وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

إيران: الفيضانات تُلقي بعبءٍ مالي على الحكومة التي تشلها العقوبات

Iran- Floods iran
فيضانات إيران: وضع الحواجز للسيطرة على مياه الفيضانات التي غمرت أحد الشوارع في مدينة الأهواز بمحافظة خوزستان الإيرانية في 10 أبريل 2019. Photo AFP

احتفلت إيران بعامها الجديد، الذي بدأ في 21 مارس 2019، بسلسلةٍ من الفيضانات المدمرة التي أثرت على 25 محافظة من أصل 31 على مدار شهرين وتسببت في أضرارٍ واسعة النطاق، إذ تعجّ وسائل التواصل الاجتماعي بصور المنازل والمباني التي جرفت وسط تقارير تفيد بحدوث 71 حالة وفاة وآلاف الجرحى. تبلغ فاتورة الإصلاح حوالي 2,5 مليار دولار.

فقد كانت تلك الفيضانات هي الأسوأ التي تضرب البلاد منذ 50 عاماً. بيد أنه بالرغم من تصاعد تكاليف الكارثة فضلاً عن تصاعد حدة الإنتقادات الموجهة للحكومة فيما يتعلق برد فعلها على الكارثة، إلا أنه تمت أيضاً مناقشة المنافع. فقد عانت إيران من انخفاض معدل هطول الأمطار منذ التسعينيات ومن الجفاف الشديد في السنوات القليلة الماضية. ومنذ الفيضانات، تمت إعادة تعبئة معظم سدود إيران التي عانت من انخفاض منسوب المياه ليتم توليد الكهرباء مرةً أخرى بكامل طاقتها.

أثرت الأمطار الغزيرة على البلاد لأول مرة في خريف عام 2018، عندما ارتفع معدل هطول الأمطار بنسبة 205% مقارنةً بنفس الفترة من عام 2017. استمر ارتفاع هطول الأمطار بشكلٍ كبير في عام 2019، ليصل إلى 290 ملم في أول شهرين من العام، مقارنة بـ104 ملم لكامل عام 2018.

بيد أن الفيضانات التي تلت ذلك دمرت المدن والقرى. ففي بعض أجزاء من محافظة مازندران الشمالية، تجاوز منسوب المياه في الشوارع الثلاثة أمتار. المنطقة التالية التي ضربتها الفيضانات هي الساحل الشمالي. بل إن حقيقة حصول الفيضانات خلال عطلة رأس السنة الجديدة، أثناء سفر العديد من الإيرانيين إلى المحافظات الشمالية للاسترخاء، زاد من عدد الضحايا المحتملين. ومع ذلك، تمكنت السلطات من الحد من عدد القتلى عن طريق تنفيذ عمليات الإجلاء الجماعي وإعادة توجيه تدفق المياه، ففي محافظة خوزستان وحدها، تم إجلاء سكان 14 مدينة و110 قرى.

ومع اقتراب الفيضانات من أسبوعها الثالث، أعلن وزير الداخلية عبد الرضا رحماني فضلي أن 4,400 قرية شهدت فيضاناتٍ لم يسبق لها مثيل، خاصة في محافظتي لورستان وخوزستان. بالإضافة إلى ذلك، تعرض 725 جسراً للهدم ودمر 14 ألف كم من الطرق في 68 ألف موقع، مما أثر بشدة على حركة المرور والسلامة. كما بلغت خسائر القطاع الزراعي حوالي 334,5 مليون دولار وتضرر قطاع الكهرباء أيضاً، حيث فقدت 2,352 قرية إمداداتها من الكهرباء. كما ألحقت الفيضانات أضراراً بـ130 ألف منزل في جميع أنحاء البلاد، مما جعل 55 ألفاً منها غير صالح للسكن.

وبعد أن ضربت الفيضانات المفاجئة مدينة شيراز، مما أسفر عن مقتل 21 شخصاً في غضون دقائق، دعا المرشد الأعلى علي خامنئي إلى التحرك السريع لمساعدة المصابين. أدلى العديد من المسؤولين الآخرين، بما في ذلك الرئيس حسن روحاني، ورئيس الحرس الثوري الإيراني ووزراء مجلس الوزراء، بتصريحاتٍ مماثلة.

Iran Floods AR 1024
المصدر: Wikipedia and European Commission. إضغط للتكبير. @Fanack.com WIKIPEDIA ©FANACK

استجاب الآلاف من المتطوعين للدعوة، إلا أن الغضب الشعبي من سوء التعامل مع الأزمة كان عنيفاً. فقد تعرض روحاني، على سبيل المثال، لانتقاداتٍ شديدة لقضاء عطلته في جزيرة قشم في الخليج العربي بينما كانت المدن داخل الأراضي الإيرانية تُجرف بسبب الفياضانات. كما أجبر حاكم محافظة غلستان، الذي كان يقضي عطلته في الخارج ولم يعد بعد الفيضانات مباشرة، على الاستقالة.

دفعت هذه الانتقادات روحاني إلى إرسال العديد من الوزراء والنواب للقيام بجولةٍ في المحافظات التي اجتاحتها الفيضانات ووعد بأن توفر إدارته تعويضاتٍ ودعمٍ لإعادة الإعمار. ومع ذلك، في بيانٍ آخر، ألقى باللوم على الإيرانيين لتدميرهم البيئة، إذ قال إن الفيضانات كانت علامةً واضحة على تأثير هذا الضرر.

كما استخدمت الفيضانات كأداةٍ سياسية. ففي الوقت الذي بدأ فيه الجيش وخاصة الحرس الثوري الإيراني عملية التنظيف، تعرضت الإدارة لانتقادات بسبب تحركها ببطءٍ شديد. وانتقد روحاني النقاد والحرس الثوري الإيراني على حد سواء بسبب “السيطرة على الفيضانات باستخدام المتفجرات،” في إشارةٍ إلى استخدام الحرس للمتفجرات لتحويل تصريف مياه الفيضانات بعيداً عن المدن المهددة. كما اتهم الولايات المتحدة بعدم الأخلاقية لفرضها عقوباتٍ جديدة بعد انسحابها من الصفقة النووية في عام 2018، قائلاً إنه كان من الممكن تأجيلها لمدة عام على الأقل.

ترزح الحكومة اليوم تحت ضغوطاتٍ هائلة لإعادة إعمار المناطق التي تضررت من الفيضانات، إلا أنها في الوقت نفسه تفتقر إلى الوسائل المالية والدعم الدولي للقيام بذلك بسبب العقوبات. ومع ذلك، على المدى المتوسط إلى البعيد، فإن القيمة المضافة للفيضانات فيما يتعلق بالكهرباء المُصدرة والمشاريع الزراعية المتجددة قد تسهم إلى حدٍ ما في تخفيف الخسائر.