وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

حرية التعبير والتجمّع تحت التهديد في دولة الإمارات العربية المتحدة

UAE- International Security exhibition
إماراتي يمشي بجانب معدات شرطة مكافحة الشغب في معرض ومؤتمر الامن الدولي ودرء المخاطر الداخلية في ابوظبي. Photo AFP

أبرز تقريرٌ أعدته مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان قمع حرية التعبير وانعدام العدالة في دولة الإمارات العربية المتحدة. فقد قُدم هذا التقرير ونوقش في 23 يناير 2018 أثناء الدورة التاسعة والعشرين للفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل في جنيف، سويسرا.

ووفقاً للعديد من منظمات حقوق الإنسان، تواصل السلطات تقييد حرية التعبير وتكوين الجمعيات من خلال النظام القضائي. وكتبت هيومن رايتس ووتش في تقريرها لعام 2017 عن الدولة الخليجية: “سكان الإمارات الذين يُعرف أنهم تحدثوا إلى منظمات حقوقية دولية يتعرضون لخطر الاعتقال التعسفي والسجن. ينص قانون مكافحة الإرهاب الإماراتي لعام 2014 على عقوبة الإعدام للأشخاص الذين تؤدي أنشطتهم إلى “الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلم الاجتماعي،” دون تعريف الأمرين في القانون.” ويمكن أن يؤدي الاحتجاز التعسفي أيضاً إلى التعذيب وإساءة المعاملة، كما أفاد تقرير هيومن رايتس ووتش: “انتقدت مجموعة من خبراء الأمم المتحدة الحقوقيين، بمن فيهم المقرر الخاص المعني بالتعذيب، والمقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين، ورئيس الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، تعامل الإمارات مع 5 مواطنين ليبيين محتجزين تعسفياً منذ 2014 وقال المقرر الخاص المعني بالتعذيب إنه تلقى معلومات موثوقة تفيد بإخضاع السلطات الرجال للتعذيب.”

ويقوم مركز الخليج لحقوق الإنسان بتقييم ورصد حالات الاحتجاز التعسفي، بشكلٍ يومي، للمدافعين عن حقوق الإنسان من قبل السلطات في دول الخليج. وفي الإمارات العربية المتحدة، تتضمن القضايا التي يتابعونها بشكلٍ أساسي قضية محمد الركن، وهو محامٍ محتجز منذ عام 2012 والذي مُنح جائزة لودوفيتش تراريو الدولية لحقوق الإنسان لعام 2017، وأسامة النجار، الذي كان من المفترض أن يطلق سراحه في مارس الماضي 2017، وعبيد الزعابي، الذي أطلق سراحه في ديسمبر 2017 بعد أكثر من ثلاث سنوات على إعلان براءته، والدكتور ناصر بن غيث، الذي حكم عليه بالسجن عشر سنوات بسبب “نشر معلومات كاذبة،” وأحمد منصور، وهو عضو في مركز الخليج لحقوق الإنسان. وغالباً ما توجه لهم تهمٌ تتعلق بالإرهاب، هذا في حال وجهت لهم تهمٌ في الأصل.

وقالت سيما واتلينغ، من حملة منظمة العفو الدولية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لفَنَك: “في مارس 2017، ألقي القبض على المدافع البارز عن حقوق الإنسان أحمد منصور، ولا يزال مكان وجوده غير معروف.” وأضافت “لم يُسمح له برؤية محامٍ، ولم يسمح له إلا بزيارتين عائليتين قصيرتين. وهو سجين رأي. ففي 17 سبتمبر 2017، جُلب إلى مبنى النيابة العامة في أبوظبي، حيث التقت به أسرته لفترة وجيزة للمرة الثانية بعد أول زيارة مُراقبة في 3 أبريل 2017. وبالرغم من أن السلطات تدعي احتجازه في السجن المركزي، إلا أن مكان احتجازه الدقيق لا يزال غير موثّق. كما لا يزال غير قادرٍ على رؤية محامٍ، وأحيل منذ احتجازه إلى الحبس الانفرادي، وهو ما يُشكل معاملةً قاسية أو لا إنسانية أو مهينة وربما يتعرض للتعذيب. وتخشى منظمة العفو الدولية على سلامته.”

تُثير مثل هذه الاعتقالات المخاوف من التحدث علناً، إذ أوضحت واتلينغ: “قبل اعتقاله، كان أحمد منصور آخر مدافعٍ عن حقوق الإنسان في دولة الإمارات العربية المتحدة يمتلك الشجاعة الكافية لمواصلة الحديث عن انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد. ومنذ اعتقاله، بات من الصعب جداً الحصول على أي معلومات. وعلى مدى العامين الماضيين، توقفت التقارير الإعلامية التي تطرح هذه القضايا عن ذكر أسماء المدعى عليهم في هذه القضايا، مما يزيد من صعوبة متابعة أواضعهم. يُضاف هذا إلى حقيقة ان الناس يخافون من التحدث.”

