوريا. حتى دينيا، اقتصر وجودها بحده الأدنى فلم تكن دمشق تعج بالحسينيات والمظاهر الاحتفالية الدينية الشيعية كما هو الحال الآن، في عهد ابنه بشار، علما أن عدد الشيعة في سوريا لم يكن يتجاوز 1 بالمئة من عدد السكان، بل لم يكن يلحظ أي ظهور إعلامي لأي رجل دين شيعي على وسائل الاعلام الرسمية. وحين حاولت إيران التواجد “الديني” عبر جمعية “المرتضى” التي تولى إدارتها شقيقه الأكبر “جميل الأسد”، وكانت تمثل “الذراع الديني” لتشكيل “سرايا الدفاع الذي كان يقوده شقيقه الأصغر “رفعت الأسد” عمد حافظ فيما بعد إلى حلها.
أما بالنسبة للنظام الإيراني الذي اعتمد بعد وصول الخميني إلى الحكم في العام 1979 إثر الثورة على الشاه، على نظرية “تصدير الثورة” إلى البلاد العربية، فقد اصطدم بعراق صدام حسين، لكن هذا المانع تم إزالته بإسقاط نظام صدام ووصول حلفاء إيران من الشيعة إلى الحكم في بغداد لتعود فكرة تصدير الثورة للوجود مرة أخرى مضافا إليها “الحلم الفارسي التاريخي” بالوصول إلى البحر المتوسط مع قدوم محمود أحمدي نجاد للحكم والذي كان يعتبر أحد صقور الحرس الثوري الايراني وأحد الذين اقتحموا السفارة الأمريكية في طهران خلال “أزمة الرهائن الشهيرة”.
إعادة التحرك الايراني باتجاه المنطقة “غربا” في تلك الفترة 2005 قام على عمودين الأول عسكري تمثل بدعم التشكيلات العسكرية، أحدها حزب الله، الذي بات أحد قواعها الدينية والعسكرية على المتوسط، وكذلك استقطاب المنظمات الفلسطينية، وبطبيعة الحال الميليشيات التي تشكلت في العراق في تلك الآونة وأبرزها جيش المهدي بزعامة مقتدى الصدر، قبل أن يُحل ويستبدل بميليشيات “سرايا السلام” وكذلك فيلق بدر بقيادة هادي العامري الذي أصبح نواة ميليشيات الحشد الشعبي. وفي هذا السياق، قال نجاد في تصريح له: “إنّ سوريا هي خط الجبهة الأمامي للدفاع عن الأمة الإسلامية” فيما قال وزير الدفاع الإيراني السابق علي شمخاني “سوريا عمق استراتيجي لإيران، وهي جزء من الأمن القومي للجمهورية الإيرانية في المنطقة، وتولي طهران دائماً أهمية لأمن الأراضي السورية”.
أما العمود الثاني لإعادة التحرك فهو ذو شقين الأول اجتماعي إذ شهدت دمشق وريفها اتساعاً كبيراً في الحوزات الشيعية، حتى باتت ثالث أكبر حوزة في العالم بعد حوزة (قم) في إيران وحوزة (النجف) في العراق. وتكشف الإحصائيات عن وجود 500 حوزة علمية وحسينية في سوريا تتوزع على المدن السورية يدرِّس فيها الآلاف من رجال الدين الإيرانيين. أما الشق الثاني فهو اقتصادي.
من الشاه..إلى خامنئي
تقول مؤسسة تنمية التجارة الإيرانية إن أول اتفاقية اقتصادية بين البلدين تعود إلى تموز من العام 1974 منحت بموجبها إيران لسوريا قرضا بقيمة 150 مليون دولار و 50 مليون دولار لتمويل مشروعات زراعية صناعية وفي العام التالي قدمت إيران، بحسب المصدر نفسه، 300 مليون دولار، وبعد هذه الاتفاقية تركزت صادرات إيران على عربات النقل، فيما تركزت الصادرات السورية على الفوسفات. أما الاتفاقية التالية فكانت في العام 1982، أي بعد نحو 3 أعوام على الثورة الإيرانية ووصول الخميني إلى الحكم وبعد عامين من اندلاع الحرب العراقية الايرانية، وأهم ما جاء فيها تصدير إيران إلى سوريا 9 ملايين طن من النفط سنويا مقابل تصدير سوريا لإيران 400 ألف طن من الفوسفات ثم تقوم برفع صادراتها إلى مليون طن للوفاء الكامل باحتياجات قطاع البتروكيماويات الايراني، مع إشارة بعض المصادر إلى أن الجزء الاول من الاتفاقية كان قائما على نظام المقايضة.
