وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

بناء كويت أفضل: حقوق المرأة هي المساواة في الحقوق

بناء كويت أفضل
الناشطات النسويات يتجمِعْنَ في مسيرةٍ دعمًا لحقّهِنّ في ممارسة الأنشطة، خارج مجلس الأمة في مدينة الكويت في 7 فبراير 2022. جرى تأجيل فعالية اليوغا النسائية الكويتية؛ التي اُتّهِمت بأنها نشاط “غير أخلاقي”، بعد أن قالت السلطات أنها بحاجة إلى تصريح، وفقًا لما قالته منظمة الفعالية، ما أثار رد فعل عنيف على الإنترنت وتقديم شكوى إلى البرلمان. ياسر الزيات/ وكالة الأنباء الفرنسية

نجود الياقوت

في الأشهر الأخيرة، شهدت الكويت ازديادًا في الخطابات المعادية للمرأة من قِبل رجالٍ محافظين في مناصب السلطة. أوّلًا، تحدّث أحد المشرّعين عن ضرورة إغلاق فعالية اليوغا النسائية في الصحراء. وبرّرت الشرطة هذا الإغلاق بالقول أن مضيفة الفعالية لم تحصل على ترخيص التسجيل المطلوب. ولم يخفِ تبرير الشرطة نيّة المُشرع، الذي كان كرهه لليوغا والنساء واضحًا للناشطات. حتى أن صحيفة لوس أنجلوس تايمز أشارت إلى الحادث وكتبت أن “رجال الدين تحدّثوا بغضب عن (خطر) و(فسوق) النساء اللاتي يقمن بوضعيات اللوتس والكلب المنحني للأسفل في الأماكن العامة، وأقنعوا السلطات، في نهاية المطاف، بحظر الفعالية”.

وبدوره أدى هذا الإغلاق إلى مزيدٍ من المناقشات حول ما إذا كانت اليوغا فعل حرام أم لا. وعرضت شركة زين للاتصالات، التي استفادت من الجدل، إعلانًا قدّمت فيه نساء بعضهنّ يمارسْنَ اليوغا. وبعد تعرّضها لانتقادات شديدة من قبل بعض أفراد المجتمع بأن الشركة تروّج لممارسة تتعارض، كما زعموا، مع تراثنا وتقاليدنا، قامت زين بسحب الإعلان. وأثار ذلك جدلًا آخر، حيث اتّهم السكان المحليون الغاضبون شركة زين بالضعف بعد إلغائها للإعلان.

واقترح مُشرّع آخر فتوى تمنع الرجال والنساء من الرقص معًا في الحفلات الموسيقية. وعلاوةً على ذلك، كانت شروط السماح للمرأة بالعمل أو الالتحاق بالجيش نقطة نقاش. أوّلها: أن تحصل المرأة على إذن من وليّها، والأخرى أن ترتدي المرأة الحجاب أثناء العمل. 

لطالما كان الحجاب أمرًا شخصيًا اختياريًا في بلدنا ولم تفرضه الحكومة مطلقًا. وفي جميع أنحاء العالم، هناك دولتان فقط تفرضان الحجاب: إيران وأفغانستان. كما تخلّصت جارتنا السعودية من هذا الشرط منذ عدة سنوات.

وعلى الرغم من عدم إقرار الأحكام الخاصة بهذه الشروط، فحقيقة أن الرجال المحافظين يحاولون إملاء أسلوب الحياة على المرأة الكويتية أمرٌ مقلقٌ. لماذا الآن؟ لماذا عندما ينفتح جيراننا ويصبحون أكثر تطوّرًا، يفكّر هؤلاء الرجال في السلطة أنه من الضروري إحكام قبضتهم على المُثُل العليا؟ كان تصدّي العديد من النساء والرجال الكويتيين لهذا التوجّه أمرًا منعشًا. وبغض النظر عن موقعنا في الطيف المتراوح ما بين التقليدية والتقدّم، فإن هذا الانقسام يمزّق مجتمعنا.

تنحدر النساء الكويتيات من سيدات كان يُدِرن شؤون الأسرة المالية بينما كان الرجال يخرجون إلى البحر ليعملوا كغواصين يستخرجون اللؤلؤ ويمارسون التجارة. وسواء كانت ليبرالية أو محافظة، فإن المرأة الكويتية هي سفيرة، ووزيرة، وناشطة، ومعلمة، وطبيبة، وطبيبة أسنان، وجزء من قوّة الشرطة. لكن للأسف، مع كل الحرية الممنوحة لنا، لا توجد نساء في برلماننا اليوم، مما يسهّل على الرجال “محاولة” إملاء حياتنا نظرًا لعدم وجود تمثيل للمرأة. ومنذ أن مُنِحت النساء حق التصويت والترشّح للبرلمان في عام 2006، لم يصل إلى البرلمان سوى عدد قليل منهنّ. وهذا العام، “كان هناك 29 مرشحة، لكن لم تحصل أي منهنّ على مقعد”، وفقًا لهيئة الإذاعة البريطانية. وفقدت المرأة الوحيدة في السلطة مقعدها خلال الانتخابات الأخيرة.

