نفذت البحرين في الساعة الثالثة من فجر يوم 15 يناير 2017، حملةً إعداماتٍ رمياً بالرصاص بحق كلٍ من علي السنكيس (21 عاماً)، وعباس السميع (27 عاماً)، وسامي مشيمع (42 عاماً)، بتهمة قتل ثلاثة رجال شرطة عام 2014 في هجومٍ بعبواتٍ متفجرة. فقد تعرض السنكيس، الذي كان يبلغ الثامنة عشرة عاماً وقت ارتكاب الجريمة المزعومة، لمضايقاتٍ من الشرطة البحرينية منذ أن كان في الخامسة عشرة من عمره، وذلك وفقاً لانترناشونال بيزنس تايمز، وعندما رفض العمل كمخبرٍ للدولة، تعرّض للضرب بوحشية. في حين قدّم السميع، الذي كان يعمل مدرساً، حُجة غيابٍ من المدرسة التي كان يعمل بها، بينما وقعّ مشيمع، الذي كان أميّاً لا يقرأ ولا يكتب، على وثيقة اعترافٍ بأنه لا يقرأ. كان الرجال الثلاثة من الشيعة، وعلى الرغم من أنهم لم يكونوا نشطاء سياسيين، إلا أنهم ينحدرون من أسرٍ معارضة.
فقد كانت هذه الإعدامات الأولى منذ الإضطرابات المدنية التي عمت البلاد عام 2010. ووفقاً لمنظمة العفو الدولية، أيدت محكمة التمييز في البحرين أحكام الإعدام في غضون أقلِ من أسبوعٍ من تنفيذ أحكام الإعدام. كما أيدّت حكماً بالسجن المؤبد ضد سبعة متهمين آخرين فضلاً عن سحب الجنسية عن ثمانية، حيث أدين جميعهم بصلتهم بالتفجير. وقد صرح جو ستورك، نائب مدير الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، بأنّ أدلةً موثوقة تُبيّن أن اعترافاتهم انتزعت تحت التعذيب. فيما أعرب روبرت كولفيل، المتحدث باسم مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، عن قلقه إزاء المحاكمات، وأكدّ “لم يتمكن محاموهم من تسلّم كلّ الادلّة الموجّهة ضدهم، كما لم تّتح للمحامين فرصة لاستجواب شهود الادعاء خلال جلسات المحكمة.”
أثارت هذه الإعدامات غضباً محلياً، حيث اشتبك عشرات المتظاهرين مع الشرطة وأغلقوا الطرقات بالإطارات المشتعلة، وألقوا القنابل الحارقة. فرّقت قوات الأمن المتظاهرين بالغاز المسيل للدموع، وأصيب العديد منهم بالرصاص. وأثناء الليل، خرج رجالٌ ونساءٌ غاضبون مرددين شعاراتٍ ضد الأسرة الحاكمة البحرينية، آل خليفة، وجابوا شوارع قرية السنابس، موطن القتلى. تعتبر قرية السنابس ذات أهمية وذلك لقربها من دوار اللؤلؤة الشهير، في العاصمة المنامة، الذي أصبح نقطةً محورية للاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في عام 2011.
تبع ذلك المزيد من الاضطرابات، عندما قامت الشرطة البحرينية بحملة مداهمةٍ ضد أنصار رجل الدين الشيعي البالغ من العمر 75 عاماً، الشيخ عيسى قاسم، في قرية الدراز. فقد نظم المحتجون اعتصاماتٍ منذ أن سحبت السلطات جنسية قاسم في يونيو الماضي، إذ أنه متهمٌ بجمع التبرعات غير المشروعة وغسيل الأموال. ويعتقد أن اثنين من الرجال لقوا حتفهم في المناوشات، أحدهم أصيب بطلقٍ ناري والآخر لقي حتفه بسبب التعذيب، كما يُزعم.
كما أظهرت الأحداث في الأسابيع الأخيرة استعداد النظام لسجن الناشطات من النساء. فمنذ بداية العام، تم سجن سبعة نساء على الأقل، وتم عرض أسمائهنّ وصورهنّ في وسائل الإعلام البحرينية.
