على الرغم من الشعور بأن وقتاً طويلاً قد انقضى على انتفاضة البحرين عام 2011، التي شهدت استهداف الشيعة وإسكات المتظاهرين بعنف، إلا أن حالة حقوق الإنسان مستمرة في التدهور في 2017. فالناشطون في مجال حقوق الإنسان وحرية التعبير معرضون للخطر بوجهٍ خاص من جراء تعصب الحكومة المتزايد ضد المعارضة.
وقال خالد ابراهيم، مدير مركز الخليج لحقوق الانسان لـFanack أن “وضع حقوق الانسان هو الاسوأ في تاريخ البلاد الحديث.” وأضاف “ليس بمقدور أحد رفع صوته، ولا حرية للمجتمع المدني. كما أن معظم المدافعين البارزين عن حقوق الإنسان يقبعون في السجن أو يتعرضون للتعذيب في بعض الأحيان، أو يفرون خارج البلاد أو يمنعون من السفر إذا ما كانوا يعملون مع منظمات المجتمع الدولي.”
وأشار إلى عدة قضايا بارزة منذ يونيو 2016:
اعتقال نبيل رجب، رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان، لتحدثه علناً عن انتهاكات حقوق الإنسان في بلاده. حُكم عليه في 10 يوليو 2017 بالسجن لعامين بتهمة “نشر وبث أخبار كاذبة تقوّض هيبة الدولة.”
تعليق صدور صحيفة الوسط مؤقتاً؛ الصحيفة المستقلة الوحيدة في البلاد.
الحكم على الباحث والناشط خليل الحلواجي بالسجن لعشر سنوات بتهمة حيازة الأسلحة و”إهانة القضاء.”
حل جمعية المعارضة العلمانية، وعد، وحل أكبر جمعية سياسية، الوفاق.
رفض منح تأشيرة دخول لممثلي منظمة هيومن رايتس ووتش.
مضايقة، وفي بعض الأحيان تعذيب الصحفيين والنشطاء.
وعلى الرغم من أن الحكومة تستهدف، بلا شك، نشطاء رفيعي المستوى، وفقاً لمنظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB)، يُعاقب أيضاً الأشخاص العاديون بشكلٍ منتظم لتعبيرهم عن آرائهم. ومن بين هؤلاء نجاح أحمد يوسف، وهي أم لأربعة أطفال تبلغ من العمر 40 عاماً وتعمل في هيئة تنظيم سوق العمل.
تصف منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين ما حصل لها. “في 20 أبريل 2017، إستدعى مركز الخدمات الأمنية في محافظة المحرق نجاح لمرافقة ولدها البالغ من العمر 14 عاماً يوم الأحد الواقع في 23 أبريل 2017 للتحقيق في “تجمع غير قانوني” وشغب مزعوم. توجهت نجاح مع ولدها يوم الأحد إلى المركز… وبعد إستجواب ولدها، إستجوبت نجاح وإتُهمت بالعمل مع منظمة إرهابية في إيران والعراق… لم يكن أمام نجاح سوى خيارين: العمل مع الدولة وتقديم معلومات عن أشخاص لم تكن تعرفهم أم الإعتراف بالإتهامات الكاذبة. طلب الضباط من نجاح رد خبر على عرضهم في اليوم التالي. عادت نجاح إلى مركز الأمن يوم الإثنين الواقع في 24 أبريل 2017 لإخبار الضباط عن رفضها لعرضهم. فتعرضت للضَرب نتيجةً لرفضهاَ. وسُئلت عن علاقاتها المفترضة مع السجناء الهاربين وعن منظِمي وممولي الأنشطة السياسية في قريتها. لم تكن نجاح تعرف الأشخاص الذين سُئلت عنهم ولم تتمكن من الإجابة على أسئلة الضباط. ونتيجة لذلك، تعرضت للضرب بطريقة أكثر عنفاً وللإعتداء الجنسي. وهدد رجال الأمن بإغتصاب نجاح وبقتلها أو أحد أفراد أسرتها من خلال تزييف حادث ما.”
استمر الاستجواب والتعذيب لمدة يومين. نقلت بعدها نجاح إلى مركزٍ لاحتجاز النساء لشهرٍ تقريباً. وفي 25 مايو 2017، نُقلت إلى المحكمة دون إشعارٍ مسبق. طلب منها أن تعترف بتهم مزيفة. نفت نجاح جميع التهم الموجهة ضدها وأُجلت جلسات الإستماع. ولا تزال رهن الاعتقال وحرمت من الاتصال بمحاميها.