طيلة فترة الثمانينيات كان النظام السوري غارقا في ملفات لبنان والاخوان المسلمين بالداخل بالاضافة لـ “خلاف الشقيقين” ومحاولة رفعت الانقلاب على الحكم بالتزامن مع صراع محتدم مع صدام حسين والدعم المتبادل لمعارضات كل نظام، إلا أنه مع قدوم عقد التسعينيات، كانت المنطقة في طريقها إلى إنهاء بعض الملفات والدخول في ملفات أخرى، فالحرب العراقية الايرانية انتهت، والحرب الأهلية اللبنانية وضعت بعض اوزارها باتفاق الطائف ، ومن ثم اجتياح القوات العراقية للكويت في آب 1990، ودخول النظام السوري في مخاض “عملية السلام” من خلال مؤتمر مدريد.
في أيلول من العام 1990 اتفقت ايران وسوريا على إنشاء شركات مشتركة في مجالات مختلفة، وخاصة قطاع المقاولات، ثم عقدت اللجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين جلستها الأولى في النصف الأول من العام 1996.
ورث بشار الأسد السلطة في يوليو من العام 2000 بعد وفاة حافظ الأسد، ووضع فور تسلمه أسس سياسيات التحرر الاقتصادي في الخطة الخمسية التاسعة (2000-2005) وكان متوقعا خلال هذه الفترة تنامي العلاقات التجارية بين دمشق وطهران إذ فتح سقوط نظام صدام ممرات نقل بري بين البلدين. وتظهر إحصاءات إدارة الجمارك الإيرانية تضاعف قيمة الصادرات السورية في السنة الاخيرة من الخطة الخمسية التاسعة مقارنة بالسنة الأولى 4.6 مرات، أي بنسبة 362% تقريبا بالمقابل تظهر الاحصائيات، بحسب المصدر نفسه، تضاعف قيمة الصادرات الايرانية بنسبة 4.8 مرات أي بنسبة 383% تقريبا، وعلى الرغم من تقارب نسب نمو صادرات البلدين فقد كان عجز الميزان التجاري لصالح طهران خلال سنوات الخطة الخمسية التاسعة ضخما وبلغ 384% بحسب إدارة الجمارك الإيرانية.
الخطة الخمسية العاشرة (2006-2011) شكلت امتدادا للخطة التاسعة ووفقا لإحصائيات إدارة الجمارك الايرانية تضاعفت قيمة الصادرات السورية في السنة الأخيرة من الخطة 2.8 مرة، أي بنسبة 182% تقريبا، أما الصادرات الايرانية فتضاعفت 1.6 مرة أي 58 % تقريبا.
التقرير الخامس لهيئة الاستثمار السورية الصادر في العام 2010، كشف أن لإيران منذ العام 1991 إلى 2005 أربعة مشروعات بتكلفة استثمارية بلغت أكثر من خمسة مليارات ليرة سورية (الدولار في تلك الفترة تراوح بين 40-50 ليرة)، أما خلال الفترة الممتدة من عام 2006 وحتى العام 2010 فاستثمرت إيران بسبعة مشروعات بتكلفة 20 مليار ليرة (الدولار يعادل 50 ليرة تقريبا). ووفقا لتقارير صحفية قدرت الحكومة السورية الاستثمارات الايرانية خلال العام 2006 فقط بما يزيد على 400 مليون دولار وأصبحت ثالث أكبر مستثمر بعد السعودية وتركيا، وفي أيلول من العام نفسه صرح مسؤولون من الدولتين عن خطط لتوسيع مشاريع إيرانية بقيمة 10 مليارات دولار على مدى السنوات الست القادمة. وفي العام 2010 أعلن مسؤولون إيرانيون عن وصول قيمة الخدمات الفنية والهندسية الإيرانية في 2010 إلى 2.2 مليون دولار، وفي العام نفسه اتفق الجانبان على تأسيس بنك سوري إيراني للصادرات برأس مال مبدئي 30 مليون دولار على أن يستحوذ الجانب الإيراني على 60% منه. ومن المشاريع الإيرانية في سوريا خلال تلك الفترة، معمل إسمنت حماة المنفذ بين شركة “صنعت” الإيرانية والمؤسسة السورية للإسمنت، وعقود شركة “بارسيان” الإيرانية مع المؤسسة العامة لتوزيع واستثمار الطاقة الكهربائية، ومشروع “سيامكو” وشركة “سيفكو” لإنتاج السيارات، والأخيرة سجلت خسائر كبيرة في السوق المحلي.