من جهةٍ أخرى، ذكرت Middle East Eye أنّ وزارة الخارجية في المملكة المتحدة تموّل البرلمان البحريني من خلال مشروعٍ بقيمة مليونيّ جنيه استرليني، والتي وصفتها وزارة الخارجية بـ”المساعدة التقنية،” فيما وصفتها Middle East Eye بـ”صندوق المساعدات السرية.” كما كشف Middle East Eye أيضاً عن اسم المنظمة المسؤولة عن إدارة المشروع، بالرغم من رفض وزارة الخارجية الكشف عن اسمها. وأشارت البوابة الإخبارية إلى أنّ “المشروع تديره مؤسسة وستمنستر للديمقراطية (WFD)، التي تتضمن نواباً رفيعي المستوى أمثال النائب المحافظ أندرو روسينديل، والزعيم السابق للحزب الوطني الاسكتلندي اليكس سالموند، والنائبة العمالية مارغريت هودج، في مجلس إدارتها.”
وتزعم ريبريف، وهي منظمة دولية لحقوق الإنسان، أن المملكة المتحدة علّمت الشرطة البحرينية كيفية تمويه الوفيات أثناء الاحتجاز (تبييض الإنتهاكات)؛ فيما كتبت صحيفة الجارديان أنه في حين تعلن الحكومة البريطانية أنها تستخدم الصندوق لتحسين النظام القضائي والشرطة في البحرين، “يقول المنتقدون أنّ الأموال تحولت إلى حدٍ كبير إلى وسيطٍ لتتمكن بريطانيا من توسيع قاعدةٍ بحرية في البحرين تمولها المنامة.” بدأ بناء هذه القاعدة، وهي أول قاعدة بحرية بريطانية شهيرة في البحرين عام 1971، في نوفمبر 2015.
ودعت انترناشونال بيزنس تايمز المواطنين البريطانيين والأمريكيين تحميل ساستهم مسؤولية علاقتهم مع الدول في الخليج. فقد زعمت أنّ الخليج يُقدم فرصاً تجارية مربحة جداً للسياسيين الغربيين للرفض، حتى وإن كان هذا على حساب مبادئهم الديمقراطية وحبهم الثابت لحقوق الإنسان.
ومع ذلك، تتجاوز علاقة الحكومات الغربية بدول الخليج مجرد العمل. فكلا الطرفين يتشاركان في مخاوفهما العالمية المشتركة (مثل تنامي تطرف المسلمين ورغبة إيران في فرض نفسها على الساحة السياسية)، بالإضافة إلى الإضطرابات المحلية التي اندلعت بسبب الأزمة الاقتصادية عام 2008. تعزز هذا نتيجةً لمطالب الربيع العربي بالمزيد من الديمقراطية، وترسخ بفضل تطورات عالم التواصل الاجتماعي والإنترنت إلى حدٍ كبير (مثل أنونيموس وويكيليكس، وما إلى ذلك).
وفي مقابلةٍ لها مع محطةٍ إخبارية شيعية، قالت لين معلوف، نائبة مدير قسم البحوث في المكتب الإقليمي لمنظمة العفو الدولية في بيروت، أنّ “البحرين وصلت إلى نقطة اللاعودة. فقد شهد الشهران الأولان من العام 2017 وحدهما تصاعداً مقلقاً في استخدام القوة التعسفية والمسيئة من قبل قوات الأمن، وكذلك الإعدامات الأولى منذ الانتفاضة في العام 2011.”
امتدت الإضطرابات التي اندلع في أعقاب إعدامات يناير إلى شهر فبراير. وفي 20 فبراير، تجمهر المتظاهرون بالقرب من منزل الشيخ عيسى قاسم، وهذه المرة، حملوا صور عبدالله العجوز (21 عاماً)، أحد النشطاء الذين قتلوا هذا الشهر. وادعت قناة اللؤلؤة الفضائية العربية أنّ قتله كان متعمداً، وهو جزءٌ من حملةٍ دامية منذ سبعة أشهر تهدف إلى إرسال رسالةٍ واضحة لجميع البحرينيين، على الصعيدين الوطني والدولي، أنّ النظام جادٌ بشأن إبادة خصومه على المستوى “السياسي والديني، وحتى الاجتماعي.”