مروان المعشر، نائب رئيس الوزراء السابق ووزير خارجية الأردن، حاصل على درجة البكالوريوس في الهندسة الكهربائية ودرجة الماجستير والدكتوراه في هندسة الحاسوب من جامعة بوردو في الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن بالنسبة للمراقبين يبدو أنه الرجل المناسب في المكان المناسب في المهن التي انتهجها بدءاً من الصحافة، والسلك الدبلوماسي، والسياسة، والتنمية الاقتصادية.
ومنذ ما يقرب العقد من الزمان، كان المعشر مسؤولاً عن إعداد خطة إصلاح سياسي واقتصادي واجتماعي على المدى الطويل في الأردن والتي حملت عنوان الأجندة الوطنية بهدف تحسين الظروف المعيشية للأردنيين من خلال التوسع بعملية صنع القرار والحدّ من الفقر والبطالة.
يتبؤ حالياً منصب نائب رئيس مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، حيث يشرف على أبحاث المؤسسة في واشنطن وبيروت حول شؤون الشرق الأوسط. بدأ المعشر، الذي ولد عام 1956، حياته كصحفي في صحيفة جوردان تايمز، وهي الصحيفة الأردنية الوحيدة التي تصدر باللغة الانجليزية، ومن ثم انتقل إلى العمل الحكومي للعمل في مجال الاتصالات في وزارة التخطيط، ليصبح فيما بعد مستشاراً إعلامياً لرئيس الوزراء قبل أن يتم تعيينه مديراً للمكتب الإعلامي الأردني في واشنطن.
وبعد عامٍ من توقيع معاهدة السلام مع اسرائيل عام 1994، عيّن كأول سفير أردني في تل أبيب، حيث سبق وانخرط بمفاوضات عملية السلام بين الأردن واسرائيل عندما كان يعمل في السفارة الأردنية في واشنطن فضلاً عن علاقته الطيبة بعبد السلام المجالي، رئيس الوزراء آنذاك.
وفي عام 1996، تقلّد منصب وزير الإعلام والناطق باسم الحكومة.
وبعد ذلك بعام، عاد إلى واشنطن سفيراً حيث خدم لمدة خمس سنوات. كما اضطلع المعشر بدور مركزي في مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة (FTA) بين الأردن والولايات المتحدة الأمريكية، مما جعل المملكة أول دولة عربية توقع اتفاقية للتجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأمريكية.
وبين عامي 2002 و2004 شغل منصب وزير الخارجية وتمت ترقيته إلى منصب رئيس الوزراء بين عامي 2004 و2005. كان المعشر بعمر الـ59 عاماً أول مسيحي في الأردن يشغل مثل هذا المنصب رفيع المستوى (لا يتطلب الدستور الأردني أن يشغل المسلمون فقط مناصب حكومية محددة، بما في ذلك منصب رئيس الوزراء). استقال من منصبه كنائب لرئيس الوزراء بعد استقالة حكومة الدكتور عدنان بدران عام 2005. وبعد عقدٍ من ابتعاده عن المناصب الحكومية، لا يزال المعشر يعتبر من قبل الكثيرين مصلحاً يدعو إلى إصلاحات سياسية واقتصادية جوهرية وعلى نطاقٍ أوسع سواء في الأردن أو غيرها من دول العالم العربي. ويعتبر في الوقت الراهن مدافعاً عن التعددية ومن المعارضين الجريئين لأي محاولة تستهدف ابعاد بعض الأحزاب السياسية وبخاصة جماعة الإخوان المسلمين.
وفي ورقة بحثية كتبها في مايو 2011، في أعقاب اندلاع الربيع العربي، ذكر المعشر أن الاحتجاجات التي انتشرت في العديد من الدول العربية في ربيع عام 2011 كان دعوة لإجراء إصلاحات أكبر. ويقول أن الأجندة الوطنية لعام 2005، التي أعدت من قِبل 450 من أصحاب المصلحة والخبراء الأردنيين من مختلف المجالات، تمثل فرصة حقيقية لإصلاح جوهري، كما اقترحت الوثيقة حلولاً بمواعيد نهائية ليتم تحقيقها.
