لم يكن اسم اللواء مجدي عبد الغفار معروفاً في مصر إلى أن تم تعيينه وزيراً للداخلية في 5 مارس 2015 مما دفعه إلى دائرة الضوء. وجاء تعيينه في تعديل وزاري مفاجىء الذي شهد إقالة وزير الداخلية السابق، محمد إبراهيم، الذي كان قد تعرض لانتقادات على نطاق واسع من قبل جماعات حقوق الإنسان والناشطين.
ومع ذلك، يخشى النشطاء أن هذا التغيير في الوزراة لا يُشير إلى احتمال تخفيف الحملة على المتظاهرين من الإسلاميين والعلمانيين، ذلك أن عبد الغفار لديه خلفية أمنية طويلة الأمد. اتبع عبدالغفار الذي ولد عام 1953 خطى والده وتخرج من أكاديمية الشرطة منتصف السبعينات. وفي غضون بضع سنوات، عُرضت عليه وظيفة في شعبة مباحث أمن الدولة سيئة السمعة، وهو فرع قوي تابع للشرطة اتهم مراراً وتكراراً بانتهاكه حقوق الإنسان. بقي في ذلك القسم لمدة 31 عاماً حيث تمت ترقيته إلى عدة رتب إلى أنّ تم تعيينه عام 2008 رئيساً للمؤسسة العامة للموانىء.
وبعد ثورة يناير 2011 التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك الذي تربع على عرشه لفترة طويلة، دفعت موجة الغضب العام ضد جهاز أمن الدولة، رئيس الوزراء آنذاك عصام شرف، إلى استبداله بقطاع الأمن الوطني المصري (NSA). خدم عبدالغفار بوظيفة نائب لرئيس القطاع ومن ثم رئيساً لها وأخيراً تم تعيينه مساعداً لوزير الداخلية.
وفي مقابلة تلفزيونية نادرة قال “نعترف بوجود ممارسات وانتهاكات خاطئة في ظل النظام السابق… كان هناك تزايد في انتهاكات حرية الأفراد والممارسات التي تتنافى مع القانون”. وتابع بتأكيده أنه لن تكون هناك أي انتهاكات لحقوق الإنسان في ظل قطاع الأمن الوطني المصري نافياً اتباعها نهج مباحث أمن الدولة مثل التنصت غير القانوني على الهواتف والتعذيب.
بقي في منصبه هذا حتى أغسطس 2012 إلى أن تقاعد رسمياً. وفي إحدى التسجيلات الصوتية المسربة للرئيس السابق محمد مرسي أعلن رفضه عن تجديد وظيفة عبدالغفار حيث اختار بدلاً من ذلك “الشباب والوجوده الجديدة”.
العودة إلى الواجهة
وبعد تقاعده، اختفى عبد الغفار عن أنظار الرأي العام طوال فترة حكم مرسي لمدة عام وفترة الانقلاب المدعوم شعبياً والذي اطاح بالرئيس مرسي من السلطة في يوليو 2013. ومع ذلك، عاد بقوة بموجب التعديل الوزاري الذي أجراه الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي يوم 5 مارس وأقال فيه سبعة وزراء وعينه وزيراً للداخلية، وهي أعلى مراتب الشرطة في البلاد.
وبعد يوم واحد فقط من أدائه اليمين، شرع عبدالغفار إجراء تعديلات داخل الوزارة مما أثار تكهنات بأنه يرغب في تشديد قبضته عن طريق إزالة الضباط ذوي النفوذ من المناصب العُليا ووضعهم في أدوار أقل قوة. وتُشير السرعة التي أجرى فيها تلك التعديلات إلى معرفته المُسبقة بقرار تعيينه.
تم استبدال ما مجموعه 22 مسؤول أمني، بما في ذلك مساعد الوزير لدائرة الأمن العام ورؤساء الأمن في محافظات القاهرة والجيزة وأسيوط وقنا والغربية، والتي شهدت عدداً متزايداً من هجمات المتشددين في الأشهر الأخيرة. وبخطوة ذات مغزى، عمد أيضاً إلى استبدال مساعد وزير شعبة الأمن الوطني ومساعد وزير منطقة سيناء، الجزء الشمالي من البلاد الذي يُعتبر مرتعاً للمتمردين الإسلاميين.
أحد الأشخاص الذين تم تعيينهم حديثاً من قِبله كمدير لمصلحة السجون، اللواء حسن السوهاجي، كان رئيس مديرية الأمن بأسوان خلال الاشتباكات القبلية المتوترة في المدينة الجنوبية التي خلفت أكثر من عشرين قتيلاً.
شخصية مثيرة للجدل
بالرغم من عدم معرفة سوى القليل عن اللواء عبدالغفار، إلا أن أنباء تعيينه كان لها ردود فعل متباينة في جميع أنحاء البلاد. من جهة، سعد الكثيرون لرؤية شخصية رفيعة المستوى من جهاز مباحث أمن الدولة المنحل تتولي عباءة الوزارة، على أمل أن يدفع هذا إلى تمكين الوزارة تحسين الوضع الأمني الذي تدهور في ظل محمد إبراهيم على الرغم من المطالبات بعكس ذلك. وتقول بعض التقارير أنه خلال الفترة التي قضاها في مباحث أمن الدولة، أشرف عبد الغفار على وحدة التطرف الديني، مما أكسبه نظرة ثاقبة على جماعة الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية الأخرى، والتي تعتبر سمة أخرى لصالحه.
ومع ذلك، يعتري القلق جماعات حقوق الإنسان والنشطاء من أن تعيينه سيعني المزيد من تآكل الحريات والمكاسب التي استحصلوا عليها في أعقاب ثورة 25 يناير. وأعربوا عن مخاوفهم من أن خلفيته في مباحث أمن الدولة ستشهد العودة إلى الممارسات السابقة للمنظمة وتزايد الهجمة على المنشقين السياسيين.