وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

أشرف فياض: شاعر فلسطيني- سجين سعودي

Saudi Arabia- Ashraf Fayadh
#FREEASHRAF, Flickr

نجا الشاعر والفنان الفلسطيني سعوديّ المولد، أشرف فياض، بشق الأنفس من عقوبة الإعدام في المملكة العربية السعودية، إلا أنه لا يزال خلف القضبان لأكثر من ثلاث سنوات بتهمة الردة وتشجيع الإلحاد عبر قصائده.

ولد فياض لعائلة لاجئة فلسطينية في المملكة العربية السعودية في عام 1980 ونشأ في مدينة أبها، وكحال معظم اللاجئين الفلسطينيين في المملكة، لا يحمل الجنسية، على الرغم من أنه يحمل وثيقة سفر صادرةٍ عن مصر.

وقال أفراد العائلة في مقابلاتٍ إعلامية أن موهبة فياض كانت واضحة، حتى عندما كان طفلاً. وقالت شقيقته للمونيتور، أنه عوقب في إحدى المرات في المدرسة لأن معلمه لم يصدق أن هذا الصبي الصغير يتمتع بموهبة رسم رسوماتٍ بارعة وظن أنه سرق أعمال شخصٍ آخر.

ارتاد فياض إحدى الكليات في فلسطين، حيث درس في جامعة الأزهر في مدينة غزة قبل أن يعود إلى المملكة العربية السعودية. نشط هناك مع المنظمات الفنية، بما في ذلك مجموعة شتّا، التي نظمت أول معرضٍ جماهري في المملكة للفن المعاصر في عام 2004.

وفي عام 2008، أصدر ديوان شعر بعنوان التعليمات بالداخل. وفي الأصل، تم نشر المجموعة من قبل دار الفارابي ومقرها بيروت، وأعيد نشرها باللغة الإنجليزية من قبل The Operating System. وفي وقتٍ لاحق، استخدمت بعض الأبيات من بعض القصائد ضده في محاكمته بتهمة الردة، ومنع تداول الكتاب في المملكة العربية السعودية.

تناولت بعض القصائد مواضيع دينية، فقد كتب في أحد هذه القصائد:

“جدي… أقف عارياً كل يوم دون حشر… ودون أن يضطر أحد إلى النفخ في الصور… فأنا مبعوث سلفاً… أنا تجربة الجحيم على كوكب الأرض!
الأرض!
جهنم التي أُعِدّت للـ… لاجئين!”

وكتب في قصيدةٍ أخرى:
“الأنبياء تقاعدوا…
فلا تنتظروا نبياً يبعث لكم… ومن أجلكم
من أجلكم يقدم المراقبون تقارير يومية
ويتقاضون أجوراً عالية
كم هو المال ضروريٌ
من أجل حياة كريمة!”

واصل نشاطه في المجتمع الفني السعودي وفي عام 2011 شارك في تنظيم معرض ريزوما، وهي مجموعة من الأعمال لفنانيين سعوديين معاصرين، في معرض بينالي البندقية الـ55، بإشراف الناقدة الفنية، المقيمة في لندن، سارة رضا. وكتب فياض عن المعرض: “نهدف إلى تقديم رؤية واضحة للتحول الجذري في الفن السعودي، الذي أصبح الآن أكثر ارتباطاً بجذوره، للثقافة الحقيقية التي يمثلها الوعي بمختلف الظروف المعيشية في المملكة العربية السعودية. يخلق هذا الوعي رسالة قوية من جيلٍ جديد من الفنانين لصياغة الفن بطريقتهم الخاصة.”

وفي مارس 2013، نظم فياض معرض عمود نور بالتعاون مع أثر جاليري في مدينة جدة السعودية. تتضمن المعرض أعمالاً فنية لـ30 فناناً، بما في ذلك قطعة فنية خاصة به، وهي فيديو حمل عنوان ضرر. كما قام كريس ديركون، مدير متحف تيت مودرن في لندن، بزيارة المعرض وأشاد بتنوعه ورعايته.