وقال آرييل بلوتكين، وهو باحث في البحرين لمنظمة العفو الدولية، لـFanack “في الآونة الأخيرة، شعرنا بصدمة كبيرة لمعرفة أن [السلطات] عذبت المدافعة عن حقوق الإنسان، ابتسام الصايغ، بسبب عملها.” وأضاف “كانت شجاعة بما فيه الكفاية للتحدث علناً عن ما حدث لها، وبالتالي اعتقلت مرة أخرى في 3 يوليو 2017. لا نملك أي معلوماتٍ حول مكانها، وكيف يتم التعامل معها؛ ومن المهم للغاية منعها من التعرض للتعذيب مرةً أخرى.”
وأضاف بلوتكين “شهدنا عمليات قمع كبيرة ضد جميع أطياف النقاد السلميين منذ يونيو 2016. يستهدف النظام أي شكلٍ من أشكال النقد… رد المجتمع الدولي ضعيف جداً، لذا يبدو أن هذا الوضع لن ينتهي.”
في الواقع، يبدو أن حدثاً دبلوماسياً كبيراً مهدّ الطريق لمزيدٍ من القمع. ففي 23 مايو 2017، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مؤتمر عقد في المملكة العربية السعودية أن علاقات واشنطن مع البحرين ستتحسن. وقال “العلاقات بين بلدينا رائعة، كانت هناك بعض التوترات، لكن لن يكون هناك أي توتر مع هذه الإدارة.” كما أعلنت إدارته أيضاً عن بيع 19 طائرة من طراز لوكهيد مارتن إف -16 إلى البحرين بقيمة 5 مليارات دولار والمعدات الخاصة بها، والتنازل عن شروط حقوق الإنسان المرتبطة بهذه الصفقة التي وضعتها إدارة أوباما قبل عام.
وفي أعقاب تأكيدات ترامب، شنت القوات الحكومية غارة ضروس على احتجاجٍ مؤيدٍ للمعارضة فى قرية الدراز، مما أسفر عن مقتل خمسة اشخاصٍ على الأقل واعتقال المئات. وقال بلوتكين “يدل هذا على أن الحكومة البحرينية تشعر حالياً بتمتعها بكامل الحرية لمهاجمة واحتجاز وتعذيب أي معارضة أو شخص ينتقد سياستها.” وأضاف “قبل ذلك، كانت البحرين بلداً قابلاً للتغيير، يتمتع بالقدرة على الاصلاح، إلا أن الأمور تحولت إلى وضعٍ سيء وقاتم في الوقت الراهن.”
وفي فبراير 2017، كتب تحالف من المنظمات غير الحكومية رسالةً مفتوحة إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يطلب منه التدخل في البحرين. وتضمنت الرسالة، التي لم يرد عليها، التوصيات التالية:
إطلاق سراح المتظاھرین والناشطین والمدافعین عن حقوق الإنسان المحتجزین أو المدانین لمجرد ممارستھم حقوقھم في التجمع السلمي أو تکوین الجمعیات أو التعبیر.
ضمان إجراء تحقيقات مستقلة وشاملة ونزيهة في جميع ادعاءات التعذيب وإساءة المعاملة.
إظهار فعالية مؤسسات حقوق الإنسان وحيادها واستقلالها، بما في ذلك المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، وديوان المظالم، ووحدة التحقيقات الخاصة، ولجنة حقوق السجناء والمحتجزين.
تخفيف أحكام الإعدام الصادرة بحق محمد رمضان وحسين علي موسى، اللذان أدينا بتورطهما المزعوم في انفجار قنبلة في فبراير 2014؛
تنقيح أو إلغاء القوانين التي تقيد دون وجه حق حرية التعبير وحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات.
الانخراط في إصلاح شامل للنظام القانوني لضمان الاستقلال الفعال للقضاء.
ضمان المساءلة عن الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي وقعت خلال وبعد احتجاجات عام 2011؛
التعاون مع الإجراءات الخاصة للجنة حقوق الإنسان، الذي يتضمن توفير إمكانية الوصول السريع للمقررين الخاصين الذين لديهم طلبات معلقة بزيارات إلى البحرين، وعلى الأخص المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
ووفقاً لبلوتكين”تتبع [البحرين] الخط الذي اتخذته دولة الإمارات العربية المتحدة، مثل ما حدث مع قطر، حيث تم القبض على محامٍ بحريني لانتقاده الحظر المفروض على قطر على تويتر.”
وإذا ما استمرت البحرين في هذا الطريق، قد تتعرض المزيد من حقوق الإنسان الأساسية للهجوم، وبشكلٍ عنيفٍ على نحوٍ متزايد.