الانقضاض الإيراني
كما أسلفنا فإن التحرك الايراني الاقتصادي لا ينفصل عن النفوذ العسكري ولا يغفل البعد الاجتماعي المذهبي، فمع بدء الثورة السورية تحركت إيران عبر أذرعها العسكرية، حزب الله اللبناني، فصائل من الحشد الشعبي العراقي، فصيل فاطميون الافغاني، وزينبيون الباكستاني، وقادة ومستشارين عسكريين من الحرس الثوري، كما تعلن إيران نفسها، بالتوازي مع ذلك تحركت طهران اقتصاديا ولوجستيا، إذ أمنت طريقا بريا يعبر من وسط وشمال العراق وحتى دمشق وسواحل المتوسط في اللاذقية ولبنان، وهذا شكل نقطة تحول كبيرة لإيران اتاح لها لعب دور محوري في زيادة صادراتها من السلع غير النفطية إلى العراق وسورية ولبنان والأردن والمنطقة العربية عموماً ويقدم لمنتجاتها ميزة تنافسية عن المنتجات الأخرى بفضل خفض كلف النقل وسهولة الطريق، كما أن تفعيل اتفاقية منطقة التجارة الحرة السورية الإيرانية في 21 مارس/آذار 2012 والتي خفضت بموجبها نسبة الرسوم الجمركية البينية للسلع المتبادلة بين البلدين بنسبة 96%. وأدت الوفرة المالية الناجمة عن خط الائتمان والقروض إلى ارتفاع الصادرات الإيرانية، وبلغ حجم التبادل التجاري 869 مليون دولار في العام 2014 بحسب هيئة الجمارك الايرانية، مع عجز كبير في ميزان التبادل لصالح طهران.
أما في العام 2013 فتم عقد اتفاقية نقل الغاز عرفت باتفاقية ” الأنبوب الإسلامي“، بين دول إيران والعراق وسوريا ليصل إلى البحر المتوسط بتكلفة تصل إلى 10 مليارات دولار، ووفق الاتفاقية سيضخ عبر هذا الانبوب، عند تنفيذه، نحو 110 مليون متر مكعب من الغاز يومياً. وفي مجال الطاقة أيضا ضمنت طهران حصتها من سوق الطاقة السوري عبر مذكرات التفاهم الموقعة مع النظام، فبموجب مذكرة تفاهم تم توقيعها في بداية العام 2017 سيتم بموجبها إنشاء مصفاة نفط كبرى قرب مدينة حمص تبلغ طاقتها التكريرية 140 ألف برميل نفط يومياً وستقوم إيران بموجب الاتفاق بإعادة بناء وتجهيز مصفاتي حمص وبانياس علمًا أن إنتاج كلا المصفاتين يكفي حاجات سورية الاستهلاكية. كما وقعت شركة “مبنا غروب” الإيرانية عقداً لإعادة إنشاء خمس محطات توليد الطاقة الكهربائية في جزء من مدينة حلب مقابل 130 مليون يورو، وستستورد سورية من إيران وفق هذه المذكرة 540 ميغاوات من الكهرباء إلى محافظة اللاذقية، وبلغت القيمة المالية للعقود الموقعة مع إيران في العام 2016 مع وزارة الكهرباء حوالي ترليون ليرة (أكثر من 4.5 مليار دولار على سعر صرف 430 ليرة للدولار) تم توقيعها مع الشركة المذكورة لتوريد مجموعات لمحطات في حلب وبانياس. أما في المجال الصناعي، فحصلت إيران بموجب مذكرات تفاهم تم توقيعها مع وفد الحكومة السورية الذي زار طهران مطلع العام 2017 على استثمارات في مناجم الفوسفات بخنيفيس بريف حمص ويشمل العقد الموقع التنقيب عن الفوسفات واستخراجه واستثماره لمدة 50 عاما، وبهذا حصلت طهران على احتياطي الفوسفات والمقدر بـ 1.8 مليار طن خام.