ويقول خالد إبراهيم، المدير التنفيذي لمركز الخليج لحقوق الإنسان، لفَنَك: “حتى المجرمين يتمتعون بحقوق أكثر من النشطاء. ويُضيف “ألقيّ القبض على بعضهم بسبب تغريداتٍ سلمية فحسب! لا يُسمح للناس بالتحدث.” كما قدم مثالاً ألا وهو ما عُرف بقضية الإمارات 94، وهم مجموعة من الأكاديميين والمدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين الاجتماعيين والمحامين الذين يتواجدون جميعاً اليوم في السجون لتوقيعهم على رسالة تدعو إلى مزيد من الحرية. كما أصدر مركز الخليج لحقوق الإنسان تقريراً عن التعذيب والاعتداء في السجن في مارس 2015، استناداً إلى البحوث التي أجراها والذي شمل 150 صفحة من الوثائق وشهادات 56 محتجزاً، والذي غطى حوادث من عام 2012 إلى عام 2014.

وأضاف إبراهيم، “بمجرد أن شهدت الحكومة ما سُمي بالربيع العربي، تملكها الخوف ووضعت جميع المدعى عليهم في السجون، جميع من كتبوا تقارير عن انتهاكات حقوق الإنسان.” وتابع القول “إنها فضيحة في هذا البلد. يجب إطلاق سراح جميع المدعى عليهم إذا ما أرادت الإمارات العربية المتحدة التوافق مع تصريحاتها العلنية تجاه العلاقات الدولية.”

كما تطالب منظمة العفو الدولية أيضاً باتخاذ إجراءاتٍ ملموسة فيما يتعلق بهؤلاء السجناء، والتعاون الكامل مع آلية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وذلك بتوجيه دعوة إلى المقرر الخاص المعني بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان للقيام بزياراتٍ دون قيود تتعلق بمدتها ونطاقها، وضمان عدم اعتقال أي شخص أو احتجازه تعسفياً. وقالت واتلينغ إن “حالة حقوق الانسان في الإمارات تدهورت بالرغم من أن السلطات تدعي العكس.” وتُضيف “تواصل السلطات تقييد حرية التعبير وتكوين الجمعيات تعسفاً، مستخدمةً قوانين التشهير الجنائي ومكافحة الإرهاب لاحتجاز ومقاضاة وإدانة وسجن منتقدي الحكومة. وينبغي على المجتمع الدولي التوقف عن الإنبهار بروعة وجمال البلاد وإبداء المصالح الاقتصادية أولاً.” وحتى الآن، لم تعالج دولة الإمارات العربية المتحدة هذه المخاوف أو حتى الرد على هذه الاتهامات التي وجهتها المنظمات الحقوقية.

بل اتهم البعض في قضية الإمارات 94 بإنشاء حركة للإخوان المسلمين في الإمارات العربية المتحدة، وهي تهمةٌ لطالما نفتها المجموعة. فقد عاقبت الإمارات العربية المتحدة بشدة أعضاء الإخوان المسلمين المزعومين والفعليين، خوفاً على طموحاتها (شبه) الديمقراطية، ومعارضة الأسر الحاكمة التي تتولى اليوم السلطة في البلاد. وقال الدكتور عزام التميمي، الناشط البريطاني الفلسطيني “تعتبر الإمارات العربية المتحدة الإخوان المسلمين منظمةً إرهابية، إذ أنهم لا يقبلون أي شيءٍ يتعلق بهم، بل وصل بهم الحد إلى طرد المواطنين غير الإماراتيين المرتبطين بالإخوان وسجن الآخرين، بل وتعذيبهم.” وأضاف “يعتقد محمد بن زايد [ولي عهد أبوظبي] أن هذه حربه المقدسة لهزيمة الإخوان المسلمين، ذلك أن الإمارات العربية المتحدة تشعر بالتهديد من الربيع العربي وأي حزب سياسي إسلامي يتولى السلطة بعده. فهم يخشون أن يحصل في البلاد ما حصل في تونس ومصر. ولكن الآن، تم القضاء، تقريباً، على الإخوان المسلمين في دولة الإمارات العربية المتحدة.”

ويبدو أن معظم الدول التي ترتبط بعلاقاتٍ مع دولة الإمارات العربية المتحدة تغض الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان. فقد وقعت المملكة المتحدة، على سبيل المثال، على برنامج تعاوني وفني واسع النطاق مع دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث يرى النقّاد أن للأمر علاقة بتسهيل تدفق رأس المال بين البلدين. وفي الوقت نفسه، اتُهِمت فرنسا بتجاهل مصير العمال الوافدين خلال أعمال تشييد موقع متحف اللوفر في أبوظبي. وعلى الرغم من صدور مراسيم في عام 2016 لوضع قواعد مناسبة لإنهاء العقود، لا يزال العمال الوافدون معرضون لخطرٍ كبير في ظل نظام الكفالة الذي يربط العمال بأرباب عملهم وبالتالي يصبحون عرضة لسوء المعاملة.