وصلت المرأة إلى نقطة تحوّل يائسة في تاريخ الكويت. إما أن نعطي الرجال زمام الأمور، أو نناضل من أجل حقوقنا ونضمن معاملة النساء كعضوات متساويات في المجتمع. وتعمل النساء بلا كلل على الطرح الأخير.

ويكافح مؤسّسو حملة إلغاء المادة 153 لإلغاء مادة في الدستور تُعامَل فيها جرائم الشرف على أنّها مجرد جنحة وليس جريمة، ولا يُعاقَب عليها إلا بعقوبة قصيرة مدّتها ثلاث سنوات و/ أو غرامة صغيرة. وتحفّز الرابطة الكويتية لأخوات المحبة ، وهي فرع الكويت للرابطة الدولية لأخوات المحبة ، النساء على استعادة هوياتهنّ وتولي مناصب في السلطة. ونساء أخريات، مثل مؤسِّسات حملة لن أسكت ، يشجّعن النساء على التحدث علانية ضدّ التحرش. ودعت مؤسِّسات حملة منطقة رمادية إلى تجنيس الأطفال المولودين لأم كويتية، وهم الأطفال المحرومين من حق الحصول على جنسية أمهاتهم إذا كان آباؤهم لا يحملون الجنسية الكويتية. وبحسب صفحة الحملة على إنستغرام، فإن مبادرة أخرى تُعرف باسم سجل مضاوي “تدعم النساء في الترشّح لتولّي المناصب المكتبية المُنتَخَبة”، وتسلّط الضوء على إنجازات المرأة في الكويت.

يوجد العديد من الرجال والنساء الذين ليسوا جزءًا من المبادرات ولكنّهم يدعمون النساء للتألق كأفراد وعضوات مشاركات في المجتمع. يعرف النساء والرجال، المحافظون منهم والليبراليون على حد سواء، أنّ النهوض الآن هو أمر ضروري وأن التحوّل هدف يمكن تحقيقه، على الرغم من وجود عدد قليل من الرجال في السلطة في وزارة الأوقاف (الأوقاف الإسلامية) أو في البرلمان يحاولون قمع تقدّم المرأة.

وكما صرّحت ملالا يوسفزاي: “لا يمكننا أن ننجح ونصفنا مكبّل”. يمكن لمجتمعنا أن يزدهر فقط عندما تُحترم النساء كأفراد. حتى ذلك الحين، سيواجه كل فرد في المجتمع الكويتي عواقب المجتمع غير المتوازن، الذي يتعارض مع المُثُل الإنسانية: مُثُل الحرية للجميع.

لدينا قضايا ملحّة تستدعي اهتمامنا، بما في ذلك الفساد، و الأزمة السياسية ، و الرقابة. وحان الوقت أن نتّحد ونخلق الكويت التي تصوّرها أجدادنا: الكويت التي لا تنظر إلى الحرية على أنّها تهديد بل كحق. والحقوق ليست حقوقًا إلا إذا مُنِحت للجميع.

ولا ينبغي على الليبراليين ولا المحافظين أن يفرضوا أسلوب حياتهم على الآخر. لدى كلّ منّا تصوّرات مختلفة للواقع، وقد نجح الكويتيون في العيش جنبًا إلى جنب لأجيال، سواء كانوا تقدميّين أو تقليديين، ليبراليين أو محافظين. ومن الضروري أن نعيش في مجتمعٍ نتعايش فيه مع بعضنا البعض.

يجب على كلٍ من الرجال والنساء التحدّث علنًا ضد أي شكل من أشكال الظلم الذي يمنح السلطة لجماعة ما ويحرم الآخرين من حقوقهم. والكويتيون مدعوّون لخلق مجتمع صحّيّ يُعتبر فيه الجميع متساوين.

وفي الوقت الحالي، لنتذكّر مقولة روث بادر غينسبورغ الشهيرة: “أنا لا أقول حقوق المرأة – أقول المبدأ الدستوري للمساواة في مكانة المواطنة بين الرجل والمرأة”. وهذا ما ينبغي أن يهدف إليه الكويتيون، الحقوق الدستورية لجميع الأنواع الاجتماعية. وعندما يخذلنا الدستور، كما هو الحال مع بعض مواد دستورنا، فمن واجبنا الأخلاقي والمعنوي أن نرفع الوعي والضغط من أجل التغيير.

ملاحظة

الأفكار الواردة في هذه التدوينة هي آراء المدوّن الخاص بنا ولا تعبّر بالضرورة عن آراء أو وجهات نظر فنك أو مجلس تحريرها.