ويقول أن عملية الإصلاح قد تباطأت منذ عام 2005، ملقياً باللوم على الحكومات المتعاقبة لانشغالها بالخطابات الرنانة بدلاً من العمل على أرض الواقع. ويرى أن قانون الصوت الواحد في الانتخابات البرلمانية وراء إنشاء برلمانات ضعيفة في السنوات الأخيرة، في حين ألقى باللائمة لعدم وجود جهود جادة للإصلاح على الفساد وانعدام الثقة بالمؤسسات العامة.
هذا ويسمح نظام التصويت الحالي في الأردن للناخبين باختيار اسم مرشح واحد فقط من دائرته/ دائرتها. ويرى المعشر وعدد من الخبراء والنشطاء أن قانون الانتخاب هذا هو السبب الرئيسي وراء ضعف البرلمانات، ذلك أنه لا يُعطي الأفراد الخيار لإنتخاب مرشحين مؤهلين. ويشجع القانون القبلية، حيث يُجبر الأفراد على اختيار أعضاء للبرلمان من عائلة أو منطقة واحدة.
وفي المحاضرات التي يُلقيها والمناقشات التي يشارك بها، ينتقد المعشر بطء وتيرة الإصلاح على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، كما انتقد مؤخراً تدهور التعليم العالي في المملكة. ووفقاً للمعشر، سيستمر الأردن في مواجهة الصعوبات المالية والاقتصادية، وسوف تستمر الضائقة الاجتماعية، إذا ما استمر الإصلاح بوتيرته البطيئة.
ويستنكر العديد هنا تصريحات المعشر ويتهمونه بالتعبير عن وجهات نظر متشائمة لأنه لم يعد من صُناع القرار. ويرى البعض أنه كان بإمكانه إجراء التغييرات التي يدعو إليها في الوقت الحالي عندما كان في منصبه. ورداً على منتقديه، يقول المعشر أنه يأمل بأن يرى الناس يجادلون في المتحوى بدلاً من إضفاء طابع شخصي على القضية. واتهم المسؤول السابق ما أسماه النخب السياسية والبيروقراطيين إحباط جهود الإصلاح التي كان يُشرف عليها من خلال الأجندة الوطنية، ممن كانوا يخشون أن تنقل مثل هذه الجهود البلاد من النظام الريعي القائم منذ عقود إلى آخر يعتمد على الجدارة.
“وقد تنبأت هذه المجموعة وبدقة، أن من شأن الإصلاح أن يؤدي وإن بصورة تدريجية، بالامتيازات التي حازتها على مدى فترة طويلة من الزمن مقابل ولائها الأعمى للنظام. وبالتالي، لم تقف تلك الطبقة بشكل حازم ضد جهود الإصلاح في حدّ ذاتها وحسب، بل عارضت أيضاً سياسات الملك نفسه”. كتب المعشر في ورقة بحثية نشرها معهد كارنيغي تحت عنوان “عقد من جهود الإصلاح المتعثر في الأردن”.
ويرى المعشر أن الحكومات في الأردن يجب أن تأتي إلى السلطة من خلال الإنتخابات البرلمانية، مما يمنح الجمهور سلطة اختيار الحكومة بعد الحكم على جدول أعمالها. قرر المعشر البقاء في عمّان، ووفقاً لمصادر مقربة منه فقد عاد إلى الأردن لخدمة بلده، وهذه المرة خارج الحكومة. وفي منتصف العام الماضي، كتب المعشر على صفحته على الفيسبوك أنه قرر العودة إلى عمّان في محاولة للعمل من أجل مستقبل أفضل من خلال الانخراط أكثر مع الشباب، لكنه استبعد أي طموح للعودة إلى المناصب الحكومية وأي خطط لإنشاء حزب سياسي.
وتقول المصادر أن المعشر لا يخطط لإنشاء أي حزب سياسي، إلا أنه سيواصل الدعوة لإجراء المزيد من الإصلاحات السياسية والاقتصادية من خلال محاضراته ومقالاته المنشورة.