على الصعيد المالي، والمعاملات البنكية، فتحت إيران خط ائتماني لدمشق، وفي كانون الثاني من العام 2013 قدمت إيران قرضها الأول بمقدار مليار دولار لدعم العجز المالي وفعّلت كل من طهران ودمشق في شهر آب/أغسطس 2013 منح القرض الثاني للحكومة السورية والبالغ 3.6 مليار دولار ليتم إنفاقه بشكل أساسي على استيراد المشتقات النفطية من إيران حصراً. وفي تموز وقّع الرئيس بشار الأسد على قانون يصادق على القرض الثالث البالغ مليار دولار مقدم من إيران بهدف تمويل الصادرات. وفي مجال الاتصالات وقع الجانبان مطلع العام 2017 على منح إيران رخصة تشغيل الهاتف المحمول في البلاد علماً أن عائدات شركة النقال في سورية تقدر بنحو 12 مليار ليرة سورية سنويًا، على أن يبلغ حجم الاستثمار في المشغل الجديد نحو 300 مليون دولار، بحيث تكون حصة الجانب السوري 20%، في مقابل 80% لشركة إيرانية.
حرم المقامين..
هذه المشاريع بدأ بعضها يدخل حيز التنفيذ وبعضها الآخر مازال على شكل اتفاقيات، وبذلك تكون إيران ضمنت حصتها سلفا من سوريا ما بعد الحرب وحصول توافق دولي على البدء بإعادة الإعمار. وفي هذا حاولت طهران الضخ بالبدء بعملية إعادة البناء وإنجاز عملية سياسية تحقق الانتقال السياسي في سوريا، ففي سبتمبر 2017 شاركت إيران بمعرض “عمّرها” الذي أقيم بدمشق بنحو 40 شركة من بين 164 شركة جاءت من 23 دولة، أما في أول معرض تجاري اقامته سوريا منذ العام 2011 وكان في آب 2017 فشاركت 30 شركة إيرانية في مختلف التخصصات. كما تم مطلع 2017 توقيع مذكرة تفاهم وعدت فيها دمشق إيران بأنها ستقدم عقود إعمار لشركات إيرانية، لكن إيران لم تنتظر وأخذت تمهد البنية التحتية لإنجاز مشروعات ذات بعد اجتماعي “مذهبي – ديمغرافي”، وفي هذا المجال نشطت عن طريق سماسرة العقارات بشراء البيوت في قلب دمشق، تحت ضغط الحاجة المادية للأهالي، كما ساهمت بإفراغ المنطقة الممتدة من داريا إلى السيدة زينب من سكانها وتهجيرهم إلى إدلب.
المنطقة الممتدة بين داريا والسيدة زينب تمثل الواجهة الجنوبية لمدينة دمشق، وفي هذا المشروع غير المعلن، تحاول إيران إنشاء “ضاحية دمشق الجنوبية”، على غرار “ضاحية بيروت الجنوبية” وذلك في سياق الاستثمار الديني القائم على “مقام السيدة سكينة” في داريا، جنوب غرب دمشق، ومقام السيدة زينب، جنوب شرق دمشق، وفي هذا يمكن فهم رفض النظام إعادة الأهالي إلى مناطقهم لاسيما مناطق “مخيم اليرموك” للاجئين الفلسطينيين، وكذلك منطقة الحجر الأسود والتي كانت تقطنها غالبية “النازحين السوريين من الجولان” وهي مناطق تقع جغرافيا بين المقامين.