وبعد بضعة أشهر، في أغسطس 2013، ألقي القبض على فياض بعد أن سمعه رجل أثناء جداله مع فنانٍ آخر في مقهى، ليبلغ عنه الشرطة الدينية. وادعى الرجل أن فياض قد أدلى بتعليقات مهينة عن الله والنبي محمد ودعا إلى الإلحاد من خلال نشر ديوانه الشعري. وقال فياض لصحيفة الجارديان أن الكتاب يتحدث فحسب “عن كوني لاجىء فلسطيني، وعن قضايا ثقافية وفلسفية. ولكن المتطرفين فسروه باعتباره يحمل أفكاراً هدّامة ضد الله.”

أفرج عنه بعد يومٍ من اعتقاله، إلا أنه أعيد اعتقاله في يناير 2014 واتهم بالردة وانتهاك قانون الجرائم الإلكترونية في المملكة من خلال التقاط وتخزين صور للنساء على هاتفه. تمسك فياض ببراءته وقال أنه التقى بالنساء في معرض فني. سعى الادعاء إلى إصدار حكمٍ بالإعدام، ولكن في مايو 2014، حكم على فياض بالسجن لمدة أربع سنوات و800 جلدة. رفضت المحكمة الحكم بالإعدام بناءً على شهادة المحكمة التي تشير إلى “العداوة” بين فياض والرجل الذي أبلغ عنه، واستشهدت ببيان التوبة الذي قدمه فياض في المحكمة. وخلال محاكمته، نُقل عن فياض قوله “أتوب إلى الله العلى العظيم، وأنا برىء مما ورد فى كتابى وأثيرت بسببه هذه القضية.” استأنف الادعاء وأعيدت محاكمته. وفي 17 نوفمبر 2015، حكم قاضٍ بأن توبة فياض لم تكن كافية وحكم عليه بالإعدام بسبب الردة.

دعت جماعات حقوق الإنسان والفنانين في جميع أنحاء العالم إلى إلغاء عقوبة الإعدام بحقه. وأشار بعض أصدقاء فياض إلى أنه ربما كان قد استهدف بسبب تصويره شريط فيديو للشرطة الدينية وهم يجلدون شاباً علناً. ألغت محكمة الحكم بالإعدام في فبراير 2016، بعد أن ادعى محامي فياض أن إدانته كانت منقوصة لأنه حرم من محاكمة عادلة. وبدلاً من ذلك، صدر عليه حكم بالسجن لمدة ثماني سنوات و800 جلدة. وأمر أيضاً بإعلان توبته عبر إعلانٍ في وسائل الإعلام الرسمية.

وبعد شهر، نشر فياض قصيدته الأولى منذ اعتقاله في صحيفة الجارديان. وفي القصيدة، التي حملت اسم الأوقات متوترة بالنسبة لي، كتب عن تجربته في السجن والحزن على وفاة والده، الذي عزي إلى تعرضه لنوبة قلبية بعد تعرضه لصدمة لعلمه أن ابنه سيعدم، كما لم يسمح لفياض بحضور الجنازة.

وأفادت الجارديان أنه في رسالةٍ رافقت القصيدة ونقلها أحد الأصدقاء، كتب فياض “أنا بصحةٍ جيدة وإيجابي إلا أني وحيد. أمي فقط من تزورني مرتين في الأسبوع. آمل فقط أن أبقى على قيد الحياة وأن يستمر الناس في تذكري. أنا أخشى أن أنسى.” وتقول القصيدة “ما فائدة اللقاء! ما فائدة الحب! ما فائدة أن يكون حياً إلى هذا الحد في حين يموت الآخرين حزناً عليك؟”

وعلى الرغم من أن تخفيض الحكم على فياض أراح أنصاره، إلا أنهم يواصلون انتقاد سجنه. وقالت كارين ديوتسش كارليكار، مديرة برامج حرية التعبير في رابطة القلم الأميركية (PEN America): “إن ارتياحنا بأن أشرف لم يعد يواجه الإعدام يتضاءل بسبب مواصلة الحكم الجديد للظلم والقسوة بسبب فعله البشري العادي بالتعبير الفني.” وأضافت “الكلمات ليست جريمة.”