ضاحية دمشق الجنوبية أو مشروع حرم المقامين كما يرى متابعون سيكون له دور عسكري في أي صراع عسكري قد تديره إيران أو أذرعها في المنطقة، ففيها تتركز ميليشيات حزب الله، وأبو الفضل العباس، وكذلك تشكيلات من فصائل “فاطميون” و”زينبيون” بالإضافة إلى مشروع تشكيل “حزب الله السوري”.
الاقتصاد الأسود..
إذ كانت إيران تؤسس لـ “ضاحية دمشق الجنوبية” فإنها أنجزت سيطرتها، عبر حزب الله اللبناني على ريف دمشق المحاذي للحدود اللبنانية السورية الأكثر وعورة والمتمثلة بمناطق “الزبداني” و”مضايا” والمعروفة قديما بأنها مناطق تهريب بين البلدين، كما سيطرت على المنطقة الحدودية بريف حمص الغربي من جهة منطقة “القصير” ومن هذه المناطق تدير إيران وأذرعها ما يمكن تسميته بالاقتصاد الاسود، إذ يُتهم حزب الله اللبناني بتمويل مقاتليه الذين تجاوز عددهم بحسب ما أعلن أمينه العام حسن نصر الله مؤخرا 100 ألف مقاتل، من تجارة المخدرات عبر خط ممتد من البقاع اللبناني إلى جنوب دمشق فجنوب سوريا ومنها إلى دول الخليج، بالإضافة إلى عمليات تهريب الوقود من بنزين ومازوت وغيرها من بضائع وفق ما يتطلبه السوق في كلا البلدين، وهذا أعلنه أكثر من مسؤول لبناني ممن يقفون على الضفة المناهضة لحزب الله الذي يعلن ولائه “للولي الفقيه” المرشد الايراني “علي خامنئي”.
صراع روسي إيراني بارد
وفق منطق المصالح الروس الذين لديهم شركاتهم الباحثة عن حصتها من الكعكعة السورية، لن تكون سعيدة بأي حضور طاغ، وفي هذا السياق يحدث الصراع بين البلدين، من خلال الصراع بين الجناحين الروسي الإيراني داخل النظام السوري، وربما هذا ما ساهم في تعطيل إنجاز الاتفاقيات الايرانية الموقعة، إذ قال “إيرج رهبر” رئيس جمعية الإعمار في طهران إنه “لم يحدث شيء منذ 2018، ولم نقم بأي عمل بشأن إعادة الإعمار في سوريا، أيا من البنود الواردة في الاتفاقيات المهمة التي تم التوصل إليها بين البلدين لم تترجم اقتصاديا” ونقلت عنه وكالة “مهر” الايرانية: “كان من المقرر على سبيل المثال، بناء بلدة بسعة 200 ألف وحدة سكنية في دمشق، من قبل جمعية الإعمار في طهران، لكن هذا لم يتحقق”. أما حشمت الله فلاحت بيشة، عضو لجنة الأمن القومي بالبرلمان الإيراني السابق فذهب أبعد من ذلك وقال إن إيران أنفقت 30 مليار دولار في سوريا خلال السنوات العشر الماضية، وأن هذه المبالغ التي صرفت للتدخل العسكري لإبقاء نظام الأسد في السلطة، يجب أن يعاد، أما اللواء يحيى رحيم صفوي، المستشار العسكري للمرشد الإيراني علي خامنئي، قد أكد أن تدخلات إيران في دول المنطقة لم تكن مجانية بل تمت مقابل الحصول على الأموال خاصة في العراق وسوريا، وقال صفوي: “وقعنا عقودا مع السوريين وسنحصل على أشياء بالمقابل”، لكنه أضاف: “الروس يستفيدون من سوريا أكثر مما نستفيد”، وقدر صفوي أن عملية إعادة إعمار سوريا سوف تستغرق عدة سنوات، وسوف تتطلب ما لا يقل عن 300 إلى 400 مليار دولار”.
وأضاف أن “إيران يجب أن تعوض الخسائر التي تكبدتها في سوريا، والسوريون مستعدون لتعويضها من مناجم النفط والغاز والفوسفات لديهم”.